المدير الإقليمي لمنظمة «الفاو» لـ«الاتحاد»:
عبد الحكيم الواعر: الامارات أصبحت نموذجا يحتذى في المنطقة لتأمين الغذاء والسلع الاستراتيجية
الامارات رائدة في المبادرات النافعة للمنطقة مثل مكافحة الجراد وآفات الامن الغذائي
أكد عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، أن العلاقات بين دولة الإمارات والمنظمة، استراتيجية وقوية، لافتاً إلى وجود شراكة مميزة عبر 3 محاور، الأول داخلي والثاني شبه إقليمي لوضع الاستراتيجيات، والثالث خارجي تمول به الإمارات مشاريع لدول أخرى، مثل هايتي وبورندي والصومال واليمن، وهي منح تتعاون فيها مع «الفاو» للدول الأكثر احتياجاً.
وقال الواعر لـ«الاتحاد»: إن الإمارات أصبحت نموذجاً يحتذى به في المنطقة؛ فقد وسّعت من قدارتها الاستيعابية لتخزين الغذاء والسلع الاستراتيجية بشكل أكبر من احتياجاتها، فأصبحت سلة غذاء للمنطقة، لاسيما أنها قدمت المساعدة خلال الأزمة الروسية الأوكرانية، وكانت جزءاً من حل أزمة سلاسل التوريد في المنطقة العربية والشرق الأوسط، ومنصة لمساعدة الدول خلال الأزمات.
وعن أكبر المشروعات الحالية للشراكة بين الإمارات والفاو، قال عبدالحكيم الواعر: إن هناك مشروعاً ضخماً خاصاً بمكافحة سوسة النخيل الحمراء، وهي آفة أتت من مناطق أخرى من الخارج تقضي على النخيل بالكامل إذا تمكنت منه، وتم عمل مشروع استراتيجي إقليمي لمكافحة تلك السوسة، وهناك برامج تدريبية كبيرة مع الإمارات والسعودية لأنهما الشريكان الرئيسان في تمويل المشروع، فدولة الإمارات رائدة في المشاركة بالمبادرات النافعة للمنطقة مثل مكافحة الجراد وآفات الأمن الغذائي، وتربطنا علاقة وطيدة وتعاون واسع.
تعطل سلاسل التوريد
وحول أزمة تعطل سلاسل التوريد بسبب الحرب الأوكرانية، قال عبد الحكيم الواعر: إن المنطقة العربية عانت قبل الأزمة الحالية وبشكل عام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أزمات طبيعية مثل المناخ وندرة الموارد المائية وقلة الأراضي الزراعية، ثم أتت ثورات الربيع العربي والنزاعات وعدم الاستقرار السياسي الذي أربك المشهد في عدد من الدول، ولذلك ثم التأثير على قدرتها في إنتاج المحاصيل الزراعية والغذاء، ثم أتت جائحة كورونا وأخّرت سلاسل الإنتاج، ما أدى لزيادة الأسعار في العالم وزيادة الطلب وتراجع الإنتاج، وعندما بدأ العالم يتعافى ظهرت أزمة الحرب في البحر الأسود.
وأوضح الواعر أن منظمة «الفاو» معنية بمتابعة ومراقبة الدول للتقدم نحو تحقيق الهدف الثاني من أهداف الاستدامة وهو القضاء على الجوع، وتصدر تقارير سنوية حول قدرة الدول على تحقيق الأمن الغذائي، آخرها أوضح أن نحو ثلث سكان العالم يعانون من أزمة الأمن الغذائي، وهو مؤشر خطير يشير إلى عدم القدرة على تحقيق الهدف الأممي بحلول 2030، مما يتطلب السعي والبحث عن طرق ووسائل بديلة.
