شبكة بيئة ابوظبي، المهندس محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، 09 ديسمبر 2021
احتفل المغرب والامارات العربية المتحدة كباقي دول المعمور يوم أمس الأربعاء باليوم العالمي للمناخ، وهي مناسبة مناخية أحدثتها المنظمات البيئية العالمية غير الحكومية في جميع أنحاء العالم لتشجيع الإجراءات لصالح مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وتصادف هذه المناسبة المناخية يوم 8 دجنبر من كل سنة، وبهذه المناسبة يجب التذكير أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بدأ منذ بداية القرن العشرين حيث بلغ بالفعل الى 1.1 درجة مئوية حسب آخر تقرير لمنظمة الارصاد الجوية العالمية بينما يبقى السبب الرئيسي لهذه الظاهرة هو انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية، والتي تكثفت بشكل حاد منذ عام 1850، ونتيجة لذلك، تتراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي وتحتفظ بالحرارة على الأرض، ويضاف إلى ذلك إزالة الغابات المتزايدة على الكوكب حيث من خلال تدمير الأشجار نمنع الغابات من امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ونزيد أيضا من تركيز غازات الاحتباس الحراري في الهواء والجو، مما سيؤدي إلى عواقب خطيرة ستؤثر على مستقبل الأجيال القادمة، وتبقى العواقب الحالية والمستقبلية للاحترار العالمي عديدة للغاية بحيث لا يمكن إدراجها جميعًا هنا. ومع ذلك ، يمكننا ملاحظة أهمها أن الجليد البحري في القطب الشمالي آخذ في الاختفاء بمتوسط انخفاض قدره 11٪ كل 10 سنوات إذا استمرت الوتيرة الحالية فقد يختفي الجليد البحري في القطب الشمالي في الصيف في غضون عقود قليلة، على سبيل المثال في فرنسا إذا تم تأكيد المسار الحالي فسيكون هناك ارتفاع متوسط في درجة الحرارة من 2 درجة مئوية إلى 3.5 درجة مئوية بحلول عام 2100 ونتيجة لذلك ستواجه جميع المناطق موجات جفاف وموجات حرارة أطول والتي لن تحدث إلا في شهري يوليوز وغشت، ووفقا لتقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يمكن أن يصل متوسط مستوى البحار والمحيطات إلى 82 سم بحلول نهاية القرن، حيث سيكون لهذا آثار قوية على المناطق الساحلية الفرنسية الدنيا مثل فلاندرز وفندي وكامارج …
بينما على النطاق العالمي ستؤثر زيادة مستوى البحر والمحيطات بمقدار متر واحد على عشر سكان العالم أو ما يقرب من 700 مليون شخص، ومن خلال تعطيل دورات النباتات البرية، يكون لارتفاع درجات الحرارة تأثير مباشر على التنوع البيولوجي، حيث ستجد بعض الأنواع صعوبة في تناول الطعام بشكل صحيح، بينما لا يتكيف البعض الآخر مع التغيرات في درجات الحرارة، ومن ناحية أخرى فإن درجات الحرارة الأكثر دفئا تشجع على انتشار البعوض فقد يصادف الفرنسيون الآن بعوض النمر في جنوب فرنسا حيث لم يكن موجودا على الإطلاق منذ بضع سنوات فقط، إذن بالنسبة لنا نحن البشر يهدد الاحترار العالمي بتقليل جودة مياه الشرب لدينا ودفع العديد من السكان إلى الهجرة بعد الكوارث المناخية وتآكل السواحل، سيكون للاحترار العالمي أيضا تأثير مباشر على صحتنا وزراعتنا وتفاوتنا الاقتصادي إذن إذا أردنا تجنب أكثر السيناريوهات إثارة للقلق فهناك حل واحد فقط هو يجب أن نحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على جميع المستويات أما بالنسبة للشركات فيجب تحسين كفاءة الطاقة لنشاطها لاسيما من خلال تعزيز الطاقات المتجددة، أما بالنسبة للمجتمعات فيجب المشاركة في وضع سياسات للحد من الانبعاثات، من خلال الترويج لأشكال منخفضة الانبعاثات من المساكن أو وسائل النقل العام بينما في المجال الزراعي يجب تقليل الاعتماد على الأسمدة ومبيدات الآفات وتنفيذ إدارة أكثر استدامة للتربة في حين يجب على المواطنين تبني عادات جديدة من النقل والغذاء والموئل وبالطبع الطاقة
يوم المناخ العالمي وفهم المخاطر المرتبطة بالاحترار العالمي
إن أزمة المناخ حقيقة لها عواقب ضارة متعددة على الطبيعة والبشرية، فبين أنصار النفي وعلماء الانهيار ليس من السهل دائما فصل الحقيقة عن الباطل، ففي خريف عام 2018 أصدر فريق خبراء المناخ التابع للأمم المتحدة تقريرا جديدا عن حالة الكوكب نصا يسلط الضوء على مدى وتأثير تغير المناخ ويدعو إلى تحولات عميقة وسريعة، لم يستغرق الأمر أقل من ذلك بالنسبة للبعض لاستخلاص استنتاجات مثيرة للقلق من مثيل: “لم يتبق لنا سوى 12 عاما للحد من أضرار كارثة المناخ”، لكن كيف يقيم أناس بعيدون عن علم المناخ إلى درجة الدقة هذه السيناريوهات الكارثية؟ حيث انتقد الخبراء إملاءات الإثارة في المعالجة الإعلامية لظاهرة الاحتباس الحراري، لأن ما تقدمه وسائل الإعلام ودعاة حماية البيئة على أنه “حقائق مثبتة” يتكرر بعد ذلك دون أي مسافة ودون مراعاة الفروق الدقيقة والخصائص التي يفرضها الموقف.
