أعطال توربينات الرياح وانهياراتها الضخمة تُرهق المصنعين في أميركا وأوروبا

شبكة بيئة ابوظبي، موقع الطاقة، نوار صبح، 28 يناير 2023

تكررت حالات انهيار توربينات الرياح العملاقة وتعطلها في الولايات المتحدة وأوروبا مؤخرًا، وتراوحت الحوادث بين تَلَف المكونات الرئيسة للتوربينات والانهيارات الكاملة.
في يونيو/حزيران الماضي، شهدت مزرعة رياح شمال غرب أوكلاهوما سيتي الأميركية انهيار توربينة عملاقة، وكان البرج الفولاذي للتوربينة مَثْنيًا على نفسه من المنتصف، وكانت شفرات التوربينات، التي رفع دورانها الآلة، أعلى من تمثال الحرية في نيويورك، مبعثرة عبر حقل القمح.

وانهارت تلك التوربينة، التي صنعتها شركة جنرال إلكتريك الأميركية منذ أقلّ من عام، على نفسها تمامًا، حسب بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وبعد بضعة أيام من ذلك الحادث، انهارت توربينة أخرى من صنع جنرال إلكتريك، ومن النموذج نفسه في ولاية كولورادو، حسبما أوردت وكالة بلومبرغ.

وأرجعت شركة نيكست إرا، التي تشغّل مزرعة الرياح، الحادث إلى عيب في الشفرة، موضحة أنها وشركة جنرال إلكتريك قد اتخذتا خطوات لمنع وقوع حوادث مؤسفة لتوربينات الرياح في المستقبل.

ويرى بعض المتمرسين في الصناعة أن هذه الحالات تحدث في كثير من الأحيان، حتى لو كانت الأحداث تقع في جزء صغير فقط من الأجهزة المركّبة.

علاوة على ذلك، أضافت هذه المشكلات خسائر بمئات الملايين من الدولارات إلى تكاليف أكبر 3 شركات لتصنيع توربينات الرياح، وهي: جنرال إلكتريك وفيستاس ويند سيستمز الدنماركية، وسيمنس جاميسا التابعة لشركة سيمنس إنرجي الألمانية.

جنرال إلكتريك الأولى عالميًا في سعة طاقة الرياح خلال 2020
ويمكن أن تؤدي هذه الحالات إلى سياسات تأمين أكثر تكلفة، وهي انتكاسة محتملة للضغط، من أجل التخلي عن الوقود الأحفوري ومكافحة تغير المناخ.

أسباب تعطّل توربينات الرياح
يقول المطلعون على صناعة طاقة الرياح إن السباق إلى إضافة خطوط إنتاج لتوربينات أكبر من أي وقت مضى يُعدّ السبب الرئيس وراء تكرار حالات تعطل توربينات الرياح وانهيارها.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة جي كيوب أندر رايتينغ، ومقرها لندن، التي تؤمّن نحو 3.5 مليار دولار من أصول الرياح في 38 بلدًا، فريزر ماكلاشلان: “إذا استمر معدل الفشل في الارتفاع، فقد تزيد أقساط التأمين أو يمكن فرض حدود تغطية جديدة”.

وأكدت شركات فيستاس وجنرال إلكتريك وسيمنس جاميسا، في تصريحات إلى بلومبرغ، أن الاندفاع نحو التطوير السريع لتوربينات أكثر قوة أدى إلى تحديات.

ترى هذه الشركات أنها تركز على تحسين عمليات التصنيع، وأقرت أن الوقت قد حان للاستفادة من التجارب السابقة والتريُّث عند إدخال تصميمات توربينات الرياح، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

في جلسة إعلان أرباح في أكتوبر/تشرين الأول، قال الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك، لاري كولب: “الابتكار السريع يجهد التصنيع وسلسلة التوريد الأوسع”، مشيرًا إلى أن “الأمر يستغرق وقتًا لتحقيق الاستقرار في الإنتاج والجودة في هذه المنتجات الجديدة”.

علاوة على ذلك، لا توجد بيانات متاحة للجمهور على مستوى الصناعة حول أعطال توربينات الرياح، ما يجعل من الصعب رسم صورة كاملة للتغييرات في أدائها بمرور الوقت.

توربينات الرياح تثير الجدل مجددًا بعد انهيار شفرات في أميركا
وأفادت شركتا فيستاس وجنرال إلكتريك بأن حصص أجهزتهما الميدانية غير قادرة على إنتاج الكهرباء بنسبة مرتفعة، حتى لو كانت ما تزال نسبة صغيرة من أساطيلها المركبة.

وعدّلت شركة سيمنس إنرجي توقعات أرباحها لعام 2023 نزولًا هذا الشهر، مشيرة إلى تكاليف أعلى من المتوقع بسبب عيوب في توربينات سيمنس جاميسا المركبة، حسبما أوردت وكالة بلومبرغ.

قدرات مزارع الرياح
نظرًا إلى أن مزارع الرياح غالبًا ما تولد الكهرباء من عشرات التوربينات عبر الموقع، فيمكنها الاستمرار في إنتاج الكهرباء حتى إذا تعطلت آلة واحدة أو أكثر، ما يحد من التداعيات. ورغم ذلك، توجد أمثلة على الآلات التي تنحرف عن مسارها ولفتت انتباه الجمهور.

