العالم يدخل مرحلة التبني الكُلِّي للطاقات النظيفة
تجارة الهيدروجين.. السعودية تسعى لتكون لاعبًا رئيسًا عبر الأمونيا الزرقاء
شبكة بيئة أبوظبي، عبد العالي الطاهري، مدير البرنامج الوطني، الإعلام الإيكولوجي، المملكة المغربية 16 فبراير 2022
يوما بعد يوم ومع دخول المنظومة الاقتصادية العالمية إلى مرحلة التبني الكُلِّي للطاقات النظيفة، يتزايد الاهتمام بالهيدروجين الأخضر (النفط النظيف) بسرعة في جميع أنحاء العالم، وفي المملكة المتحدة نشرت الحكومة استراتيجية العام الماضي 2021 لدورها في القضاء على الانبعاثات بحلول عام 2050، لذا حصلت شركة “جاكوبز”، على عقد دراسة جدوى من شركة “آر دبليو إي”، وهي شركة تعمل في مجال الطاقة المتجددة، لفحص إنتاج الهيدروجين الأخضر وتسليمه في جنوب ويلز بالمملكة المتحدة.
ولمدة 4 أشهر، سيكون على جاكوبز دراسة جدوى إضافة محلل كهربائي بقدرة 100 ميغاواط لتوليد الهيدروجين الأخضر في محطة بيمبروك للطاقة التابعة لشركة “آر دبليو إي”.
وبحسب نائب الرئيس الأول لحلول الأشخاص والأماكن في جاكوبز، دونالد موريسون، فإن “دراسة الجدوى تمنح الشركة فرصة كبيرة للتعاون مع (آر دبليو إي)، في الأفكار الإبداعية التي ستساعد على تعزيز صناعتنا بشكل أقرب إلى منع الانبعاثات”.
وأضاف: “يعتمد هذا المشروع على تعاوننا لمدة 20 عاماً مع (آر دبليو إي)، في محطة بيمبروك للطاقة”، مؤكدًا أن هدف جاكوبز هو البقاء في طليعة التوجهات نحو تحول الطاقة.
استغلال قدرات جاكوبز
بمقتضى الاتفاق بين الجانبين، ستُستخدم قدرات جاكوبز في الأبحاث الهيدروجينية والمتعددة التخصصات في جميع أنحاء العالم، بما فيها فرق من المملكة المتحدة وأوروبا وأستراليا. كما ستنظر جاكوبز في كيفية استخدام الهيدروجين الأخضر في جنوب ويلز، لنقل الكربون وإزالته، للمساعدة في تحقيق أهداف الحد من الكربون، حسبما ذكر موقع إنرجي نيوز.
وقد يتوسع مشروع الهيدروجين الأخضر إلى عدد كبير من الغيغاواط، ويمكن أن يكون متصلًا بالرياح البحرية العائمة في البحر السلتي، إذ إنه أول مشروع لمركز بيمبروك نت زيرو، التابع لشركة “آر دبليو إي”، الذي بدأ عملياته في أوائل عام 2021.
وقال مدير محطة بيمبروك للطاقة ريتشارد ليتل: “نتطلع إلى رؤية نتائج دراسة جدوى جاكوبز في الأسابيع المقبلة، التي ستكون الخطوة الأولى نحو التثبيت المحتمل للبنية التحتية الهيدروجينية واسعة النطاق في بيمبروك”.
وتابع: “سيغيّر الهيدروجين قواعد اللعبة في جنوب ويلز لإزالة الكربون من الصناعات الثقيلة، وستؤدي شركة آر دبليو إي دورًا مهمًا في تحقيق هذا الهدف”.
مشروع تحويل الطاقة
يُعدّ إنتاج الهيدروجين في ويلز مشروعًا رئيسًا آخر لتحويل الطاقة في محفظة جاكوبز المتنامية، لدعم العملاء بحلول متكاملة تقلل من الانبعاثات وتعزز الموثوقية وتعزز نتائج المعيشة للمجتمعات، حسبما أكد الموقع الرسمي لشركة جاكوبز للاستشارات الاستثمارية.
