ثروات ضخمة تُغري بالاستثمار في ظل فراغ تشريعي
شبكة بيئة ابوظبي، عبد العالي الطاهري، مدير البرنامج الوطني الإعلام الإيكولوجي، المملكة المغربية 25 ابريل 2022
الليثيوم هو عنصر كيميائي رمزه Li وعدده الذري 3. يقع الليثيوم في الجدول الدوري ضمن عناصر الدورة الثانية وفي المجموعة الأولى كأوّل الفلزّات القلويّة. الليثيوم النقي هو فلزّ ذو لون أبيض فضّي، وهو ليّن وخفيف، حيث أنّه الفلزّ الأقلّ كثافة بين العناصر الكيميائيّة الصلبة وذلك في الظروف القياسيّة من الضغط ودرجة الحرارة.
نتيجة النشاط الكيميائي الكبير لعنصر الليثيوم فهو لا يوجد في الطبيعة بصورته الحرّة، لذلك يحفظ عادةً ضمن وسط من زيت معدني. عند درجة حرارة الغرفة وفي وسط جاف تماماً يبقى الليثيوم لفترة طويلة نسبياً قبل أن يتحول إلى نتريد الليثيوم نتيجة تفاعله مع نيتروجين الهواء. وفي الوسط الرطب يتشكّل على سطح الليثيوم النقي طبقة رماديّة من هيدروكسيد الليثيوم. كغيره من الفلزّات القلويّة يتفاعل الليثيوم بعنف مع الماء. يوجد الليثيوم بآثار قليلة على شكل أملاح في المياه المعدنيّة وكذلك في جسم الإنسان، مع ضرورة الإشارة إلى أنّه لا ينتمي إلى فئة المغذّيات الضروريّة الأساسيّة، إذ لا توجد له أهميّة حيويّة. بالمقابل، فإنّ لبعض أملاح الليثيوم مثل الكربونات أثر طبي وتستخدم ضمن العلاج بالليثيوم لاضطرابات عصبيّة نفسيّة مثل الهوس والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب. لليثيوم العديد من التطبيقات التقنيّة المهمّة، أشهرها دخوله في صناعة بطاريات الليثيوم المختلفة التي تستعمل لمرة واحدة بالإضافة إلى بطارية ليثيوم-أيون القابلة للشحن.
تحتفظ بوليفيا، التي تبلغ مساحتها 10 آلاف كيلومتر مربع، بموارد ثمينة وكبيرة من الليثيوم، يقدّرها المسؤولون البوليفيون بنحو 100 مليون طن، ويتوقع بعض المحللين أن تكون أثمن من الذهب، في ظل إمكانية ازدهار الطلب على الليثيوم في السنوات المقبلة.
ويُستخدم الليثيوم على نطاق واسع حاليًا باعتباره معدنًا رئيسًا لتصنيع البطاريات القابلة لإعادة الشحن، وكذلك في الهواتف الخليوية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات الكهربائية.
في المقابل، تسبب نقص الرقائق في أزمة سلسلة التوريد العام الماضي في صناعة السيارات؛ لذا فإن النقص في الليثيوم يعني أن بطاريات السيارات الكهربائية ستشهد الأزمة التالية، وفقًا لمقال بعنوان “الليثيوم في أميركا اللاتينية.. فرصة أم خطأ أحمق؟” نشرته مجلة فوربس مؤخرًا.
خطط بايدن للتحول إلى الطاقة النظيفة
أشارت كاتبة المقال المتخصصة في تغطية شؤون الطاقة والتغير المناخي في الولايات المتحدة وبريطانيا والمكسيك، الدكتورة إميلي بيكريل، إلى أن بطء التقدم في تكنولوجيا البطاريات يثير التساؤل بشأن خطط الرئيس الأميركي جو بايدن للتحول إلى الوقود غير الأحفوري في قطاع النقل. وأوضحت أن أكثر من 9 ملايين سيارة كهربائية جديدة في طريقها للاستخدام في الولايات المتحدة بحلول عام 2030. وأضافت أن أكثر من 80% من المواد الخام اللازمة لبطاريات الليثيوم لتشغيل السيارات الكهربائية يأتي من الصين، التي تتحكم أيضًا في جميع مرافق المعالجة العالمية تقريبًا للمعادن الأساسية، بما في ذلك الليثيوم، الذي يُستخرَج معظمه في دول أميركا اللاتينية.
وتشكل بوليفيا وتشيلي والأرجنتين وبيرو والمكسيك معًا نحو ثلثي احتياطيات الليثيوم العالمية، ويتركز معظمها في تشيلي والأرجنتين وبوليفيا. ومن منظور الشحن؛ فإن عدم الاضطرار إلى عبور المحيط يمنح كل هذه البلدان ميزة على آسيا للحصول على الليثيوم، وفقًا لأستاذ لوجستيات سلسلة التوريد في جامعة هيوستن، ماركو بويسلر، الذي أشار إلى أن الفائدة الكبرى تتمثل في استفادة الولايات المتحدة من مصادر الليثيوم القريبة منها.
وأضاف بويسلر أن محاولة توفير الليثيوم من الصين تنطوي على مخاطر كبيرة، في حين أن العلاقات الثقافية التي تربط أميركا الجنوبية والمكسيك بالولايات المتحدة تسهّل التعامل معها، حتى مع دولة مثل بوليفيا، ويمكن أن تمثل اقتصاديات الليثيوم نعمة كبيرة للمنطقة.
إنتاج المعادن النادرة والليثيوم واحتياطيها
ذكر خبير الموارد المعدنية في موريتانيا، أحمد الطالب محمد، في مجموعة مقالات نشرتها “الطاقة”، أن التقديرات تشير إلى أن إجمالي احتياطيات المعادن الإستراتيجية النادرة في جميع أنحاء العالم يبلغ نحو 120 مليون طن.
وتوجد معظم الاحتياطيات في الصين، التي يُقدر احتياطيها بـ44 مليون طن من هذه المعادن، تليها فيتنام ثم البرازيل وروسيا والهند، في حين ينتج العالم أكثر من 200 ألف طن بقليل من هذه المعادن الإستراتيجية التي تنتج الصين معظمها.
ومن العناصر المهمة في مجموعة المعادن الإستراتيجية النادرة، يأتي الليثيوم الذي يُستخدم في العديد من الصناعات، وتُعَد بوليفيا والأرجنتين وتشيلي والولايات المتحدة وأستراليا في طليعة الدول المنتجة.
وبالنسبة للاحتياطيات، تمتلك تشيلي 43.7%، وأستراليا 22.3%، والأرجنتين 9.0%، والصين 7.1%، والولايات المتحدة 3.6% من إجمالي الإنتاج لسنة 2020، ويغطي مجموع احتياطيات الدول الـ5 الأولى نحو 800 عام من الطلب على الليثيوم وفق مستويات إنتاج عام 2020.
أسعار الليثيوم
قفزت أسعار الليثيوم من 10 دولارات للكيلوغرام الواحد في يناير/كانون الثاني 2021 إلى أكثر من 50 دولارًا، وجاءت الزيادات في الأسعار في وقت تضررت فيه معظم بلدان أميركا اللاتينية جراء الاضطراب في الاقتصاد العالمي وتداعيات وباء كورونا “كوفيد-19”.
وشهدت تشيلي مدة انكماش بنسبة 6% في اقتصادها في عام 2020، وكان أداء الأرجنتين متراجعًا نتيجة انكماش كبير بنسبة 10%، جاء في أعقاب ركود سابق.
أمريكا اللاتينية.. تأميم موارد التعدين
تشهد منطقة أميركا اللاتينية ككل الآن تجددًا في تأميم الموارد فيما يتعلق بالتعدين، وخصوصًا بالنسبة لليثيوم، التي تؤدي دورًا كبيرًا في السياسة الداخلية.
وقد سعى الرئيس البوليفي السابق، إيفو موراليس، للتوسط في اتفاقيات الليثيوم الدولية العام الماضي، لكن أزيح من منصبه في انقلاب، وسط مطالبة المحتجين بالمزيد من الملكية المحلية لحقوق تعدين الليثيوم والمزيد من العائدات.
ومنذ ذلك الحين اتّهم موراليس الولايات المتحدة بتنظيم الانقلاب بدافع رغبتها في الحصول على الليثيوم في بوليفيا، وشنّ الرئيس الجديد، لويس آرس، حملة على منصة لتطوير موارد الليثيوم للمصلحة العامة.
وفي تشيلي، قام الرئيس المنتخب حديثًا، غابرييل بوريك، بحملة لاتخاذ إجراءات طموحة بشأن تغير المناخ، واقترح تعيين شركة حكومية لاستغلال الليثيوم.