الاحتباس الحراري: لا تتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية
ومع ذلك هناك نقطة أساسية واحدة تلتقي بإجماع واسع للغاية حيث يجب احتواء الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات الحرارة في حقبة ما قبل الصناعة لتجنب العواقب الوخيمة، إذا كان هذا المستوى لا يعني أن كل شيء على ما يرام، فهو مع ذلك أفضل من ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية أو أكثر، فقد مكنت اتفاقية باريس للمناخ 195 دولة من الالتزام بأهداف فردية لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 ، في محاولة لاحتواء الاحتباس الحراري “أقل بكثير من عتبة درجتين مئويتين” و “مواصلة الجهود” للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، ومن أجل فصل الواقع عن الإثارة في عناوين وسائل الإعلام التي تم تداولها مؤخرا لابأس من التذكير بأن الكوكب أمامه حتى عام 2030 فقط لتجنب الاحترار العالمي الكارثي هو سيناريو اختلقته وسائل الإعلام دون أية أسس علمية فما قالته وسائل الإعلام: أفاد مقال على شبكة سي إن إن نشر في أكتوبر 2018 أن “الدول في جميع أنحاء العالم يجب أن تتخذ إجراءات سريعة وعميقة وأقوى من أي وقت مضى في جميع مجالات المجتمع لتجنب الضرر والمستويات الكارثية للاحترار العالمي في حين أن تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2018 أن الانبعاثات يجب أن تنخفض بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 من أجل الحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، حتى إذا تم تحقيق هذا الهدف فإن تداعيات الاحترار العالمي يمكن أن تكون “طويلة الأمد للغاية أو لا رجعة فيها” على سبيل المثال فقدان بعض النظم البيئية أو الغطاء الجليدي في غرينلاند ومع ذلك فإن النظر إلى عام 2030 باعتباره وقتا يتغير فيه كل شيء هو خطأ وأن “فكرة انهيار كل شيء في عام 2030 هي مجرد فكرة خاطئة” بل الأكثر من ذلك إنه مجرد مؤشر لأنواع التدابير التي يجب اتخاذها لاحتواء الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية” أما بالنسبة للوضع الحالي فتشير الأرقام الأخيرة إلى أن معظم الدول الموقعة على اتفاقية باريس ليست على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها الفردية بحلول عام 2030.
ويرجع الخبراء إلى أن آخر مرة شهدت فيها الأرض نسب مماثلة من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي و في المحيطات كتلك التي يعرفها كوكب الارض اليوم، كانت منذ 3 إلى 5 ملايين سنة: كانت درجة الحرارة أعلى بمقدار 2 إلى 3 درجات مئوية عن اليوم ومستوى كان البحر فوق المستوى الحالي من 10 إلى 20 مترا، لكن كوكب الأرض لم يكن يومها يعيش فوقه 7.7 مليار مدمر للمنظومات البيئية إنه الإنسان الذي يدمر الحرث والنسل كل من موقعه سواء كان مواطنا عاديا أو مسؤولا حكوميا رفيع المستوى عبر غض الطرف عن الجرائم البيئية هنا وهناك أو بسن قوانين عوض أن تقوم بزجر المخالفين، تسمح ضمنيا للمدمرين بتخريب ما تبقى من الرمال والأنهار والمناطق الرطبة والمنظومات الايكولوجية بشتى أنواعها، وكنتيجة لذلك أفرز المجتمع المدني أشباه الائتلافات البيئية التي عوض أن تترافع من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من منظومات بيئية، بل العكس من ذلك بدأ يهتم بأمور أخرى يعتبرها إحدى أولوياته المهمة، و لكن الشيء الأبرز في كل هذا تم إنتاج مجموعة من الخبراء يفقهون في جميع مجالات المناخ والتنمية المستدامة، إنه الانسان الذي يسرع بالوصول الى نقطة اللا عودة بكوكب أخضر بريء بما يصنع به بنو الانسان.
