مامي ميزوتوري لـ«الاتحاد»:
دبي الأولى عالمياً في المرونة وفقاً لبرنامج “مدن الصمود 2030”
نتطلع الى البناء على نتائج «COP28» ومنجزات «COP27»
المنطقة العربية تواجه مخاطر نظامية كتزايد انعدام الأمن الغذائي والكوارث والنزاعات
أكدت مامي ميزوتوري، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ورئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، أن استضافة دولة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) خلال عام 2023، يأتي تأكيداً على الاعتراف العالمي بريادة الدولة في مجال الاستدامة المناخية.
وذكرت ميزوتوري في حوارها مع «الاتحاد»، بأنه تمّ الإعلان عن مدينة دبي كأول مركز للمرونة على مستوى العالم وذلك ضمن برنامج مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والخاص بجعل المدن قادرة على الصمود 2030 (مدن مرنة 2030)، حيث يشهد المكتب لإمارة دبي التزمها بقيادة المرونة الحضرية، وجهودها الهائلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على سلامة ومستقبل مواطنيها والمقيمين فيها.
وأوضحت مراكز الصمود بالمدن التي أظهرت بالفعل ريادتها في إدراج المخاطر والقدرة على الصمود في السياسات والنهج المحلية، حيث تعمل المراكز على تعزيز التعاون بين مدينة وأخرى وإلهام المجتمعات الأخرى لتصبح أكثر مرونة في مواجهة الكوارث خلال (COP28) في عام 2023، مؤكدة على عمل الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث خلال الدورة الجديدة من المؤتمر مع مراكز المرونة في تبادل المعرفة وبناء القدرات لإلهام المزيد من الحكومات المحلية في الالتزام بمزيد من المرونة.
وأشارت إلى تطلع الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث إلى البناء على النتائج المزمع تحقيقها بالدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دولة الإمارات خلال العام المقبل (COP28)، والإنجازات التي تم تحقيقها بالدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في مدينة شرم الشيخ خلال نوفمبر الماضي من العام الجاري (COP27)، والعمل على التعويض عن الإخفاقات من خلال التزامات أكبر لخفض الانبعاثات للحفاظ على حد 1.5 درجة مئوية وتقديم المزيد من التمويل للتكيف مع تغير المناخ.
مستقبل خالٍ من الكوارث
وبسؤالها عن الأهداف الرئيسة للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والدول العربية في (COP28)؟ قالت ميزوتوري: «سيكون من المهم البناء على التقدم المحرز حتى الآن، لا سيما في تنفيذ مبادرة «الإنذار المبكر للجميع» ومساعدة جميع البلدان على تحقيق مستقبل خالٍ من الكوارث، حيث تدعو خطة العمل التنفيذية للمبادرة إلى استثمارات أولية مستهدفة جديدة بقيمة 3.1 مليار دولار بين عامي 2023 و2027، أي ما يعادل 50 سنتاً فقط للفرد سنوياً، كما ستعالج الخطة الثغرات الرئيسية في فهم مخاطر الكوارث والرصد والتنبؤ والتواصل السريع والاستعداد والاستجابة»، مؤكدة عمل الأمم المتحدة ضمن مبادرة مدن مرنة 2030، على تعزيز التعاون بين مدينة وأخرى، وخير دليل على ذلك فإن مدينة شرم الشيخ المستضيفة لـ (COP27) أصبحت أول مركز مرونة أفريقي في المنطقة، بعد خطوات مدينة دبي التي يقام فيها (COP28)، أول مركز مرونة في جميع أنحاء العالم.
أدوار الأمم المتحدة في COP28
وحول أدوار مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في مؤتمر (COP28) المزمع انعقاده على أرض الإمارات في عام 2023؟ أشارت ميزوتوري إلى أن المكتب سيركز على تنفيذ مبادرة «الإنذار المبكر للجميع»، لا سيما على الأنشطة المتعلقة بمعرفة مخاطر الكوارث، كما سيتعاون أيضاً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية لتطوير نظام تتبع جديد لتسجيل وتحليل المخاطر والخسائر والأضرار الناجمة عن الكوارث، إلى جانب المشاركة المستمرة في عمليات (COP28) المتعلقة بالتكيف والحد من مخاطر الكوارث، مشددة على أن المرونة الحضرية المشار إليها أعلاه ستكون أيضاً محور تركيز مهماً في مدينة دبي التي تقام فيها الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في 2023، نظراً لكونها مركزاً للمرونة ومتقدمة في العمل للحد من مخاطر الكوارث، حيث يمكن أن تلهم المجتمعات الأخرى لاتخاذ إجراءات.
