عيسى الهاشمي الوكيل المساعد في وزارة التغير المناخي والبيئة لـ “الاتحاد”:
الإمارات نموذج رائد في حماية الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي
المبادرات تتعلق بجودة الهواء وتغير المناخ وإدارة النفايات والمواد الكيميائية
رفع مستويات جودة الحواء حفاظاً على الصحة العامة
المحافظة على البيئة أولوية استراتيجية وطنية
أكد عيسى الهاشمي، الوكيل المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن الوزارة تعكف خلال العام الجاري 2023 على تنفيذ أربع خطط بيئية ومتضمنة العشرات من المبادرات والمشاريع والبرامج في كل خطة على حدة، وذلك لتحقيق عدة أهداف؛ أهمها المحافظة على النظم البيئية ومواردها وخدماتها الإيكولوجية، وتعزيز جودة الحياة في الدولة حاضراً ومستقبلاً، ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ودمج الاعتبارات البيئية وضمان استدامتها في سياسات وخطط القطاعات المختلفة في الدولة.
وأوضح الهاشمي في حواره مع «الاتحاد»، أن الخطط الأربع تواكب توجهات الحكومة الرشيدة في المضي قدما خلال العام الجديد بطموح لا حدود له، لتحقيق المزيد من الإنجازات الهادفة لمصلحة الوطن والمواطن، واستكمالاً لمسيرة التنمية التي تشهدها الإمارات في مختلف القطاعات والمجالات كالقطاع البيئي.
وبيّن الهاشمي أن المحافظة على البيئة شكلت أولوية استراتيجية لدولة الإمارات منذ تأسيسها، وعلى مدار 51 سنة قدمت الدولة بفضل رؤى وتوجيهات قيادتها الرشيدة نموذجاً رائداً في جهود حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية وضمان استدامة تنوعها البيولوجي، لافتاً إلى أن الحكومة الرشيدة تحرص على بذل جهود مكثفة لترسيخِ جذور الاستدامة البيئية ضمن أطر تنظيمية وتشريعية بحتة، وذلك من خلال المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة، وانطلاقًا من ذلك، فقد بذلت الوزارة جهود عدة خلال السنوات الماضية من بينها سن قوانين حماية البيئة ورسمِ السياسات التي من شأنها الحفاظِ عليها، وإنشاء المحميات الطبيعية في مختلفِ أرجاء الدولة سعيا للمحافظة على التنوع البيولوجي، وتوفير الحماية للموائل الطبيعية من الاندثار قدر الإمكان، وتوظيف الحلول المبتكرة والتقنيات المختلفة في الزراعة، وتنظيم حملات التوعية بأهمية حماية البيئة، وحماية الثروة الحيوانية والسميكة، واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية البيئة وغيرها الكثير.
إنجازات ومكتسبات
أكد الهاشمي أن الخطط البيئية تأتي تعزيزاً لمسيرة إنجازات الإمارات التي تم تحقيقها، وحفاظاً على المكتسبات، ومواكبة لأولويات الحكومة في العام الجاري، حيث تعد البيئة وتعزيز استدامتها الأولوية الثانية من أولويات الدولة الخامسة، كما ستشكل خريطة الطريق لكافة الجهود وتوحيد الطاقات وتوجهات العمل من أجل حماية البيئة في دولة الإمارات خلال 2023.
وأشار إلى أن الوزارة أعدت الخطط المشار إليها أعلاه، بالتعاون مع كافة شركائها الاستراتيجيين من جهات حكومية وخاصة، بعد دراسة واعية ومتأنية للوضع البيئي الراهن في الدولة، وللضغوط والتحديات المتوقع مواجهتها مستقبلاً، وبما يتواكب مع أهداف وأولويات الحكومة الرشيدة خلال العام الجاري ومئوية الإمارات.