و كنتيجة لهذا التدمير البشري المتسارع، نجد تغير المناخ الذي أثر على العالم بأسره، فقد أصبحت الظروف المناخية القاسية كالجفاف وموجات الحرارة والفيضانات والانهيارات الأرضية أكثر تواترا من ذي قبل، في الفلبين، ودول شرق آسيا إلى الصومال و دول القرن الافريقي ثم دول أمريكا الوسطى وجزر نيكاراغوا، جامايكا والهندوراس كلها دول عرفت ظواهر مناخية قوية خلال العام الحالي مصحوبة بارتفاع مستويات سطح البحر وتحمض المحيطات وفقدان التنوع البيولوجي وهي عواقب أخرى تذل على التغير لسريع الذي أصبح يعرفه المناخ، و من بين هذه الدول يأتي المغرب الذي عرف طيلة السنوات الثلاثة الأخيرة موجة جفاف حادة أثرت بقوة على منسوب عشرات السدود: ابن بطوطة، محمد الخامس، المسيرة، يوسف بن تاشفين وسيدي عبد المومن، ومن أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة الحد الذي يعتبره الفريق الحكومي الدولي لخبراء المناخ آمنا، فإن تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين أصبح أمرا ضروريا، حيث تم تحديد هذا الهدف أيضا في اتفاق باريس الذي وقعتها 195 دولة، بما في ذلك المغرب، وتؤكد المادة 4 من اتفاق باريس على أنه: “من أجل تحقيق هدف درجة الحرارة على المدى الطويل، تسعى الأطراف إلى بلوغ الحد الأقصى العالمي لانبعاثات غازات الدفيئة وإجراء تخفيضات سريعة بعد ذلك، وفقا لأفضل البيانات العلمية المتاحة لتحقيق التوازن بين الانبعاثات البشرية المنشأ بحسب المصادر وعمليات إزالة غازات الدفيئة البشرية المنشأ بالبواليع في النصف الثاني من القرن.
تغير المناخ يتسارع بالرغم من جائحة كورونا
على العكس لما سوقت له مجموعة من وسائل الاعلام الدولية، فإن تسجيل انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري منذ بداية هذا الوباء، لن يكون له أي تأثير على الاحتباس الحراري والاضطرابات العديدة، هذا هو التحذير الذي أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية هذا الأسبوع، حيث اكدت على أن الزيادة في الغازات الدفيئة استمرت بلا هوادة، حيث ارتفعت مستويات ثاني أوكسيد الكربون “بشكل حاد” في عام 2020 متجاوزة مستوى 413 أجزاء في المليون، واستمرت هذه الزيادة في عام 2021، ولنتذكر أنه تم تجاوز عتبة 400 جزء في المليون في عام 2015، ومنذ عام 1750 مع بداية الثورة الصناعية زادت هذه التركيزات بنسبة 148٪، فباختصار بدأ الإنسان العاقل في التأثير على المناخ منذ أكثر أو أقل من 270 عاما، وللعلم فقط فإن غاز ثاني أكسيد الكربون يبقى في الغلاف الجوي لقرون وحتى لفترة أطول في المحيطات،
وتظهر أحدث السجلات أن الوباء سيكون له تأثير ضئيل على المناخ، هذه الاستطلاعات مأخوذة من عدة نقاط حول العالم، حيث في شهر شتنبر 2020 كان تركيز ثاني أوكسيد الكربون 411 جزء في المليون في محطة ماونا لوا في هاواي، كما لوحظت زيادة (410.8) في كيب جريم في أستراليا، ناهيك عن الميثان الذي يعتبره العلماء قنبلة موقوتة فتأثير الاحترار لهذا الغاز أقوى بـ 28 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام، حيث يشعر الباحثون بالقلق من الارتفاع الحاد في انبعاثات الميثان من ذوبان الأنهار الجليدية والتربة الصقيعية، وهي التربة المتجمدة بشكل دائم والتي تحتوي على كميات كبيرة من الميثان.