خفض انبعاثات الغازات
وأكدت على ضرورة خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري غير الخاضعة للرقابة، لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية كأولوية عالمية عاجلة، وتحتاج جميع البلدان – بما في ذلك البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل – إلى مزيد من الطموح لخفض مستويات الانبعاثات، إلى جانب الجهود المبذولة للحد من الضعف والتعرض، وهذا ينطبق على الدول العربية، طبعاً هناك دول عربية أقل من غيرها بكثير في المساهمة في تغير المناخ في حين أنها الأكثر تأثراً مثل الصومال والسودان، وعلى سبيل المثال تواجه الصومال حالياً آثار أسوأ موجة جفاف تضرب القرن الأفريقي منذ 40 عاماً، حيث تتعرض بعض مناطق البلاد لخطر المجاعة بسبب تداعياته.
منجزات مؤتمر شرم الشيخ
وبسؤالها عن منجزات مؤتمر شرم الشيخ (COP27)؟، قالت ميزوتوري، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ورئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث:«جاء المؤتمر في أعقاب عام شهد العديد من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الدمار الأخير في باكستان، ويعد قرار إنشاء وتشغيل صندوق الخسائر والأضرار للبلدان الضعيفة التي تضررت بشدة من الكوارث المناخية إنجازاً تاريخياً، نظراً لكونه يتوج ثلاثين عاماً من الدعوة الحازمة من قبل الجزر الصغيرة والبلدان الأقل نمواً والمجتمع المدني، كما يعد اعترافاً بعدم ترك البلدان المساهمة بأقل قدر في خلق أزمة المناخ، تحمل تكاليف الكوارث بمفردها».
وذكرت أنه ضمن المنجزات الأخرى التي حظيت بالترحيب الاتفاق على تحديد الترتيب التشغيلي والمؤسسي لشبكة «سانتياغو»، مما يمهد الطريق أمام تقديم المساعدة التقنية للبلدان النامية الضعيفة لتجنب الخسائر والأضرار وتقليلها ومعالجتها، بالإضافة إلى إطلاق الأمين العام للأمم المتحدة خطة العمل لتحقيق مبادرة الإنذار المبكر للجميع، ودعا مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية للمشاركة في قيادة هذه المبادرة، حيث تعالج خطة العمل الثغرات الرئيسية في فهم مخاطر الكوارث والرصد والتنبؤ والتواصل السريع والاستعداد والاستجابة، كما ستنقذ الأرواح وتحمي سبل العيش، بالإضافة إلى المساهمة بشكل كبير في تحقيق إطار «سنداي» للحد من مخاطر الكوارث، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
مخاطر حالية ومستقبلية
وبسؤالها حول أنواع التحديات والمخاطر التي تتعرض لها الدول العربية بشأن تغير المناخ حالياً ومستقبلاً وأهم الحلول لهذه المخاطر؟ قالت ميزوتوري، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ورئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث: «خلال السنوات الثلاثين الماضية، تأثرت المنطقة العربية بأكثر من 270 كارثة، مما أدى إلى وفاة أكثر من 150 ألف شخص وتضرر ما يقرب من 10 ملايين شخص»، مشيرة إلى أن المنطقة العربية معرضة لأخطار طبيعية يتفاقم بعضها ويتأثر بتغير المناخ ونادراً ما تُسجَّل الأحداث المحلية ذات الأثر الصغير والمتوسط، مثل السيول والانهيارات الأرضية، بطريقة منهجية مع أنها تؤثر سلباً على السكان المتضررين في الأجلين المتوسط والطويل، كما تؤثر أحداثٌ أخرى على مناطق أكبر وعابرة للحدود الوطنية في الكثير من الأحيان، مثل الزلازل والعواصف الرملية والترابية والجفاف والأعاصير، ومع ذلك، فإن المخاطر التي نواجهها لم تعد مخاطر فردية، فهي مخاطر نظامية وتأثيراتها متتالية، ومن الأمثلة على ذلك في المنطقة العربية، المخاطر الريفية والزراعية مع تزايد انعدام الأمن الغذائي والتوسع الحضري السريع والعلاقة بين تغير المناخ والكوارث والنزاعات والهجرة. وتابعت: «بينما تتزايد الأخطار المتعلقة بالمناخ بسرعة، إلا أنه يتوجب الحد من قابلية التأثر والتعرض حتى لا تتحول الأخطار، مثل الفيضانات أو الأعاصير، إلى أحداث وكوارث متطرفة، حيث يعيش اليوم 10% من سكان العالم في فقر مدقع، ويعاني حوالي 193 مليون شخص في 53 دولة من انعدام الأمن الغذائي الحاد»، مشددة على الحاجة لاستثمارات والتزامات أكبر بكثير للحد من الضعف ومعالجة عدم المساواة. وأكدت على توفر الفرصة لمعالجة هذه المشاكل في المنطقة العربية من خلال اعتماد أجندة للحد من مخاطر الكوارث، بهدف إدارة المخاطر ومعالجتها بفعالية على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، وهذا يشمل التخطيط والتنفيذ والتمويل المتكامل الذي يحدد الإجراءات اللازمة للحد من مخاطر الكوارث المرتبطة بالمناخ والوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً.
