التصدي لتحدي المواد البلاستيكية

استخدام المعارف والسياسات والابتكارات لتحسين حياة البشر

المواد البلاستيكية وُجدت لكي تبقى؛ فهي سهلة رخيصة في صنعها ولطالما كانت محركاً هاماً من محركات التنمية. لكن النفايات البلاستيكية صارت تهديداً ماثلاً في كل مكان، مع معاناة الصحة العامة وموارد الرزق والبيئة من جرّاء ذلك. فالمواد البلاستيكية يمكن أن تستغرق مئات الآلاف من السنين إلى أن تتحلل، وبدأت تصبح بالفعل جزءاً من سجلنا الأحفوري.

أفريقيا
يدرك صيادو الأسماك في بارجني، الواقعة على خليج محمي على ساحل السنغال، هذه العواقب جيداً، حيث يواجه سيرين عباس بوي هذه المشكلة كلما استهل يومه.

يقول بوي: “ما هو أكثر ما نراه في البحر؟ المواد البلاستيكية في كل مكان”.
فالمناطق التي يصطادون فيها صارت الآن تفيض بالنفايات البلاستيكية مما يقلص من كمية الأسماك التي يصطادونها. ومواقع تكاثر السلاحف على الشاطئ تعج بالقمامة لدرجة تموت معها صغار السلاحف لعجزها عن الوصول إلى المياه. وتهدد الأضرار التي لحقت بالنظام البيئي التنوع البيولوجي، الأمر الذي يؤثر سلباً على حياة السكان هنا وموارد رزقهم. وأحياناً تتجمّع المواد البلاستيكية في تراكمات تُتلف القوارب، مما يتعذر معه العمل على الإطلاق.

سيرين عباس بوي، صياد سمك من بارجني في السنغال، يجلس بفخر في قاربه. لقد كان صيادًا طوال حياته ويعتمد على المحيط.

يقول عبد الرحمن واد: “حالما نغادر الشاطئ، تعْلق المواد البلاستيكية في قواربنا فتعرّضها للانقلاب والتحطم. والمواد البلاستيكية التي ينتجها الناس على البر تذهب كلها إلى البحر. كما تتجمّع شباك الأسماك المهملة أيضاً وتعوق حركة قواربنا وتجتاح الموائل البحرية”.

إلى الجنوب الشرقي من بارجني، وتحديداً على نهر السلوم، يواجه الأهالي في مدينة كاولاك الساحلية تحديات مماثلة على البر.
فعندما تتساقط الأمطار، تَسُد المواد البلاستيكية البالوعات، فتفيض في الشوارع والمنازل.

تدفق أنهار المواد البلاستيكية في الأماكن التي يلعب فيها الأطفال، وتصير المياه الراكدة مرتعاً للأمراض التي تنقلها المياه.
كما تعاني النساء اللواتي يربين الأبقار أو الماعز كمصدر دخل لأسرهن المعيشية، حيث تبتلع مواشيهن المواد البلاستيكية الذي تلوث المشهد الطبيعي، فتصاب بالمرض أو تموت، الأمر الذي يكبّد ثروة الأسرة خسائر فادحة.

