“بيئة أبوظبي” تنصح بالأكياس متعددة الاستخدام تجنباً لرسوم قد تفرضها منافذ البيع
نظام استرداد لـ 8000 طن من القناني البلاستيكية خلال 5 سنوات
لا رسوم تفرضها الحكومة على الأكياس متعددة الاستخدامات
دليل لمساعدة الجهات الحكومية للتحول الى حكومة خالية من المواد المستخدمة لمرة واحدة
إقبال على شراء الكياس القابلة لإعادة الاستخدام وسعرها 2.5 درهم
شيخة الظاهري: منع استخدام المستوعبات المصنوعة من الستايزروفورم في 2024
فارس الهواري: القطاع الخاص مسؤول عن توفير البدائل
شيحة المزروعي: لا نستهدف المنتجات البلاستيكية المستخدمة في القطاع الطبي
رياض الدباغ: مخاطر النفايات البلاستيكية على البيئة وصحة الانسان تتجاوز فوائجها
اعتباراً من أول يونيو المقبل، يبدأ حظر الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، ليتم الاعتماد فقط على الأكياس متعددة الاستخدامات من دون أي رسوم حكومية حالياً، ولكن الأمر متروك لمنافذ البيع في شأن فرض أي رسوم عليها.
وبدأ عدد كبير من المستهلكين بالإقبال على شراء الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام، والتي لا يتجاوز سعرها 2.5 درهم، متوقعين أن تفرض منافذ البيع رسوماً على الأكياس ذات الاستخدام الواحد القابلة للتحلل، ورغبة منهم في أن يكونوا مساهمين في حماية البيئة.
ولتشجيع الجمهور على استخدام الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام، بدأ العديد من منافذ البيع بتوفيرها بأسعار رمزية، كما خصصت «كاونترات» لحملة هذا النوع من الأكياس، تحفيزاً للمتسوقين ليكونوا أصدقاء للبيئة واقتناء الأكياس الصديقة للبيئة.
ودعت هيئة البيئة – أبوظبي الجمهور إلى المبادرة باستخدام الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام والإتيان بها من المنزل أو السيارة، تجنباً لدفع أي ثمن لهذا النوع من الأكياس في حال تم بيعها من قبل منفذ البيع.
حكومة خالية
وأوضحت الدكتورة شيخة الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، أنه سيتم في المرحلة الأولى بدءاً من 1 يونيو المقبل حظر الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة في إمارة أبوظبي، وتوفير القطاع الخاص لبدائل لها متعددة الاستخدام.
وأشارت الظاهري إلى أنه ضمن السياسة سيتم تحويل حكومة أبوظبي لحكومة خالية من المواد المستخدمة لمرة واحدة. ولمساعدة الجهات الحكومية على التحول ستوفر «الهيئة» دليلاً لكيفية القيام بذلك، كما ستعمل «الهيئة» مع القطاع الخاص من أجل تعزيز مبادرات جمع القناني البلاستيكية وإعادة تدويرها من خلال نظام استرداد مبني على المحفزات، يشمل منافذ البيع بالتجزئة والمواقع المزدحمة وجمع القناني من المنازل مباشرة. وكشفت الظاهري عن أنه على المدى القريب، سيتم منع استخدام المستوعبات المصنوعة من مادة الستايروفورم في أواسط عام 2024.
الاقتصاد الدائري
وأكدت شيخة المزروعي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التخطيط والسياسات البيئية المتكاملة في هيئة البيئة – أبوظبي، أن خفض استهلاك المواد البلاستيكية يشكل هدفاً رئيساً لسياسة منع استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وأدواتها، وذلك لخفض الآثار البيئية التي تتسبب بها هذه المخلفات، حيث إن الأرقام تشير إلى أن الإمارات تستهلك سنوياً 11 مليار كيس بلاستيكي لكل فرد سنوياً، بينما المتوسط العالمي للفرد هو307 أكياس.
