ومضات معرفية 2 التميز وتحدي المتغيرات

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم د. حسام عمر حاضري، مستشار التطوير الاستراتيجي، 26 فبراير 2023

يمرُّ العالمُ الآن بكثيرٍ من المتغيرات وخاصةً في السنواتِ القليلة الماضية بفعل الأوبئةِ والكوارث والحروب، تلك المتغيرات كان لها عظيمُ الأثر على جميع مناحي الحياة، الأمرُ الذي دفعَ كثيراً من الدول والحكومات وحتى المنظمات الخاصة إلى التعديل في خارطةِ أولوياتها وحتى تعاملها مع المعطيات، وهنا يطفو على السطح السؤالُ الذي يجبُ على الجميع الوقوف عندهُ بكثيرٍ من التأمل، بدءاً بالمنظماتِ ومروراً بالمجتمعات ووصولاً إلى الحكومات. كيفَ يتحققُ العبورُ الآمنُ في ظل المتغيراتِ المتلاطمة؟، وكيفَ تتحققُ معادلةُ التميز مع التحدياتِ المعاصرة؟

ورغمَ صعوبةِ الإجابةِ بدقةٍ على هذهِ التساؤلات، يبقى التمسكُ بالعنوانِ الأبرز “التعلم المستمر” من وجهة نظري المتواضعة واعتماده كاستراتيجيةٍ هو المفتاحُ الرئيسُ للنجاح والتميز، وذلك بتبني المنظمات المرونة في التخطيط والتطبيق، استناداً إلى منهجيةٍ رشيقةٍ في التحسين والتطوير، فالتطورُ لا حدودَ له ولانهاية، واللحظةُ التي تتوقفُ فيها عجلةُ المنظمةِ عن التطور؛ تبدأُ بالتخلفِ عن الركب أولاً، ثم تنحدرُ إلى غياهب الفشلِ والتلاشي.

وأما الترجمةُ العمليةُ لهذا التوجه، فتبدأُ بالتركيز أولاً على إدارات التميز والتطوير ودعمها وحوكمتها وتسخير الموارد اللازمة لنجاحها مالياً وفنياً باعتبارها الشريان الرئيس الذي يضمنُ تدفقَ الحياة في جسد المنظمة بجميع أجزائه عن طريق استخراج الثروةِ الدفينةِ والاستثمار في الرأسمالِ البشري الذي يُعتبرُ الملاذُ الآمنُ والكنزُ الحقيقي لأيّ منظمة.

وأما الخطوةُ الثانية فتتلّخصُ في حاجةِ الإدارةِ المعاصرة إلى تعديلٍ في نمطِ اتخاذِ القراراتِ، وتحسينِ الأداءِ، وتطوير طرقِ وأساليب تحديدِ الأولوياتِ والأهداف، وهذا لا يتمُّ إلا عن طريقِ خلقِ وإيجادِ بيئةِ عملٍ ملائمةٍ ومناسبة، والتي تُنتجُ وتفسحُ المجالَ للتفكيرِ الابتكاري والإبداعي في الظهورِ والتطورِ والنمو؛ فالتفكيرُ الإبداعي الابتكاري لا يُولدُ من فراغ، بل يتطلبُ انتماءً ورغبة عند المتميز، وتحفيزاً من الإدارات للوصولِ إلى الحلولِ الناجحة بعيداً عن امتعاضِ ومعارضةِ المديرين.

وأما الخطوةُ الثالثةُ فتتمثلُ في ضرورةِ أن تكونَ إدارةُ التميز -إن وجدت- في بيئةِ العملِ مفتوحةً على الخبراتِ العلميةِ المتقدمةِ المحليةِ والعالميةِ، وتنشئُ معها جسوراً من الحوار العلمي والتعاونِ وتبادلِ الخبرات وتنميتها باستمرارٍ، وعدم التقيد بقواعد العمل الروتيني.

وأما الخطوةُ الأخيرةُ فتنحصرُ في إيمانِ الإدارةِ العليا بالتغيير وما يتطلبهُ من معاملةٍ خاصةٍ في التعاطي مع المتغيراتِ والموارد، مما يساعدُ على تحسين الفاعليةِ، ورفع الروح المعنوية، والاستخدام الأمثل لفرق العمل الداخلية، وفهمٍ دقيقٍ لنقاطِ القوةِ والضعف في المنظمة.

وأخيراً أقول: إنّ التحدي الأكبر في مجابهة المتغيراتِ ينطلقُ من الشـكّ في المستقبـل وتقبـلِ مـا هو غيـرُ مـؤكـدٍ بالنسبـةِ لـنا، وحتى نحقـقَ التميزَ والتغيـرَ المثمـر؛ نحتـاج أن نتـركَ مسـاحـةً للمجهـولِ المشكـوك فيـه بدل الخضـوعِ للنمـط التقليـدي من التفكيـر المتـوارث.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

التغيرات المناخية وتداعياتها على حركة الكتل الصخرية في المنحدرات الجبلية باليمن وادي حضرموت انموذجاً

شبكة بيئة ابوظبي، إعداد المهندس صالح احمد مجوحان، ماجستير مخاطر طبيعية، اليمن 22 يوليو 2024 …