مجالات الخطط
وبيّن أن الخطط الأربع توزعت على مختلف مجالات القطاع البيئي كجودة الهواء، والتغير المناخي، والإدارة السليمة والمتكاملة للنفايات، والإدارة السليمة والمتكاملة للمواد الكيميائية، مؤكداً أن أهمية الخطط البيئية تكمن باعتبارها أحد أهم الأدوات التي تحدد التوجهات المستقبلية في مجال القطاع البيئي والارتقاء به حالياً ومستقبلاً، بالإضافة إلى ضمان تنفيذ التزامات الدولة ذات الصلة على المستويين الإقليمي والعالمي.
وبيّن أن الخطة الأولى ارتكزت على مجال جودة الهواء، وتتضمن مجموعة واسعة من المبادرات والبرامج والمشاريع، بهدف رفع مستويات جودة الهواء بشكل عام والارتقاء بمستويات جودة الهواء الداخلي بشكل خاص بما ينعكس إيجابياً على الصحة العامة، مشيراً إلى أن الخطة الثانية ارتكزت على مجال التغير المناخي، كونه التحدي الأهم والأكثر تهديداً لمستقبل البشرية ككل، نظراً لتداعياته من التأثيرات السلبية التي تطال مختلف قطاعات الدولة، وتستهدف الخطة عبر مجموعة واسعة من المبادرات والبرامج والمشاريع، إدارة الانبعاثات وخفض انبعاثات الكربون بشكل خاص، وتعزيز قدرات النظم البيئية والقطاعات المختلفة في الدولة على التكيف مع أثار التغير المناخي.
وأشار إلى أن الخطة الثالثة ارتكزت على مجال الإدارة المتكاملة للنفايات، وتستهدف تقليل معدلات توليد النفايات من مصادرها، والحد من المخاطر والتأثيرات الاقتصادية والصحية والبيئية الناجمة عن المعالجة والتخلص غير المستدام لها، وأن تكون الإمارات نموذجاً رائداً في مجال الاقتصاد الدائري عبر تحويل التحديات المرتبطة بالنفايات إلى فرص تنموية، ومن عبء بيئي إلى موارد اقتصادية مهمة، لافتاً إلى أن الخطة الرابعة ارتكزت على مجال الإدارة السليمة بيئيا للمواد الكيميائية، وتستهدف الخطة تعزيز الأطر التشريعية والتنظيمية التي تضمن الاستخدام الآمن للمواد الكيميائية طوال دورة حياتها، ورفع مستويات الوعي بالمخاطر التي تنطوي على الاستخدام غير السليم وغير الآمن لها من خلال تبني وتطبيق مجموعة من السياسات والتدابير والممارسات عالية المستوى التي تستهدف تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية الخطرة، وخلق سوق جديدة للصناعات الخضراء.
وذكر بأنه على الرغم من تسارع وتيرة نهضة دولة الإمارات في مدى زمني قصير والزيادة السكانية التي رافقتها، ما أفرز ضغوطاً بيئية حادة كاستنزاف موارد المياه الجوفية والثروات المائية والحية وغيرها، إلا أنها عملت على الحد من تلك الضغوط ومعالجة أثرها وإسقاطاتها السلبية بأقصى سرعة ممكنة، انطلاقاً من إدراك القيادة الرشيدة أنّ الاعتبارات البيئية وحماية الموارد يجب أن تظل محوراً وركيزة أساسية للتنمية الشاملة في الدولة، بدليل الإنجازات المتفردة التي حققتها في مختلف مجالات البيئة مثل التنوع البيولوجي والعمل من أجل المناخ والموارد المائية والإدارة المتكاملة للنفايات والإدارة السليمة للمواد الكيميائية وغيرها الكثير.