وتعرب نديوك مباي، رئيسة رابطة المرأة الريفية في كاولاك، عن مشاعر الإحباط التي تنتاب الكثيرين:
“سئمنا رؤية المواد البلاستيكية في حياتنا. فهي موجودة في كل مكان، ولها الكثير من الآثار السلبية. وعندما تذهب إلى الغابات، تجد المواد البلاستيكية ملتصقة بالتربة وتقتل الغطاء النباتي. فلا شيء يستطيع النمو. وفي أحيان كثيرة تقتل مواشينا، التي هي ثروتنا الوحيدة. بالوعاتنا مليئة بالبلاستيك، مما يصيب الأطفال والبالغين بالمرض. ”
وعلى الرغم من هذه التحديات المستمرة، حققت السنغال أيضاً بعض النجاحات في التصدي لمشكلة النفايات البلاستيكية المتفاقمة. خذ على سبيل المثال مبيبيس، المكبّ الرئيسي لمنطقة العاصمة داكار النابضة بالحياة. افتُتح هذا المكب في 1968، وهو الآن من أكبر مكبات النفايات في غرب أفريقيا، حيث يخدم قرابة 4 ملايين نسمة باستيعاب 475 ألف طن من النفايات سنويّاً. ونظراً لموقعه القريب من مدينة رئيسية والبحر على حد سواء، صار مصدراً رئيسيّاً لتلوث الجو والبر والبحر. النفايات مشكلة خطيرة، لكنها أيضاً فرصة للمنطقة. ولهذا السبب يساند برنامج المناطق الساحلية لغرب أفريقيا الذي يتكلف 220 مليون دولار البلدان المعنية على الحد من التلوث البحري بالمواد البلاستيكية، حيث يوفر التمويل والحلول المبتكرة ويشرك المواطنين لزيادة قدرة المجتمعات الساحلية على الصمود.

وعلى النقيض من النفايات الأخرى، توجد سبل لإعادة توظيف المواد البلاستيكية ومنحها قيمة مستمرة، لكن هذا يتطلب الفرز والمعالجة المناسبين. وفي مبيبيس، هناك أكثر من 2500 شخص يفعلون هذا بالضبط، بفضل ائتمان بقيمة 125 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية لمساندة برنامج إدارة النفايات البلدية. صُمم هذا المشروع لمساعدة جامعي النفايات هؤلاء بالتنمية الاجتماعية وتطوير ريادة الأعمال وتنمية المهارات، بالإضافة إلى بناء منشأة لإعادة التدوير في الموقع لتحسين إدارة عملية إعادة التدوير. ومع تحسين معالجة النفايات، يمكن تصدير المزيد من المواد إلى الصانعين الذي يصنعون السجاد والملابس والأثاث وغيرها من المنتجات.

وكلما زادت النفايات التي يعاد استخدامها، انخفض حجم النفايات التي تلوث الأراضي الطبيعية والمحيطات، وتعززت سبل كسب العيش.

تحدي “الصورة الكبيرة”
مما يؤسف له أن المشاكل التي تواجهها السنغال ليست فريدة من نوعها. فعلى مدى السنوات الستين الماضية، أُنتج 8.3 مليار طن من المواد البلاستيكية حول العالم، لكن لم يُعد تدوير سوى 9.5% منها، وأما الباقي وهو 7.5 مليار طن فقد تُرك ليتراكم على البر ويسد المجاري المائية. أضف إلى ذلك أن معظم المواد البلاستيكية يدخل في تصنيع عناصر أحادية الاستخدام، مما يعني أن الاستفادة منها تكون قصيرة جداً لكن عمرها يكون طويلاً جداً جداً. ولا يوجد سوى عدد محدود من الأشياء التي يمكن فعلها باستخدام المواد البلاستيكية متى خرجت إلى الوجود.

واليوم يفوق إنتاج المواد البلاستيكية كثيراً قدرتنا على إدارتها عندما تتحول إلى نفايات، والمتوقع أن تتضاعف الكميات الحالية ثلاث مرات بحلول 2050. وتمس آثار التلوث بالمواد البلاستيكية كافة الكائنات الحية عبر كافة النظم البيئية على ظهر هذا الكوكب، وهذا شيء لا مفر منه وله آثاره السلبية على الصحة وسبل كسب العيش ونظافة المجتمعات المحلية حول العالم.

يلتزم البنك الدولي بالتصدي للتلوث بالمواد البلاستيكية، معترفاً به كعنصر أساسي في التخفيف من حدة الفقر المدقع. واليوم تساند مجموعة البنك الدولي الجهود المبذولة في أكثر من 50 بلداً حول العالم وفي كل مرحلة من مراحل دورة حياة المواد البلاستيكية. وباستخدام نهج يركز على الفهم الأدق لمحركات هذا التحدي، والعمل مع الشركاء لتطوير حلول سياسات، ودفع عجلة الابتكار، يتمثل الهدف النهائي لهذه المشاركة العالمية في إيجاد اقتصاد أكثر دائرية يشمل جميع القطاعات.