الحياد الكربوني من غلاسكو الى شرم الشيخ
وينطوي الحياد الكربوني على التوازن بين انبعاثات الكربون وامتصاص الكربون من الغلاف الجوي بواسطة مصارف الكربون لتحقيق صفر انبعاثات، حيث يجب تعويض جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم عن طريق عزل الكربون، وتعتبر بالوعة الكربون “نظام يمتص الكربون أكثر مما ينبعث منه”، مصارف الكربون الطبيعية الرئيسية هي التربة والغابات والمحيطات، وتشير التقديرات إلى أن الأحواض الطبيعية تزيل ما بين 9.5 و 11 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، حيث بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية السنوية 38.0 جيغا طن في عام 2019، وحتى الآن لا يمكن لأي حوض كربون من صنع الإنسان إزالة الكربون من الغلاف الجوي على نطاق يكفي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، ويتم إطلاق الكربون المخزن في المصارف الطبيعية مثل الغابات في الغلاف الجوي عن طريق حرائق الغابات أو التغيرات في استخدام الأراضي أو قطع الأشجار، وهذا هو السبب في أن الحد من انبعاثات الكربون أمر ضروري لتحقيق الحياد المناخي.
الحياد الكربوني بدول الاتحاد الأوروبي
التزم الاتحاد الأوروبي بسياسة مناخية طموحة. من خلال الصفقة الخضراء حيث تريد أن تصبح قارة أوروبا أول قارة تزيل أكبر عدد ممكن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها بحلول عام 2050، حيث سيصبح هذا الهدف ملزما قانونا إذا اعتمد البرلمان الأوروبي والمجلس القانون الجديد بشأن المناخ، كما سيتم رفع هدف خفض الانبعاثات المؤقت للاتحاد الأوروبي لعام 2030 إلى ما هو أبعد من 40٪ الحالي، للوصول إلى رقم أكثر طموحا، حيث سبق للبرلمان الأوروبي أن صوت يوم 7 أكتوبر 2020 لصالح الحياد المناخي بحلول عام 2050 وهدفا يتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 60٪ بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 1990 وهو هدف أكثر طموحا من الهدف المقترح من قبل المفوضية المتمثل في 55٪ يحث أعضاء البرلمان الأوروبي المفوضية على تحديد هدف إضافي لعام 2040 لمساعدة الاتحاد على التحرك نحو هدفه النهائي، بالإضافة إلى ذلك، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي الدول الأعضاء إلى أن تصبح محايدة مناخيا على أساس فردي وأنه بعد عام 2050، يتم إزالة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكثر مما يتم إطلاقه، يجب أيضا إلغاء جميع أشكال الدعم المباشر أو غير المباشر للوقود الأحفوري بحلول عام 2025 على أبعد تقدير، كما يطمح أعضاء البرلمان الأوروبي إنشاء مجلس الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ كهيئة مستقلة لتقييم اتساق السياسات ورصد التقدم، وكانت قد حددت خمس دول في الاتحاد الأوروبي هدفا للحياد المناخي: تهدف السويد إلى الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2045 والدنمارك وفرنسا وألمانيا و المجر بحلول عام 2050، حيث “يجب أن تخفض الدول في نفس الوقت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون” هذا الاحتباس الحراري الذي يقترب بسرعة من المستويات التي تضع حضارتنا كما نعرفها في خطر كبير، فالكل يشهد بحقيقة أن الوقت ينفذ لتفادي ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعزز نفسها بنفسها، سيتم تجاوز نقطة التحول إذا تجاوز الاحترار العالمي 2 درجة مئوية إلى 3 درجات مئوية مقارنة بأوقات ما قبل العصر الصناعي، ويمكن بعد ذلك أن تقود عدة سلاسل من الآليات النظام المناخي إلى دائرة مفرغة، ينتج عنها ارتفاع درجة حرارة لا يمكن السيطرة عليه، ومن الأمثلة على ذلك تأثير البياض الذي لوحظ في القطب الشمالي: يتسبب انكماش الغطاء الثلجي في انخفاض انعكاس الضوء وبالتالي زيادة في درجات الحرارة التي تغذي الثلج، ذوبان الجليد في مناطق أخرى، إلخ، ومن الأمثلة الأخرى عن “الاحتباس الحراري الذي يعزز الاحترار” حرائق الغابات والآفات الحشرية التي تقتل أشجار الغابات وذوبان التربة الصقيعية، حيث تصف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة الحقيقة بالقاسية: من أجل تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، سيكون من الضروري تقليل 45٪ انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى انبعاثات عام 2010، وتحقيق هدف انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وعلى الصعيد العالمي، ترتبط انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل أساسي باحتراق الوقود الأحفوري، ومن أجل الحد من هذه الانبعاثات المعينة، سيكون من الضروري اعتماد تدابير واسعة النطاق، على سبيل المثال تطوير السكك الحديدية وطاقة الرياح، وتنفيذ تقنيات التقاط وتخزين ثاني أوكسيد الكربون إلخ، ومع ذلك فإن تنفيذ كل هذه التدابير مهمة معقدة وتستغرق وقتا طويلا، من ناحية أخرى سيكون للحد من قطع الأشجار تأثير إيجابي فوري على المناخ، وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن الحد من حصاد الغابات هو وسيلة فعالة وثابتة لمكافحة تغير المناخ.