استشراف المستقبل
قال عيسى الهاشمي، الوكيل المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة والوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة: «دولة الإمارات تحتل مكانة مرموقة بين الدول الأكثر قدرة على استشراف المستقبل ومواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات المتفردة في كافة مجالات القطاع البيئي الذي ظلّ نابضاً في قلب مسيرة التنمية طوال السنوات الماضية وسيبقى كذلك لغاية مئوية الإمارات، عبر تحويل التحديات ذات العلاقة إلى فرص تنموية، وذلك بالاستناد إلى أفضل الممارسات والعلوم المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها الكثير».
وأضاف: «لضمان تحقيق منظومة العمل من أجل البيئة والمناخ، فقد تبنت الإمارات مجموعة من التوجهات والسياسات والمبادرات التي تشكل إطاراً عاماً لعمل كافة القطاعات ومنها: توجه التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتوجه تحول الطاقة، والسياسة العامة للبيئة للدولة، وسياسة الاقتصاد الدائري، والخطة الوطنية للتغير المناخي، والبرنامج الوطني للتكيف مع تداعياته وتبنى توجه إدماج العمل المناخي في استراتيجيات كافة القطاعات ومن أهمها القطاع الزراعي عبر التوسع في نشر واستخدام نظم الزراعة الحديثة المستدامة، والانضمام للمبادرة العالمية»الابتكار الزراعي للمناخ، ومبادرة الحياد المناخي 2050 التي تمثل محركاً مهماً لاستراتيجية التنويع الاقتصادي بالإمارات من أجل تطوير صناعات وتقنيات ومهارات ووظائف جديدة، إلى جانب حماية البيئة».
منجزات تنافسية
لفت عيسى الهاشمي إلى أن تصدر دولة الإمارات العربية المتحدة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الترتيب العام لتقرير«مؤشر الأداء البيئي 2022» الصادر عن جامعة ييل، يعد إحدى المنجزات التي حققتها الدولة في القطاع البيئي خلال العام الماضي، حيث يرصد أداء 180 دولة في مجال الأداء البيئي، كما تربعت الإمارات في المركز الأول عالمياً في 6 مؤشرات من إجمالي مؤشرات التقرير البالغ عددها 40 مؤشراً.
وأوضح أنه وفقاً للتقرير، فقد تربعت دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً محققة العلامة الكاملة 100% في 6 مؤشرات بيئية، وهي: (المحميات البحرية، خدمات النظام البيئي، قلة انحسار الأراضي الرطبة، قلة الاعتماد على الوقود الصلب المنزلي، انخفاض معدل نمو الكربون الأسود، وقلة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الغطاء الأرضي)، كما حلت الإمارات في المركز الأول إقليمياً والثالث عالمياً في «مؤشر حيوية النظام البيئي»، وجاءت الإمارات أيضاً في المركز الأول إقليمياً في كل من «مؤشر التنوع البيولوجي والموائل الطبيعية»، و«مؤشر معالجة مياه الصرف الصحي» الذي حلت فيه بالمركز 13 عالمياً، كما تصدرت الإمارات الدول العربية في «مؤشر قلّة الصرف الصحي غير الآمن».
مكانة متقدمة
عزا عيسى الهاشمي سبب تربع دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً في 6 مؤشرات للأداء البيئي، إلى جهودها الحثيثة في هذا القطاع الحيوي على مدار السنوات الماضية، وها هي اليوم تضمن لها مكانة مرموقة بين الدول الأكثر قدرة على استشراف المستقبل ومواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات المتفردة، وفقاً لإحدى محاور خطتها التنموية الشاملة والمتمثلة في صناعة مستقبل بيئي مستدام للأجيال من خلال التركيز بشكل كامل على المحافظة على البيئة من التهديدات البشرية والمناخية وضمان استدامتها بشكل أفضل وأنشط، بما يحقق طفرة تنموية بيئية، عبر التكامل بين أدوار مؤسسات الدولة في كافة تخصصاتها ومستوياتها الاتحادية والمحلية، لبناء بيئة نظيفة مستدامة تكفل كل ما تحقق من مكتسبات خلال السنوات الماضية.
المصدر، جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 8 يناير 2023 01:06