وقال: “في 2021، أنشأ جاكوبز مكتب الاستجابة العالمية للمناخ والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، للوفاء بالتزامات الشركة تجاه تغير المناخ من خلال حلول مبتكرة لعملائها عبر تحويل الطاقة، وإزالة الكربون والتكيف والتخفيف وإدارة الموارد الطبيعية”.
وأضافت الشركة: “في جاكوبز نتحدى اليوم إعادة ابتكار المستقبل من خلال حل المشكلات الأكثر خطورة في العالم، للمدن المزدهرة والبيئات المرنة والنتائج الحرجة للمهام والتقدم التشغيلي والاكتشاف العلمي والتصنيع المتطور وتحويل الأفكار المجردة إلى حقائق تحوّل العالم من أجل الخير”.
وأوضحت أنه مع إيرادات 14 مليار دولار وقوة عاملة تقترب من 55 ألف موهوب، تقدّم جاكوبز مجموعة كاملة من الخدمات المهنية، بما في ذلك الاستشارات التقنية والعلمية وتسليم المشروعات إلى الحكومات والقطاع الخاص».
الهيدروجين الأخضر في المملكة المتحدة
برز الهيدروجين الأخضر -مؤخرًا- مكوِّنًا رئيسًا ضمن التوجه العام للمملكة المتحدة نحو تقليص الكربون، إذ يعطي العديد من مطوري المشروعات والمستثمرين الآن الأولوية لهذا القطاع من خلال الدخول في شراكات لتطوير مواقع جديدة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وكانت حكومة المملكة المتحدة صريحة في رغبتها في تحديد هدف للوصول إلى 5 غيغاواط من إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون بحلول عام 2030، بما في ذلك أهداف استبدال ما يصل إلى خُمس الغاز الطبيعي بالهيدروجين الأخضر.
وينظر الكثيرون إلى أن إنتاج الهيدروجين ضروري في إزالة الكربون من نظام الطاقة، ويُروّج له بديلًا محتملًا لإمدادات الغاز الصناعي والمنزلي.
ومع ذلك، من المرجح أن يكون الهيدروجين هو الأمثل لإزالة الكربون إذا كان “منخفض الكربون” ومُتاحًا بسهولة وبأقل استثمار رأسمالي، إذ يمكن استخدامه في خلايا الوقود أو حرقه في غلاية أو توربين أو محرك لتوليد الحرارة أو الكهرباء، مع عدم إنتاج انبعاثات كربونية.
خيارات إنتاج الهيدروجين
يمكن إنتاج الهيدروجين من خلال مجموعة واسعة من التقنيات والتفاعلات الكيميائية، مع التصنيف الحالي لتصنيفها حسب مصدر مدخلات الطاقة (الشمسية والنووية وطاقة الرياح) والعملية الكيميائية.
ويُنتَج الهيدروجين الحالي في المملكة المتحدة في الغالب من الوقود الأحفوري، باستخدام بخار الميثان، دون التقاط أي من انبعاثات الكربون، وهذا يُصنّف على أنه هيدروجين رمادي، ولكن عندما يجري إنتاج الهيدروجين بالطريقة نفسها مع انبعاثات الكربون التي يجري التقاطها وتخزينها، فإنه يُعد منخفض الكربون ويُصنَّف على أنه هيدروجين أزرق.
ويشير الهيدروجين الأخضر إلى الهيدروجين المنتَج من خلال التحليل الكهربائي (قسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين)، عند تشغيله بالطاقة المتجددة، ويُعَد خاليًا من الكربون، إذ لا تُنتَج أي انبعاثات كربونية خلال العملية.
وتُنتِج شركات مثل “آي تي إم باور”، وجونسون ماتزي وكيريس باور تكنولوجيات لمنشآت هيدروجين منخفضة الكربون وعديمة الكربون، وأفضلها آي تي إم التي تطور حاليًا تقنية الهيدروجين الأخضر.
نمو خط أنابيب الهيدروجين
نما خط أنابيب المشروعات في المملكة المتحدة لمصانع الهيدروجين الخضراء في السنوات الأخيرة، ويبلغ الآن 484 ميغاواط عبر 34 موقعًا مختلفًا، وفقًا لموقع إنرجي ستوراج نيوز.