وقالت: إنه «وفق المسار الحالي، ومن دون أي إجراءات مماثلة لما تقوم به (الهيئة)، فمن المتوقع بحلول 2050 أن يكون هناك طن واحد من البلاستيك مقابل كل ثلاثة أطنان من الأسماك»، لافتة إلى أن «الهيئة» تسعى وبالتعاون مع دائرة التنمية الاقتصادية إلى تعزيز مفاهيم الاقتصاد الدائري، من خلال استرداد المواد وإعادة تدويرها.
القناني البلاستيكية
وفيما يخص القناني البلاستيكية، أوضحت شيخة المزروعي، أن «الهيئة» تعمل مع القطاع الخاص على تطوير نظام استرداد مبني على المحفزات، يساهم في جمع واسترداد نحو 8000 طن من القناني البلاستيكية خلال السنوات الخمس المقبلة وتوفيرها لقطاع إعادة التدوير في الإمارة، مما يساهم في تعزيز هذا القطاع الحيوي بشكل موازٍ لخفض وجود هذه المنتجات في البيئة.
وأكدت أن الأدوات والمنتجات البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة عديدة، ولها استخدامات متعددة وفي قطاعات مختلفة، ومنها مثلاً القطاع الطبي واستخدامها حيوي في العديد من المجالات، ولا تستهدف «الهيئة» هذه المواد على الإطلاق.
بدائل
وأشارت شيخة المزروعي إلى أن «الهيئة» حددت عدداً من المنتجات التي تشكل النسبة الأكبر من النفايات المتسربة إلى الشواطئ، وصنفت هذه المنتجات إلى منتجات ذات بدائل وأخرى من دون بدائل، وتم التركيز في الإجراءات على كل صنف وفق أولويات محددة، وعليه تم تحديد خيار الحظر فقط على الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، مع مجموعة واسعة من الاستثناءات، كون أنها لا بديل عنها حالياً، ومنها: الأكياس المخصصة للأدوية في الصيدليات ولفائف أكياس الخضراوات واللحوم والأسماك والدجاج والحبوب والخبز «أكياس الربط بالعقدة»، وأكياس التسوق الكبيرة المصممة للأزياء أو الأدوات الإلكترونية والألعاب، وأكياس النفايات بقياساتها وأنواعها المختلفة، جميعها مستثناة من الحظر.
وأكدت المزروعي أن «الهيئة» خلال الفترة المقبلة ستكثف حملات التوعية مستهدفة مختلف شرائح المجتمع، كما ستستمر وبشكل مكثف بالعمل مع منافذ البيع وسلسلة الإمداد وصولاً إلى مصانع البلاستيك للتأكد من وجود البدائل بحلول الأول من يونيو.
خيارات مستدامة
يرى الدكتور فارس الهواري عميد كلية العلوم الطبيعية والصحية في جامعة زايد، أن حظر استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في أبوظبي الشهر المقبل سيمنع أطناناً من هذه المواد من دخول مجرى النفايات كل عام، وتقليل التلوث بالإضافة إلى تقليل الطلب على إنتاج البلاستيك الذي يساهم في التغير المناخي.
كما أن الحظر سيدفع الشركات إلى الابتكار في تصاميمها وتوفير المواد المستدامة، بما يدفع باتجاه تغيير طريقة تفكير المستهلك، والتوجه نحو الخيارات المستدامة.
وأشار الهواري إلى تجارب عالمية بادرت في حظر استخدام المواد البلاستيكية واحدة، ومنها: عندما تم إقراره في كاليفورنيا عام 2014، حيث قلل الحظر من استخدام الأكياس البلاستيكية بنسبة 85% رغم اختيار بعض العملاء دفع 10 سنتات رسوم الأكياس البلاستيكية السميكة، بما ساهم بخفض التلوث الساحلي في الولاية.
ولفت الهواري إلى أن الحد من استخدام المواد البلاستيكية يكون بتغيير سلوكيات المستهلكين وتوعيتهم من خلال شراء أكياس وزجاجات مياه قابلة لإعادة الاستخدام، وفرض الغرامات على مصنعي ومستخدمي هذه الأدوات، بالإضافة إلى توفير لوائح لتحفيز المستهلكين والشركات للتوقف عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وغرامات لمستهلكيه ومصنعيه.
وأشار إلى أنه توجد حالياً خيارات عدة في الأسواق، مثل لفائف شمع العسل للتغليف، والمياه المعبأة في زجاجات ماء قابلة لإعادة الاستخدام، وأكواب السفر، والأكياس القابلة لإعادة الاستخدام، والأقمشة المصنوعة من الألياف الطبيعية، كأكياس الجوت والأكياس القابلة للتحلل، إضافة إلى أكياس القماش.
وأشار إلى أن استخدام البلاستيك المعاد تدويره يفيد في أنه يدخل في صناعة منتجات بلاستيكية جديدة بما يحافظ على الموارد الطبيعية، كما أنه يقلل من استخدام الطاقة بنسبة 66%، فمقابل كل طن واحد من البلاستيك نقوم بإعادة تدويره، نوفر ما يعادل 1000 – 2000 جالون من الوقود.
مسؤولية والتزام
ويعتقد الهواري أن القطاع الصناعي عليه مسؤولية التقليل من استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وتقديم بدائل، والالتزام بالتشريعات للحد من إنتاج المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والمشاركة في توعية المجتمع ودعم المنظمات التي تعالج التلوث البلاستيكي، إضافة إلى ذلك، على القطاع الصناعي الالتزام بالمسؤولية عن النفايات الناتجة، وهناك عدد من المبادرات العالمية لتقديم تشريعات مسؤولية المنتج الممتدة التي تجعل منتجي وموزعي البلاستيك المسؤولين عن منتجاتهم وتعبئتها في نهاية العمر الافتراضي.
أضرار صحية
وعن تأثيرات النفايات البلاستيكية على البيئة، أكد الخبير البيئي الدكتور رياض الدباغ أنها تتسبب بالعديد من الأضرار الصحية والاقتصادية، وتم اكتشاف العديد من العواقب السلبية للمنتجات البلاستيكية التي تهدد صحة الإنسان، وخاصة المواد المستعملة في صناعة أوعية الأطعمة، فعند تعرضها لدرجة حرارة عالية، مثل تسخينها في الميكرويف، يمكن أن تتسرب هذه المواد الكيميائية إلى الطعام وتنقله إلى الإنسان، كما أن هناك العديد من أضرار المواد الكيميائية التي تدخل في تصنيع العبوات والأكياس البلاستيكية على صحة الإنسان، ومنها: خطر الإصابة ببعض السرطانات، زيادة نسبة تخزين الدهون في الجسم، زيادة مقاومة الأنسولين، وهو أمر يرتبط بمرضى السكري.
وقال: نطمح لأن نصل إلى مرحلة تصبح فيها بيئة دولة الإمارات خضراء وصحية بيئياً، من خلال تقليل استهلاك البلاستيك واستخدام البدائل كالورق أو الزجاج أو الكرتون، بعد أن أدركنا طبيعة النفايات البلاستيكية وأثرها على البيئة، مشيداً بسياسة حظر استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد التي سيبدأ تنفيذها الشهر المقبل، وتُعد بداية الطريق للحد من النفايات البلاستيكية.
ولفت إلى تجارب بعض الدول ومنها السويد التي تعتبر الدولة الأولى في العالم الخالية تماماً من النفايات، من خلال عمليات إعادة التدوير لكافة المخلفات وعلى رأسها المخلفات البلاستيكية.
ثقة عالية
وأشارت شيخة المزروعي إلى أنه عند إعداد السياسة أجرت «الهيئة» استطلاعاً لرأي الجمهور، حيث أبدى معظم المستطلعين الرغبة في استحداث إجراءات مشددة لخفض استهلاك المواد المستهدفة، كالحظر أو فرض رسوم مرتفعة على استهلاك هذه المواد. وبالطبع، قامت «الهيئة» باستخلاص نتائج الاستطلاع، إضافة إلى إجراء استشارات مكثفة مع القطاعين الحكومي والخاص وإجراء تحليلات اقتصادية واجتماعية عند تصميم وإعداد السياسة والتشريعات التابعة لها.
