نهيان بن مبارك: “خليفة الدولية” منصة لبناء الشراكات وتعزيز التعاون الدولي في تنمية قطاع نخيل التمر
جهود كبيرة بُذلت لزيادة الإنتاج الزراعي واستغلال الموارد المتاحة
إنشاء عدد من المؤسسات والهيئات والشركات المتخصصة
أولى المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (رحمه الله) القطاع الزراعي بشكل عام وزراعة النخيل وإنتاج التمور بشكل خاص أهمية قصوى مقتدياً بخطى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» مؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها الزراعية، عبر تطوير البنية التحتية لهذا القطاع وتمكين المزارعين، وقد عبر عن ذلك في أكثر من مناسبة حين قال «الزراعة هي المدرسة الأولى التي تعلم فيها الإنسان منذ فجر البشرية وهي كيفية التعايش مع الطبيعة وإنتاج احتياجاته وتعلم فيها أيضاً أن العمل ضرورة ولا حياة بغير عمل وأن للعرق عائداً ولا عطاء بغير جهد وهي كلها دروس تعلمها الأرض لأبنائها حتى يحصدوا منها خيراً وحتى تترسخ تلك الحكمة العربية القديمة التي تقول من جد وجد ومن زرع حصد».
وأضاف: أن «الزراعة ليست مجرد لون أخضر يهزم لون الرمال الأصفر ولكنها ارتباط بالأرض وعلاقة نبيلة وأصيلة مع تراب الوطن وعنصر من أهم عناصر الاستقرار إذ لا حضارة ولا تقدم بغير استقرار». بهذه الكلمات عبر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه»، عن رؤيته للعلاقة التي تربط بين الإنسان والأرض والزراعة.
إن التجربة الزراعية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وخصوصاً في قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور، وفي ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «طيب الله ثراه» ثمة جهود كبيرة بُذلت لزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين استغلال كافة الموارد المتاحة. حيث تكللت الجهود بعدد كبير من الإنجازات بصفتها تجربة فريدة تؤكد نجاح نموذج الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، حيث وضعت الحكومة في إطار عمل خططها التنموية، تنمية هذا القطاع وتأسيس صناعة متقدمة لإنتاج التمور كأحد أولوياتها.
وفي هذا الإطار، تم إنشاء عدد من المؤسسات والهيئات والشركات المتخصصة بغية تعزيز إجراء أبحاث نخيل التمر وتقدير من قدموا إسهامات جليلة في هذا المجال من أفراد ومؤسسات. ومن أبرز هذه المؤسسات كان إنشاء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، جائزة مستقلة ومحايدة تُمنح سنوياً للعلماء والمنتجين البارزين والشخصيات والمؤسسات المؤثرة التي أسهمت في تنمية وتطوير قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور والابتكار الزراعي بشكل عام.
تأسيس جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر
تأسست جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي برعاية المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «طيب الله ثراه»، وبدعم من وزارة شؤون الرئاسة، حيث أصدر، رحمه الله، المرسوم الاتحادي رقم 15/ 2007 في 20 مارس 2007 بشأن الإعلان عن التأسيس الرسمي لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر، والقرار الاتحادي رقم 02/2007 في 07 يوليو2007 بشأن تحديد أعضاء مجلس أمناء الجائزة الذي يختص برسم السياسة العامة وتشكيل مجلس تنفيذي لمتابعة الآليات التشغيلية للجائزة.
وفي السابع من أبريل 2008م، شهد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عندما كان وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، رئيس مجلس الأمناء، بفندق قصر الإمارات في العاصمة أبوظبي. حفل إشهار «جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر»، وسط اهتمام إقليمي ودولي بشجرة نخيل التمر والمستقبل الاستراتيجي للتمور كسلعة غذائية متوازنة واعتباره ركناً أساسياً من أركان عملية التنمية المستدامة التي قادها سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «رحمه الله». ثم جاء المرسوم الرئاسي رقم 97 لعام 2015 بتوسع نطاق عمل الجائزة ليشمل كل القطاع الزراعي بشكل عام وتعديل مسمى الجائزة ليصبح «جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي».
مجلس الأمناء
يرأس مجلس أمناء الجائزة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وعضوية تسعة أعضاء من أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء المنظمات الدولية الإقليمية والمحلية العاملين في هذا القطاع. يخول لمجلس الأمناء التخطيط للسياسة العامة للجائزة والإشراف عليها ووضعها، بحيث تتوافق مع تحقيق أهداف الجائزة.
