شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 19 مايو 2023
badr.Ibra1956@gmail.com
(الهدف الرئيسي من ربط الشمول المالي بتغير المناخ الاستجابة لمخاطر المناخ المتزايد على بعض القطاعات من أجل ضمان الأمن الغذائي العالمي وتوفير فرص التشغيل في الريف)
(طبيعة الخدمات المالية المتعلقة بالشمول المالي لإيجاد الحلول للتغيرات المناخية تتم عبر آليات للتكيف وبناء المرونة والتخفيف والإنتقال لسبل عيش جديدة متوافقة مع التغيرات المناخية)
أولا: الهدف من ربط الشمول المالي بتغير المناخ
يعتبر تغير المناخ أحد أهم القضايا على المستوي العالمي. وفيما يتعلق بدور القطاع المالي في معالجة /الحد من التغيرات المناخية وفي السنوات الماضية كان ولا زال هنالك إهتمام كبير ومتعاظم لدي صانعي السياسات والممارسين والأكاديميين والخبراء وبقية المهتمين بقضايا المناخ وتاثيراته في موضوع إستخدام القطاع المالي في توفير الدعم المالي المتعلق بالإستجابة لتغير المناخ والتخفيف من حدته، خاصة على صغار المنتجين والقطاعات الاقتصادية الأخرى صغيرة الحجم. تناول هذا الاهتمام تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي وفرص التشغيل. كما تناول أيضا توفير التمويل من البنوك وبصورة أقل من المؤسسات الأخرى الداعمة للنشاطات الاقتصادية متناهية الصغر.
الهدف الرئيسي من ربط الشمول المالي بتغير المناخ هو تأكيد فرص المساعدة المالية في الاستجابة لمخاطر المناخ المتزايد على هذه القطاعات من أجل ضمان الأمن الغذائي العالمي وفرص التشغيل في الريف بعيدا عن تأثيرات المناخ عبر وضع استراتيجيات ومبادئ للقطاع المالي لمعالجة آثار الصدمات المناخية لتفعيل فرص العرض للإستجابة للطلب على الخدمات المالية النتعلقة بالمناخ. ويتم ذلك عبر عدة طرق من أهمها مايلي:
1.توسيع نطاق المنتجات المالية بمنتجات مراعية لتغير المناخ مثل الإئتمان المستهدف لصغار المزارعين والتمويل المتجه نحو البذور المحسنة والمقاومة للجفاف وغيرها.
2.زيادة المرونة المالية في مواجهة الصدمات المناخية (مثل التأمين المتعلق بتغيرات الطقص و المدخرات لصغار المزارعين ).
ثانيا: مسارات الخدمات المالية المتعلقة بالمناخ
كثير من الدراسات من أهمها دراسة “التمويل الأخضر الشامل: نهج السياسة والدعوة التحدي المزدوج لمخاطر تغير المناخ والاستبعاد المالي The United Nations Secretary -General’s special advocate) for finance and development UNSGSA)، لخصت طبيعة الخدمات المالية المتعلقة بالشمول المالي لإيجاد الحلول للتغيرات المناخية عبر آليات التكيف وبناء المرونة والتخفيف والإنتقال لسبل عيش جديدة متوافقة مع التغيرات المناخية ، كما يلي:
1 .التخفيف : عبر دعم التقنيات منخفضة الكربون والممارسات التي يمكن أن تحسن الظروف البيئية للأسر والمجتمعات عبر خطط تقسيط لدفع تكاليف أنظمة الإنارة الشمسية و تمويل مواقد الطهي النظيفة التي تستخدم الغاز أو الكهرباء.
2. المرونة: عبر دعم الموارد المالية اللازمة للتعافي من الصدمات المتعلقة بالمناخ. (مثل تأمين الطقس / والثروة الحيوانية، توفير فرص لمدخرات سهلة الوصول، المدفوعات للحماية الاجتماعية من أجل توفير الغذاء أو ضمان زيادة الدخول).