كيف ستكون الحياة في بلد خال من الكربون عام 2050؟
إن هذا السيناريو “الطموح” المتمثل في “صافي صفر انبعاثات” لثاني أكسيد الكربون قد يعني “تغييرا كبيرا في أنماط الاستهلاك”: يمكن تصور فردين يعيشان في منزل للطاقة الإيجابية عبر عزل الألياف النباتية والتهوية ومضخة الحرارة، والسقف والزجاج المجهز بخلايا ضوئية، ويتشاركان مع عائلتين أخرتين، حيث يزرعون حديقة نباتية صغيرة، وللتجول في مدينتهم متوسطة الحجم، بالإضافة إلى وسائل النقل العام، فإنهم يمتلكون سيارة هجينة قديمة تعمل بالكهرباء، ولتفادي السفريات السنوية لقد خططا منذ فترة طويلة لرحلة طويلة إلى الصين لقضاء إجازتهم، حيث حصلوا من أصحاب العمل على إمكانية تجميع إجازتهم المدفوعة، وفي زاوية أخرى من العالم تعيش أم بمفردها مع ابنتها في ضواحي المدينة في حي كان صعبا في السابق وكان موضوعا لبرنامج تجديد، حيث يمكن الوصول بسرعة إلى مركز المدينة عن طريق الترام أو الحافلة أو الدراجة أو السيارة، أو عبر الخدمة الذاتية: إخدم نفسك بنفسك، حيث تم إعادة تأهيل المساكن الاجتماعية للمدينة بالكامل لتوفير الطاقة، وتحصل على المنتجات الفلاحية الطازجة من خضر وفواكه من جمعيات الحفاظ على الزراعة الايكولوجية، حيث قررت قضاء أسبوع أو أسبوعين في التخييم على البحر صيف هذا العام، في مقابل ذلك ترك زوجان متقاعدان وطاعنان في السن والبالغان من العمر ثمانين عاما، تركا منزلهما لكونه كبير جدا ومكلف للغاية بحيث لا يمكنهما صيانته، واستبدلاه بمسكن ريفي يعيش فيه العديد من الأزواج المتقاعدين معا، في وسط القرية، مسكن جماعي يجمع بين خدمات معينة: زيارات الممرضات والمساعدين المنزليين ويتقاسمون الخدمات مع المقيمين الآخرين، ويحتفظون بحديقة منزلية تزودهم بالفواكه والخضروات ويتم توصيل احتياجاتهم الخاصة بهم معا بواسطة شاحنة كهربائية، وفي رحلاتهم، يستخدمان وسيلة نقل جماعية تعمل بالغاز الحيوي، تلك إذن أهداف طموحة، هذا ما يمكن أن تكون عليه الحياة في فرنسا التي انخفضت فيها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير في منتصف القرن، هذه الأسر الثلاث هي بالفعل جزء من العائلات النموذجية التي تم تخيلها لوصف أنماط حياة الأوروبيين بحلول عام 2050.
اليابان والحياد الكربوني
تعهدت اليابان سادس دول العالم انبعاثا لغازات الاحتباس الحراري بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهذا الهدف الجديد الذي أشاد به خبراء البيئة وخبراء طموح بسبب اعتماد اليابان الكبير على الفحم، وكان رئيس الوزراء الياباني الجديد يوشيهيدي سوجا قد أعلن: “أننا سنخفض من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050” من أجل “هدفنا إلى مجتمع محايد للكربون”، وتظهر اليابان نفسها على أنها أكثر طموحا من الصين، التي تعهدت أيضا بتحقيق هذا الهدف بعد عقد من الزمان في عام 2060، لكن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حددا لنفسهما أيضا هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، لكن هذا أكثر طموحا من اليابان لأن هذا المصطلح يغطي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الأخرى غير ثاني أكسيد الكربون، بما في ذلك غاز الميثان، ويعمل الاتحاد الأوروبي أيضا على تعزيز أهدافه على المدى المتوسط: يجب أن يهدف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55٪ في عام 2030 مقارنة بمستوى عام 1990، مقابل 30٪ المستهدفة سابقا.