رؤية ورسالة الجائزة
يقول معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس أمناء الجائزة، بأنها صُممت تقديراً من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه» للشجرة المباركة والعاملين في قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور والابتكار الزراعي، سواء في دولة الإمارات العربية المتحدة أو أي دولة أخرى حول العالم، وذلك احتفاء بالجهود المتميزة التي تبذل لتطوير قطاع النخيل والابتكار الزراعي، من أجل تحقيق التنمية المستدامة لنا وللأجيال القادمة.
وأضاف معالي الشيخ نهيان بن مبارك أنه وبعد مضي خمسة عشر عاماً على تأسيسها، باتت منصة قوية لبناء الشراكات وتعزيز التعاون الدولي في تنمية قطاع نخيل التمر، ومحط أنظار كافة الجهات العاملة في هذا القطاع بل هي البوتقة التي تنصهر بها وتخرج منها أفضل المبادرات الخاصة بتنمية قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور والابتكار الزراعي.
كما تهدف الجائزة إلى تعزيز الدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة عالمياً في تنمية وتطوير البحث العلمي الخاص بالنخيل والابتكار الزراعي، وتشجيع العاملين في قطاع زراعة نخيل التمر من الباحثين والمزارعين والمنتجين والمصدرين والمؤسسات والجمعيات والهيئات المختصة. وتكريم الشخصيات العاملة في مجال نخيل التمر والابتكار الزراعي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، بالإضافة إلى تنمية التعاون بين الجهات المختصة العاملة في هذا المجال، من أبحاث، وإكثار، وزارعة، وإنتاج وتسويق وتصنيع وغيرها، إلى جانب نشر ثقافة الاهتمام بنخيل التمر، وتشجيع الجهات والأفراد على الإبداع والابتكار في المجالات العلمية ذات الصلة بنخيل التمر. وتكريم الشخصيات المؤثرة في زراعة النخيل وإنتاج وصناعة التمور، وإقامة تعاون وطني وإقليمي ودولي بين الجهات المختلفة الضالعة في صناعة نخيل التمر والابتكار الزراعي، ولاسيما في مجالات الإنتاج والمعالجة والتسويق والمنتجات التي يمثل التمر فيها مكوناً أساسياً والحفاظ على استمرار هذا التعاون.
إنجازات
يقول الدكتور عبد الوهاب زايد أمين عام الجائزة: يصعب علينا حصر الإنجازات التي تحققت بتوجيهات ورؤية الشيخ خليفة بن زايد في مجال زراعة النخيل وإنتاج التمور، لكن يمكن حصرها على النحو التالي:
أولاً: على المستوى الوطني:
1 – إصدار التشريعات المتعلقة بتنمية وتطوير قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور.
2 – إنشاء مصنع المرفأ للتمور عام 1994.
3 – إنشاء مصنع الإمارات للتمور عام 1998.
4 – إنشاء شركة الفوعة بالساد عام 2005.
5 – إنشاء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي عام 2007.
6 – إنشاء مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية عام 2007.
7 – إنشاء مختبر زراعة الأنسجة النباتية لإكثار فسائل نخيل التمر.
8 – إنشاء جمعية أصدقاء النخلة بالإمارات عام 2003.
قفزات نوعية
1 – بتوجيهات فقيد الوطن، رحمه الله، حققت دولة الإمارات قفزة نوعية في تنمية قطاع نخيل التمر في أغلب دول المنطقة، فقد كان «رحمه الله» يوجه بشكل مستمر بإهداء عشرات الآلاف من فسائل النخيل النسيجية بشكل سنوي إلى الدول العربية، مثل جمهورية العراق، المملكة الأردنية الهاشمية، الجمهورية العربية السورية، جمهورية مصر العربية، جمهورية السودان وغيرها.
2 – بتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد، تم إطلاق سلسلة مهرجانات التمور العربية في كل من جمهورية مصر العربية، جمهورية السودان، المملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، ولقد تمت هذه المبادرة بدعم من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة.
3 – بتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، تم إطلاق أكبر سلسلة من المؤتمرات الدولية المتعلقة بنخيل التمر، حيث تم تأسيس المؤتمر الدولي لنخيل التمر، واستضافت دولة الإمارات دورته الأولى عام 1998، واستمر بنجاح كبير كل أربع سنوات مرة، وكانت دورته السابعة في شهر مارس الماضي 2022، شارك في المؤتمر على مدى 24 سنة أكثر من 2229 باحث وعالم يمثلون 42 دولة.
