العمل المناخي الإماراتي التركي.. رؤية ديناميكية للحفاظ على البيئة

خبراء التنمية الخضراء والاستدامة والاقتصاد لـ “الاتحاد”:
عماد سعد: خلق فرص عمل خضراء للشباب
قيس السويدي: العمل المناخي محرك للنمو الاقتصادي
عائشة العبدولي: تبادل الخبرات الثنائية للحفاظ على البيئة
ابراهيم البحر: تعاون للحفاظ على بيئة المنطقة

شكلت مذكرة التفاهم بشأن العمل المناخي التي وقعتها حكومتا دولة الإمارات والجمهورية التركية، أمس، نموذجاً متميزاً للعلاقات الثنائية القائمة على الاحترام المتبادل والثقة، وإصرار الجانبين على تعزيز أواصر التعاون المشترك والعمل الجاد الذي سيساهم مستقبلاً في المحافظة على البيئة من تداعيات ظاهرة تغير المناخ، من خلال فتح آفاق علمية وعملية في هذا المجال الحيوي، ويرجع الفضل في ذلك إلى امتلاك البلدين رؤية ديناميكية تفوق التوقعات، من شأنها دفع عجلة الجهود لمكافحة تداعيات تغير المناخ السلبية والدفع بتحقيق أهدافها، بحسب خبراء في التغير المناخي والتنمية الخضراء والاقتصاد والاستدامة.
وقالت عائشة العبدولي، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي في وزارة التغير المناخي والبيئة: «إن مذكرة التفاهم التي وقعتها الإمارات وتركيا بشأن العمل المناخي، أمس الأول، تؤكد على التعاون بين الجانبيّن في هذا المجال المهم، واستمرارية التواصل والتركيز خلال المرحلة القادمة على إعطاء أولوية للعمل المناخي لتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية وتكثيف الزيارات المتبادلة والمشاورات بين المسؤولين، وتعزيز التواصل والتنسيق حول تبادل الخبرات الثنائية للحفاظ على البيئة من تداعيات تغير المناخ للبلدين، ومواصلة تشجيع الاستثمار المتبادل بشأن المناخ، والعمل سوياً على دفع مشاريع التعاون ذات الأولوية الخاصة به».

رؤية ديناميكية
وأضافت العبدولي: «لم يأت تركيز الطرفين على العمل المناخي من فراغ، بل جاء نتيجة لامتلاكهما الخبرات في هذا المجال المهم والرؤية الديناميكية الهادفة إلى دفع جهود التنمية في هذا الشأن، حيث يعد تغير المناخ من الملفات ذات الأولوية في حكومة الإمارات التي تمتلك رؤية شاملة وقدرة أكبر على التعامل مع التحديات وتحويلها إلى إيجابيات، بما يدعم منظومة المحافظة على البيئة وضمان استدامتها، لتلبية المتطلبات التنموية في كافة المجالات خلال الفترة المقبلة، حيث تعيش الإمارات مرحلة جديدة من العمل المناخي، تواصل فيها الحد من التلوث، وحفظ توازن الحياة الطبيعية لضمان حقوق الأجيال القادمة بمستقبل أفضل، وأطلقت في سبيل ذلك مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، ومبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ»، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بمشاركة أكثر من 35 دولة، كما تستعد لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم».

استعداداً للخمسين
من جانبه، قال قيس السويدي، مدير إدارة التغير المناخي في الوزارة: «إن مذكرة التفاهم بشأن العمل المناخي التي وقعتها الإمارات وتركيا، تؤكد على دور العمل المناخي بوصفه محركاً للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة، وتتماشى مع خريطة طريق «مبادئ الخمسين» التي أطلقتها دولة الإمارات استعداداً للخمسين عاماً المقبلة للمساهمة في رسم ملامح عصر جديد من النمو الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في دولة الإمارات، حيث اتخذت دولة الإمارات خلال العقود الماضية قراراً استراتيجياً بالاستثمار المكثف وبالشراكة مع بلدان أخرى في الطاقة منخفضة الكربون، لا سيما الطاقة المتجددة وغيرها الكثير من المجالات المؤثرة في لجم الآثار السلبية لتغير المناخ.
وأكد على أن التعاون الثنائي بين الإمارات وتركيا بشأن العمل المناخي، سيشهد تطوراً بوتيرة سريعة يفوق كل التوقعات، حيث ستبصر الفترة المقبلة إطلاق العديد من المشاريع الحيوية الخاصة بالعمل المناخي، وذلك استناداً على تجارب وخبرات الدولتين في هذا الجانب، مشيراً إلى أن الاتفاقية ترتكز على تسهيل تبادل المعلومات حول السياسات والبرامج ونماذج الأعمال التي تدعم الجهود المشتركة بشأن العمل المناخي، كما تسهم في تمكين البحوث والتطوير وتعزيز الاستثمارات ونشر تطبيقات التكنولوجيا، وتدعم التعاون مع القطاع الخاص، إلى جانب الاستفادة من خبرات الطرفين في مجالات الابتكار من أجل العمل المناخي، والتي تشمل مشاريع التكيف والمرونة، إضافة إلى التعاون في مجال البحوث وعلوم المناخ وغيرها الكثير.

