جريدة الاتحاد في حوار خاص مع المستشار عماد سعد خبير الاستدامة والمسؤولية المجتمعية حول اليوم العالمي للغذاء 2021
#الأمن_الغذائي بات أهم التحديات للحفاظ على النوع والعيش على هذا الكوكب
1- لماذا يركز معرض إكسبو دبي 2020 على محور الغذاء ضمن سلسلة موضوعات نقاشاته؟
فلسفة العمل التي قام عليها معرض اكسبو 2020 دبي هي فكرة التواصل بين العقول من أجل ضمان مستقبل أفضل لنا وللأجيال التي لو تولد بعد، على قاعدة الشراكة بالمسؤولية بين كافة قطاعات المجتمع والدولة من أجل تحقيق التنمية المستدامة، ومحور الغذاء والأمن الغذائي كان أحد الموضوعات الرئيسة في سلسلة النقاشات التي يستضيفها معرض اكسبو 2020 دبي، لأنه لا غنى عن الغذاء لاستمرار الحياة، بل لأن الأمن الغذائي بات أهم التحديات الكائنات الحية للحفاظ على النوع والعيش فوق سطح الكوكب الأخضر، فهذا المحاور لم يعد حالة فردية بين دول العالم النامي بل قاسم مشترك بين كافة دول العالم، خصوصاً إذا علمنا النمو المتسارع لعدد سكان العالم وعدم قدرة الكوكب أن يفي باحتياجات سكان العالم من الموارد، وهو ما يسمى بالبصمة الايكولوجية للإنسان والدول، حيث فاق نمت الإنتاج والاستهلاك موارد الأرض الطبيعية وقدرتها على استعادة ما وفقدته ضمن دورة حياة طبيعية.
2- ما أهم التحديات التي تواجه الدول في شأن الغذاء وأمنه؟
هناك العديد من التحديات التي تواجه ملف الأمن الغذائي حول العالم وتختلف تداعيات تلك التحديات باختلاف الدول وبنيتها التحتية واستعدادها لاستشراف المستقبل، وما فتئت هذه التحديات تتعاظم مع تفشي جائحة كوفيد-19 والتدابير المتخذة لاحتوائها. في ظلّ سيناريو تتفاقم فيه التعقيدات بسبب استمرار تأثيرات جائحة كوفيد-19. إلى جانب تداعيات التغير المناخي وتأثيراته السلبية على القطاع الزراعي والأمن الغذائي بالعالم، وسلسلة الامداد من ناحية أخرة، وقد تزداد هذه الدوافع تواتراً وكثافة على الأمن الغذائي إذا أضفنا لها النزاعات المسلحة وحالات التباطؤ والانكماش الاقتصادي والتي تتفاقم جميعًا بفعل الأسباب الكامنة للفقر والارتفاع الكبير للغاية والمستمر في مستويات عدم المساواة. كما يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي وأشكال مختلفة من سوء التغذية لعدم قدرتهم على تحمّل كلفة الأنماط الغذائية الصحية.
3- وما أهم الحلول للجم تلك التحديات؟
من بين أهم أدوات مواجهة تحديات الأمن الغذائي في الإمارات وغيرها من دول العالم، هو تحفيز الاستثمار الاجتماعي والتوسع في تطبيق نظم الزراعة الحديثة سواء الزراعة بدون تربة، أو الزراعة المائية، أو الزراعة العمودية، بحيث نضمن زيادة في حجم الإنتاج ورفع كفاءة وجودة المنتج الزراعي، عبر دعم مبادرات رواد الأعمال الشباب، وتوفير منظومة إرشادية متخصصة في الشق النباتي أو الحيواني، لضمان الحفاظ على الصحة والنباتية والحيوانية وزيادة حجم الإنتاج. إلى جانب توسيع قاعدة الأسواق لضمان مرونة واستمرارية سلاسل توريد الغذاء، وتعزيز منظومة البحث والابتكار الغذائي، وتحفيز الفئات المستهدفة من جيل الشباب على الاستثمار في القطاع الزراعي مع ضمان استمراريته في سوق العمل عبر الدعم والتشجيع. وعلى مستوى الأفراد لا ننسى دور الفرد في خفض معدلات الهدر والفقد الغذائي على مدار العام، على قاعدة المستهلك المستدام أي أن نشتري ما نحتاج إليه ونستهلك ما قد اشتريناه. ولا ننسى دمج الزراعة العضوية في صلب أولويات الدول، لأن الزراعة العضوية هي زراعة صديقة للبيئة والصحة العامة، لذا فإن التعامل طبيعياً بهذا النمط يزيد من كفاءة التكلفة ومقاومة التكيف إزاء النظم الزراعية الايكولوجية في ظل ظروف مناخية صعبة.
4- وكيف تقيمون واقع الأمن الغذائي في دولة الإمارات؟
على الرغم من وجود بعض التحديات التقليدية أبرزها ضمان مرونة واستمرارية سلاسل توريد الغذاء كون النسبة الأكبر من المنتجات الغذائية يتم استيرادها من الخارج، وتعزيز قدرة القطاع الزراعي، الذي يواجه بدوره تحديات الطبيعة الصحراوية للدولة، إذ تتصف بقلة الموارد المائية ونقص التربة المناسبة للزراعة. إلا أن واقع الأمن الغذائي بالإمارات يسير في الاتجاه الصحيح، لأكثر من سبب، أولها أن لدينا بنية تحتية من المؤسسات التي تواكب تحديات الأمن الغذائي بالعالم، وانعكاسات هذه التحديات على الساحة المحلية في الامارات، مثل وجود وزارة الأمن الغذائي والمائي، التي اندمجت مؤخراً مع وزارة التغير المناخي والبيئة، إلى مركز الأمن الغذائي بابوظبي، وهيئة ابوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، وغيرها من المؤسسات العاملة تحت هذا المسمى، كما وضعت حكومة دولة الإمارات عام 2018 أول استراتيجية وطنية للأمن الغذائي بالمنطقة التي تهدف إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وتحدد عناصر سلة الغذاء الوطنية، التي تتضمن 18 نوعاً رئيساً، بناء على ثلاثة معايير رئيسة، هي معرفة حجم الاستهلاك المحلي لأهم المنتجات، والقدرة على الإنتاج والتصنيع، والاحتياجات التغذوية. كل ذلك يعتبر مؤشر طمأنينة لوضوح الرؤية لدى الحكومة ومواكبتها للتحديات ذات الصلة، والعمل على درء المخاطر برسم السياسات وتمكين المؤسسات، وجائحة كورونا وما رافقها من خلل في سلسلة إمداد الغذاء وتداعيات ذلك على أغلب دول العالم، نجد أن دولة الإمارات كانت بمنأى عن كل ذلك بفضل رؤية القيادة وقوة البنية التحتية وقد عبر عن ذلك بكل ثقة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حيث قال “لا تشلون هم”.
المصدر: جريدة الاتحاد: شروق عوض، 15 اكتوبر 2021
https://cutt.us/Nif91