شبكة بيئة ابوظبي، المهندس محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، المملكة المغربية، 14 يونيو 2022
حسب تقرير صدر حديثا حول مؤشر الأداء البيئي المنجز من طرف جامعتي بيل وكولومبيا الأميركيتين بتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن المغرب يحتل الرتبة 160 من بين 180 دولة شملتها الدراسة، وبالتالي فبعدما كان المغرب يتصدر جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2018، أصبح اليوم يتذيل اللائحة العربية وراء كل من الإمارات العربية المتحدة ودجيبوتي، والأردن، وجزر القمر، والكويت و……
ويستند هذا التقرير الذي يتم إعداده كل سنتين إلى 22 مؤشرا منها الحصول على مياه الشرب، والصرف الصحي، وتلوث الهواء الداخلي، وحماية المناطق المتوحشة واستغلال الغابات، والنجاعة الطاقية، واستعمال الطاقات المتجددة، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتصنف هذه المؤشرات إلى فئتين، الأولى هي الحالة العامة للبيئة التي تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات البيئية على صحة الإنسان، والفئة الثانية هي حيوية النظام الإيكولوجي الذي يأخذ بعين الاعتبار كيفية استغلال الموارد الطبيعية، إن الترتيب الذي منحته هاتان الجامعتان للمغرب كبلد رائد من حيث الحفاظ على البيئة، ليس وليد الصدفة، بل جاء نتيجة للجهود الكبيرة التي بذلتها بلادنا خلال العقود الأخيرة، والتي توجت بوضع وتنفيذ سياسة إرادية بهدف الحفاظ على البيئة وإرساء أسس التنمية المستدامة، وهكذا فبعد صدور القانون الإطار بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، تم إعداد الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي حددت التوجهات الكبرى التي يجب على كل السياسات والبرامج القطاعية أخذها بعين الاعتبار لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة، وتتبلور هذه الرغبة كذلك من خلال تعزيز الإطار التشريعي والتنظيمي الهادف الى حماية البيئة، ووضع وتنزيل عدة برامج للتأهيل البيئي بهدف تدارك التأخر الحاصل في مجال التحكم في تدبير البيئة،نخص بالذكر منها البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة، البرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية والمماثلة، البرنامج الوطني لتثمين النفايات، برنامج مكافحة التلوث الصناعي وبرنامج مكافحة تلوث الهواء، ومن جهة أخرى، تم تطوير آليات اقتصادية ومالية لإيجاد تمويل إضافي ضروري لإنجاز المشاريع العمومية والخاصة لحماية البيئة ولتغطية تكلفة مشاريع معالجة والتخلص من التلوث، من ضمنها الصندوق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وصندوق مكافحة التلوث الصناعي، والآلية التطوعية لمكافحة التلوث الصناعي المائي. كما تمت تقوية أجهزة الوقاية واليقظة البيئية من خلال دعم آليات التتبع والتقييم، كالمختبر الوطني للبيئة، والمرصد الوطني والمراصد الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة، وإحداث وتفعيل اللجنة الوطنية واللجان الجهوية لدراسات التأثير على البيئة، وكذا من خلال دمج البعد البيئي في المشاريع التنموية كما تم كذلك تدعيم الشراكة والتعاون كمكون أساسي للسياسة البيئية، والتي تهدف إلى تعبئة مختلف الشركاء وتقوية التوعية والتحسيس من أجل مشاركة فعلية للمواطنين في جهود حماية البيئة.
إذن اليوم بالرغم من تحسن إجراءات حماية المناخ في المغرب على عكس العديد من بلدان العالم التي أخفقت في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الاحترار بحدود 1.5 درجة مئوية، فقد تابعت منظمات المجتمع المدني البيئي بالمغرب نتائج تقرير الأداء البيئي والتي تم إصدارها بناء على معطيات العام السابق 2021 حيث كان ترتيب المغرب بيئيا على الصعيد العالمي والإقليمي والعربي كالتالي: احتلاله المركز 160 عالميا مقارنة مع 180 دولة مدرجة في التقرير، بمعدل جد ضعيف لا يتجاوز 28.4 من أصل مائة، مما يعني أن المملكة المغربية رغم كل المجهودات المبذولة لم تقترب بعد من تحقيق أهداف السياسات البيئية، وجاء المغرب في المركز السادس عشر على مستوى الدول العربية والشرق الأوسط، هذه المراكز التي احتلها المغرب تتطلب من وزراة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة البحث العميق فيما ورد بالتقرير من مؤشرات من أجل البناء عليها في مراحل العمل والانجاز في عام 2022 والأعوام القادمة للاستمرار برفع سوية العمل البيئي في المغرب، بينما سيكون من الواجب أن تقوم أيضا بالتواصل مع الجهات المطورة للتقرير للتأكد من شمولية المعلومات لديهم في ما يختص بالمغرب وتزويدهم بما ينقص، أو التصويب إن لزم، وقد صدر مؤخرا تقرير على هامش القمة العالمية للحكومات 2022 في دبي صنف فيه المغرب الخامس على صعيد المنطقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بينما يبقى الشيء الأكيد أن القطاع الوصي يولي العناية لكافة التقارير الاحصائية والمؤشرات البيئية للعمل على تحسين البيئة في وطننا للأفضل وهو الأمر الذي يحتاج لتكافل وتعاون جميع الجهات والقطاعات المعنية وكافة المواطنين لأجل الارتقاء بالوضع البيئي بالمغرب، ولقد صنف مؤشر الأداء البيئي الذي صدر حديثا من طرف جامعتي بيل وكولومبيا الأميركيتين بتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، المغرب في الرتبة 160، من بين 180 دولة شملتها الدراسة، ويعتمد المؤشر في تصنيفه للبلدان على 40 مؤشرا فرعيا يهم أساسا، أداء تغير المناخ، والصحة البيئية ، وحيوية النظام الإيكولوجي. ويمنح التقرير، الدول تقييما بالدرجات من 0 إلى 100 حول أدائها في كل مؤشر، ويتم إعداد هذا التقرير كل سنتين وينشر بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للبيئة يوم 5 يونيو من كل سنة، وكانت المملكة قد حلت في المرتبة 100 في تصنيف سنة 2020، وأوضح التقرير أن المغرب حل في المرتبة 123 عالميا في الصحة والبيئة، والمرتبة 164 في حيوية النظام الإيكولوجي، و 135 في أداء تغير المناخ، بينما على الصعيد العربي جاء المغرب في المرتبة 16، خلف كل من دولة الإمارات العربية المتحدة التي حلت في المركز الأول و39 عالميا، والدجيبوتي التي جاءت ثانية على الصعيد العربي و60 عالميا، ثم الأردن التي جاءت ثالثة عربية و81 عالميا وجزر القمر رابعة عربيا و85 عالميا، والكويت خامسة و87 عالميا والبحرين سادسة عربيا و90 عالميا، وبخصوص قائمة الدول التي حصلت على المراتب العشرة الأولى عالميا فقد جاءت الدنمارك في المركز الأول تليها المملكة المتحدة، ثم فنلندا، ومالطا، والسويد، ولوكسمبرج، وسلوفانيا، والنمسا، وسويسرا فإيسلندا مقارنة مع مؤشر الأداء المناخي لعام 2021 احتل المغرب المرتبة الرابعة من حيث الأداء المناخي بعد كل من السويد والمملكة المتحدة والدنمارك حيث يتبين أن الدول الثلاث الأولى عالميا في الأداء المناخي تبقى من بين الدول الكبار في الاداء البيئي بينما تأخر المغرب الى مراتب جد متأخرة
المغرب ملتزم بمواجهة تحديات الأخطار الطبيعية ومخاطر الكوارث
الأخطار الطبيعية هي ظواهر الطقس والمناخ الشديدة والمتطرفة وبالرغم من كونها تحدث في جميع النقط الساخنة بالكوكب الأزرق، فإن بعض المناطق في العالم تصبح أكثر تعرضا لأخطار معينة دون غيرها من المناطق، وتتحول الأخطار الطبيعية الى درجة الكوارث الطبيعية عندما تدمر هذه الأحداث الخطيرة حياة الناس وسبل عيشهم، وتمثل الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن هذه الخسائر عقبة رئيسية في طريق التنمية المستدامة، بينما وبإصدار تنبؤات وإنذارات دقيقة في شكل يسهل فهمه، وبتوعية الناس بكيفية التأهب لهذه الأخطار، قبل أن تصبح كوارث، يمكننا حماية الأرواح والممتلكات، وينصب التركيز على الحد من مخاطر الكوارث: فمن الممكن أن يحول استثمار دولار واحد في التأهب للكوارث دون حدوث ما قيمته سبع دولارات من الخسائر الاقتصادية المتعلقة بالكوارث وهو ما يمثل عائدا كبيرا للاستثمار، وقد تعهدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في إطار تنزيل البرنامج الإطار للحد من الكوارث للفترة 2015-2030 بمنع مخاطر الكوارث الجديدة والحد من مخاطر الكوارث القائمة عن طريق تنفيذ التدابير المتكاملة والشاملة للاستجابة والتعافي ومن ثم تعزيز القدرة على الصمود في وجهها والتكيف مع تغير المناخ، في المغرب يؤكد خبراء المناخ أنه أصبح ضمن الدول الافريقية الاكثر تهديدا بالكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية مما يستدعي اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوضع في المستقبل القريب، وفي هذا الإطار كان تدخل المغرب استباقيا في ترقب هذه الوضعية حيث قام المغرب على مدى العقد الماضي، بتحسين إطاره المؤسساتي والسياسي والاستثماري لتدبير مخاطر الكوارث بشكل أفضل، ومن أجل تحسين المرونة المالية تم إحداث صندوق للتضامن يهدف إلى التخفيف من التأثير المالي للكوارث الطبيعية على الأسر والمقاولات ووضع مجموعة من الآليات لتقليص ضعفها المالي أمام المخاطر، حيث ساهم البرنامج الأولي في تعزيز مرونة المغرب في مواجهة الكوارث الطبيعية، كما مكن بالأساس من تحويل صندوق مواجهة الطوارئ في حالة الكوارث إلى صندوق وطني للمرونة يمول حاليا بشكل مشترك أكثر من 150 استثمارا استراتيجيا يهدف إلى الحد من المخاطر المناخية، بدءا من البنية التحتية للحماية من الفيضانات وأنظمة المياه والإنذار المبكر، مرورا برسم خرائط المخاطر وتعزيز القدرات، كما دعم البرنامج الأولي الاستراتيجية الوطنية لتدبير مخاطر الكوارث كخطوة أخرى إلى الأمام ضمن مسلسل تعزيز الإطار المؤسساتي المغربي الذي يؤطر تدبير مخاطر الكوارث.