وأفادت بأن «الهيئة» وضعت هذه الإجراءات بعد الأخذ بمختلف الاعتبارات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، ول«الهيئة» ثقة عالية برقي المجتمع وتجاوب مختلف شرائحه مع الإجراءات الجديدة والتي أظهرت التجارب أنها إجراءات فعالة لمعالجة تحدي الاستهلاك المفرط للمواد المستخدمة لمرة واحدة طبعاً، قد يكون هناك بعض التحديات في التطبيق وهذا أمر طبيعي، ولكن «الهيئة» تسعى إلى المضي قدماً بالتعاون مع منافذ البيع والقطاع الخاص وبدعم من الجهات الحكومية الأخرى لكي تصل إلى خفض استهلاك هذه المواد والحد من تسربها إلى البيئة، لا سيما أن مستويات استهلاك الأكياس البلاستيكية مرتفعة جداً تصل إلى أكثر من 1182 كيساً على مستوى الفرد في العام.
مخاطر
قال الخبير البيئي الدكتور رياض الدباغ، رئيس أكاديمية مانشستر العملية في دبي، إن كافة الأنظمة البيئية سواء كانت التربة، أو المياه، أو الهواء تواجه أضراراً وخسائر كثيرة بسبب تأثير النفايات البلاستيكية على البيئة، فهذا النوع من النفايات لا يتحلل إلّا بعد مرور آلاف السنين، مما يسبب أضراراً كارثية على البيئة والغلاف الجوي وصحة البشر والحيوانات والنباتات.
ولفت إلى أن مشكلة النفايات البلاستيكية لا تتحلل على الفور وتحتاج إلى آلاف السنين، ما يؤدي إلى تراكمها في التربة، ويفقدها خصوبتها على المدى البعيد، بالإضافة إلى وجود العبوات البلاستيكية وغيرها من المخلفات التي تؤثر على نمو الأعشاب والنباتات بشكل طبيعي، فهي تعمل على حجب ضوء الشمس عن التربة، مما يفسدها ويقلل من وجود الحشرات الحية فيها، وبالتالي يحدث خلل في التكوين البيولوجي للتربة، فتصبح التربة غير صالحة.
البيئة البحرية
وأشار الدكتور الدباغ إلى المخاطر التي تسببها النفايات البلاستيكية على البيئة البحرية، التي تنتج عن تجمع الأكياس البلاستيكية وأوعية الأطعمة والعبوات الفارغة والقناني البلاستيكية في قاعها، ومع تراكم هذه النفايات، تموت أعداد كبيرة من الكائنات البحرية والأسماك نتيجة وقوعها في فخ المخلفات البلاستيكية وصعوبة الخلاص منها، مما يؤدي بها إلى الموت، ومع مرور الزمن، تنقسم المخلفات إلى عدة أجزاء صغيرة مخلفة أضراراً أكبر تتمثل بابتلاع الأسماك لها، مما يلوث أنسجتها ويؤدي إلى موتها.
وبين أن أكثر الحيوانات البحرية المتضررة من المخلفات البلاستيكية هي السلاحف والحيتان والفقمة، حيث تتناول مع طعامها الأكياس والعبوات الفارغة، وهذا يعمل على انسداد قنواتها الهضمية، مما يؤدي إلى موتها.
كما تؤثر النفايات البلاستيكية سلباً على الشعاب المرجانية، لا سيما أن التفاف أكياس البلاستيك حول الشعاب المرجانية قد يحرمها من ضوء الشمس ومن التيارات المائية المتجددة التي تحمل لها الطعام والأكسجين، الأمر الذي يؤدي إلى تدهورها.
المصدر: جريدة الاتحاد، هالة الخياط (أبوظبي) 23 مايو 2022 03:00