الولايات المتحدة الأمريكية والحياد الكربوني
الولايات المتحدة الأمريكية هي ثاني أكثر دول العالم انبعاثا لثاني أكسيد الكربون بعد الصين، لا يقوم الامريكيون حاليا بنشر أية أهداف لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى الفيدرالي بل الاحرة من ذلك قرروا الانسحاب من اتفاقية باريس في عهد الرئيس السابق، لكن مع صعود الرئيس الجديد جو بايدن بدأت ملامح إيجابية تلوح في الافق بخصوص عودة الامريكيين الى المفاوضات وبشكل جدي وأكثر حماسة من ذي قبل، ومع ذلك، يظهر الرئيس الديمقراطي ، جو بايدن، طموحات تتماشى مع توصيات العلماء، بهدف تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
ولم يعط رئيس الوزراء الياباني جدولا زمنيا دقيقا لتحقيق هذا التوازن بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وامتصاصها، لكنه أشار إلى أهمية التكنولوجيا، وقال: “المفتاح هو الابتكار”، مستشهدا على وجه الخصوص بالبطاريات الشمسية من الجيل التالي، وأضاف أن اليابان ستعمل أيضا على تعزيز استخدام الطاقات المتجددة والطاقة النووية، مشددا على أهمية الأمن في بلد اتسم بشدة بكارثة فوكوشيما في عام 2011، والهدف أكثر طموحا نظرا لأن اليابان تعتمد إلى حد كبير على الفحم والغاز لإنتاج الكهرباء، تعزز التبعية بعد كارثة فوكوشيما، كان لدى الدولة آنذاك 54 مفاعلا نوويا، تولد حوالي ربع الكهرباء المنتجة في البلاد، تم إغلاق جميع المفاعلات في البلاد تقريبًا بعد وقت قصير من وقوع الحادث. تم إعادة تشغيل تسعة منهم فقط منذ ذلك الحين، تتعرض اليابان بانتظام لانتقادات بسبب سياستها في بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم الحجري على أراضيها، ولكن أيضا بسبب تمويلها لمشاريع في الخارج، خاصة في جنوب شرق آسيا، وتمثل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري في الأرخبيل، والتي يبلغ عددها 140 محطة، حوالي ثلث إنتاجها من الكهرباء، حيث يعتبر الفحم ثاني أهم طريقة لإنتاج الكهرباء في البلاد بعد الغاز الطبيعي المسال والذي توفر المرافق 38٪ منه لاحتياجات البلد.
ومن المتوقع أن يشكل الهدف الجديد خطة الطاقة الأساسية في اليابان، والتي هي قيد المراجعة، تهدف أحدث خطة، نُشرت في عام 2018، إلى تلبية 24٪ من احتياجات الطاقة في البلاد من مصادر متجددة – بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية – بحلول عام 2030، وهو معدل غالبا ما يوصف بأنه منخفض وطموح، ودعت هذه الخطة أيضا إلى أن توفر الطاقة النووية أكثر من 20٪ من احتياجات الطاقة في البلاد بحلول عام 2030، ورحبت منظمة السلام الأخضر بإعلان يوشيهيدي سوجا وأكدت أن هذا الالتزام لا ينبغي أن يعني زيادة الاعتماد على الطاقة النووية: “الحياد الكربوني ليس كذلك لم يعد حلما بعيد المنال، بل هو التزام ضروري يتماشى مع اتفاق باريس ومن هذا المنظور نرحب بتصريح رئيس الوزراء سوجا “، قالت جينيفر مورغان ، المديرة التنفيذية لمنظمة السلام الأخضر الدولية.
اليابان وهدف تحقيق الحياد الكربوني
تعتبر اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم الذي وقع اتفاق باريس عام 2015 وبكونه سادس أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم في عام 2018، على الرغم من اعتماد اليابان على الفحم الحجري، تحرص اليابان على ترسيخ مكانتها كقائدة في مكافحة تغير المناخ، عبر تعزيز استخدام الطاقات المتجددة والطاقة النووية ، ونظرا لأهمية الأمن في بلد شهد كارثة فوكوشيما عام 2011، فقد قامت اليابان في أعقاب الزلزال الكبير والتسونامي بإغلاق المؤقت للمفاعلات النووية اليابانية وزيادة اعتمادها على الوقود الأحفوري، وفي الاخير يمكن اعتبار غاز الميثان من الغازات الدفيئة سريعة الزوال ولكنه ذو قوة عظمى وهو ثاني أهم مساهم في الاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية بعد غاز ثاني أكسيد الكربون.
