عيسى الهاشمي لـ«الاتحاد»: مشاركة القطاعات ركيزة لتحقيق الحياد المناخي

الوكيل المساعد للمجتمعات المستدامة ب”التغير المناخي” لـ الاتحاد:
عيسى الهاشمي: الاسمنت والطاقة والنقل والنفايات والمال أهم القطاعات لرفع طموح مشاركتها بالعمل المناخي

قال عيسى الهاشمي، الوكيل المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة والوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، إن الوزارة تركز ضمن استراتيجيتها لتحقيق مستهدفات مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي 2050، على تعزيز مشاركة كافة القطاعات على مستوى الدولة في خفض معدلات انبعاثات الاحتباس الحراري وبالأخص ثاني أكسيد الكربون، ورفع طموح هذه القطاعات للعمل المناخي، لافتاً إلى أن قطاع الصناعة، والطاقة والنقل وصناعات الإسمنت والقطاع المالي تأتي في مقدمة القطاعات التي يجري العمل على تعزيز التعاون والتنسيق معها وتحفيز ورفع طموح مشاركتها في جهود مواجهة تحدي تغير المناخ.
وأشار الهاشمي في حوار مع «الاتحاد» إلى أن الوزارة ضمن منظومة عملها التي تشمل إقرار بنية تشريعية مرنة وإطلاق مبادرات وبرامج متخصصة لتعزيز العمل المناخي، أطلقت سلسلة «الحوار الوطني حول الطموح المناخي»، والتي تهدف إلى عقد لقاءات مباشرة مع ممثلين عن المؤسسات الحكومية والخاصة المسؤولة والعاملة في كافة القطاعات لتقييم وضعها الحالي وتبادل النقاش والمعارف حول متطلباتها لرفع طموحها وتعزيز مشاركتها في جهود العمل المناخي بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
وتابع: «كما تهدف المبادرة إلى تحديد توقعات الاستدامة والعمل المناخي على مستوى كل قطاع، تحديد التقنيات والحلول الابتكارية التي من دورها تسريع وتيرة العمل في كل قطاع، وتحديد الفاعلين الرئيسيين في كل قطاع وبالأخص من المؤسسات الخاصة».
وأوضح أن المبادرة تستمر خلال الفترة من مايو وحتى سبتمبر 2022، ويتم عبرها عقد اجتماع شهري، تتم خلاله مناقشة احتياجات ومتطلبات وأولويات كل قطاع على حدة والتوجهات المستقبلية لتعزيز مشاركته في جهود السعي لتحقيق الحياد المناخي بمشاركة صناع القرار وأصحاب المصلحة فيه وبقيادة الجهات الحكومية المعنية في الدولة، بما يضمن تطبيق أسلوب التصميم التشاركي.

الاجتماع الأول
قال الهاشمي «خلال الاجتماع الأول من المبادرة دعت الوزارة أكثر من 50 جهة من القطاع الحكومي والخاصة وشركات التكنولوجيا المتطورة العاملة في قطاعات النفايات والإسمنت والطاقة والتكنولوجيا المتطورة، ووصل عدد المشاركين في الاجتماع من الممثلين لهذه القطاعات 83 مشارك، وشكلت مساهمات صناعات الإسمنت في إجمالي الانبعاثات الكربونية على مستوى الدولة الموضوع الرئيس للاجتماع، حيث تصل مساهمة مصانع الإسمنت والبالغ عددها 13 مصنع في الدولة 6% من إجمالي الانبعاثات الكربونية محلياً».
وأوضح أن النقاشات المتبادلة بين المشاركين خلصت إلى أن وصول هذا القطاع والصناعة إلى الحياد المناخي يعتمد على 4 حلول أو مبادرات مقترحة وتشمل مبادرة تقليل الاعتماد على حجر الكلس في إنتاج الإسمنت والاعتماد على بدائل أخرى صديقة للبيئة منها calcite، ومبادرة لتمكين استخدام الطاقة المتجددة في المصانع، ومبادرة لاستخدام الوقود البديل RDF وأنظمة استعادة الطاقة، بالإضافة لمبادرة لتعزيز استخدام وتوظيف تقنيات التقاط الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه.
وتابع: «كما خلص الاجتماع إلى أن أهم ممكنات تقليل البصمة الكربونية لقطاع صناعة الإسمنت تمثل في تنظيم مواصفات الإسمنت وتوحيدها على مستوى الدولة، وأيضاً استخداماته ضمن كود البناء الوطني، بالإضافة إلى توفير الوقود البديل بصورة وأسعار منخفضة نسبياً».