تجنب الآثار
وحول حرص المشاركين في مؤتمر الأطراف في شرم الشيخ (COP27) على إلقاء الضوء على حاجة العالم إلى مزيد من الطاقة بأقل انبعاثات ممكنة، ومدى قدرة الدول العربية على الانتقال في قطاع الطاقة بشكل سريع، أم تحتاج إلى سنوات طويلة؟ قالت ميزوتوري: «لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، يتوجب خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 وصافي الصفر بحلول عام 2050، وللقيام بذلك، تحتاج جميع البلدان إلى التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري والاستثمار في الطاقة المستدامة»، مشيرة إلى أن معظم الدول العربية حددت أهدافاً كجزء من خططها الوطنية للطاقة المتجددة أو استراتيجيات الطاقة المستدامة، وتظهر هذه الأهداف التزاماً سياسياً بالانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة، ومن المهم في جميع قرارات البنية التحتية، بما في ذلك الطاقة، التأكد من أن الاستثمارات واعية بالمخاطر واتخاذ نهج شامل لعملية الانتقال، بما في ذلك النظر في التأثير على موارد المياه في منطقة تعاني من شح المياه».
الابتكار الزراعي
وبسؤالها عن مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ» والتي أطلقتها الإمارات وأميركا خلال فعاليات مؤتمر الأطراف (COP26) في غلاسكو العام الماضي2021؟، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ورئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث:«المبادرة مهمة جداً، حيث تدعم تسريع ابتكار أنظمة زراعية وغذائية العمل المناخي، وذلك لأن القطاع الزراعي يتحمل المسؤولية عن 25 في المئة تقريباً من الانبعاثات الضارة بالبيئة عالمياً، ونظراً لتأثير تغير المناخ على الممارسات الزراعية طويلة الأمد مع التغيرات في درجات الحرارة العالمية، نأمل تعزيز هذه المبادرة قدرة القطاع الزراعي على الصمود في مواجهة الكوارث المناخية ودعم العمل المناخي العالمي الأكبر بشكل عام».
تعاون إقليمي
وحول خطط المكتب المستقبلية بهذا الشأن؟، قالت ميزوتوري: «ضمن الأولويات المهمة توسيع أنظمة الإنذار المبكر لما لها الدور الأبرز في معرفة الأحداث والكوارث المتطرفة، والاستمرار في الدعوة إلى القضاء على الكوارث المناخية للحد من الضعف والتعرض حتى لا تتحول الأخطار – مثل الفيضانات أو الأعاصير – إلى أحداث وكوارث متطرفة أو تؤدي إلى خسائر وأضرار كبيرة، والتعاون الإقليمي الحاسم في العمل لمواجهة التحديات، ومن الأمثلة الجيدة في هذا الصدد، المنتديات الإقليمية العربية للحد من مخاطر الكوارث والتي يسبقها اجتماعات الشراكة العربية والمنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية والأوساط الأكاديمية والمجتمعات المدنية والإعلام.
في الخطوط الأمامية
وحول كثرة الحديث مؤخراً عن عدم تسبب الدول العربية بظاهرة تغير المناخ؟ قالت ميزوتوري:«ليس هناك شك في أن تغير المناخ غير عادل إلى حد بعيد، وتسهم البلدان الأكثر ضعفاً بأقل قدر في الانبعاثات العالمية، ولكنها في الخطوط الأمامية لتأثيرات المناخ بموارد أقل للتكيف والاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث، وبالنظر إلى هذا السياق، يجب ألا تكون الاستجابة لتغير المناخ فعالة فحسب، وإنما عادلة أيضاً، ولأجل معالجة تغير المناخ، تحتاج أغنى دول العالم بالتأكيد إلى تكثيف الجهود والقيام بالمزيد».
المصدر: جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 27 ديسمبر 2022 01:38