“وجبة ….. إبداع وابتكار (83) “دور اليقظة الاستراتيجية في تنمية تنافسية المنظمة (14)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 27 نوفمبر 2022

اليقظة الاستراتيجية ودورها في تنمية وتطوير تنافسية المنظمة
تعتبر اليقظة الاستراتيجية وسيلة لخلق الميزة التنافسية، فهي تلعب دوراً متكاملاً في المنظمة من حيث المعلومات والادوار التي تقوم بها، بدءاً من التنبؤ (التوقع) للتطورات التي تطرأ في بيئات عملها ونشاط منافسيها واكتشاف منافسين جدد أو فرص جديدة في السوق لاستثمارها واستغلالها للبناء عليها سعياً لتطوير أدائها والتمكن من دعم إدارة التغير فيها، كما أن لنشاط المراقبة دور أساسي وفعال في تطوير المنظمة لقياس خدماتها ومنتجاتها في السوق، ومتابعة التطور التكنولوجي، أو تحسين طرق انتاجها أو ابداع طرق جديدة تواجه به التغييرات القادمة.

وباعتبارها المنظمات عنصر ديناميكي ينمو ويتأثر بالتغييرات، فرصد ومراقبة البيئة الخارجية التي تؤثر وتتأثر بها، يجعلها تعي موقعها في خارطة التنافسية ويساعدها على اتخاذ القرارات التي تحقق ميزتها التنافسية وتعزز قدرتها بتميزها عن غيرها من المنظمات لضمان بقائها بصفة مرنة تحقق أهدافها المستمرة، واليقظة بشكل عام تنطبق على جميع المجالات في المنظمة وحتى على المستوى الشخصي، فتبدأ بتوفير المعلومات واستدراكها والعمل على تحليلها واستخدامها وتحقيق خصائص التوقيت والحداثة والدقة والوضوح والملائمة مع شمولية الغرض التي ستستخدم من أجله، لتشكل مورداً حقيقياً مرناً يساعد على التطوير والتغيير واحداث الميزة التنافسية.

فبعض المنظمات تعيش داخل فراغ استراتيجي يبعدها عن أهمية اليقظة الاستراتيجية، وتتخبط بداخله وكأنها عالقة في شبكة عنكبوتية تتصارع بين خيوطها وكأنها حققت الانجازات بهذا التصارع، أو أنها انتقلت إلى مستويات أعلى، ولكنها لاتزال تعيش في ذاك الفراغ، ولا تستطيع الوصول حتى لتشكيل القرارات، وتتعامل مع الفراغ بفراغ أكبر تتوه فيه، فجميع المنظمات مثل الانسان تسعى لتحقيق دورة حياة كبيرة وطويلة ومثمرة، وخاصة في الثورة المعرفية الحديثة وأدواتها المتعددة لنول القيمة الكبرى والمتراكمة منها سعياً لتعبئة الفراغ الاستراتيجي في المحيط الداخلي للمنظمة، فالوقوف بهذه المنطقة الحرجة التي تجعل المنظمة بحالة ترقب وحيرة بين الداخل والخارج وأيهما الاهم، تفقدها ميزة التنبؤ بمحيطها للاستعداد الحقيقي والشفاف لما هو متوقع أن يواجهها من تحديات وفرص.

ويعتبر نشاط التعلم يقظة متطورة يتيح للمنظمة التقدم والبناء على الفرص بالتزود بالمعارف والمهارات والعمل بروح الفريق، للوصول إلى المنظمة المتعلمة، ففراغ التعلم في المنظمات إن لم يتم معالجته سيشكل ميزة عكسية تراجعية في حياتها، كما ويعتبر نجاح وتميز المنافسين حالة تعلم جديدة فيجب استغلالها لتطور قدرات المنظمة والبناء والاضافة عليها لصنع أساليب ابتكارية تنافسية، فاليقظة الاستراتيجية أسلوب متطور في دعم التطور التنظيمي وقيمة مضافة في تحقيق الميزة التنافسية من خلال دعم نظام الابتكار واستثمار الافكار الجديدة لخلق ميزة التنافسية تتميز بها عن غيرها من المنظمات والتعامل معها بشكل ريادي.

ولا يمكن للمنظمات أن تعيش التميز من الخارج إلى الداخل، ولا أن تعيش المستقبل إن لم تتعامل مع الحاضر واستثمار المخزون المعرفي لتستعد لاستشراف المستقبل وبناءه، فالغد دوماً هو المستقبل ولا يمكن أن نصل إليه إن لم نعيش الحاضر، وهكذا اليقظة الاستراتيجية لها الدور البناء في تحقيق الذات الداخلية للمنظمة وتنظمها حسب الخلايا المطلوبة لدورتها، مثل الاتصال والتواصل وسلاسة تنقل المعلومة وغيرها، وبغيابها تفقد المنظمة غاية اليقظة، ولن تأتي بثمارها في تحقيق الميزة التنافسية، فغاية اليقظة الاستثمار في المعلومات وربطها وتحليلها للحقيقة المستقبلية القادمة المتجددة بتجدد الحاضر والبحث المستمر عن الفرص الجديدة التي لا يتوقعها منافسينا.

فمن الضروري أن تستغل المنظمة وتستثمر هذا العصر المعرفي بشمولية تامة لتحقيق استراتيجيتها وهويتها التي خططت لها، سعياً لتحقيق توازنها الاستراتيجي وتحريك عجلة الاداء بمرونة ورشاقة مستمرة باستثمار أنشطة اليقظة الاستراتيجية لبيئاتها، ولو تغافلنا أهمية التقييم الذاتي والمستمر للمنظمات ودوره في وضع اللبّنات الاساسية في التنظيم والتعامل مع مخرجاته بأساليب وأفكار ابداعية، يعطينا قراءة ونتائج عكسية ومحبطة، فالتميز يبدأ من الداخل وتحقيق الاساس المتين والمرن لتكون الانطلاقة بقوة نحو المستقبل، والعكس غير صحيح، وإلا تكون حينها تعيش الوهم وتعلم موظفيها الفشل المستدام.

فماذا لو وضعت المنظمة في تخطيطها الاستراتيجي منافس افتراضي يحثها بشكل مستمر إلى ما أبعد من رؤيتها والعمل عليها وتجديدها بكل الاساليب الاستراتيجية والادارية، بما يضمن لها المرونة العالية في التخطيط والتنفيذ واقتناص الفرص وصنع القرارات السليمة إذا تم استخدامها بالشكل الامثل.

فالتغيير يعني إحداث تعديلات تتوافق مع أوضاع المؤسسة، أو تغييرات في استحداث أساليب إدارية وأوجه نشاط جديدة تحقق للمؤسسة ميزة تنافسية عن غيرها، فلا بد من ممارسة الاتصال والتواصل والتغذية الراجعة والتعلم المستمر باستثمار المعلومات لتصحيح المسار الاستراتيجي، فاليقظة الاستراتيجية تعدل مسار البوصلة بالمنظمة بتوضيح الاتجاهات الرئيسية لها والقوى المحركة لتعديل الاطار الاستراتيجي، وتعمل على تعزيز ادارة التغيير وتحقيق الاستباقية في التوصل لحل المشكلات ومعالجتها، فلا يمكن أن تحقق المنظمة الميزة التنافسية إلا إذا طبقت اليقظة بجميع مجالاتها وأنشطتها.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …