شبكة بيئة ابوظبي، الاسكوا، بيروت، لبنان، 21 آذار/مارس 2023
بهدف إشراك الحكومات وكافة المعنيين بصياغة وتنفيذ السياسات اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، عقدت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وشركاؤها الدورة السنوية للمنتدى العربي للتنمية المستدامة في بيت الأمم المتحدة في بيروت، وذلك بحضور وفود رفيعة المستوى وممثلين عن الحكومات العربيّة والمنظمات الإقليميّة والدوليّة والمجتمع المدنيّ والقطاع الخاص، بالإضافة إلى برلمانيين وأكاديميين.
تحت عنوان “حلولٌ وعمل”، نُظِّم المنتدى من 14 إلى 16 آذار/مارس، بالتعاون مع جامعة الدول العربية و16 هيئة أممية عاملة في المنطقة. وافتتح المنتدى كلٌّ من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونائبة الأمین العام للأمم المتحدة أمینة محمد، ووزير التخطيط والتعاون الدولي في الجمهورية اليمنية التي تتولّى رئاسة المنتدى لعام 2023 واعد عبدالله باذيب، ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي.
في كلمتها الافتتاحية، قالت محمد “إنّ الصورة واضحة: العالم، بما في ذلك المنطقة العربية، ليس على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. إنها فرصتنا الأخيرة لتحقيق هذه الأهداف “. وأضافت “يجب أن نكون واقعيين، ولكن أيضًا جريئين. ويجب أن نعيد ترتيب الأولويات ونلتزم بمبادئ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. إن المنطقة في أمس الحاجة إلى رؤية لتحقيق الاختراق التنموي المنشود”.
وحثّ المنتدى المجتمع الدولي على دعم الدول النامية – وخصوصًا تلك التي تعاني من نزاعات وديون مرتفعة – في تعزيز قدرتها على تحمل أعباء الديون. كما دعا حكومات المنطقة إلى الاستفادة من الموارد المتاحة ورأس المال البشري المتوفر لتخفيض الفقر المتزايد وضمان الأمن الغذائي ومعالجة أوجه عدم المساواة، وإلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي كلمته، شدّد أبو الغيط على “أنّنا نواجه عددًا من المشكلات المتداخلة والمعقدة التي أصبحت واقعًا مستدامًا يجب التعامل معه باستمرار، ويقتضي حلّها خططًا شاملة لا تقبل التجزئة للوصول إلى استراتيجيات مستدامة. وأشار إلى أنّ البلدان العربية تحتاج إلى بناء قدرات مؤسساتها الوطنية والإقليمية لجعلها أكثر مرونة وقدرة على التنبؤ”.
واستعرض المنتدى طائفة واسعة من المبادرات المبتكرة تدعم تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية، وكذلك تم التركيز على مراجعة التقدم في الأهداف المعنية بالمياه النظيفة والنظافة الصحية (6)، والطاقة النظيفة بأسعار معقولة (7)، والصناعة والابتكار والبنى التحتية (9)، والمدن والمجتمعات المحلية المستدامة (11)، والشراكات لتحقيق الأهداف (17).
بدوره، قال باذيب “إنّ المنتدى العربي للتنمية المستدامة 2023 يأتي بعد انقضاء نصف الفترة الزمنية لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، ليقف على عتبة منتصف الطريق ويقيّم ما أحرزته المنطقة العربية من إنجازات وما تواجهه من تحديات على صعيد تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما يستكشف في الوقت ذاته فرص تسريع الخطى وتذليل الصعوبات التي تعيق المضي قدمًا في إنجاز هذه الأهداف. فالنتائج المحققة حتى الآن لا زالت دون المأمول والفجوات في اتساع متزايد ومنحنى الصعود إليها أقلّ من الطموح”.
ويُتوقَّع أن يعيش 75% من سكان المنطقة العربية في المدن بحلول عام 2050، إذ تشهد المنطقة توسّعًا حضريًا يُعَدُّ من الأكبر في العالم، ما يرفع الحاجة فيها إلى الطاقة. هنا، دعا المتحدثون إلى تحقيق تحوّل عادل وشامل في مجال الطاقة للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري.
ودفعت الجائحة والحرب في أوكرانيا بعض الدول العربية إلى الانتقال من العمل بسياسات الأمن الغذائي نحو استراتيجيات الاكتفاء الذاتي التي تضع ضغوطًا إضافية على الموارد المائية الشحيحة. في هذا السياق، دعا المنتدى الحكومات العربية إلى ضمان الأمن المائي للجميع، وبخاصة للفئات الضعيفة، إذ إنّ 90% من سكان المنطقة يعيشون في بلدان تعاني من ندرة المياه.
بدورها، اقترحت دشتي اعتماد نهج جديد قائم على التكنولوجيا لمواكبة الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة. وأضافت “من غير المقبول أن يولد الطفل العربي مديونًا، وأن يرث دينًا بدل أن يرث مستقبلًا مشرقًا. هذا يُحتّم علينا جميعًا أن نعزّز التنسيق والتعاون في ما بيننا لإحداث التغيير المنشود”.
واقترح المنتدى مجموعة حلول متعلقة بالسياسات اللازمة للتسريع بتحقيق أهداف التنمية وتأمين التمويل لمواجهة التحديات الحالية، كما بحث في طرق لتطوير الرقمنة وتعزيز التنمية الصناعية والمرونة الحضرية وخلق فرص عمل للشباب.
المنتدى العربي للتنمية المستدامة هو الآليّة الإقليميّة الرئيسيّة المعنيّة بمتابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واستعراض التقدّم المحرز في المنطقة العربية على هذا المسار. ويصدر المنتدى العربي تقريرًا يتضمن أهم الرسائل المنبثقة من الحوار الإقليمي حول الفرص والتحدّيات المتعلّقة بتنفيذ خطة عام 2030، والتي ستُرفع إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة المزمع عقده في نيويورك في شهر تموز/يوليو المقبل.