وفي حين تنتج الأرجنتين حاليًا 10% من الليثيوم في العالم، إلا أن هذه النسبة قد تنمو بشكل كبير، اعتمادًا على مقدار المخاطر التي ترغب الشركات في تحملها.
وتشهد الأرجنتين حركة ناشطة بيئية قوية تقاوم التوسع في الإنتاج، وتشعر بالقلق إزاء التأثير البيئي والاجتماعي على منطقة بونا؛ حيث توجد مسطحات الليثيوم الملحية، وفقًا لما نشرته مجلة فوربس مؤخرًا.
وقد تكون المكسيك واحدة من أقل المناطق جاذبية للحصول على الليثيوم، ويعود ذلك للتحديات التقنية والبيئة السياسية الحالية، كما أن التضاريس الجيولوجية الخاصة بمكامن بالليثيوم نفسها تزيد صعوبة الوصول إليه أكثر من المسطحات الملحية الموجودة في تشيلي والأرجنتين.
وخص الرئيس المكسيكي لوبيز أوبرادور على وجه التحديد الليثيوم لحظر مقترح على التعدين الخاص في إطار تغيير دستوري كبير قيد النظر الآن.
خلاصة القول إن مزيج النزعات القومية المتصاعدة القائمة على الموارد، والبنية التحتية غير الملائمة في العديد من هذه البلدان، قد يؤدي إلى صعوبة التحرك بسرعة في هذه المشروعات أكثر مما كان يُعتقد في السابق.
استثمار الليثيوم في أمريكا الجنوبية
تسعى شركات صغيرة مثل شركة إنرجي إكس، وهي شركة الطاقة الناشئة في ولاية تكساس الأميركية، التي تعمل على استكشاف إمكانية استيراد الليثيوم البوليفي، لاستكشاف الفرصة المحتملة لاستثمار الليثيوم.
وقالت المشرفة في مكتب البحوث الاقتصادية بجامعة تكساس، ميشيل ميتشوت فوس، إن وجود الليثيوم في مسطح ملحي يسهل الوصول إليه أكثر من الليثيوم المغطى بالصخور في المكسيك.
ولمّحت إلى أن الولايات المتحدة ليست الزبون الوحيد الذي يسعى للوصول إلى الليثيوم في أميركا الجنوبية.
علاوة على ذلك، تسيطر الصين حاليًا على أصول كبيرة من الليثيوم في أميركا الجنوبية، وحققت أعمالها ما يقرب من 4.5 مليار دولار في استثمارات الليثيوم على مدى السنوات الـ3 الماضية في أميركا الجنوبية والمكسيك.
وتدعم الحكومة الصينية هذه الاستثمارات؛ حيث تقدم بنوكها قروضًا منخفضة الفائدة لشركات التعدين والبناء الصينية العاملة في الخارج.
وتمتلك الحكومة الأميركية بعض الأدوات تحت تصرفها، مثل بنك التصدير والاستيراد الأميركي، التي يمكن استخدامها للمساعدة في توفير بعض التمويل اللازم للصفقات لاستثمارات الليثيوم.
وستواجه الشركات، التي تأمل في التحايل والالتفاف على اللوائح والمعايير البيئية الصارمة من خلال الاستعانة بمصادر خارجية من أميركا اللاتينية، معارضة السكان المحليين والحكومات التي تمانع مشروعات تعدين الليثيوم الدولية.
ويتوقع محللون ومراقبون أن تؤدي الضغوطات لإجبار قطاع السيارات الكهربائية على التركيز بشكل أكبر إلى توقف الطلب على الليثيوم نهائيًا.
ولا يُعَد الليثيوم المادة الوحيدة التي يمكن أن تدخل في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، ولكنه أرخص المواد حاليًا، ومن المتوقع أن يظل كذلك لبعض الوقت في المستقبل.
الليثيوم.. ثروات مدفونة تُغري بالاستثمار
أغرى ارتفاع الطلب على الليثيوم بسبب الاتجاه العالمي لكهربة قطاع النقل بلدانًا عديدة لاستثمار ثرواتها المدفونة منه، لكن تحديات عديدة تواجهها؛ من بينها تشريعات تتطلب التعديل.
ويسعى العالم إلى الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة؛ لخفض انبعاثات الكربون، والحد من الاحترار العالمي، وتغير المناخ، من خلال مجهودات عديدة؛ على رأسها كهربة قطاع النقل، والتحول إلى السيارات الكهربائية؛ ما يعني نموًا كبيرًا للطلب على الليثيوم.