فقد انهارت توربينة ضخمة يبلغ ارتفاعها 784 قدمًا (238.96 مترًا) في ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2021، وسقطة توربينة جديدة كبيرة في ليتوانيا في مارس/آذار 2022. وانفصلت شفرة جزئيًا عن واحدة في السويد في يوليو/تموز الماضي.

من ناحيتها، طالبت شركة أورستيد الدنماركية، أكبر مطور لمزارع الرياح البحرية في العالم، السلطات في أبريل/نيسان لوقف حركة المرور البحرية بالقرب من بعض مواقعها بعد أن سقطت الشفرات من أحد توربيناتها قبالة سواحل الدنمارك.

التوسع العالمي
ساعدت توربينات الرياح الأكبر حجمًا في دفع التوسع العالمي، الذي شهد تجاوز قدرة توليد الرياح المركبة 840 غيغاواط في عام 2021، ارتفاعًا من أقل من 100 غيغاواط في عام 2007، وفقًا لبيانات بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.

وبالنظر إلى تصميم شركات التصنيع للشفرات بطول ملعب كرة قدم لالتقاط المزيد من طاقة الرياح، يمكن للمطورين تثبيت عدد أقل من التوربينات لتوليد القدر نفسه من الكهرباء.

وقد ساعد ذلك في الحفاظ على انخفاض تكاليف المشروع، وهو سبب كبير في انخفاض سعر كهرباء الرياح بصورة كبيرة في العقد الماضي.

تقليص موازنات الشركات
أدّت تكاليف المواد المرتفعة ومشكلات سلسلة التوريد مؤخرًا إلى تقليص الموازنات العمومية في الشركات المصنعة الرائدة، ما يهدد بإبطاء الاستثمار وربما يعوق تطوير صناعة الرياح البحرية الأميركية قبل أن تبدأ بالفعل، وتفاقم إخفاقات الجودة تحديات صانعي التوربينات.

وواجهت شركة سيمنس جاميسا مشكلات أدت إلى تغييرات وتأخيرات في التصميم في أثناء تكثيف إنتاج أكبر آلة رياح على الشاطئ، والمعروفة باسم إكس 5. وأفادت الشركة بأنها تراعي جودة منتجاتها وموثوقيتها من أجل “تحسين عرض القيمة للعملاء”.

وشهدت شركة فيستاس ويند سيستمز ارتفاعًا في بنود الضمان السنوية من 600 مليون يورو (653.06 مليون دولار) تقريبًا في 2019 إلى ما يقرب من 1.2 مليار يورو (1.31 مليار دولار) في عامي 2020 و2021.

وترى الشركة الدنماركية أن سلسلة التوريد لم تكن جاهزة للتعامل مع وتيرة تقديم المنتجات من جانب الشركات المصنعة، وأسهم ذلك في تأخير المشروع وزيادة التكاليف وتحديات الجودة.

وأفادت الشركة: “نحن بحاجة إلى صناعة رياح مربحة وقابلة للتطوير لخلق مستقبل محايد كربونيًا، وهذا يتطلب أن نستمر في إنضاج سلسلة القيمة الكاملة لمصادر الطاقة المتجددة”.

وتلقت جنرال إلكتريك، التي تعلن أرباح الربع الرابع في 24 يناير/كانون الثاني، 500 مليون دولار في الربع الثالث لتغطية تكاليف الضمان والإصلاحات على توربيناتها.

وركبت الشركة توربينات قادرة على إنتاج 40 غيغاواط من طاقة الرياح منذ عام 2017، وقدّمت عدة آلات أكثر قوة على طول الطريق.

تُجدر الإشارة إلى أن شركات التصنيع تركز، في هذه الآونة، على إنتاج آلات ذات موثوقية أفضل على نطاق واسع.

وفي مقابلة مع بلومبرغ هذا الشهر، قال الرئيس التنفيذي لشركة فيستاس، هنريك أندرسن: “إن التوربينات كبيرة بما يكفي في الوقت الحالي، وإن زيادة الإنتاج ستكون التحدي الرئيس في العقد المقبل”.

بدَوْره، أخبر الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس جاميسا، يوشين إيكهولت، المستثمرين أن الشركة تعمل على زيادة التوحيد القياسي بين منتجاتها، لتقليص المحفظة التي أصبحت واسعة جدًا.

وقال رئيس أبحاث الرياح منصة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس، أوليفر ميتكالف: “إن الضغط للاستثمار في المشروعات الخضراء شديد، لدرجة أن مخاوف الانهيار لم تبطئ بعد تدفق الأموال إلى مزارع طاقة الرياح.

وأضاف أن “هناك ترددًا بين شركات التأمين والمقرضين بشأن هذه النماذج الكبيرة التي لم تُختبر حتى الآن”.

المصدر، موقع الطاقة
https://attaqa.net/2023/01/28/%d8%a3%d8%b9%d8%b7%d8%a7%d9%84-%d8%aa%d9%88%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d9%86%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d8%ad-%d9%88%d8%a7%d9%86%d9%87%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa%d9%87%d8%a7-%d8%a7%d9%84/

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الانتقال الطاقي بالمغرب بين الواقع والمستقبل

شبكة بيئة ابوظبي، حميد رشيل، الخبير البيئي، عضو جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، …