وتتراوح أحجام المشروع من 10 كيلوواط إلى 200 ميغاواط، وفي الوقت الحالي، تبلغ القدرة المركبة للهيدروجين الأخضر 13 ميغاواط فقط عبر 33 موقعًا، ومعظم هذه المشروعات إما محطات التزوّد بالوقود الهيدروجيني وإما محطات الهيدروجين الخضراء التجريبية.
ولا تزال بعض المشروعات الكبيرة، أي أعلى من 50 ميغاواط، في مرحلة ما قبل التقديم، ولم تقدم بعد الطلبات إلى سلطات التخطيط المحلية، في حين قدّمت المشروعات الكبيرة المتبقية المخطط لها طلبات، لكنها ما زالت تنتظر الموافقة.
وتسيطر مشروعات المرحلة المبكرة على نشاط الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع داخل المملكة المتحدة، إما قبل التطبيق وإما في انتظار قرار بشأن الطلبات المقدمة إلى السلطات المحلية.
الهيدروجين الأخضر.. ميناء روتردام الهولندي “بوابة” صادرات كولومبيا لأوروبا
تماشيًا مع الأهداف المناخية العالمية، تعكف دول عدّة على التوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر، سواء في صورة مشروعات فردية لكل دولة أو عبر شراكات بين حكومات أو شركات.
وتسعى كولومبيا، الواقعة في أميركا الجنوبية، للتوسع في صادرات الهيدروجين، ووقع اختيارها على هولندا لتكون بوابة أوروبية لصادراتها، وبدأت الدولتان مناقشات حول تطوير عمليات التصدير.
ووقّعت كولومبيا وهولندا مذكرة تفاهم تسمح بإنشاء مَمَر بين البلدين -عبر ميناء روتردام الهولندي- لتسهيل عمليات تصدير الهيدروجين الأخضر منخفِض الكربون.
مَثَّل الجانب الهولندي -خلال التوقيع على المذكرة- إدارة ميناء روتردام الذي يُعدّ أكبر الموانئ الأوروبية، بينما شارك من الجانب الكولومبي وزارتا الطاقة والنقل.
تصدير الهيدروجين الأخضر
أكدت وزارة التعدين والطاقة الكولومبية أن مذكرة التفاهم التي وُقِّعَت مع هولندا وميناء روتردام تتضمن تعزيز دراسات إنتاج الهيدروجين الأخضر، والاستفادة من الخبرات الهولندية واستراتيجيات النقل في الميناء، بما يساعدها على تسويق الهيدروجين.
وأضافت الوزارة أن ميناء روتردام يبحث عن دول مُصدِّرة للهيدروجين، ومن المقرر -وِفق الاتفاق- أن يُتيح لها إعداد دراسات متقدمة في هذا الشأن، مشيرة إلى أن التعاون المشترك بين الجانبين سيدفع نحو فتح أسواق جديدة للهيدروجين الأخضر الذي يُنتَج في كولومبيا.
ويضع الاتفاق -الذي ستتبعه اتفاقيات إضافية أكثر تفصيلًا- كولومبيا لاعبًا رئيسًا في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، عبر بحث التقنيات الحديثة في المجال وتمويل المشروعات وفتح المجال أمام التصدير، وفق ما نقلت صحيفة بي إن أمريكا عن بيان للوزارة الكولومبية.
الهيدروجين الأخضر في كولومبيا
كانت الحكومة الكولومبية قد حدَّدت هدف تركيب ما يترواح بين 1 و3 غيغاواط من المحللات الكهربائية بحلول عام 2030، مع إضافة 4 غيغاواط من الطاقة المتجددة لدعم الإنتاج.
جاء ذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية فيما يتعلق بالهيدروجين الأخضر، التي أعلنتها كولومبيا في سبتمبر/أيلول العام الماضي.
وأكدت الاستراتيجية أن إمكانات كولومبيا تؤهلها لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، سواء للاستهلاك الوطني أو التصدير، إذ يملك الساحل الشمالي في البلاد موارد متجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح تدعم عمليات تصنيع الهيدروجين الأخضر، وفق صحيفة رينيبولز ناو.
وتُشير التوقعات إلى تراوح استثمارات الهيدروجين الأخضر بين 2.5 و5.5 مليار دولار أمريكي، مع قدرته على توفير من 10 إلى 15 ألف وظيفة.
ميناء روتردام
حول الاتفاق، أكد مدير ميناء روتردام الدولي، رينيه فان دير بلاس، أن مذكرة التفاهم بين البلدين تسمح للحكومتين والشركات بتبادل الخبرات وإجراء مشروعات تجارية.
وأضاف بلاس أن الاتفاق فتح ثروة من الفرص لكل من كولومبيا وهولندا، مشيرًا إلى أن بوغوتا تتمتع بقدرات مميزة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، بما يسمح بتبادل التقنيات الجديدة بين البلدين.
وبينما تتجه كولومبيا لفتح آفاق جديدة لتصدير الهيدروجين الأخضر عبر ميناء روتردام، أعلنت منظمة النقل والبيئة الأوروبية غير الحكومية أن الميناء يُعدّ الأكثر تلوثًا بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بين الموانئ البحرية الأوروبية، مُقدّرة بـ 13.7 مليون طن.
إذ يشهد ميناء روتردام مرور ما يقرب من 30 ألف ناقلة بحرية سنويًا، غالبيتها تعتمد على الوقود الملوث المُنتِج للانبعاثات، وِفق ما نشر الموقع الإلكتروني الرسمي للميناء.
استدامة النقل البحري
في المقابل، أكدت هيئة ميناء روتردام أن صناعة النقل البحري يجب أن تعمل على خفض الانبعاثات كباقي القطاعات التي تحاول تحقيق الأهداف المناخية، مشيرة إلى أن التحدي حاليًا يتمثل في إيجاد وقود نظيف يُلائم السفن، ويكون بديلًا للوقود الملوِّث والمُسبّب للانبعاثات المستخدم حاليًا.
وأوضحت الهيئة أنها تدعم تطوير أنواع وقود بديلة كالغاز الطبيعي المسال والإيثانول الحيوي، مؤكدة أنها تسعى -في بعض المناطق- على إضفاء مفاهيم الاستدامة على عمليات الشحن، عبر بناء محطات كهرباء ساحلية وتشغيل سفن الشحن الراسية بالبطاريات.
وشدَّدت الهيئة أنها تعمل مع مجمع الموانئ الصناعية للوصول للحياد الكربوني في الميناء بحلول عام 2050، عبر تبنّيها عدّة مشروعات، كمشروع بروثوس الذي يهدف لاحتجاز الكربون وتخزينه، ومشروعات أخرى في مجال الهيدروجين الأخضر وإنتاج الوقود الحيوي.
وحدة أبحاث الطاقة
يُظهر إنتاج الهيدروجين مرونة كبيرة؛ كونه يأتي من مصادر متعددة تختلف من حيث الكفاءة والاستدامة والتكلفة، لكن الغاز الطبيعي ما يزال هو المهيمن في هذا الصدد.
ومع ذلك، فإنَّ الدفع نحو تحوّل الطاقة والتقدم التقني يُبشّر بأن يكون للتقنيات الأكثر استدامة في إنتاج الهيدروجين دور كبير في إزالة الكربون مستقبلًا.
ويوضح تقرير حديث لمنتدى الطاقة الدولي عددًا من التقنيات الجديدة لإنتاج الهيدروجين، مع السعي لتعزيز دوره في الصناعات كثيفة الكربون.
الغاز الطبيعي
يُشكّل الغاز الطبيعي -الميثان في الغالب- معظم إنتاج الهيدروجين عالميًا يما يعادل تقريبًا 70%، وتصل النسبة إلى 95% من الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ كونه أكثر الوسائل انتشارًا وكفاءة وفاعلية من حيث التكلفة، فضلًا عن تمتّعه بميزة الاستفادة من البنية التحتية الحالية للغاز.
ويُنتَج الهيدروجين من خلال إعادة تشكيل الميثان بالبخار، ويتضمن ذلك تسخين الغاز إلى درجات حرارة عالية في وجود بخار ومحفز؛ ما يتسبب في تفكك جزيئات الميثان وتشكيل أول أكسيد الكربون والهيدروجين.
وينتج عن هذه الطريقة ما يتراوح بين 9 أطنان و12 طنًا من ثاني أكسيد الكربون مقابل كل طن من إنتاج الهيدروجين، وهو ما يُعرف هنا باسم الهيدروجين الرمادي، بحسب التقرير.
وفي الوقت الحالي، هناك تقنيات جديدة قد تخفض هذه الانبعاثات من خلال احتجاز الكربون وتخزينه، كما يمكن إزالة الكربون من إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار باستخدام الحرارة من المفاعلات النووية بدلًا من الوقود الأحفوري.
ومن الطرق الجديدة -أيضًا- إعادة تشكيل الميثان من خلال النفايات البلاستيكية لإنتاج الهيدروجين، إذ أظهرت دراسة حديثة أجرتها نيتشر كاتاليسيز، عملية مبسطة لاستخراج أكثر من 97% من كتلة الهيدروجين من المواد البلاستيكية، بحسب التقرير.
الكتلة الحيوية
التحويل إلى غاز، أو ما يُعرف بعملية “التغويز” هي تقنية أقلّ تطورًا إلى حدّ ما، لإنتاج الهيدروجين باستخدام أيّ مصدر كربون أو الكتلة الحيوية.
ويتضمن ذلك استخدام مغوز (gasifier) عالي الحرارة لتحويل المصدر إلى غاز، والذي يتفاعل لاحقًا مع البخار لفصل الهيدروجين.
وأثبتت هذه الطريقة أنها مثيرة للاهتمام للحكومات؛ بسبب قدرتها على تقليل كثافة الكربون في إنتاج الهيدروجين؛ إذ تتوقع وزارة الطاقة الأمريكية إمكان نشر تغويز الكتلة الحيوية في المدى القريب، وفق التقرير.
ويمكن استخدام السوائل المشتقة من الكتلة الحيوية، مثل الإيثانول والزيت الحيوي، في إنتاج الهيدروجين، مع تمتّعها بميزة كونها أسهل في النقل من المواد الأولية الصلبة للكتلة الحيوية.
الماء
يُعَدُّ إنتاج الهيدروجين من التحليل الكهربائي -تقسيم جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين- الطريقة التي يراهن عليها العالم من أجل إزالة الكربون، خاصة أنَّ معظم هذه المشروعات تعتمد على الطاقة المتجددة، ما ينتج الهيدروجين الأخضر، الذي لا يحتوى على انبعاثات كربونية.
ورغم ذلك، فإنَّ تقنية التحليل الكهربائي ما تزال باهظة الثمن وغير فاعلة في الوقت الحالي، لكن تُظهر التكلفة تراجعًا ملحوظًا مع دعم السياسات لتحوّل الطاقة، بحسب التقرير.
وبحسب منتدى الطاقة الدولي توجد طرق تقنية أخرى طويلة الأمد لاستخراج الهيدروجين من الماء، لكنها ستتطلب المزيد من العمل لتحسينها وتسويقها، أبرزها التكسير الحراري الكيميائي لجزيئات الماء من خلال درجات حرارة عالية.
كما يُعَدُّ تفكيك الماء الكهروكيميائي الضوئي طريقة واعدة، تستخدم ضوء الشمس وأشباه الموصلات، لاستخراج الهيدروجين من جزيئات الماء.
وفضلًا عن ذلك، يمكن إنتاج الهيدروجين من خلال التكسير الضوئي البيولوجي لجزئيات الماء، مثل الطحالب الخضراء التي تستهلك الماء وتنتج الهيدروجين، في ظل ظروف معينة.
تجارة الهيدروجين.. السعودية تسعى لتكون لاعبًا رئيسًا عبر الأمونيا الزرقاء
بالتوازي مع التوجه العالمي نحو التوسع في إنتاج وقود الهيدروجين واستخدامه، كونه قادرًا على توفير طاقة نظيفة غير ضارة بالبيئة وأكثر استدامة، تسعى السعودية لتتصدّر مركزًا متقدمًا عالميًا في إنتاج الهيدروجين الأزرق.