المكسيك..
بداية مسار الاستثمار في الليثيوم
المكسيك من بين الدول التي بدأت بالاهتمام الفعلي -مؤخرًا- بالتنقيب عن الليثيوم، وقبل أيام قدم رئيس المكسيك، أندريه أندريس مانويل لوبيس أوبرادور، مشروع قانون إلى الكونغرس، يسمح لحكومته باستغلال ثروة الليثيوم المتوافرة في بلاده، حسبما ذكر موقع “إلبايز”.
وقرر الرئيس المكسيكي اتخاذ خطوات للسيطرة على الليثيوم، كونه ثروة قومية لا تقل أهمية عن النفط.
ويتضمن مشروع القانون إصلاحًا لعدد من التشريعات الأخرى، مثل قانون المناجم.
وقال أوبرادور، في حديثه اليومي، في 13 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن هذا الليثيوم هو ثروة المكسيك، وهو ما كان بمثابة أخبار سارة للعديد ممن رددوا ذلك، لدرجة وصف الليثيوم بـ”الذهب الأبيض” أو “نفط المستقبل”.
ووفق إحصاءات دولة تشيلي، وهي أكبر مُنتج حاليًا لليثيوم؛ فإن الطلب العالمي على هذا الخام سيرتفع بنسبة 80% بحلول عام 2030، والمكسيك لن تفوت هذه الفرصة.
وحفز حكومة المكسيك على هذه الخطوة اكتشاف شركة “باكانورا مينيرال” الإنجليزية-الكندية، أكبر كميات احتياطي من الليثيوم في العالم في ولاية سونورا شمال البلاد.
وتُقدر الشركة كميات الليثيوم المتوقع وجودها في المنطقة المُكتشفة بنحو 243 مليون طن.
وحصلت الشركة على عقد امتياز في المنطقة لمدة 50 عاما. ومن المنتظر أن يبدأ المشروع الإنتاج في 2023، بكميات تبلغ 17 ألف طن في العام الأول، ترتفع إلى 35 ألف طن في السنوات التالية، وتبلغ استثماراته ملياري دولار.
وقبل عدة سنوات، اشترت شركة “غانغفنغ” الصينية العملاقة، وهي من كبار منتجي بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، حصة الأغلبية فيها.
المعدن الممنوع على القطاع الخاص
أشار رئيس المكسيك إلى أنَّ مشروع القانون المُقدم إلى الكونغرس، سيحظر منح امتيازات جديدة للقطاع الخاص في مجال اكتشاف الليثيوم.
إلا أنه أكد أن التعاقدات الحالية مع الشركات من القطاع الخاص لن تخضع للتعديل القانوني، إذا أقره الكونغرس، “سنحترم التعاقدات القديمة” حسب قول الرئيس المكسيكي.
في المقابل يخشى بعض أعضاء الحكومة خطوة “تأميم” قطاع الليثيوم في المكسيك، والتي يمكن أن تحرم الدولة من خبرات القطاع الخاص، وهو السيناريو الذي حدث في دولة بوليفيا، التي لا تستطيع إنتاج الليثيوم رغم مرور 13 عامًا على بدء العمل.
كما يرى بعض المحللين أنَّ الإصلاح التشريعي المُقترح لاستغلال ثروة البلاد من الليثيوم، يُتعامل معه على أنه مجرد سلعة، وليست صناعة وطنية يمكن أن تُدمَج في سلاسل التوريد العالمية، وتستفيد من اتفاقيات المكسيك التجارية مع دول العالم، مثل اتفاقيتها مع أميركا وكندا، التي دخلت حيز التنفيذ مؤخرًا.
يُذكر أن المكسيك منحت نحو 36 امتيازًا لاكتشاف الليثيوم حتى الآن، ولم تبدأ العمل منها سوى 27 شركة، وهي جميعها تابعة لـ3 شركات أجنبية بما فيها الشركة الصينية.
قانون إيرلندي ضد التيار
إذا كان رئيس المكسيك بدأ السير خطوة باتجاه استغلال الليثيوم في بلاده، حتى وإن اختلف عليها أعضاء الحكومة والمحللون الاقتصاديون؛ فإنَّ قانون التعدين في إيرلندا قد يبطئ اكتشافات الليثيوم الضخمة.
فقد اكتُشفت كميات هائلة متوقعة من الليثيوم في مدينة “نيوري”، التابعة لمقاطعة “ماين” شمال إيرلندا، قد تصل إلى 11 مليون طن، حسبما ذكر موقع “بانغور دايلي”.
