البرنامج النووي السلمي.. ركيزة التنمية المستدامة في الإمارات

يوفر حلاً موثوقاً للحد من التغير المناخي
يعد البرنامج النووي السلمي الإماراتي برنامجاً استراتيجياً للبنية التحتية لقطاع الطاقة، ويحظى بأهمية كبيرة على المستويين المحلي والدولي على حد سواء، وتمثل محطات براكة واحدة من أهم ركائز التنمية المستدامة في الدولة، حيث تنتج كهرباء صديقة للبيئة على مدار الساعة، وتدعم تطوير قطاعات صناعية جديدة في الدولة، بحسب تقرير البرنامج النووي السلمي في الإمارات الصادر عن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية.
وتشكل محطات براكة للطاقة النووية السلمية حجر الأساس للبرنامج وبمجرد الوصول إلى طاقتها التشغيلية الكاملة، ستنتج محطات براكة 5600 ميجاواط من الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة على مدار الساعة، وستحد المحطات من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، أي ما يعادل إزالة 4.8 مليون سيارة من طرقات الدولة كلّ عام. فإن محطات براكة تنتج كميات كبيرة من الكهرباء الصديقة للبيئة وتوفر حلاً موثوقاً للحد من التغير المناخي.
كما توفر على مدار الساعة كهرباء الحمل الأساسي اللازمة لدعم المصادر المتقطعة، مثل الطاقة الشمسية مع هذه الكهرباء الصديقة للبيئة، ويمكن لدولة الإمارات أن تحقق المزيد من النمو من دون التأثير على البيئة، كما تمهد هذه الطاقة لتطوير مصادر أخرى للطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية، والإسهام في قصة نجاح الدولة في مسيرتها نحو اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية.


الأثر البيئي
وأوضح التقرير أن الطاقة الكهربائية التي تنتجها محطات براكة تدعم جهود دولة الإمارات لخفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة، إلى جانب توفير الطاقة الكهربائية لمختلف القطاعات. ومع إنتاج محطات براكة لطاقة كهربائية من دون انبعاثات كربونية على مدار الساعة، فإنها تقوم بدور أساسي في تحقيق أهداف مبادرة الدولة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 ودعم الوفاء بالتزامات الدولة الواردة في اتفاقية باريس الخاصة بالتغير المناخي.

الدور الاقتصادي
وأفاد التقرير بأن محطات براكة من أهم ركائز التنمية المستدامة، حيث توفر كهرباء صديقة للبيئة على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع، إلى جانب دعم قطاع صناعي وسلسلة إمداد محلية جديدين، بالإضافة إلى المساهمة بتطوير ثروة علمية وفكرية في الدولة وإلهام الأجيال الجديدة للانضمام للبرنامج النووي السلمي الإماراتي ليصبحوا الرواد والقادة المستقبليين لقطاع الطاقة.

مسار المشروع
واستعرض التقرير تاريخ البرنامج النووي الإماراتي، مشيراً إلى أنه في أبريل 2008، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة وثيقة «السياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة في تقييم إمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية في الدولة».
وتستند الوثيقة إلى أكثر المعايير دقة والتزاماً فيما يتعلق بالسلامة والشفافية والأمان، ما يجعل الدولة نموذجاً يُحتذى به على مستوى العالم في تطوير مشاريع الطاقة النووية.
وركزت وثيقة السياسة على 6 نقاط رئيسية شملت الشفافية التشغيلية التامة، الالتزام بأعلى معايير سياسة حظر الانتشار النووي، الالتزام بأعلى معايير السلامة والأمان، العمل عن كثب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والالتزام بمعاييرها، بناء شراكات قوية مع الدول المسؤولة وأبرز الخبراء في هذا المجال، ضمان الاستدامة طويلة الأمد.