قمة التنوع البيولوجي والتأجيل المحتمل
من المحتمل أن يتم تأجيل مؤتمر قمة للتنوع البيولوجي في نسختها الخامسة عشرة، وهي قمة حاسمة لمستقبل الكوكب مرة أخرى سيتم تأجيلها بسبب عدم اليقين المرتبط بمتحورة أوميكرون الجديدة، حيث كان من المقرر عقد الجزء الثاني من القمة الربيع المقبل في الصين لكن الاجتماع المؤقت المقرر عقده في يناير تم تأجيله للتو إلى مارس حيث لا يمكن التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الصيف المقبل، فالكل في حالة ترقب بينما يطالب خبراء آخرون بضرورة تأجيل قمة التنوع البيولوجي مرة أخرى بسبب جائحة كوفيد 19، حيث كان من المقرر عقد القمة في الأصل في أكتوبر 2020 وتم تأجيلها لمدة عام ثم انقسمت أخيرا إلى قسمين: الأول عقد فعليا في أكتوبر الماضي والثاني كان من المقرر عقده حضوريا في كونمينغ الصينية في الربيع المقبل في الفترة الممتدة ما بين 25 أبريل إلى 8 ماي 2022، وكان من المقرر عقد اجتماع عمل بينهما في يناير في جنيف ولكن تم تأجيل هذا الاجتماع بالفعل بينما كل المؤشرات تشير إلى أنه لا يمكن عقد الجزء الأخير من قمة التنوع البيولوجي حتى شهر يونيو أو حتى يوليوز 2022، فبالرغم من كون قمة التنوع البيولوجي تبقى أقل شهرة من قمة المناخ التي انعقدت نسختها السادسة والعشرون في غلاسكو باسكتلندا في حين من المنتظر أن تتناول قمة التنوع البيولوجي في كيونمينغ مواضيع مهمة بنفس القدر من الأهمية مثل مكافحة التلوث والحفاظ على الطبيعة، هذا القرار يعتبر جد مهم بشكل خاص لأنه يجب أن يؤدي إلى أهداف عالمية جديدة لما بعد عام 2020، غالبا ما يتم تقديم قمة كيونمينغ بمثابة قمة باريس للمناخ في إشارة إلى المؤتمر الدولي لعام 2015 الذي سمح بتطوير اتفاق باريس للمناخ، لذا يجب على قمة كونمينغ للتنوع البيولوجي في نسختها الخامسة عشرة على وجه الخصوص تسجيل حماية ما لا يقل عن 30٪ من سطح الأرض والبحر بما في ذلك 10٪ في حماية صارمة على نطاق عالمي، لكن في أكتوبر 2021 بالكاد ذكر هذا الهدف في إعلان كونمينغ الذي تبنته حوالي 100 دولة بعد المرحلة الأولى من المحادثات، ومع ذلك، فقد كان حاضرا في مسودة النص وفي المسودة الأولى التي اقترحتها الاتفاقية الإطارية للتنوع البيولوجي التي نشرت في الصيف لكنها لا تزال تثير معارضة عدوة بلدان في مقدمتها البرازيل والأرجنتين وإندونيسيا وجنوب إفريقيا في حين لم تظهر الصين رئيسة الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف دعمها لهذا الطموح، لكن في مقابل ذلك بكين تعهدت ببذل قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق طموح لإنقاذ الطبيعة وتوفير التمويل، كما أعلن البلد المضيف عن إنشاء صندوق بقيمة 230 مليون يورو لدعم البلدان النامية.
مشاركة المغرب في قمة كونمينغ للتنوع البيولوجي
شارك المغرب في اتفاقية التنوع البيولوجي في الدورة الأولى من قمة التنوع البيولوجي في نسختها الخامسة عشرة بكونمينغ التي انتهى الجزء الاول منها شهر أكتوبر الماضي قمة تأتي مباشرة بعد نجاح المؤتمر العالمي لحماية الطبيعة في مرسيليا حيث أكدت الدول المشاركة على استعدادها لاعتماد إطار عالمي جديد للتنوع البيولوجي لإنهاء تدهور الطبيعة وعكس الاتجاه بحلول عام 2030، ففي إعلان كونمينغ الدورة الأولى لمؤتمر الأطراف الخامس عشر لاتفاقية التنوع البيولوجي تم تحديد نغمة الطموحات السياسية التي يجب تأكيدها في المفاوضات النهائية التي ستعقد في الفترة من 25 أبريل إلى 8 ماي 2022 والتي غالبا ما سيتم تأجيلها إلى الصيف المقبل، وإذ يرحب المغرب بالزخم المتولد عن القمة وتدعو إلى دعم المقترحات الخمسة التالية قبل اعتماد استراتيجية عالمية للتنوع البيولوجي.
الهدف 30/30 للمناطق المحمية
دعت الدول المشاركة إلى حماية 30٪ على الأقل من مناطق اليابسة و30٪ من المناطق البحرية بحلول عام 2030، ودعت إلى إدراج هذا الهدف في النسخة النهائية من الاستراتيجية، كما دعت إلى إدراج فعالية إدارة المناطق المحمية بشكل صريح في الاستراتيجية حتى تتمكن من الحصول على نتائج إيجابية لحماية البيئات الطبيعية وعلى هذا النحو، فإن القائمة الخضراء للمناطق المحمية تعتبر أداة لمساعدة الدول على تحسين وتقييم فعالية إدارة المناطق المحمية.
