دعوة إلى التعافي القائم على الطبيعة بعد جائحة كوفيد-19

توصيات المؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة (IUCN) بمرسيليا، فرنسا، 2021
شبكة بيئة ابوظبي، د. يوسف الكمري (المملكة المغربية)، شبكة العمل المناخي بالعالم العربي، 14 سبتمبر 2021


استضافت فرنسا “المؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة” (World Conservation Congress) المنظم من طرف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (the International Union for Conservation of Nature (IUCN)) لأول مرة من 3 إلى 11 أيلول/سبتمبر 2021 في مدينة مرسيليا. ويعد هذا الحدث العلمي إحدى أهم الفعاليات الدولية الموجهة لدراسة كل المحاور العلمية التي تخص التنوع البيولوجي. ويحشد هذا المؤتمر، الذي ينظم مرة كل أربعة أعوام، خبراء دوليون في المحافظة على الطبيعة من جميع بلدان العالم من مجالات صنع القرار والأبحاث العلمية والجمعيات والمنظمات الدولية غير الحكومية الكبرى، فضلًا عن العديد من المؤسسات الخاصة ومجتمعات محلية. وقد سلّط هذا المؤتمر الضوء على التزام عالمي يتمحور حول القضايا السبع الرئيسة التالية: 1. المناظر الطبيعية، 2. المياه العذبة، 3. المحيطات، 4. تغيّر المناخ، 5. الحقوق والحكامة، 6. المعارف والابتكار والتكنولوجيا، 7. النظم الاقتصادية والمالية.
وبحسب خبراء الأمم المتحدة، فإن التنوع البيولوجي آخذ في التدهور إذ هناك ما يصل إلى مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة بالانقراض. وحذروا مطلع العام 2019 من أن الطبيعة “تتدهور بشكل أسرع من أي وقت مضى في تاريخ البشرية”. وقد أكد خبراء أكاديميون من المملكة المغربية، يمثلون المجتمع المدني والاكاديمي (البروفسور محمد غاميزي، جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض، …)، ومؤسسات البحث العلمي (البروفسور محمد الافريقي، جامعة القاضي عياض بمراكش ومعهد الأبحاث من أجل التنمية (Institute of Research for Development IRD -)، ومجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب (GREPOM)، البروفسور سعيد لحروز)، من خلال المشاركة الفعلية لهم في هذا المؤتمر التزام الهيئات العلمية والمجتمع المدني بالمملكة المغربية من أجل الحفاظ على التنوّع البيولوجي والنظم الإيكولوجية، والدور القيادي على الصعيد الدولي والاقليمي والوطني من خلال تنزيل مجموعة من المشاريع التي تعالج قضايا البيئة والتغير المناخي والتنوع البيولوجي على نطاق أوسع.


وقد أتاحت الاجتماعات المنعقدة في إطار هذا المؤتمر الذي يضم دول وسلطات محلية، وعلماء، وممثلين عن القطاع الخاص وعن المجتمع المدني فرصة فريدة للحفاظ على أرفع مستويات الجهود الدولية المبذولة من أجل التنوع البيولوجي. وقد شكل هذا المؤتمر إحدى أولى الفعاليات الواسعة النطاق التي تعقد من أجل البيئة منذ بداية تفشي جائحة كوفيد-19، وقبل الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي التي ستعقد في كونمين وقبل الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP26) التي ستعقد في غلاسكو باسكتلندا، من 1 إلى 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. وللإشارة، فقد تم تأجيل المؤتمر مرتين بسبب الجائحة، وهو جزء من جولة مهمة من المفاوضات المؤدية إلى مؤتمر الاطراف (COP15) حول التنوع البيولوجي المقرر عقده في الصين في نيسان/أبريل 2022. وخلال هذا المؤتمر، ينبغي للمجتمع الدولي اعتماد نص يهدف إلى “العيش في وئام مع الطبيعة” بحلول العام 2050، مع أهداف مرحلية للعام 2030.
وبحسب التقارير المنجزة والتغطيات الاعلامية في ذات الشأن، قد شكل “المؤتمر الدولي لحفظ الطبيعة’ فرصة حقيقية بالفعل للتبادل والتقاسم بين المشاركين فيه بشأن تحقيق الأهداف الرئيسة في هذا الإطار العالمي، وتشمل على سبيل المثال لا الحصر تلك الأهداف حماية نسبة 30 في المئة من الكرة الأرضية، وإصلاح النظم الإيكولوجية، وحماية الأنواع البيولوجية، وتعبئة الموارد المالية من أجل ضمان نجاح المشاريع البيئة الهادفة إلى صون وحفظ التنوع البيولوجي في العالم.


وفي ختام فعاليات المؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة (IUCN)، حث المشاركون في أشغاله، الحكومات على تنفيذ التعافي القائم على الطبيعة بعد جائحة كوفيد-19، واستثمار ما لا يقل عن 10٪ من أموال التعافي العالمي في المشاريع المتعلقة بالطبيعة، واعتماد سلسلة من القرارات والالتزامات التي تهدف إلى مكافحة الأزمات المترابطة بين المناخ والتنوع البيولوجي بشكل عاجل. كما اعتمد، خلال الجلسة الختامية لمؤتمر IUCN، الدول والمنظمات غير الحكومية ومنظمات الشعوب الأصلية (Indigenous Peoples)، أعضاء الاتحاد “بيان مرسيليا” (Marseille Manifesto)، الذي يتضمن الالتزام بتنفيذ أول خطة للعمل العالمي التي قررتها الشعوب الأصلية نفسهم. وقد شملت الالتزامات التي أعلنتها الجهات الحكومية وغير الحكومية في مؤتمر IUCN ما يلي:
 التزام فرنسا بتحقيق 30٪ من المناطق المحمية على المستوى الوطني بحلول عام 2022 وحماية 5٪ من مناطقها البحرية المتوسطية بحلول عام 2027 ؛
 تعهدت السلفادور وبليز وباكستان وشيلي والمنطقة الجنوبية من فرنسا باستعادة ما مجموعه 5.5 مليون هكتار ، وبذلك يصل إجمالي الالتزامات التي تم التعهد بها في إطار تحدي بون إلى أكثر من 215 مليون هكتار ؛
 بمبادرة من دول غرب المحيط الهندي، يلتزم IUCN وشركاؤه بدعم إنشاء وتنفيذ مبادرة GRAND MUR BLEU ، وهي شبكة إقليمية من نوع جديد تهدف إلى تطوير اقتصاد أزرق متجدد لـ 70 مليون شخص، مع الحفاظ على واستعادة التنوع البيولوجي البحري والساحلي,
كما أيد الأعضاء البرنامج الجديد لـ IUCN للسنوات الأربع القادمة وانتخبوا فريق قيادة IUCN الجديد، بما في ذلك رئيسة الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة الجديدة، السيدة الدكتورة رزان المبارك، من دولة الامارات العربية المتحدة.
هذا وللإشارة فقط، عمل مؤتمر IUCN على التركيز على ثلاثة مواضيع رئيسية: إطار عمل ما بعد عام 2020 للحفاظ على التنوع البيولوجي، والذي سيتم اعتماده من قبل الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي هذا العام؛ دور الطبيعة في الانتعاش العالمي بعد الجائحة ؛ والحاجة إلى تحويل النظام المالي العالمي وتوجيه الاستثمار نحو المشاريع الإيجابية للطبيعة.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

«بيئة أبوظبي» تنجح في إكثار نباتات نادرة

ضمن مشاريع إعادة تأهيل الموائل البرية أعلنت هيئة «البيئة – أبوظبي» تسجيلها نجاحاً في إكثار …