بناء المعرفة
تتمثل الخطوة الأولى في القضاء على التلوث بالمواد البلاستيكية في الفهم الكامل لمصادره وتأثيره على حد سواء. وما زالت الاقتصادات كبيرها وصغيرها تعتمد على الملوثات البلاستيكية لدفع عجلة النمو الاقتصادي دون النظر في تكلفة الأضرار البيئية المصاحبة.

ويعتبر بناء المعارف أمراً بالغ الأهمية لتحديد الأسباب الحقيقية للتلوث بالمواد البلاستيكية وكسر الحواجز الاجتماعية والسياسية التي تحول دون القضاء عليه.

وتتضافر خبرات البنك الدولي وعلاقاته العميقة للكشف عن مصادر التلوث بالمواد البلاستيكية كي يتمكن واضعو السياسات وقيادات المجتمعات المحلية والقطاع الخاص من الاصطفاف واتخاذ إجراءات فعالة.

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تتمتع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأعلى كمية من النفايات البلاستيكية التي تتجه الى البحر للفرد، حيث تبلغ التكاليف السنوية للتلوث البحري بالمواد البلاستيكية 0.8% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط، وتتجاوز 2% في جيبوتي وتونس واليمن. وعلاوة على ذلك، يعتبر البحر الأبيض المتوسط – الذي يُضرب بجماله الطبيعي المثل – من أكثر البحار تلوثاً بالمواد البلاستيكية في العالم.

وينصبّ تركيز البنك الدولي على المساعدة في تحديد الأثر البشري والاقتصادي لتدهور الأصول، وصياغة حوافز لمواجهة التحديات، وتعزيز المؤسسات، وتقديم استثمارات استراتيجية. وفي إطار هذه الجهود، يرتقي التقرير الذي صدر حديثاً بعنوان: سماوات صافية وبحار نقية: تلوث الهواء والنفايات البلاستيكية في البحار وتآكل المناطق الساحلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأهمية الأصول الطبيعية “الزرقاء” (الجو والمحيطات) من أجل القياس الكمي للتكلفة الحقيقية لاعتماد المنطقة على الصناعات المنتجة لغازات الدفيئة.

وتغطي سياساته واستراتيجياته المعنية بالتمويل وإشراك المجتمعات المدنية عدة قطاعات، وتهدف إلى تعزيز القدرات الإقليمية على إدارة النفايات الحالية، مع العمل بالتوازي لإطلاق اقتصاد دائري مع مقترحات لتمويل البحوث بشأن بدائل المواد البلاستيكية وإعادة التدوير للإبقاء على الموارد قيد الاستخدام المستمر. وتم تخطيط هذه الحلول متعددة القطاعات حسب الأفق الزمني، مما يوفر رؤية مذهلة لمستقبل أزرق في المنطقة.

جنوب آسيا
تنتج جنوب آسيا سنوياً حوالي 334 مليون طن من النفايات التي يُساء إدارتها. ومن هذه الكمية، يتجه 15 مليون طن من المواد البلاستيكية إلى المحيط الهندي كل عام.

ويعتبر نهر السند نموذجاً يجسد هذه المشكلة. فمنذ قرون وهذا الممر المائي العظيم يمدّ الأراضي الزراعية في جنوب آسيا بالمياه، ويشتمل على أكبر منظومة ري بالقنوات في العالم، ويولد طاقة كهرومائية، ويستضيف حياة بحرية ثرية، مما يجعل لسلامته أهمية بالغة لموارد رزق الملايين. كما يعتبر أيضاً من أكثر الأنهار تلوثا بالبلاستيك في العالم ومن أكبر المساهمين في التلوث البلاستيكي البحري – تتسرب المواد البلاستيكية إلى شبكات الري حيث يمكن أن تتحلل إلى مواد تدخل سلسلة الغذاء- وحيث يتوجه منه ما يقدر بنحو 11,977 طناً من المواد البلاستيكية إلى بحر العرب (وما وراءه) كل عام.