وفي هذا الإطار قدم البنك الدولي مؤخرا قرضا ماليا بمبلغ 200 مليون دولار أمريكي لتمويل الخطة المتكاملة لمواجهة مخاطر الكوارث الطبيعية، بينما وافق البنك الدولي على تمويل إضافي بقيمة 100 مليون دولار لمساعدة المغرب على مواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية بشكل أفضل من خلال تحسين قدرات المؤسسات المغربية في مجال تدبير مخاطر الكوارث والاستثمار في الحد من المخاطر، البنك الدولي بدوره أكد على أن المغرب أصبح أكثر من أي وقت من قبل مهددا بكوارث طبيعية سببها الرئيسي تغير المناخ مما يستدعي اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوضع في المستقبل، وحدد برنامج التدبير المندمج للمخاطر، الذي أطلقه المغرب سنة 2009 بدعم من البنك الدولي، لائحة لأهم المخاطر التي يواجهها المغرب، وتم تحديد خمسة مخاطر ذات الأولوية: الفيضانات، والزلازل، والتسونامي، والجفاف، والانهيارات الأرضية، وإدراكا من المغرب بأن الكوارث يمكن أن يكون لها آثار إنسانية واقتصادية حادة، فقد زاد المغرب من استثماراته بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة من أجل التوصل إلى فهم أو تقدير أفضل للتعرض لمخاطر طبيعية بهدف إجراء تقييم أفضل وبالتالي إدارة أفضل لذلك، وفى إطار شراكة طويلة الأمد مع البنك الدولي بشأن إدارة متكاملة للمخاطر، وضع المغرب نمذجة حديثة للغاية لمواجهة خطر الكوارث التي تتعرض لها البلاد وتعتمد على نظم المعلومات الجعرافية، تعرف بتقييم مخاطر الكوارث الطبيعية المحتملة في المغرب.
وتحدث الأخطار الطبيعية على نطاقات زمنية ومكانية مختلفة ويكون كل منها فريداً بشكل ما، فالأعاصير القمعية والفيضانات الخاطفة هي ظواهر عنيفة تدوم مدة قصيرة وتؤثر على منطقة صغيرة نسبيا، بينما ثمة ظواهر أخرى، من قبيل حالات الجفاف، تتطور ببطء، ولكنها يمكن أن تؤثر على قارة وبلدان بأكملها لمدة أشهر أو حتى سنوات، ومن الممكن أن تنطوي ظاهرة جوية متطرفة على أخطار متعددة في نفس الوقت أو في تعاقب سريع، وإضافة إلى الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة، يمكن أن ينتج عن عاصفة مدارية فيضان وانهيارات وحلية، وعلى الارتفاعات المعتدلة، قد تكون العواصف الرعدية مصحوبة بمزيج من أحجار البرد الكبيرة والضارة، والأعاصير القمعية والرياح الشديدة، أو الأمطار الغزيرة التي تنتج عنها فيضانات خاطفة، ومن الممكن أيضا أن تسهم العواصف الشتوية المصحوبة برياح شديدة وسقوط ثلوج بغزارة أو أمطار متجمدة في حدوث انهيارات جليدية على بعض المنحدرات الجبلية وفي حدوث فيضان شديد لاحقا في موسم الذوبان.
خمسة مخاطر ذات الأولوية: الفيضانات والزلازل، والتسونامي، والجفاف، والانهيارات الأرضية
ويبقى السبب الرئيسي لأي حالة جفاف هو سقوط الأمطار بمعدل أقل من المتوسط، ويختلف الجفاف عن الأخطار الأخرى من حيث أنه يتطور ببطء، على مدى سنوات في بعض الأحيان، وثمة عدد من العوامل التي قد تخفي بدايته، وقد يكون الجفاف مدمرا فإمدادات المياه تقل، ولا تنمو المحاصيل، وتنفق الحيوانات، ويسود سوء التغذية واعتلال الصحة على نطاق واسع، وللتاريخ فقط ففي الفترة الممتدة من 1970 إلى 2012 تسبب الجفاف في وفاة ما يقرب من 680 ألف شخص في افريقيا بسبب موجات الجفاف الشديدة في أعوام 1975 و 1983 و 1984، فظاهرة الجفاف هي ظاهرة طبيعية طويلة الأمد في أسطوانة المناخ الطبيعي حيث يمكن أن تحدث في أي مكان في العالم، إنها ظاهرة بطيئة تحدث بسبب قلة هطول الأمطار، وتؤدي العوامل المضاعفة مثل الفقر والاستخدام غير الملائم للأراضي إلى زيادة التعرض للجفاف، فعندما يتسبب الجفاف في نقص المياه والغذاء يمكن أن يكون هناك العديد من الآثار على صحة السكان مما قد يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفاة، بينما في السنوات الأخيرة حدثت معظم الوفيات المرتبطة بالجفاف في البلدان التي تعاني أيضا من الاضطرابات المناخية.
