36 مليون شجرة تتآكل سنوياً
تمتص المياه غير النظيفة وتلعب دوراً اساسياً في الحد من مستوى الفيضانات
تسهم في خفض استهلاك الطاقة عبر أجهزة التبريد بقيمة اربعة مليارات دولار سنوياً
10 ملايين هكتار من الغابات تختفي سنوياً حسب إحصائية من الأمم المتحدة محذرة من تآكل الأشجار والحرائق المشتعلة بسبب الأنشطة الإنسانية التي تسبب زيادة في تأثيرات التغيرات المناخية على العالم، ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة تزيد سنوياً عن الماضي. ووفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، يفترض أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتصلة بالإنسان بنحو 45 في المئة بحلول 2030 عن المستويات التي سجلتها عام 2010، إذا ما أردنا الوصول إلى صافي صفر من انبعاثات غازات الدفيئة، بحلول منتصف القرن.
حسب بحث علمي لجامعة ويسكونسن ماديسون الأميركية، للأشجار قدرة على خفض درجات حرارة الأرض خلال الصيف بمعدل عشر درجات فهرنهايت، إلا أن غطاء الأرض من الأشجار يشهد انكماشاً بمعدل 36 مليون شجرة سنوياً، بل يمتد ليؤثر على منطقة أو إقليم بأكمله حيث تربط الدراسة بين خسارة الأشجار وتلوث الهواء.
وتوضح الدراسة العلمية، أن أهمية الأشجار لا تقتصر فقط على الدور الذي تلعبه في خفض درجات الحرارة وخفض معدلات التلوث من خلال امتصاصها للكربون، إذ تسهم أيضاً في خفض استهلاك الطاقة عبر أجهزة التبريد بقيمة أربعة مليارات دولار أميركي سنوياً. فالأشجار توفر الظل علي المنازل بما يخفض من سخونتها ويقلل الحاجة إلى خفض درجات الحرارة بداخلها.
وظيفة الأشجار ليس خفض الحرارة فقط حسب الدراسة وإنما تعمل كذلك كمرشح للمياه حيث تمتص المياه غير النظيفة، كما تلعب دوراً أساسياً في الحد من مستوى الفيضانات من خلال امتصاصها للمياه، وإلى جانب ما تضفيه من جمال على أي مكان، للأشجار القدرة على تشتيت الضوضاء ولهذا غالباً ما نجدها على جانبي الطرق السريعة أو بجوار الأسوار الفاصلة بين المنازل أو المناطق السكنية. كما تمتص الأشجار 96 بالمئة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة. وبالإضافة لتآثيرها على البشر، الأشجار هي ملجأ الطيور بكل أنواعها، كما توفر المسكن والغذاء في الغابات للحيوانات.
كيف نحل ذلك؟
الباحث المصري في الأرصاد الجوية الدكتور كمال جعفر يشير بدوره إلى أنه لابد للبشرية أن تقلل من انبعاثاتها لغازات الاحتباس الحراري بوقف الإسراف الشديد في استهلاك الطاقة الأحفورية والتوجه إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، من طاقات الإشعاع الشمسي وسرعة الهواء وسقوط الماء من المرتفعات، وحتى الطاقة المتولدة من موجات البحار والمحيطات. والأمل بعد الله معقود على مؤتمرات المناخ ونجاحها في عمليات التخفيف من الإسراف والتوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة.
وأضاف لـ«الاتحاد الأسبوعي»، أن شدة الأمطار المصاحبة للأعاصير فرغت كثير من الطاقة المختزنة في المحيطات وزودت الغابات بكثير من المياه مما يشجعها على تجديد نفسها. فإذا تجددت ولو جزئياً فقد يخفف هذا قليلاً من التطرف الحار للطقس العام القادم فقط ثم تعود الزيادة مرة أخرى بعد تزايد الطاقة المختزنة في المحيطات، والتي تمد الأعاصير بطاقتها المدمرة.
وأكد أن تغير المناخ باحترار كوكب الأرض وصل إلى أكثر من درجتين على اليابسة مما أدى إلى تطرف شديد في الطقس الحار حتى شاهدت لندن درجة أكثر من 40 لأول مرة في تاريخها. وهذا أدى إلى زيادة شدة الغابات واتساع نطاقها بشكل غير مسبوق، والغريب في هذا العام هو تزامن هذا مع زيادة شدة الأعاصير المدمرة واتساع نطاقها أيضاً.
وأكمل أن ذلك يزيد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والذي يسير في الدورة العامة للهواء لينتشر في هواء الكرة الأرضية كلها، حيث يمكث أكثر من 100 سنة في الغلاف الجوي ولا تستطيع الغابات امتصاصه إلا قليلاً لأن الكثير منها قد احترق. وبالتالي يمكث ثاني أكسيد الكربون، وهو من غازات الاحتباس الحراري، طويلاً في الغلاف الجوي، فيحبس الحرارة مرة أخرى ولا يجعلها تهرب جميعها إلى الفضاء، فتزداد درجة حرارة الكوكب مرة أخرى لتزيد من شدة ووتيرة الحوادث المتطرفة في الطقس مرة أخرى، فيؤدي هذا إلى احتراق آخر أشد وأوسع في الغابات خلال الأعوام القادمة، وكذلك زيادة شدة ووتيرة الأعاصير المدمرة في المناطق المدارية شرق القارات. من هنا يتضح أن احتراق الغابات هو نتيجة وسبب أيضاً لتغير المناخ.
المصدر: جريدة الاتحاد، عبدالله أبو ضيف (القاهرة) 17 ديسمبر 2022 00:24