الرقابة النووية
كما تضمن البرنامج النووي الإماراتي الهيئات الرقابية والتنظيمية، حيث تأسست الهيئة الاتحادية للرقابة النووية عام 2009 بموجب القانون الاتحادي الصادر عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، لتكون الجهة الرقابية المستقلة المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في دولة الإمارات العربية المتحدة، والإشراف على الأمان النووي والأمن والحماية والضمانات الإشعاعية، فضلاً عن إشرافها على تطبيق التزامات دولة الإمارات العربية المتحدة بموجب المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقطاع النووي.
وتتولى الهيئة مسؤولية تنظيم أعمال تصميم وإعداد وبناء وتشغيل وإيقاف تشغيل محطات الطاقة النووية في الدولة.
وتُعتبر الهيئة الاتحادية للرقابة النووية مؤسسة مستقلة عن كل من مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركة نواة للطاقة وكافة العاملين فيها شركات عالمية، كما حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ البداية على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن سياستها النووية، إذ لم يكن بالإمكان تحقيق عدد من إنجازات البرنامج، مثل تحميل الوقود، من دون أن تحظى الدولة بتأييد الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرابطة العالمية للمشغلين النوويين.

جاهزية للطوارئ
أشار التقرير إلى أن المحطات الحديثة من مفاعلات الطاقة النووية السلمية صممت لمواجهة أي تهديدات خارجية أو حوادث داخلية لتفادي تأثيرها على سلامتها وتشغيلها. وأجرت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مراجعات شاملة لتصاميم واستعدادات السلامة، وكشفت عن مستوى ريادي من الحصانة ضد جميع مخاطر الكوارث الطبيعية والكوارث الناتجة عن النشاط البشري، كما تم اتخاذ مجموعة من الخطط استعداداً لحالات الطوارئ لحماية العاملين في المحطة والسكان المحليين. وتم تطوير أنظمة الإخطار العام والاستجابة لحالات الطوارئ في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة.

تطوير الصناعة
أوضح التقرير أن البرنامج النووي السلمي الإماراتي يدعم تطوير قطاع صناعي يقدم منتجات وخدمات عالية الجودة، حيث منح البرنامج أكثر من 2000 شركة محلية حتى اللحظة، عقوداً تجاوزت قيمتها 4.8 مليار دولار (17.5 مليار درهم)، مشيراً إلى أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركات التابعة لها لديها أكثر من 3 آلاف موظف من نحو 50 جنسية مختلفة، منهم 60% منهم إماراتيون، وتشكل المرأة نسبة 20% من إجمالي العاملين.
وعند تشغيل محطة براكة بالكامل ستحد محطات براكة الأربع من نفس كمية الانبعاثات الكربونية التي يمكن أن تمتصها 370 مليون شجرة لمدة 10 سنوات، وهو ما يعني أن كل شخص في دولة الإمارات يتعين عليه أن يزرع 35 شجرة كل عام.

تشغيل وصيانة
تتولى شركة نواة للطاقة، التي تأسست عام 2016 مسؤولية تشغيل وصيانة المحطات الأولى والثانية والثالثة والرابعة من محطات براكة للطاقة النووية السلمية، ما يجعلها أحدث الشركات المشغلة لمحطات الطاقة النووية في العالم.
وتركز شركة نواة للطاقة جهودها في التشغيل الآمن والمستدام لمحطات براكة الأربع، وضمان وجود فريق مدرب ومؤهل ومعتمد من الخبراء النوويين لتولي هذه المهمة الكبيرة الخاصة بتشغيل المحطات لأكثر من 60 عاماً.

مشغلو المفاعلات
تمتلك «نواة» القدرات التقنية والمشغلين والمهندسين المؤهلين لتشغيل محطات براكة وإنتاج كهرباء صديقة للبيئة لدولة الإمارات لعقود قادمة. ورغم اجتيازهم سنوات من التدريب سيواصل المشغلون التدريب بانتظام خلال توليهم عملهم للحفاظ على مستواهم المعرفي والعملي. ويضم هذا الفريق حاليا 72 متخصصاً معتمداً من مديري تشغيل ومشغلي المفاعلات بينهم 30 إماراتياً.
المصدر، أبوظبي (وام) جريدة الاتحاد، 25 مارس 2022

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الانتقال الطاقي بالمغرب بين الواقع والمستقبل

شبكة بيئة ابوظبي، حميد رشيل، الخبير البيئي، عضو جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، …