بينما قد تحدث الفيضانات في أي مكان في العالم بعد سقوط الأمطار بغزارة، وتصبح جميع السهول الفيضية عرضة للفيضانات وقد تتسبب الأمطار الغزيرة أو العواصف الرعدية في حدوث فيضانات خاطفة في أي منطقة من مناطق العالم، وقد تحدث أيضا فيضانات خاطفة بعد فترة جفاف عندما تسقط أمطار معتدلة إلى غزيرة على أرض شديدة الجفاف وصلبة لا يمكن للمياه أن تتخللها، وتأتي الفيضانات في عدد من الأشكال، تبدأ من الفيضانات الخاطفة الصغيرة وتنتهي بصفحات المياه التي تغطي مساحات شاسعة من الأراضي، وقد تتسبب فيها عواصف رعدية شديدة أو أعاصير مدارية أو نظم ضغط منخفض كبيرة أو الموسميات أو الانسدادات الجليدية أو ذوبان الثلوج، بينما في المناطق الساحلية، قد يؤدي إلى الفيضان الناجم عن أعاصير مدارية أو أمواج تسونامية أو اكتساح ظاهرة المد المرتفع بدرجة استثنائية للأنهار والحواجز الصخرية أو حواجز الفيضان قد تتفوق على ما عداها في التسبب في الفيضانات عندما تحمل الأنهار كميات كبيرة من الجليد المنصهر، وانهيار الخزانات المائية والسدود أو العمليات التنظيمية المفاجئة من قبيل إطلاق الماء لأغراض توليد الطاقة الكهرومائية الذي قد يتسبب أيضا في حدوث فيضانات كارثية، بينما تهدد الفيضانات حياة الإنسان والممتلكات على نطاق العالم، ففي العقد الأخير فقط تضررت بالفيضانات نحو 1.5 بليون شخص، ويمكن أن تساهم العديد من القضايا العالمية بما في ذلك زيادة الضغط السكاني، والتدهور المستمر لخدمات النظام البيئي وتقلب المناخ وتغيره في زيادة مخاطر الفيضانات في جميع أنحاء العالم، في أجزاء كثيرة من العالم، وتشكل الفيضانات مشكلة كبيرة، على سبيل المثال ففي الفترة من 1970 إلى 2012 تسببت العواصف والفيضانات في وفاة أكثر من مليون شخص عبر العالم غالبا ما تكون سهول الفيضانات مناطق جذابة للتنمية البشرية ويعتمد جزء كبير من سكان العالم، بشكل مباشر أو غير مباشر، على عدد من الموارد الطبيعية الرئيسية التي توفرها السهول الفيضية عموما، بينما يمكن أن تساهم العديد من القضايا العالمية، بما في ذلك زيادة الضغط السكاني، والتدهور المستمر لخدمات النظام البيئي وتقلب المناخ وتغيره في زيادة مخاطر الفيضانات في جميع أنحاء العالم، في أجزاء كثيرة من العالم تتفاقم هذه الزيادة بسبب عدم كفاية التخطيط للفيضانات، ومع ذلك فإن الفيضانات هي جزء لا يتجزأ من النظام الطبيعي للنهر، وبالتالي تلعب إدارة الفيضانات دورا مهما في حماية الناس والبنية التحتية من الفيضانات بينما يوفر دمج مخاطر الفيضانات في إدارة موارد المياه الأساس المنطقي للتحول كالتحكم في الفيضانات.
وفي غالب الأحيان قد تحدث حرائق هائلة ومدمرة أثناء وبعد فترات الجفاف، بفعل البرق أو بفعل الإنسان في جميع أنحاء العالم تقريبا وهي، فضلا عن تدميرها للغابات والأراضي المعشوشبة والمحاصيل، قد تقتل الماشية والحيوانات البرية وتلحق الضرر بالمساكن أو تدمرها وتعرض حياة السكان للخطر، أما العواصف الترابية والعواصف الرملية هي سحب من التراب أو الرمل ترتفع في بعض الأحيان إلى ارتفاعات كبيرة بفعل رياح شديدة ومضطربة، وقد تحدث بصفة رئيسية في أجزاء من أفريقيا واستراليا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهي تهدد على وجه الخصوص حياة وصحة الأشخاص الذين تداهمهم وهم في العراء وبعيدا عن أي مأوى يحميهم، وتتأثر وسائل النقل على وجه الخصوص لأن الرؤية قد تقل إلى ما لا يتجاوز بضعة أمتار.