وكان وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، أكد أنَّ المملكة ستهيمن على الهيدروجين الأخضر وستكون الأقل تكلفة، كما أنها تُعَدُّ أكبر المغامرين في إنتاج الهيدروجين الأزرق عبر استغلال الغاز خصوصًا في حقل الجافورة.
وتعمل السعودية مع العديد من دول الاتحاد الأوروبي لضمان توسيع نطاق السوق، وفقًا لتصريحات وزير الطاقة السعودي.
واتجهت السعودية -التي تُعد أكبر عضو منتج للنفط في منظمة أوبك- إلى تنفيذ مشروعات في إنتاج الهيدروجين مع تحويله إلى الأمونيا، وهي إحدى الطرق المستخدمة لتسهيل عملية نقله بتكلفة أقل.
وفي الوقت نفسه، هناك اهتمام عالمي بالتوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق باعتبارهما وقودين غير ضارين بالبيئة ويُسهمان في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب بيانات شركة أرامكو السعودية، يُنتَج نصف الهيدروجين الصناعي على مستوى العالم في الوقت الراهن من الميثان، ويستخدم في الأسمدة وقطاعات الحديد والصلب والفضاء.
ومع تصدّر الهيدروجين توجهات الدول نحو التحول إلى الطاقة النظيفة، ينبغي ملاحظة أن الطرق التقليدية لاستخراج الهيدروجين من الغاز الطبيعي تنتج هي الأخرى 10 أطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون مقابل كل طن يُنتَج من الهيدروجين.
ولذلك اتجهت السعودية إلى العمل على استخلاص جميع الانبعاثات من الهيدروجين المنتَج بواسطة مواد هيدروكربونية.
الهيدروجين الأزرق واقتصاد الكربون الدائري
تؤكد شركة أرامكو، في تقرير منشور على موقعها الرسمي، أنها تعمل منذ سنوات على استكشاف الطرق المحتملة لإنتاج الهيدروجين عالي النقاء من المواد الهيدروكربونية، مع استخدام وسيط كيميائي لتحويل الديزل إلى هيدروجين.
وتعمل أكبر شركة منتجة للنفط في العالم من حيث القيمة السوقية -قيمتها تقارب تريليوني دولار- على إنتاج الهيدروجين الأزرق، مع استخلاص جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتوضح أرامكو في بياناتها -التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة- أنه عندما يحترق الميثان يُنتِج الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، وعندها تستخلص الشركة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وبعدها يُعاد تدوير تلك الانبعاثات أو إزالتها أو إعادة استخدامها.
ونجحت السعودية حتى الآن في تحويل نسبة تتراوح ما بين 80% و85% من طاقة المواد الهيدروكربونية إلى وقود هيدروجيني، وعندها تستخدم أرامكو تقنيتين لاستغلال ثاني أكسيد الكربون المستخلص.
وتضمّنت التقنية الأولى القيام بحقن ثاني أكسيد الكربون المستخلص في أحد مكامن النفط التابعة للشركة، بهدف تعزيز استخلاص النفط، أو تطبيق التقنية الثانية، وهي عبارة عن تحويل مخلفات ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية مثل الميثانول وذلك للاستخدام الصناعي، كما يمكن للشركة احتجاز أي كميات أخرى من ثاني أكسيد الكربون بطرق آمنة تحت الأرض.
وترى أرامكو أن تحويل الغاز الطبيعي إلى هيدروجين أزرق، من الممكن أن يكون وسيلة أساسية لتوليد طاقة أنظف وأكثر موثوقية واستدامة.
التحول إلى أمونيا للتغلب على مشكلة نقله
تؤدي الأمونيا دورًا مهمًا في الوقت الراهن حيال تجارة الهيدروجين، فهي عبارة عن مركّب كيميائي يُسهّل من عملية نقل ذلك الوقود -الهيدروجين- الذي يتطلب إجراءات مكلفة وصعبة.
فبحسب ما ذكرته شركة أرامكو، يُعَدّ وقود الهيدروجين خفيفًا جدًا ومن الممكن تسييله، ولكن يتطلب حفظه في درجة حرارة تصل إلى 254 مئوية تحت الصفر، ما يجعل من عملية نقله أمرًا مكلفًا وصعبًا خاصة عبر مسافات طويلة.