وفي دراسة تعتبر الأولى من نوعها في باكستان، نشرها البنك الدولي مؤخراً بعنوان النفايات البلاستيكية: رحلة أسفل حوض نهر السند في باكستان. وهذا هو العمل الأول الذي يوفر الأساس اللازم للارتقاء بالمواد البلاستيكية في الأنهار كقضية رئيسية على صعيد السياسات والتنمية. تتناول هذه الدراسة المسائل بالغة الأهمية لبناء نظام إقليمي ناجح لإدارة النفايات الصلبة. كما يسلط التقرير أيضاً الضوء على المرافق والقوانين واللوائح التنظيمية اللازمة لحل المشكلة، وذلك بخلق حجر زاوية للمعلومات بما يسمح للباحثين وصانعي السياسات وغيرهم باتخاذ إجراءات فعالة.

حلول السياسات
المعرفة الأفضل تؤدي إلى سياسات أفضل بالسماح لأصحاب المصلحة بصياغة حوافز قوية للمنتجين والمستخدمين لاتخاذ إجراءات إيجابية طوال دورة حياة المواد البلاستيكية.

أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي
ثمة مثال بارز على المعرفة التي تستنير بها الإجراءات على صعيد السياسات يأتينا من غرينادا، حيث تعتمد هذه الجزيرة الكاريبية الصغيرة اعتماداً كبيراً على نظمها البيئية البحرية والساحلية لدعم سبل كسب العيش وحمايتها من تأثيرات تغيُّر المناخ. لكن التلوث بالمواد البلاستيكية ما زال ينتشر في مستجمعات مياهها وسواحلها ومحيطاتها، مما يضر بالتنوع البيولوجي والسياحة في الجزيرة. 

وبفضل 20 مليون دولار قدمها البنك الدولي، أتاح الاعتماد الثاني لأغراض سياسات التنمية لقدرة المالية العامة على الصمود والنمو الأزرق للجزيرة الشروع في الانتقال إلى اقتصاد أزرق قادر على الصمود بالسماح لواضعي السياسات بتنفيذ العديد من الإصلاحات المصممة لتعزيز الإدارة البحرية والساحلية وبناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ. وقد تجلّت بالفعل ثمار هذه الجهود، حيث أوقف البلد واردات حاويات الطعام المصنوعة من الاستايروفوم والأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد والأطباق والشوك والملاعق البلاستيكية التي تُستعمل لمرة واحدة سنة 2019. كما زاد من حماية المناطق الساحلية من 3% في 2016 إلى 20% في 2020.

ومنذ بدء هذا التحوّل، شهدت الجزيرة انخفاضاً في التلوث في البيئات الساحلية، وتحسين رفاهة المجتمعات المحلية الساحلية، وتأثيرات إيجابية غير مباشرة وفوائد صحية عادت على صيد الأسماك والسياحة البحرية.

أوروبا وآسيا الوسطى
لا يشكل ساحل كرواتيا المذهل وجمالها الطبيعي مجرد خلفية لتراث البلد الثري فحسب، بل يعتبران أيضاً من أسس النمو الاقتصادي. وتعد جزر البلد وسواحله وغاباته البكر وأراضيه الزراعية ومصادر مياهه الوفيرة من العوامل المساهمة المهمة في إجمالي الثروة، حيث شكّل قطاع السياحة 21% من إجمالي الناتج المحلي لكرواتيا سنة 2019، وهي نسبة أعلى من أي دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي. 