ويؤكد علماء الطقس والمناخ أن موجات الحر تبلغ أشد درجاتها فتكا في مناطق خطوط العرض الوسطى خلال شهور السنة الأحر، وهي تتسم بعدد من الأيام المتوالية التي تتجاوز فيها درجات الحرارة إلى حد كبير المتوسط الطويل الأجل نهارا وليلا على حد سواء، بينما أن الكتلة الهوائية الضاغطة في بيئة حضرية قد تنتج عنها وفيات كثيرة، لاسيما بين الصغار والمسنين والعجزة، فعلى سبيل المثال في عام 2003 تعرضت مناطق كثيرة من أوروبا الغربية لموجات حر أثناء أشهر الصيف، وفي فرنسا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والمملكة المتحدة تسببت هذه الموجات في حوالي 40 000 حالة وفاة، وموجات البرد المتطرف خطيرة أيضا وتتسبب في هبوط الحرارة وتؤدي إلى تفاقم أمراض الدورة الدموية والجهاز التنفسي لدى المعرضين لهذه المخاطر.
وتؤدي جميع العواصف الرعدية إلى شحنات كهربائية مفاجئة في شكل برق وكثيرا ما تجلب معها أمطارا ورياحا عاصفة بينما ترتبط بالعواصف الرعدية الشديدة ظواهر الأمطار الغزيرة، والبرد الكبير والرياح الشديدة جدا وأحيانا الأعاصير القمعية وسقوط الثلوج، جميعها أو ترتبط بها مجموعات من هذه الظواهر، والأعاصير القمعية شائعة على وجه الخصوص في السهول الكبرى بأمريكا الشمالية ولكنها يمكن أن تحدث وتحدث فعلاً في أي مكان، لاسيما في مناطق خطوط العرض المعتدلة ورياحها المتكررة الشديدة للغاية يمكن أن تسبب ضررا شديدا وتشمل الظواهر الأخرى التي ترتبط بها الرياح الشديدة للغاية من العواصف الهابطة والفيضانات الخاطفة وعلى نطاق العالم، يمثل البرق أثناء فترات الجفاف عاملا هاما في بدء حرائق الغابات والأراضي المعشوشبة.
وقد تحدث حرائق هائلة ومدمرة أثناء وبعد فترات الجفاف، بفعل البرق أو بفعل الإنسان في جميع أنحاء العالم تقريبا وهي فضلا عن تدميرها الغابات والأراضي المعشوشبة والمحاصيل، تقتل الماشية والحيوانات البرية وتلحق الضرر بالمستوطنات أو تدمرها وتعرض حياة السكان للخطر، أما الأمطار والثلوج الغزيرة فلها خطورتها بالنسبة للمجتمعات الهشة فهي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أنشطة الإنقاذ والإصلاح بعد كارثة كبرى، مثل الزلزال الذي حدث في باكستان في شهر أكتوبر 2005 حيث أحدثت دمارا في النقل البري والنقل بالسكك الحديدية، والبنية التحتية، وشبكات الاتصالات، وقد يؤدي تراكم الثلوج إلى انهيار أسقف المباني، وتمثل الرياح الشديدة خطرا على الطيران والبحارة والصيادين، وكذلك على الهياكل العالية من قبيل الأبراج، بينما تعتبر العواصف الثلجية هي تلك العواصف العنيفة التي تجمع ما بين درجات حرارة أقل من نقطة التجمد ورياح شديدة وثلوج وهي تمثل خطرا على الناس والماشية وتتسبب في إغلاق المطارات، وتحدث دمارا في الطرق والسكك الحديدية، وقد تحدث الفيضانات في أي مكان من بقاع العالم بعد ظواهر سقوط الأمطار بغزارة، وجميع السهول الفيضية عرضة للفيضانات وقد تتسبب الأمطار الغزيرة أو العواصف الرعدية في حدوث فيضانات خاطفة في أي منطقة من مناطق العالم وقد تحدث أيضا فيضانات خاطفة بعد فترة جفاف عندما تسقط أمطار معتدلة إلى غزيرة على أرض شديدة الجفاف وصلبة لا يمكن للمياه أن تتخللها، وتأتي الفيضانات في عدد من الأشكال.
المغرب ومنذ عام 2008 عمل على إدارة مجموعة متنوعة من المخاطر التي تواجهها البلاد من خلال تنزيل استراتيجية متكاملة وبدعم من البنك الدولي من خلال خلق سلسلة من برامج المساعدة التقنية، في الوقت الذي درست الحكومة المغربية منذ ذلك الحين مخاطر عديدة بما في ذلك الكوارث الطبيعية ومخاطر تقلب سعر السلع والمخاطر في القطاع الزراعي، في حين قررت الحكومة التركيز على إدارة المخاطر كأولوية والتركيز على عملية الإقراض الجديدة، بحيث تبدأ بمجموعة فرعية منن المخاطر وتشريع تغييرات ملموسة للإصلاح المؤسساتي وتحقيق نتائج الحد من المخاطر ومن بواطن الضعف على أرض الواقع، ويهدف هذا الإنخراط الأكثر تركيزا عبر إدارة المخاطر بطريقة أكثر تكاملا وتماشيا منع توصيات التقرير العالمي للتنمية لعام 2014، بالإضافة إلى حقيقة أن الكوارث الطبيعية أصابت منطقة خطر وحيدة ولم يفهم ذلك جيدا أو لم تتم إدارة المخاطر بأسلوب استباقي في السنوات الأخيرة، هذا على الرغم من سلسلة الكوارث التي ضربت البلاد، ولم تتم إدارة الفيضانات الأخيرة في2014 بجنوب المغرب بشكل استباقي بالقدر الكافي إلى تشرذم كبير في هياكل الحكم وضعف التنسيق بين الوكالات، كما أن التأخير في أعمال الإنقاذ والإغاثة يرجع سببه جزئيا للتعرض البشري والمادي للكوارث الطبيعية.