كل هذه الإنجازات وغيرها ساهمت بشكل كبير في تطوير وتنمية هذا القطاع على المستوى الوطني، وعملت على تعزيز تنافسية الدولة على المستويين الإقليمي والدولي في مجال إنتاج وتصنيع وتصدير التمور والابتكار الزراعي بالعالم.
أسس لاستدامة القطاع الزراعي تحقيقا للأمن الغذائي
سار المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، على خطى والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واستمر في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى في المنطقة الشرقية، وخاصة تلك التي تهدف إلى تحسين الزراعة.
وكان نجاحه الملحوظ في العين بداية حياة مهنية طويلة في خدمة الشعب، وبداية تولي دوره القيادي بسهولة، ومهارة سجلتها إنجازاته الكبرى.
وفي عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، أولت دولة الإمارات جهوداً حثيثة لتحقيق استدامة القطاع الزراعي والثروة الحيوانية في الدولة، لا سيما وأنها تقع في حزام المناطق الجافة، وتشكل البيئة الصحراوية أكثر من ثلاثة أرباع المساحة الكلية للدولة، وتتسم بيئتها بقلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وكلها عوامل كان لها تأثير واضح على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية في الدولة، فهما يشكلان عنصراً مهماً للأمن الغذائي والاقتصاد الوطني على السواء.
وأصبحت الزراعة نشاطاً اقتصادياً يعتمد على استخدام أحدث التقنيات. وكان للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان دور مهم في تطوير وتنمية القطاع الزراعي في الدولة، وبذلت دولة الإمارات جهداً واضحاً طوال العقود الماضية لبناء قطاع زراعي يكون أكثر قدرة على المساهمة في التنوع الغذائي والاقتصاد الوطني، وذلك عبر تبني سياسات تحد من أثر تلك العوامل، وعبر تبني أنماط زراعية مستدامة وذكية مناخياً تركز على الاستثمار الأمثل لوحدة الأراضي الزراعية وجودة المنتج المحلي، وتعزيز قدرته على المنافسة، وتستند في مجملها إلى التقنيات والحلول المبتكرة كالزراعة من دون تربة (الزراعة المائية) والزراعة العضوية، إضافة إلى تعزيز برامج مكافحة الآفات الزراعية، والحد من الفقد والهدر على طول السلسلة الغذائية، وتوسيع قاعدة الاهتمام بالدراسات والبحوث العلمية في المجال الزراعي.
واعتبر المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أن المياه مكون مهم للأمن الغذائي، وتوسيع الرقعة الزراعية، وجعلها ركناً مهماً في عملية التنمية، كما اعتبرها مكوناً مهماً للأمن الغذائي.
وقال المغفور له في هذا الإطار «نحن نضع في اعتبارنا الجهود الرامية إلى توسيع رقعتنا الزراعية الخضراء عن طريق استصلاح مساحات واسعة من الأرض، وتدبير الموارد المائية اللازمة وذلك بهدف تحقيق الأمن الغذائي لشعبنا في المستقبل القريب والبعيد معاً».
التكنولوجيا الزراعية
في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (طيب الله ثراه) تم تبني التقنيات الحديثة في مجال الزراعة، حيث أطلق مكتب الأمن الغذائي والمائي بالتعاون مع برنامج المسرعات الحكومية لدولة الإمارات، 10 مبادرات مبتكرة في مجال الأمن الغذائي والزراعة، شملت العلامة الوطنية للزراعة المستدامة، وإطار تمويل الزراعة الحديثة، وبرنامج ضمان القروض الزراعية وسلسلة التوريد، ومعايير بناء المنشآت الزراعية، والرخصة الزراعية الموحدة، وإطار عام بيانات الأمن الغذائي، ومنصة بيانات الأمن الغذائي.
كما تقدمت دولة الإمارات 10 مراكز في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، حيث انتقلت من المركز الـ 31 في عام 2018 إلى المركز الـ 21 في عام 2019. ويعكس هذا التقدم الكبير الجهود التي بذلتها حكومة الدولة، تحت رعاية المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، لتكون الإمارات مركزاً رائداً على المستوى العالمي في مجال الأمن الغذائي القائم على الزراعة والابتكار.
المصدر، أبوظبي (الاتحاد) 29 يونيو 2022 01:19