وهنا تكمن فرصة لإيجاد نصير للاقتصاد الأزرق يكون نموذجاً يحتذى للاتحاد الأوروبي والعالم بأسره، بدافعٍ من فهم أعمق وتحسين عملية وضع السياسات. وفي التقرير المعنون كرواتيا: تكلفة التدهور البيئي، يحدد البنك الدولي القضايا البيئية التي تنطوي على أكبر إمكانية للإضرار برأس المال الطبيعي للبلد، ويقدّر تكلفة التقاعس عن اتخاذ إجراء في هذا الصدد.

على سبيل المثال، وجد التقرير أنه بسبب طبيعة السياحة الكرواتية التي تغلب عليها الموسمية الشديدة (يتركز نصف مجموع الزيارات كافة في غضون شهرين فقط)، فإن بذل جهود إضافية لتنظيف النفايات لا يمكنه ببساطة حل المشكلة. ويوضح التقرير بدلاً من ذلك كيف يمكن أن يوفر تحسين جمع النفايات ومعالجتها مع زيادة القدرات على إعادة التدوير وإعادة الاستخدام الأساس لنمو أكثر استدامة وقدرة على الصمود.

ومع هذا الفهم الملموس لتكاليف التقاعس عن العمل، أصبح واضعو السياسات الآن أقدر على حساب مقايضات مختلف التوصيات المتصلة بالسياسات وإيجاد المسار الأكثر فعالية للمضيّ قُدماً نحو اقتصاد دائري.

تحفيز الابتكار
القطعة الإنمائية الثالثة في أحجية المواد البلاستيكية التي نحتاج إليها لتعزيز التغيير الهادف هي الابتكار. وبالتركيز على النُّهج والحلول الجديدة – المستندة إلى المعرفة المحسنة والمدعومة ببيئة سياسات أكثر تجاوباً – تستطيع البلدان حول العالم وضع الأساس لنموذج نمو أخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع.

شرق آسيا والمحيط الهادئ
تخلصت البلدان في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ من 686 مليون طن متري من النفايات البلدية عام 2020، أي حوالي 31% من نفايات العالم. ويتطلب حل تحديات على هذا النطاق إبداعاً ومعرفة محلية عميقة. ويساعد هذا النهج على تحسين الظروف في العاصمة الكمبودية بنوم بنه، حيث تتمخض النفايات عن سد القنوات وتتسبب في تراكم القمامة أمام بيوت الأهالي وعلى الطرقات.

وباستخدام الطائرات دون طيار، يستطيع مراقبو القمامة تحديد مختلف أنواع النفايات بغية فهم مصدر المشكلة فهماً أدق ومعالجته. ويسمح هذا لواضعي السياسات بتوعية المواطنين بالوجهة التي تذهب إليها نفاياتهم وتصميم حوافز للحد من كمية المواد البلاستيكية المستخدمة في التعبئة والتغليف.

ويعمل البنك الدولي أيضاً مع أمانة رابطة أمم جنوب شرق آسيا وشركائه لتعزيز أطر السياسة العامة والأطر التنظيمية التي تحكم إنتاج المواد البلاستيكية واستخدامها في جنوب شرق آسيا. ويهدف البرنامج الإقليمي الجديد لجنوب شرق آسيا بشأن مكافحة النفايات البلاستيكية في البحار إلى الحد من استهلاك المواد البلاستيكية وزيادة إعادة التدوير وتقليل التسربات إلى الحد الأدنى لمنع التلوث البلاستيكي البحري من المصادر البرية والبحرية.

كما يساند أيضاً الاقتصادات الساحلية والزرقاء، التي تتأثر بشكل خاص بالنفايات البحرية وتأثيراتها على العديد من القطاعات الرئيسية، بما في ذلك مصايد الأسماك والسياحة والشحن البحري. وبالعمل مع الدول الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا، أجرى البنك الدولي دراسات سوقية تشخيصية خاصة بكل بلد على حدة بشأن المواد البلاستيكية، ويعكف على مساندة وضع خطط عمل وخرائط طريق وطنية بشأن التخلص التدريجي من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وتعزيز إعادة تدوير المواد البلاستيكية.

أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي
على الجانب الآخر من العالم، في العاصمة الجامايكية كينغستون، يوجد نوع مختلف من الابتكار يساعد على التغلب على التحديات التي تفرضها النفايات البلاستيكية. بشواطئها البيضاء المذهلة ومياهها الزمردية وإطلالاتها على حديقة بلو ماونتينز الوطنية، لا عجب أن اشتُهرت هذه المدينة حول العالم كوجهة سياحية رئيسية.

لكن كينغستون بدأت تُشتهر أيضاً بقمامتها، حيث ينتج سكان المدينة البالغ تعدادهم 580 ألف نسمة حوالي 420 ألف طن من النفايات سنوياً، أي نصف النفايات التي تنتجها جامايكا إجمالاً. ومما يفاقم هذه المشكلة نقص الشاحنات اللازمة لجمع النفايات بانتظام، وعدم وجود مدافن صحية للنفايات، والغياب شبه التام لفصل المواد القابلة لإعادة التدوير أو النفايات العضوية عن النفايات الأخرى.

وبمساعدة من برنامج التمويل المستند إلى النتائج التابع للبنك الدولي، حصلت هيئة إدارة النفايات الصلبة في كينغستون على شاحنات جديدة لجمع النفايات مقابل توفير خدمات كافية ومنتظمة لجمع النفايات بغية مساندة جهود الحكومة المحلية لتحسين الإصحاح.

كما يساعد البرنامج أيضاً على تمويل أمناء البيئة، وهم أفراد من المجتمع المحلي يعززون الوعي البيئي بشكل استباقي لتغيير العادات على المستوى الفردي. ونظراً لأن المدينة تحقق نتيجة أفضل بجمع النفايات، مع اعتماد المواطنين الموارد اللازمة لتحسين إدارة النفايات في البيت، فإن المدينة بأكملها تستفيد.

حشد كافة الجهود
عندما تجتمع المعرفة والسياسة والابتكار، تكون النتيجة رائعة بمعنى الكلمة. وتهدف كافة السياسات الجديدة والموارد وأدوات اتخاذ القرارات التي تُنشأ بالتنسيق مع بلداننا الشريكة إلى تحسين حياة الناس بتحويل دورة حياة المواد البلاستيكية من الخطية (الإنشاء إلى النفايات) إلى الدائرية (التقليل وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير).

ويساعد الاقتصاد الدائري الناتج عن ذلك على تحسين الحياة وتعزيز سبل كسب العيش بإغلاق الحلقة بين الاستخراج والتصنيع والتخلص بتصميم المنتجات لتقليل النفايات، واستخدام المنتجات والمواد لأطول فترة ممكنة، وإعادة تدوير المواد من المنتجات التي انتهى عمرها الافتراضي وردّها مجدداً إلى الاقتصاد.

جنوب آسيا
إدراكاً للحاجة إلى هذا التحول، جعل أرخبيل ملديف في المحيط الهندي مكافحة مشكلة تلوثه بالمواد البلاستيكية إحدى أولوياته. فالشواطئ الجميلة والبيئة البحرية الفريدة جعلت السياحة على رأس القطاعات، وساعدت على رفع البلد إلى وضع البلدان المتوسطة الدخل، بمعدل إلمام بالقراءة والكتابة عند 100% ومتوسط عمر متوقع عند 77 سنة. لكن هذا التطور كان له ثمنه. فالنفايات التي تنتجها جزر المنتجعات في البلد ومطاره الدولي أكبر بست مرات من النفايات التي ينتجها السكان المحليون.

واعتمدت الحكومة “نهج من النفايات إلى الثروة” في خطتها الاستراتيجية الوطنية، ويساعدها مشروعان يمولهما البنك الدولي، وهما مشروع الملديف للبيئة النظيفة ومشروع تعزيز قدرة شباب الملديف على العمل والصمود، على وضع نظام مستدام لإدارة النفايات وبناء القدرات وتوعية الشباب بإرساء الأساس لبيئة أكثر نظافة وأمنا في الملديف. وباستخدام نهج متعدد الجوانب يعمل هذان المشروعان مع الحكومة على إنشاء مرافق لإدارة النفايات وتدعيم السياسة الوطنية المتعلقة بإدارة النفايات وفصل النفايات في المصدر ووضع نماذج أعمال جديدة لتحسين دمج إدارة النفايات.