ومن هنا جاءت الأمونيا حلًا كونها مركّبًا كيميائيًا اتجهت إليه العديد من الدول، فبحسب تقرير صادر عن شركة وود ماكنزي للأبحاث، تقوم أكثر من 85% من مشروعات توريد الهيدروجين على مستوى العالم -التي يزيد عددها على 100 مشروع- بدمج الأمونيا والهيدروجين.
وبالمقارنة بينهما، نجد أن كثافة الطاقة للأمونيا تبلغ 12.7 ميغاجول/لتر، مقابل 8.5 ميغاجول/لتر للهيدروجين السائل، ما يعني أن استخدام الأمونيا لنقل الهيدروجين لمسافات طويلة يتطلب عددًا أقل بكثير من السفن لنقل السعة نفسها، عند المقارنة مع الهيدروجين.
وبعد وصول الأمونيا الزرقاء إلى وجهتها، إما أن تقوم الجهة المستقبلَة بتحويلها إلى هيدروجين أزرق، وإما استخدامها مباشرة وقودًا للتوربينات الغازية بهدف توليد طاقة كهربائية.
ووِفقًا لتقديرات شركة وود ماكنزي، تبلغ السوق الحالية للأمونيا 180 مليون طن سنويًا، كما تبلغ التجارة المنقولة بحرًا 20 مليون طن سنويًا.
أول شحنة من الأمونيا الزرقاء عالميًا
نجحت شركة أرامكو السعودية، في تصدير أول شحنة من الأمونيا الزرقاء في العالم إلى اليابان.
وفي 2020، انتهت شركة أرامكو -بالشراكة مع سابك ومعهد اقتصادات الطاقة في اليابان- من تنفيذ أحد أكثر مشروعاتها التجريبية، والمتمثل في شبكة إمداد تغطي سلسلة القيمة الهيدروكربونية بأكملها.
وتمتلك الشركة مصنعًا للهيدروجين في الجبيل، ومصنعًا تجريبيًا لاستعادة النفط المحسّن في العثمانية، في حين لديها مصنع في الجبيل لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون، ومرافق الأمونيا ومصنع الميثانول.
وفي أغسطس/آب 2020، استطاعت أرامكو تصدير نحو 40 طنًا من الأمونيا الزرقاء عالية الجودة إلى اليابان.
وجرى نقل الأمونيا الزرقاء إلى 3 مرافق في اليابان، إذ نجح الحرق المشترك للأمونيا بنسبة 20% مع الفحم، والنسبة نفسها مع الغاز الطبيعي بمحطات الكهرباء القائمة في طوكيو، نقلًا عن أرامكو.
وكانت شركة أرامكو قد أنشأت في عام 2019 أول محطة للتزوّد بوقود الهيدروجين في السعودية.
تحديات تراها أرامكو
على الرغم من الاهتمام العالمي بوقود الهيدروجين الأخضر، ترى أرامكو السعودية أنه ما تزال هناك العديد من التحديات أمام تجارة ذلك الوقود النظيف.
وتمثّلت أبرز هذه التحديات التي رصدتها السعودية في تطوير السبل اللازمة لتحويل نسبة أعلى من الطاقة الهيدروكربونية إلى هيدروجين، وكذلك تحدي إنشاء سلاسل إمداد وبُنَى تحتية لتوليد الكهرباء وللمركبات التي تعمل بوقود الهيدروجين.
وفي السياق نفسه، ترى شركة وود ماكنزي أن هناك تحديًا آخر أمام تجارة الهيدروجين، فعلى الرغم من أن الأمونيا تؤدّي دورًا مهمًا في نقل ذلك الوقود فإنَّ إنتاجها ونقلها يُعد مُكلفًا عند مقارنتها مع الغاز الطبيعي والمُسَال والبنزين.
وتُعد الأمونيا مادة سامة؛ فهي مركّب مكّون من ذرة نيتروجين واحدة و3 ذرات هيدروجين، ولذلك تستبعد شركة الأبحاث أن تحل الأمونيا محل الهيدروجين وقودًا في جميع القطاعات، وسط توقعات بظهور طرق أخرى لنقل الهيدروجين تجاريًا لمسافات طويلة على نطاق واسع.