ويظل المغرب عرضة لمجموعة متنوعة مرن المخاطر الطبيعية المتفاقمة بسبب التغير المناخي والتوسع الحضري السريع، وتعتبر المخاطر الأكثر شيوعا في المغرب هي الفيضانات والجفاف حيث تسببت الفيضانات فني أواخر عام 2014 بجنوب البلاد في أضرار بلغت قيمتها أكثر من 100 مليون دولار أمريكي، كما أحدثت الفيضانات في طنجة ومنطقة الغرب أعوام 2009 و2010 خسائر اقتصادية فادحة ودمرت الأراضي والمباني وقضت عل مخازن الحبوب في حين فقد عدد كبير من رؤوس المواشي جراء هذه الفيضانات، حيث تشكل الكوارث المتكررة مثل الفيضانات والجفاف عبئا على التنمية
تستطيع الزلازل الأقل حدوثا أن تدفع ضحاياها إلى الفقر، ولكن قوة التأثير تتجلى بشكل كبير على ميزانية المغرب وتتسبب في معاناة واسعة النطاق، وتعتبر احتمالية الزلازل المدمرة في المغرب كبيرة فزلزال أكادير عام 1960 مع أنه بسيط للغاية وفقا لمعايير الزلازل بقوة 8.5 على سلم ريشتر تسبب بمقتل أكثر منن 12000 من المغاربة وترك كثيرين دون مأوى، فضلا عن الخسائر الكبيرة في الممتلكات وفقدان سبل العيش، في حين قتل زلزال الحسيمة عام 2004 أكثر من 600 شخص وأصاب أكثر من 1000 شخص آخر، وترك العديد بدون مأوى ودمرت تماما العديد من الممتلكات، وتقع المغرب على حدود صفائح أفريقيا وأوراسيا، بحيث أن منطقة الشمال وبشكل عام منطقة جبال الأطلس معرضة لمخاطر زلازل عالية فالعديد من المدن الكبرى في المغرب بما في ذلك فاس ومكناس وطنجة، عرضة لضربات الزلازل
وكان المغرب قد أجرى قياسا كميا لأهم المخاطر الطبيعية التي تعرض لها طيلة الخمسين عاما الماضية، مع وضع برنامج تقييمي لمخاطر الكوارث الطبيعية المحتملة خلال العقود المقبلة جراء تغير المناخ، مع خلق تحليل لخطر التهديدات الخمس ذات الأولوية: الزلازل والفيضنانات، والتسونامي والجفاف والانهيارات الأرضية، ومقارنة مع الأخطار الطبيعية والكوارث التي أصابت العالم حيث تراوح تقدير جميع الزلازل في باكستان عام 2005 وهايتي عام 2010 وتسونامي المحيط الهندي عام 2004 واليابان عام 2011 والأعاصير المدارية: إعصار “نرجس” في ميانمار عام 2008 وإعصار “ساندي” في نيويورك عام 2012 والفيضانات التايلاندية عام 2011 بين تقدير مرجح إلى محتمل، فقد يسفر حدوث زلزال كبير، على سبيل المثال، في مدينة فاس عن مقتل عشرات الالاف وعن خسائر اقتصادية فادحة، ومع ذلك، تتباين تأثيرات هذه المخاطر على قطاعات وأجزاء من البلاد، حيث يوزع بالتساوي تفاصيل الخسائر القطاعية في جميع أنحاء المغرب، فبينما يتركز خطر الزلزال فني المقام الأول في شمال المغرب، وإلى حد أقل، على خط يمر عبر فاس ومراكش وأكادير، بينما تتعرض خمس أقاليم الناظور والحسيمة وبركان وتازة لهزات زلزالية بين الفينة والأخرى، وتبقى الفيضانات مشكلة مزمنة في المغرب كما تتسبب في متوسط أضرار أكبر بكثير من الزلازل، حيث يسجل إجمالي متوسط الخسائر السنوية لها 2.4 مليار درهم، وحدد تقييم مخاطر الكوارث الطبيعية المحتملة في المغرب أن أربع أقاليم القنيطرة وتطوان والدار البيضاء وسيدي قاسم تساهم بنسبة 60 % من إجمالي مخاطر الفيضانات على المباني، بينما تؤثر مخاطر الفيضانات على معظم أنحاء المغرب، في حين يسجل إنتاج الحبوب بسبب الجفاف في المغرب خسائر تقدر بما يقرب من 7.2 مليار درهم. وتعتبر نسبة 90 % من الزراعة في المغرب زراعة تقليدية حيث تعتمد على هطول الأمطار، كما تتعرض الزراعة بشدة ليس فقط لموجات الجفاف والفيضانات بل أيضا للآفات والأمراض، وتعد المناطق الثلاث الأكثر تعرضا لمخاطر الجفاف: سوس ماسة درعة ومكناس ومراكش تانسيفت وفي العموم، تشير التقديرات إلى إجمالي تعرض انتاج الحبوب في القطاع الزراعي إلى مخاطر مختلفة، فقد سجلت خسائر قدرها 75 مليار درهم في عام 2008 ، وارتفع ذلك الرقم فني عام 2020 ليسجل خسائر قدرها 185 مليار درهم.
