النظام الغذائي المستدام في عام الاستدامة

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم بشارة الجنيبي، اختصاصية التغذية، عضو جمعية الإمارات للتغذية، 08 مايو 2023

أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله2023 عام الاستدامة في دولة لإمارات العربية المتحدة تحت شعار (اليوم للغد). وجاء هذا الإعلان بهدف نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وإبراز جهود الدولة في تعزيز العمل الدولي المشترك للتغلب على التحديات التي تواجهها للوصول إلى الاستدامة في المجالات البيئية المختلفة وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية ودعم الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال نحو بناء مستقبل أكثر رخاء له، وتسليط الضوء على الحلول التي تعمل الدولة على ابتكارها في مجالات الطاقة والتغيير المناخي وغيرها ليستفيد منها العالم أجمع.
من الجهود التي تبذلها الدولة في مجال الاستدامة هي تعزيز الاستدامة في مجال الغذاء من خلال تشجيع أفراد المجتمع على تبني نظم غذائية مستدامة واتباع أنماط غذائية صحية.

فما هو النظام الغذائي المستدام؟
النظام الغذائي المستدام لا يتعلق بالطعام نفسه ولكن يشمل إعداد وتقديم ونقل وتوزيع وتعبئة الغذاء واستهلاكه، حيث تعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بأن الغذاء المستدام ليس فقط تلك النظم الغذائية التي تعتني بالبيئة، ولكنها الأنظمة التي تتكيف مع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل مكان، والهدف من النظام الغذائي المستدام:

هو الحد من التأثيرات البيئية للغذاء التي تحدث في جميع أنحاء العالم، حيث تنتج الزراعة والثروة الحيوانية عدد هائل من النفايات، وتلوث المياه والتربة، وتنتج غازات دفيئة معينة تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
بحسب إحصائيات وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات فإنه يتم إهدار 1.3 مليار طن من الأغذية سنوياً، ويتوقّع أن يصل هذا الرقم إلى 2.2 مليار طن بحلول عام 2025، لهذا تبحث المؤسسات والحكومات عن طرق لتقليل النفايات المحلية والإقليمية مع رفع وعي المستهلكين بالأطعمة التي يتم التخلص منها والحث على الاستدامة في استهلاك الأغذية.

كيف يمكن تحقيق الاستدامة في الغذاء؟
تعمل حكومات العالم ومن بينها حكومة دولة الإمارات إلى إيجاد عدد من الحلول لتحقيق الاستدامة في الغذاء قدر المستطاع من خلال وضع عدد من القوانين والسياسات و تطوير بعض التوصيات بشأن الغذاء المستدام لكل من المواطنين والشركات المنتجة، وللحد من هدر الغذاء تعمل الحكومات على حث مصانع الأغذية وتجار التجزئة والمطاعم والشركات لاتخاذ إجراءات لتقليل النفايات الغذائية وإعادة استخدامها، وأيضا العمل على دمج اعتبارات الاستدامة في مبادئها التوجيهية الغذائية لمكافحة الأمراض المرتبطة بالالتهابات الناجمة عن الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء واللحوم المعالجة والأطعمة المصنعة.

ماهي مسؤوليتك كفرد لتحقيق الاستدامة في الغذاء؟
فبدلا من تقييد مصدر البروتين على اللحوم، تساعد المصادر الأخرى كالأسماك والبيض والدجاج والبقوليات في إضافة دهون أوميغا 3 و أوميغا 6 ومضادات الأكسدة إلى الجسم، والاعتماد إلى حد كبير على الأطعمة النباتية كالمكسرات والبقوليات والخضروات والحبوب الكاملة كما هو في منطقة البحر الأبيض إذ أتقنت المجتمعات فن صنع الأطعمة النباتية كاليخنات والطواجن، حيث تحتاج الحيوانات لمساحة رعي تشغل حوالي 70 ٪ من جميع الأراضي الزراعية مما يتسبب في إزالة الغابات بشكل غير ضروري، وتتجاوز انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من التربية الحيوانية بشكل كبير عن الانبعاثات من الزراعة النباتية، يتطلب إنتاج البروتينات النباتية كمية مياه أقل بحوالي 100 مرة من إنتاج البروتينات الحيوانية

بإمكان الأفراد تحقيق الاستدامة في الغذاء عن طريق تطبيق عدة أمور أهمها:
•تناول الأطعمة الموسمية قدر المستطاع قد تواجه كفرد بعض الصعوبات في تطبيق ذلك، ولهذا لا ينصح بتغيير كل عناصر قائمة الطعام الخاص بك، ولكن يمكن تبديل بعض الأطباق بأخرى تتضمن منتجات موسمية.
•إضافة بعض المنتجات الغذائية العضوية الخالية من المركبات الكيميائية أو الهرمونات إلى نظامك فذلك يؤثر بشكل إيجابي على صحتك كفرد وعلى البيئة المحيطة.
•التسوق بحكمة واختيار منتجات غذائية صحية، ومراجعة متطلبات العائلة الغذائية بعناية وشراء كمية كافية فقط واستخدام طرق حفظ الطعام مثل التجفيف والتبريد هامة إذ يتخلص المنزل العادي من حوالي 30٪ من الطعام الذي يشتريه وهذا مضيعة للموارد والنقود.
•التحكم في الحصص الغذائية والتقليل من أصناف الطعام اليومية غير الأساسية فهذا سيساعد في تقليل كمية الطعام المهدر.
•اتباع نظام غذائي يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة ذات الأصل النباتي والتي يكون منشؤها محليا بشكل مفضل.
•التقليل من تناول الأطعمة المعلبة والمصنعة واستهلاك الأسماك من المحميات المستدامة فقط وتقليل استهلاك اللحوم الحمراء وتجنب اللحوم المصنعة مما قد يقلل من مخاطر السمنة وداء السكري من النوع 2 والسرطان وأمراض القلب وقد يزيد من متوسط العمر المتوقع.
•إعادة استخدام مكونات الطعام المتبقية مثلا يمكن تحويل الخبز غير طازج إلى بقسماط أو قطع خبز مقرمش للسلطة أو الحساء، واستخدام المتبقي من الفاكهة لتحضير عصائر طازجة أو آيس كريم.
•استخدام الحديقة المنزلية وإشراك الأطفال لزراعة الطماطم والبصل والأعشاب أو استخدام الشرفة لزراعة المحاصيل الغذائية في الأواني ستساعد على امتصاص بعض ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتقليل الحاجة إلى نقل الطعام لمسافات طويلة باستخدام المركبات التي تطلق انبعاثات في البيئة۔
بعض التحديات التي قد تواجه الحكومات والأفراد عند تطبيق أنظمة غذائية مستدامة:
من أكبر التحديات هو محدودية الطعام بالنسبة لكثير من الناس بسبب التباين المناخي والتضاريس من بقعة جغرافية إلى أخرى، وأيضا ارتفاع قيمة الغذاء خاصة الموسمي والعضوي يمنع عد كبير من الناس من توفير خيارات غذائية صحية وسليمة.

ختاماً:
النظام الغذائي المستدام هو نظام يحافظ على البيئة ويساهم في تعزيز الأمن الغذائي الذي يتمكن من تلبية جميع احتياجات الناس، من واجبنا كأفراد تعديل عاداتنا الغذائية عن طريق تقليل تناول الأطعمة المصنعة وتناول الأطعمة الطازجة قدر الإمكان، والتركيز على إضافة الأطعمة النباتية إلى أطباقنا، وتقليل هدر الطعام للمحافظة على صحتنا وبيئتنا، والعمل على تثقيف ورفع وعي الأجيال القادمة لتمكينهم من اتباع نمط غذائي صحي ومستدام مستقبلاً.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

كيفية تحقيق التغذية الصحية والوقاية من الأمراض المزمنة

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، اختصاصية التغذية، آمنة الحصري، عضو جمعية الإمارات للتغذية، 28 مارس 2023 …