وسيساعد المشروعان أيضا على تهيئة فرص عمل خضراء وريادة الأعمال الخضراء بهدف تعزيز اقتصاد البلاد.

علاوة على ذلك، توجد منظمات محلية عديدة تساند الحد من النفايات البلاستيكية والاقتصاد الدائري من بينها منظمة بارلي للملديف، التي تعمل بشكل مباشر مع جماعات محلية ومجتمعات محلية على الجزر لتعزيز جهود الحفاظ على البيئة والتصدي للنفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها مع توعية الشباب.

أي جهد له أهميته
يمثل التلوث البلاستيكي مشكلة معقدة وعالمية لا بد من حلها قبل حدوث المزيد من الضرر البيئي. ويجب أن نطرح أسئلة جديدة تضيف إلى قاعدتنا المعرفية، وأن نتخذ نُهجاً إبداعية في وضع السياسات، وندعم الابتكار الرائد. ويمكن لهذه الجهود أن تبدأ صغيرة وتنمو بشكل يفوق خيال أي شخص.

وما عليك سوى سؤال إيساتو سيساي.
ففي 1998، قررت سيساي – التي تعيش في غامبيا التي تساء إدارة 84% من نفاياتها البلاستيكية فتؤدي إلى انسداد مجاري الصرف الصحي وانتشار الأمراض والفيضانات وتلوث مصادر الغذاء – تحويل هذه النفايات البلاستيكية إلى أصل مثمر بمعالجة النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى أشرطة يمكن نسجها وتحويلها إلى منتجات كالحقائب والمحافظ النسائية والرجالية.

وفي نهاية المطاف وسّعت سيساي مشروعها البيئي الصغير خارج حدود قريتها نجاو.

تقول سيساي: “بصفتي غامبية وأفريقية، أردت أن أساهم في ذلك [حل أزمة المواد البلاستيكية]. لست شخصاً ثريّاً، ولست نجماً تعليمياً كبيراً، وكل ما في الأمر أنه كانت لديّ بعض المعلومات، ولم أستطع الاحتفاظ بهذه المعلومات لنفسي، بل أردت تشارُكها مع الآخرين”.
واليوم تقوم مبادرة نساء غامبيا بتدريب وتمكين آلاف المجموعات من النساء والشباب والمعاقين لكسب المال مع تقليص النفايات البلاستيكية في مجتمعهم المحلي. وسافرت سيساي – الملقّبة “ملكة إعادة التدوير” في غامبيا – حول العالم، حيث روت قصتها وألهمت الآخرين لاتخاذ إجراءات جريئة لمعالجة التلوث بالمواد البلاستيكية.
المواد البلاستيكية وُجدت لكي تبقى، لكن لا يلزم أن يكون حال النفايات البلاستيكية كذلك. ويضع البنك الدولي خبرته التي تمتد لعقود من الزمن موضع التنفيذ، محولاً تحديات التلوث بالمواد البلاستيكية إلى فرص لتحقيق تنمية خضراء وقادرة على الصمود وشاملة للجميع.
https://www.albankaldawli.org/ar/news/immersive-story/2022/07/01/unpacking-the-plastics-challenge?cid=ECR_E_NewsletterWeekly_AR_EXT&deliveryName=DM148219

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

ذياب بن محمد بن زايد: الحد من التلوث البيئي أولوية إماراتية ضمن الأهداف العالمية للتنمية المستدامة

بمناسبة توقيع اتفاقية تعاون بين مؤسسة الأنهار النظيفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: ستقوم مؤسسة “الأنهار …