شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير، المملكة المغربية، 22 مارس 2023
أصبحت العلاقات الاجتماعية اليوم تعتبر من أهم التحديات المستقبلية نظرا لتعقد مكوناتها وتفاعلاتها مع حركية النسق المجتمعي الذي يعرف سرعة جنونية مردها انتشار الإنترنت السريع والتكنولوجيات الحديثة.
فالعلاقات الاجتماعية مسألة حيوية واستراتيجية ومصيرية لاستدامة المنظمات وتطورها ونجاح افرادها، فالنجاح في عصر إقتصاد المعرفة تسعة اعشاره هو نجاح في العلاقات الاجتماعية، كما أن المنصات الاجتماعية لعبت دورا مصيريا في تطور العلاقات الاجتماعية داخل المجتمعات، فعلى مر العصور تطورت العلاقات الاجتماعية مع تطور الثورات الحضارية، فعصر الاقتصاد الزراعي وسع من حجم العلاقات الإنسانية ومع ظهور الثورة الصناعية وسع الاقتصاد الصناعي مجال المادة ومع عصر الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي سيوسع الاقتصاد الرقمي المعرفي مجال المعرفة والبيانات وسينهي مع الخصوصية الفردية وستصبح كل البيانات والمعلومات متاحة للجميع بدون استثناء.
ان اقتصاد المعرفة الرقمي يحول الأشياء والأشخاص إلى معلومات والرقمنة تحولها إلى بيانات وبالتالي سحب الأشياء والأشخاص من الواقع الحقيقي بمختلف تجلياته إلى الواقع الافتراضي بمختلف أبعاده. إن أسلحة الرأسمالية العالمية المتوحشة ذكية ومتنوعة منها الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والتخزين السحابي والبلوكتشين والبيانات الضخمة… وكل أشكال التكنولوجيا الجديدة أو ما يطلق عليه بتكنولوجيات القطيعة هذه الأخيرة حولت الأشخاص والأشياء إلى البيانات والمعلومات وحولت العالم إلى سوق وكما سبق الذكر أمازون هو السوق والسوق هو أمازون وحولت الأشخاص والأشياء إلى سلع وخدمات ومنتجات جديدة لتواكب عصر اقتصاد المعرفة والتحول الرقمي. في الماضي كنا نسكن الأرض ونلتقي في الأرض ونمارس الأنشطة والخدمات والتجارة على أرض الواقع أما اليوم وغذا فنحن نسكن عوالم افتراضية منها منصات التواصل الاجتماعي ونمارس التجارة عن بعد، والتعليم عن بعد والصحة الرقمية والفلاحة الرقمية…
وحتى العلاقات الاجتماعية أصبحت عن بعد ورقمية بامتياز وهذا ماتتم ملاحظته في مختلف المجالات والخدمات، وعلى سبيل المثال لو كنت مسافرا في القطار أو الباص أو منتظرا أداء خدمة أو شراء منتج ستجد إن الفرد أصبح شديد الالتصاق بعالمه الافتراضي اكثر من عالمه الواقعي، وأصبح يتأثر بعالمه الافتراضي أكثر من عالمه الواقعي وناقشه واحتجاجاته اليوم تجدها أكثر في الافتراضي أكثر من الواقعي، وبالتالي فعلاقتنا الاجتماعية افتراضية أكثر منها واقعية وبالتالي حرمنا لذة الاستمتاع بالحياة التي هي فرصة واحدة لا تعوض.