الاجتماع الثاني
في يونيو الماضي نظمت الوزارة الجلسة الحوارية ضمن سلسلة الطموح المناخي والتي استهدفت قطاع الطاقة وأقيمت تحت عنوان «قطاع الطاقة ودوره التحفيزي للوصول إلى الحياد المناخي»، 52 ممثلاً عن الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص بما في ذلك شركات الطاقة الرائدة في الإمارات.
وتناولت الجلسة مناقشات واسعة من المشاركين حول توجهات سوق الطاقة العالمي وحركة تحول الطاقة لخدمة أهداف العمل البيئي والمناخي، وما تحمله مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة من آفاق اقتصادية عالية، كما تناول النقاش مشهد القطاع على الصعيد المحلي، وتم تسليط الضوء على الحلول الناشئة التي تساعد على بناء منظومة طاقة محايدة مناخياً مثل الهيدروجين النظيف.

الاجتماع الثالث
وفي نهاية يوليو الماضي، ركزت جلسة الحوار الوطني حول الطموح المناخي الثالثة، والتي استهدفت القطاع المالي، على مدى الحاجة العالمية والإقليمية والمحلية لبرامج تمويلية مبتكرة تخدم أهداف الوصول للحياد المناخي، وضمت الجلسة الحوارية 80 ممثلاً عن مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص ذات العلاقة بما في ذلك الجهات التنظيمية المالية والبنوك وشركات التمويل.
وتناولت الجلسة تقديرات احتياج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 1.2 تريليون دولار استثمارات لإزالة الكربون من منظومة الاقتصاد الإقليمي.
وشهدت السنوات الماضية تطوراً كبيراً في قطاع التمويل المستدام في دولة الإمارات، إذ تم إطلاق إطار عمل الإمارات للتمويل المستدام في 2021 والذي يستهدف تكثيف التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وتوجيه رأس المال نحو الاستثمارات الذكية مناخياً والصديقة للبيئة.

كما حددت أجندة التمويل المستدام لسوق أبوظبي العالمي خريطة طريق لتطوير مركز تمويل مستدام في الدولة بهدف تعزيز الاستثمارات الخضراء والمستدامة في المنطقة.
وتعزيزاً لمساهمات القطاع الخاص في هذا المجال، يُلزم إعلان دبي بشأن التمويل المستدام، وإعلان أبوظبي للتمويل المستدام المؤسسات المالية التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها بالمساهمة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال تمويل المشاريع المستدامة.
كما تجمع مجموعة عمل دبي للتمويل المستدام منظمي القطاع المالي وأسواق المال على المستوى المحلي وتعزيز التعاون والتنسيق بينها بهدف خلق بيئة مواتية للتمويل المستدام، وخلال فعاليات مؤتمر COP26 في المملكة المتحدة أعلنت المجموعة بيان دولة الإمارات رفيع المستوى بشأن التمويل المستدام الذي يعزز التزام المنظمين وأسواق المال بدعم الطموح المناخي.

التحديات وفرص النمو
لفت الوكيل المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة والوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، إلى أن مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي تقوم على مبدأين رئيسيين الأول يتمثل في تطبيق أسلوب التصميم التشاركي، والذي يعتمد على مشاركة كافة مكونات المجتمع وأصحاب المصلحة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص في تصميم خريطة طريق واضحة للوصول للحياد المناخي، فيما يعتمد المبدأ الثاني على نموذج الإمارات الرائد في مواجهة التحديات والقائم على تحويل كافة التحديات إلى فرص نمو، ويعمل الحوار هنا على إيجاد منصة نقاش مع أصحاب المصلحة وبالأخص القطاع الخاص لتعزيز مشاركتهم في مسيرة العمل المناخي محلياً على توضيح إمكانات النمو والتطور التي ستوفر اعتماد ممارسات الاستدامة والمساهمة في خفض الانبعاثات بشكل يواكب التوجه نحو التحول للاقتصاد الأخضر، وتحول الطاقة والاقتصاد الدائري.
وتابع عيسى الهاشمي: «وضماناً لتحقيق الأهداف المرجوة من الحوار حرصت الوزارة على المشاركة الواسعة لممثلي القطاع الخاص، والاستماع بشكل مباشر لرؤيتهم المستقبلية واحتياجاتهم ومتطلباتهم وأولوياتهم والنقاش معهم حول كيفية مواكبتهم لتوجهات الدولة ومشاركتهم في تحقيق مستهدفاتهم».

وكانت دولة الإمارات قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي للوصول للحياد المناخي بحلول 2050، كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط تعلن عن نيتها للعمل على هذا التوجه.
وتمثل المبادرة نموذجا جديدا للنمو الاقتصادي المستدام المستند على المعرفة وتعزيز الابتكار والتطوير وتوظيف التكنولوجيا النظيفة على مستوى كافة القطاعات.
المصدر، جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 10 أغسطس 2022 01:46

About هيئة التحرير

Check Also

لماذا مات الكثيرون في إسبانيا؟ لأن أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس المتطرف

من المؤسف أن الفيضانات الشديدة أمر لا مفر منه. ولكن ما ليس حتميًا هو مدى …