تعزيز التنمية
بدوره، قال المستشار عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي: «مما لا شك فيه أن البيئة بشكل عام، والتغير المناخي بشكل خاص، هما ورقة اقتصادية سياسية بامتياز، والتفاوض عليها في أروقة المنظمات الدولية لا يخلو من الاعتبارات السياسية والاقتصادية للدول المشاركة، ولكن بغلاف بيئي أو مناخي أوسع، وهذا أمر طبيعي لأن التغير المناخي يرتبط بشكل مباشر بالتنمية، وهو ناجم عن عملية الاحتباس الحراري التي تسببها انبعاث غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي بما يفوق قدرة هذا الغلاف على التحمل، مما يؤدي إلى خلل في منظومة المناخ على هذا الكوكب»، لافتاً إلى أن مذكرة التفاهم التي وقعت بين الإمارات وتركيا بشأن العمل المناخي، تعد مؤشراً على أن العمل المناخي المشترك بين البلدين هو عنصر أساسي لدعم الأمن والسلام والاستقرار لتعزيز التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف: «إن التنمية المستدامة وذات القيمة المضافة لشعوب المنطقة، هي التي تأخذ بعين الاعتبار البعديين الاجتماعي والبيئي بما فيه التغير المناخي، في تفاصيل تطبيقها على أرض الواقع، وهذا ما تدعو وتعمل على تطبيقه دولة الإمارات، وخير دليل على ذلك الإعلان عن مبادرة تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، بما يعكس الرؤية الاستشرافية لقيادتنا الرشيدة القائمة على حماية البيئة وتنميتها والحفاظ على مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي وضمان استدامتها، والتنمية المستدامة بدورها سوف تساهم بخلق فرص عمل خضراء للشباب، وإتاحة الفرصة لمشاركة المرأة بمختلف مرافق العمل والحياة العامة، من خلال تعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات.

إبراهيم البحر: تعاون للحفاظ على بيئة المنطقة
اعتبر إبراهيم البحر، الخبير الاقتصادي، أن التفاهم الإماراتي التركي في مجال العمل المناخي، يعد خطوة هامة على طريق التعاون الإيجابي والبنّاء لتحقيق التقدم وتعزيز فرص المحافظة على البيئة في المنطقة، باعتبار الجانبين من أكبر الاقتصادات ديناميكية في المنطقة، وسيكون للتعاون الثنائي أثر مباشر في دفع عجلة التقدم والنمو والازدهار، وكذلك خلق فرص مفيدة للبلدين والمنطقة والعالم، من خلال نقل خبرات الجانبين في الشأن المناخي، الأمر الذي سيساهم في المحافظة على البيئة عبر لجم تداعيات تغير المناخ السلبية والعمل على التكيف والمرونة معها، حيث سيتم تبادل توظيف التكنولوجيا بينهما والاستفادة من التجارب الثنائية المبنية على اتباع تقنيات صديقة للبيئة، وتوظيفها في مختلف مجالات القطاع البيئي.
وأكد على تفوق العلاقات الإماراتية التركية في مجال العمل المناخي، نظراً لمشاركتهما بأفضل الممارسات والابتكارات الخضراء الخلاقة، علاوة على التزامهما بتنفيذ كافة القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بالمناخ.
المصدر، جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 16 فبراير 2022

About هيئة التحرير

Check Also

لماذا مات الكثيرون في إسبانيا؟ لأن أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس المتطرف

من المؤسف أن الفيضانات الشديدة أمر لا مفر منه. ولكن ما ليس حتميًا هو مدى …