وقال زوجان، شاركا في إجراء بحث عن الليثيوم في المنطقة، ويمتلكان في الوقت ذاته الأرض المحتمل وجود الليثيوم فيها، هما ماري فريمان وزوجها غاري: إنَّ “قانون التعدين في مقاطعة ماين يعوق هذا النشاط، ومع ذلك سنعمل على الحصول على توضيحات من السلطات بهذا الشأن”.
وصُمِّم قانون التعدين في ماين؛ لحماية مصادر المقاطعة الطبيعية، والحفاظ على مياهها، لكن المقاطعة وسكانها يحتاجون إلى الليثيوم لتخزين طاقة الرياح والشمس، وصناعة السيارات الكهربائية.
مقاطعة ماين والتجربة السيئة مع التعدين
تجربة ماين مع نشاط التعدين كانت سيئة؛ إذ خلَّفت كثيرًا من التلوث، يفوق المزايا؛ ما دفع السلطات مع نشطاء البيئة وآخرين إلى سن هذا القانون وإصداره في 2017، وهو يُعد من أكثر قوانين التعدين شدة في إيرلندا.
ففي نهاية الستينيات من القرن الماضي، منحت السلطات شركة “كالاهان مايننيغ” ترخيصًا لممارسة نشاط التعدين في المنطقة، واستخرجت 800 طن من النحاس والزنك، لكنها تركت المنطقة عبارة عن بركة ملوثة.
ويحظر القانون نشاط التعدين في أو فوق أو تحت الأراضي العامة والبحيرات والأنهار البارزة والأراضي الرطبة الساحلية والأراضي الرطبة ذات المياه العذبة عالية القيمة.
كما لا يُسمح بالمناجم المفتوحة التي تزيد مساحتها على 3 أفدنة، أو تلك التي تتطلب معالجة مياه الصرف السامة إلى الأبد أو بشكل دائم أو البرك التي تخزن نفايات المناجم الرطبة.
ويتطلب استخراج الليثيوم العمل في مناجم مفتوحة؛ لأنَّ العمل تحت الأرض يتسم بارتفاع التكلفة.
علاوة على ذلك، يفرض القانون على الشركات، التي يُسمح لها بممارسة نشاط التعدين، تخصيص مبالغ لتنظيف أو معالجة أي تلوث بيئي لمدة 100 عام على الأقل بعد إغلاق المنجم، تجنبًا لتكرار سيناريو الستينيات.
يُذكر أنَّ شركة “والفدن ريسورز” الكندية هي الوحيدة التي حاولت الحصول على ترخيص لممارسة نشاط التعدين في ماين، بعد صدور القانون، إلا أنها سحبت الطلب، في وقت لاحق نهاية شهر مارس 2022، لتعديل بعض بنوده، بعد تلقيها أنباء عن عزم السلطات رفضه.
الأرجنتين تدخل بثقلها
تدخل الأرجنتين بثقلها في قطاع الليثيوم، وتتيح كل الفرص؛ إذ أنشأت شركة النفط الحكومية “واي بي إف”، شركة للعمل في قطاع الليثيوم، تُدعى “واي بي إف ليتيو”.
وقال رئيس الشركة الحكومية، بابلو غونزاليس: إنَّ “الشركة الجديدة ستعمل مع شركاء من القطاع الخاص وحكومات 3 مقاطعات، هي كاتاماركا وخوخوي وسالتا، لتطوير احتياطيات الأرجنتين من المعادن”، وِفق موقع “تويماركتريكس” المحلي.
ووقَّعت حكومات المقاطعات الـ3، في وقت سابق من شهر أبريل 2022 ، اتفاقية لإنشاء منطقة تعدين الليثيوم بهدف إعادة تأكيد الحقوق الإقليمية.
كما شُكِّلت لجنة إقليمية تضم مسؤولين من وزارة التعدين في كل مقاطعة مع ممثلين عن وزارات الداخلية والتنمية الإنتاجية والعلوم والتكنولوجيا على المستوى الوطني.
وأكد غونزاليس أن الشركة الجديدة ستعمل على التركيز على البحث والتطوير وخلق قيمة مضافة لسلسلة الإنتاج.
وكانت الشركة الحكومية، قد قدمت في يونيو/حزيران الماضي، إستراتيجية جديدة، تستهدف الاستثمار في تقنيات تصنيع البطاريات، وبناء مصنع جديد، مع توقعات بأن يبدأ العمل في النصف الثاني من عام 2022.