ولفت الممثل الإقليمي لـ«الفاو» إلى أن البدائل لم تكن سهلة من جانب الدول والمجتمع الدولي والفاو لتوفير التمويلات لبعض دول المنطقة للتعامل مع الأزمة، واتخذت بعض الدول إجراءات سريعة مثل تحفيز توريد القمح المحلي، كما حددت من يستحق الدعم، وأصبحت هناك بيانات دقيقة حتى لا يؤثر ذلك على الطلب الغذائي. وكشف عبد الحكيم الواعر عن أن الدور الرئيس للفاو خاص بتوفر المعلومات عن أماكن الأسعار المناسبة لتسهيل البحث عن أسواق بديلة، مشيراً إلى تجربة دول الخليج في تنويع مصادر الغذاء في فترة جعلتها الأقل تضرراً خلال الأزمة الأوكرانية.
التغيرات المناخية
بشأن التغيرات المناخية وتأثيرها على المنطقة، أوضح الواعر أن المنطقة العربية اعتادت تلك الظروف الصعبة من القدم كالجفاف والتصحر وتغير المواسم المناخية، لافتاً إلى أن المنطقة العربية تعيد تكييف نفسها مع تلك الظروف ولن تتأثر بشكل كبير، مثلما تتأثر أوروبا بهذه التغيرات.
صناعة الأسمدة
أكد الممثل الإقليمي لـ«الفاو» أن الشراكة الاقتصادية التي وقعتها الإمارات ومصر والأردن مهمة جداً من حيث التوقيت بهدف التكامل في الاحتياجات الأساسية وتقليل الواردات في ظل التحديات والأزمات العالمية، وتأتي في مرحلة حساسة وهي الحل الوحيد لتحقيق التكامل والاستقرار في المنطقة والإقليم.
وأشار إلى أن «الفاو» تنظر لتلك الشراكة على أنها محور للسلام الذي بدوره يحقق الاستقرار الاقتصادي ويفتح آفاقاً لزيادة القدرة في الإنتاج.
وأوضح الواعر أن القطاعات الخمسة التي شملتها الشراكة بين الدول الثلاث حيوية للغاية، فعلى سبيل المثال البتروكيماويات ينتج عنها صناعة الأسمدة التي تدخل في جميع الزراعات، وهناك توقع عالمي بحدوث أزمة كبيرة بها خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاع سعر الغاز الذي يدخل في صناعة الأسمدة، وإذا لم تحذُ دول المنطقة حذو شراكة الإمارات ومصر والأردن على الأقل في التعاون في تبادل الغذاء والحبوب، سيكون الوضع صعباً.
أزمة القمح
أشار المسؤول الأممي إلى أن هناك جانباً آخر للأزمة الحالية لا يراه بعضهم بدقة، وهو أنه لا يمكن تحقيق إنتاج زراعي محلي في أي دولة من دون أسمدة لأنها عنصر أساس في الزراعة، وروسيا وحدها تنتج من 30 إلى 50% من الأسمدة في العالم، وبالتالي تعطل قدرات الدول على استخدام الأسمدة يؤخر إنتاجها، كما إن سعر الغاز يؤثر بشكل طبيعي على سعر الأسمدة ونتوقع ارتفاع أسعار النفط والغاز إذا لم تحل أزمة الحرب.
ولفت الممثل الإقليمي لـ«الفاو» خلال حديثه لـ«الاتحاد» إلى أزمة أخرى أمام العالم والمنطقة العربية باعتبارها الأكثر استيراداً وهي أزمة القمح باعتباره سلعة استراتيجية، وقد بدأت بعض الدول تقلل وتغير من المواد المصنعة من القمح لأنه بعد نفاد المخزونات الاستراتيجية وشح السلع الأساسية مع دخول فصل الشتاء وشُح الغاز والطاقة، فهذا كله سيلقي بظلاله على الأزمة في آخر العام، وهناك توقعات بعقد قمة عالمية خاصة بالأمن الغذائي.
المصدر، جريدة الاتحاد، أحمد عاطف (القاهرة) 16 يونيو 2022 02:03