ويشكل الحد من أثر المخاطر الطبيعية أهمية مركزية في التحسين المستدام للحد من الفقر والازدهار المشترك، فيركز البرنامج على تقديم الدعم للإجراءات الوقائية للحد من الأخطار ليستفيد من ذلك الفقراء والضعفاء بشكل كبير، وليس فقط من خلال الحد من الخسائر المباشرة ولكن من خلال ارتفاع استثمارات الشركات والأسر المعيشية نظرا لاحتمال حدوث كوارث أقل، وتشير الدلائل إلى أن عدم إدارة المخاطر تجعل الفقراء والأسر المعيشية ذات الدخل المنخفض إلى خفض الاستثمار في الأملاك والأراضي الإنتاجية فعلى سبيل المثال، يزرع المزارعون محاصيل منخفضة العائد وقليلة المخاطر، فمن ثم تستطيع إدارة مخاطر الكوارث الاستباق في التنبؤ أي محطات الأرصاد الجوية ونظم الإنذار المبكر، ومن إلى ذلك بهدف تحفيز المزيد من الاستثمارات إلإنتاجية، ويظل المغرب عرضة لعدد من الصدمات الخارجية المختلفة، بما في ذلك الأخطار الطبيعية،وقد أثرت عدة كوارث طبيعية على مجتمعات في جميع أنحاء البلاد في السنوات الأخيرة لأن مخاطر الكوارث الطبيعية في المغرب ذات طبيعة مزمنة وحادة، وتعتبر الفيضانات مشكلة متكررة ومزمنة، حيث تسببت الفيضانات في طنجة عام 2008 وفى منطقة الغرب عام 2009 وفي مدينة كلميم عام 2014، في وفيات وخسائر اقتصادية فادحة وتدمير الأصول ذاتها، وفى الفترة بين 2000 و2013 شهد المغرب 13 حادث فيضان كبير أدى جميعها الى وفاة 263 شخصا وتسبب في خسائر بلغت 427 مليون دولار كأضرار مباشرة في الممتلكات كما تسبب أحدث الفيضانات الكبيرة في كلميم في 2014 لوحدها في وفاة 47 حالة وخسائر اقتصادية إجمالية تبلغ 600 مليون دولار،علاوة على ذلك، يواجه المغرب احتمالات تكرار حوادث حادة واسعة النطاق، كما يتضح من زلزال أكادير عام 1960 الذي أسفر عن مقتل 12000 شخص وجرح 25000 شخص اخر من المغاربة ودمر تقريبا المدينة على الرغم من أنه كان الوحيد الذى بلغت قوته 8.5 على سلم ريشتر بينما أحداث مماثلة في بلدان أخرى نادرا ما تتسبب في حدوث وفيات على الإطلاق أو بهذا الكم الهائل من الخسائر في الأرواح، هذا بالإضافة إلى خسائر زلزال الحسيمة 4.6 على سلم ريشتر والتي بلغت عام 2004 حيث أسفرت هذه الاحداث الطبيعية المأساوية عن مقتل 628 شخصا وجرح أكثر من 1000 آخرين، بينما وصلت الخسائر الاقتصادية المباشرة لزلزال 2004 إلى 400 مليون دولار، فهناك احتمالات حدوث زلزال أكبر من ذلك بكثير كما هو الحال في فاس أو طنجة، التي تقع بالقرب من حدود الصفيحة الأوروبية الإفريقية أو على حدودها، وإدراكا لمواطن الضعف هذه، بدأت الحكومة في الاهتمام بتعزيز نهج شامل لإدارة المخاطر، بدءا من المخاطر الناجمة عن الكوارث الطبيعية كأولوية أولى، ويبقى من أهداف الحد من تأثير الكوارث الطبيعية هو القضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك بطريقة مستدامة، فبالرغم من أن النمو في العقود الأخيرة خفض الفقر ودعم الرخاء المشترك، ففي المغرب، فإذا لم تتم إدارة الصدمات مثل الكوارث الطبيعية بشكل جيد فمن الممكن أن يتهدد التقدم نحو كلا الهدفين، وذلك لأن الأخطار الطبيعية في المغرب لها أثر سلبي على السكان ذوي الدخل المنخفض بما لا يتناسب مع قدرتهم على التكيف معها.