وقال رئيس الشركة إنه “لدينا توقعات هائلة فيما يتعلق بالإمكانات الاستثمارية لتطوير الليثيوم في الأرجنتين وخاصة في المقاطعات الـ3”.
سباق اكتشاف الليثيوم.. الصين تتوغل في الكونغو بمشروع جديد
تتسابق شركات تعدين الليثيوم الصينية لتأمين إمدادات المعادن اللازمة لصنع بطاريات السيارات الكهربائية مع توقُّع ارتفاع الطلب عليها خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار، أعلنت شركة زجين مينيغ الصينية، بداية شهر أبريل 2022، الإطلاق الرسمي لأولى مشروعاتها لاستكشاف الليثيوم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بخطوة لتحسين قدرتها التنافسية في القطاع الجديد، حسب وكالة رويترز.
وشكَّلت الشركة الصينية شراكة مع شركة تنمية المعادن الوطنية في جمهورية الكونغو “كومينيير”، وتمتلك 70% من المشروع.
حقوق التعدين
قالت الشركة في بيان، إنها حصلت على حقوق التعدين لموقعين تابعين لمنجم مانونو، الذي يُعَدّ أحد أكبر مناجم الليثيوم في العالم، في أغسطس/آب من العام 2021.
وأوضح البيان أنَّ المنجم يخضع لسيطرة شركة “إيه في زي مينرالز” الأسترالية، وتبلغ احتياطيات المنجم من أكسيد الليثيوم قرابة 8.78 مليون طن.
وقال ممثّلو الشركة الصينية في الكونغو، إن أعمال الاستكشاف الأولية ستبدأ قريبًا.
الليثيوم في الكونغو.. مستقبل واعد
رغم أن الكونغو لم تُنتِج الليثيوم بعد، لكن من المتوقع أن تصبح واحدة من أهم المورّدين العالميين لهذا المعدن.
وبفضل تزايد الطلب العالمي على الليثيوم، حشدت العديد من الشركات مواردها وخبراتها لتطوير هذا القطاع.
وكانت أستراليا والصين في الخطوط الأمامية للاستثمار في الكونغو من خلال تطوير مشروعات مشتركة مع شركة التعدين الكونغولية « كومينيير”.حيث تقوم شركة “إيه في زي مينرالز” الأسترالية وكومينيير بتطوير مشروع مانونو للليثيوم والقصدير، إذ يحتوي على 44.6 مليون طن من الاحتياطيات المؤكدة، و48.5 مليون طن من الاحتياطيات المحتملة.
ومن المتوقع أن يُنتِج المنجم أقلّ قدرًا من الانبعاثات الكربونية في العالم مقارنة بمشروعات الليثيوم الأخرى؛ نظرًا لاعتماده على الكهرباء من محطة الطاقة الكهرومائية مبيانا موانجا.
التوغل الصيني
منذ قرابة 15 عامًا، دخلت الشركات الصينية مجال التعدين، وبدأت بشراء شركات أمريكية وأوروبية للسيطرة على مناجم في الكونغو.
وسيطرت شركات التعدين الصينية على معدن الكوبالت الأكثر قيمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسيطرت شركة “تشاينا موليبدينوم” على أكبر منجم للكوبالت في العالم. في الوقت نفسه، وقّعت شركة “إيه في زي مينرالز” الأسترالية العديد من اتفاقيات شراء المعادن مع شركات صينية.
ففي أواخر دجنبر/كانون الأول 2020، وقّعت اتفاقية شراء مع شركة “جي إف إل إنترناشيونال” -التابعة لشركة غانفنغ ليثيوم، وفي مارس/آذار من سنة 2021 مع شركة شنتشن تشنغشين ليثيوم، وشركة “آيبين تياني ليثيوم”.
على صعيد آخر، أطلقت شركة زجين مينيغ الصينية مشروعين للنحاس، وهما منجما كاموا-كاكولا وإفانهو مينز في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في خطوة للحدّ من الاعتماد على مصاهر الطرف الثالث، وهي مصاهر تابعة لجهات خارجية لمعالجة الخام.
يأتي ذلك في وقت دعت فيه وكالة الطاقة الدولية الحكومات بالبدء في تخزين معادن البطاريات، مشيرةً إلى أن الطلب على الليثيوم سيزيد 40 ضعفًا خلال الأعوام الـ20 المقبلة.