استعادة 30٪ من النظم الإيكولوجية المتدهورة استجابة لتحديات التنوع البيولوجي والمناخ
دعت الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية للتنوع البولوجي إلى تكثيف الجهود لعكس تدهور النظام البيئي من خلال تحديد هدف بنسبة 30 ٪ لاستعادة النظم البيئية المتدهورة مقابل 20 ٪ المدرجة حاليا في مسودة الاستراتيجية، حيث سيكون هذا الهدف استجابة مباشرة لعقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي في الوقت الذي تبنت فيه المفوضية الأوروبية أهداف ملزمة قانونا لاستعادة الطبيعة في الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام 2021، هذا الهدف مهم بشكل خاص في فرنسا للأراضي الرطبة والبيئات الأساسية للتنوع البيولوجي والمناخ لدورها الرئيسي في تخزين الكربون وتخفيف الفيضانات والجفاف لكن فرنسا لوحدها فقدت 50٪ من مساحتها السطحية.
حماية التنوع البيولوجي لمحاربة تغير المناخ
نظرا لارتباط أزمات المناخ والتنوع البيولوجي ارتباطا وثيقا، دعت العديد من الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي إلى تخصيص خدمة المحافظة على التنوع البيولوجي في سبيل إنجاح العمل المناخي، وبالتالي تكثيف التزامات الدول الاعضاء عبر تحيين المساهمات المحددة وطنيا بموجب اتفاقية باريس للمناخ حيث يجب أن تخفض الدول الملوثة انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بسرعة للحد من آثار تغير المناخ على التنوع البيولوجي ومن ناحية أخرى تعتبر الطبيعة حليفا في تطوير الحلول القائمة على الطبيعة بينما يجب أن تتوافق مشاريع الحلول القائمة على الطبيعة مع المعايير العالمية للاتحاد الدول لصون الطبيعة عبر إحراز تقدم في مكافحة إزالة الغابات التي لها فوائد مزدوجة للمناخ والتنوع البيولوجي لاسيما من خلال العمل على إزالة الغابات المستوردة إلى فرنسا وأوروبا.
الالتزام بقوة أكبر بحماية المحيط
بمناسبة قمة المحيط التي ستنظمها فرنسا والأمم المتحدة في أوائل عام 2022 استجابة لعقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات والتوصيات الثلاثين المتعلقة بالمحيطات المعتمدة في المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية دعت الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي إلى الالتزام بقوة أكبر بالحفاظ على التنوع البيولوجي البحري ولاسيما من خلال اعتماد المعاهدة الدولية في أعالي البحار حيث يجب أن يسمح هذا بإنشاء مناطق بحرية محمية في المياه الدولية وأن يضع اللوائح البيئية اللازمة لحماية هذا الصالح العام للبشرية.
ضمان التنفيذ الفعال للاستراتيجية
يجب التأكيد في الأخير أنه هناك ثلاثة شروط أساسية لنجاح الاستراتيجية العالمية في مقدمتها التقييم المنتظم للتقدم الذي تحرزه الدول حيث أصبح من الضروري الدعوة الى إنشاء إطار متين وشامل للرقابة يقوم بمهمة جرد الإجراءات التي تنفذها الدول في كل مؤتمر من مؤتمرات الأطراف في التنوع البيولوجي، كل سنتين للتحقق من أن تحقيق الأهداف يسير على الطريق الصحيح، بينما يجب أن تستمر عملية تعبئة الموارد المالية للتنوع البيولوجي بعد الإعلانات الصادرة في قمة كونمينغ حيث تمت تعبئة 80 مليار دولار فقط من الإنفاق العام والخاص بينما نحن في حاجة سنويا لمواجهة التدهور الخطير والمتسارع للتنوع البيولوجي ألى حوالي 700 مليار دولار حيث دعت بعض الدول الأطراف الى إصلاح الإعانات العامة الضارة بالتنوع البيولوجي وإعادة توجيهها لحماية الطبيعة، بالإضافة إلى تعبئة جميع الجهات الفاعلة ولاسيما المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والشركات والقطاع المالي والشباب والنساء، وفي الختام واستجابة للرؤية التي اقترحتها اتفاقية التنوع البيولوجي في أفق 2050 “العيش في وئام مع الطبيعة” نتمنى ان يتم تجديد علاقتنا مع الطبيعة.