الكوارث الطبيعية وتغير المناخ بالمغرب
ويتفاقم تأثير الكوارث الطبيعية من جراء تغير المناخ، وهى مسالة ذات أهمية خاصة بالنسبة للمغرب في ضوء حيث من المرتقب أن يتأثر المغرب، مثل بلدان أخرى في المنطقة، من جراء تغير المناخ بارتفاع درجتين مئويتين و4 درجات مئوية في مستويات الحرارة، خاصة بسبب زيادة شدة الحرارة المتوقعة وانخفاض توفر المياه حيث تزداد درجات الحرارة القصوى بحوالي 30 في المائة في أشهر الصيف في كل مكان تقريبا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المتوقع أيضا ارتفاع مستوى سطح البحر بمتوسط 35 سم بحلول نهاية القرن ومثال على ذلك مدينة طنجة الواقعة على ساحل المغرب المطل على المحيط الأطلسي، في حين يمكن أن يقل هطول الأمطار في المناطق الداخلية من المغرب بنسبة تصل إلى الثلث في أشهر الصيف، وتعتبر آثار الكوارث المتكررة متوسطة الحجم والنادرة لكن شديدة الوقع على ميزانية المغرب والاقتصاد المغربي، فمنذ عام 2013 وصل إجمالي تعرض البيئة المبنية للأضرار في المغرب إلى 7.2 تريليون درهم أو ما يعادل حوالي 84000.00 درهم للفرد وتمثل المباني حوالي 70 في المائة من القيمة الإجمالية المعرضة للخطر، في حين أن 30 في المائة من القيمة المتبقية تتكون من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، والموانئ والمطارات والسكك الحديدية والطرق والشبكة الكهربائية، ونظرا لهذا التعرض ولبيئة المخاطر في المغرب، تشير النمذجة إلى أن خسائر الكوارث الطبيعية في المتوسط لا تقل عن 8.7 مليار دولار ونحو 60 في المائة من الخسائر ناجمة عن الفيضانات، فوفقا لدراسة أجراها البنك الدولي هناك احتمال 67٪ من أنه خلال الثلاثين عاما القادمة قد يتسبب حدث واحد بمفرده في خسائر كبيرة ويتفاقم هذا الوضع في المغرب لعدم توافر تأمين ضد المخاطر الكارثية أو تأمين ضد العواقب الاقتصادية للكوارث الطبيعية، بينما يبقى سكان المغرب غير مدركين بالقدر الكافي لمدى تعرضهم للمخاطر الطبيعية، كما يعتبرون إدارة المخاطر هي مسؤولية الحكومة، ويتوقع الناس في معظم البلدان، وفي المغرب أيضا بأن الحكومة تعمل بنشاط للحد من مخاطر الكوارث ومتأهبة لتوفير استجابة ملائمة عند وقوع الحدث، وتتسم ممارسات إدارة المخاطر في المغرب حتى وقت قريب بالتشرذم المؤسساتي ويغلب نهج رد الفعل بالدرجة الأولى على إدارة المخاطر كما هو الحال السائد في العديد من البلدان ذات الدخل المتوسط، حيث رجح المغرب نهج الاستجابة في حين ظلت الاستجابة قطاعية للغاية، حيث أفضت كل كارثة إلى بلورة برامج مزدوجة جديدة “عاجلة” في المنطقة المصابة، مما أدى إلى نهج غير متوازن في جميع أنحاء البلاد، وغالبا ما يتم تنفيذ مبادرات إدارة مخاطر الكوارث بوسيلة منعزلة لكل وزارة على حدى، ويغلب التشرذم المؤسساتي وعدم التنسيق بين القطاعات الحكومية ذات الصلة، كما لا يتوفر فهم كافي للمخاطر على المستوى المؤسساتي، في حين تتم إدارة هذه المخاطر بواسطة وكالات مختلفة دون تنسيق و بطريقة منعزلة دون إجراء عمليات الربط المطلوبة باستمرار، فعلى سبيل المثال، وزارة الداخلية حتى الآن، هي المكلفة كليا بإدارة الأزمات وضمان الوقاية والتأهب على مستوى الجماعات الترابية ولكن تختص وزارات قطاعية مختلفة بتكليفات أخرى حيث تشكل كل هذه العوامل معا عائقا أمام قدرة المغرب على وضع نهج شامل وأكثر فعالية لإدارة المخاطر بكل أبعادها المختلفة، والإقرار بجوانب الترابط عبر المخاطر والمناطق الجغرافية المختلفة وتوضيح منحنى تعليمي قائم على الخبرات، في المقابل أقرت الحكومة بضرورة تنفيذ استراتيجية قائمة على الاستباقية استراتيجية طموحة وشفافة وذلك لزيادة مرونة البلاد في مواجهة الكوارث الطبيعية حيث أصبح من الضروري إجراء تنسيق أفضل لجهود الحكومة الرامية إلى ضمان مأسسة واستدامة أنشطة إدارة المخاطر.