3. التكيف: عبر دعم التغييرات اللازمة على حياة الناس وسبل عيشهم استجابة للأحداث ذات الصلة بالمناخ على المدى الطويل ( تمويل المنتجين من المزارعين للمحاصيل عالية القيمة، التنويع في المنتجات والمنتجات المقاومة للامراض، روابط سلسلة القيمة، تمويل المنازل المقاومة للعوامل الجوية وغيرها)
4. الانتقال: دعم التحولات في سبل العيش الجديدة استجابةً لأحداث المناخ (تمويل / تحويلات المهاجرين، التدريب المهني، آليات لمدخرات طويلة الأجل)، بإعتبار أن لمخاطر المناخ تأثير كبير على كسب الرزق للسكان.
ثالثا: التمويل المناخي والفرص الجديدة لإدارة المخاطر والأمن الغذائي
هنالك حقائق مثبته فيما يتعلق بالتمويل المناخي ، حيث دخول الشمول المالي في العمل المناخي إرتبط بإدخال مشتقات مالية جديدة وفرصا جديدة لإدارة المخاطر لمجابهة التغيرات المناخية وبدور التكنولوجيا المتعلقة بالمناخ في زيادة فعالية التمويل المناخي. هذه التأثيرات الإيجابية نلخصها فيما مايلي:
1.إن الشمول المالي في العمل المناخي أداة هامة لبناء اقتصاد مستدام و توفير فرصًا ووظائف اقتصادية جديدة ومكاسب إقتصادية مباشرة لللمستثمرين. وفي هذا الإطار أشارت الدراسات أن استثمار دولار واحد، يدرّ، في المتوسط، 4 دولارات من الفوائد.
2.تمويل التكيف مرتبط بتحقيق الشمول المالي (مثال أنظمة الإنذار المبكر، والبنية التحتية المقاومة للتغيرات المناخية، وتحسين إنتاج المحاصيل الزراعية في الأراضي الجافة وضعيفة الإنتاجية ، وحماية الغابات وغيرها) ، علما بأنه لا زال التمويل لتحقيق التكيف مع تغيرات المناخ يشكل نسبة صغيرة من تمويل إجراءات مواجهة التغيرات المناخية بشكل عام.و الجزء الأكبر من التمويل لا يزال يتدفق نحو أنشطة التخفيف من تاثير المناخ.
3.الشمول المالي في ظل تغير المناخ له تاثير إيجابي على الأمن الغذائي، لقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد من 135 مليون شخص في عام 2019 إلى 345 مليوناً في 82 بلداً بحلول 2022. كما أن انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم في زيادة، ويرجع ذلك في جانب كبير منه إلى الظواهر المناخية. كما يعيش نحو 80% من سكان العالم الأكثر عرضة لمخاطر تلف المحاصيل والجوع بسبب تغيّر المناخ خاصة في الدول المعتمدة على الزراعة، مما يستدعي العمل نحو الزراعة .المراعية للمناخ في مختلف سلاسل القيمة الزراعية والغذائية، والتدخل في السياسات والتكنولوجيا لزيادة الإنتاجية، وتحسين القدرة على الصمود، وإدارة مخاطر الفيضانات والجفاف وإستخدام لبذور المحسنة التي تتحمل الجفاف، ورفع كفاءة أنظمة الري، والتوسع في استخدام الغابات لأغراض الزراعة.
4.التغيرات والتطورات التكنولوجيه المتعلقة بالمناخ لها دور إيجابي في زيادة فعالية التمويل المناخي بغرض التكيف، خاصة فيما يتعلق بتطوير آليات الإنزار المبكر والانترنت البنكي والدفع عبر الهاتف المحمول والتي تحسن في مؤشرات الشمول المالي وتسهل التمويل المناخي للوصول لاكبر عدد من الأفراد الغير متعاملين مع المؤسسات المالية عبر اتاحة منصات مالية رقمية تعمل على إبتكار التطبيقات الإلكترونية والحلول الذكية التي تحاكي ما تقدمه المؤسسات المالية وتبسط من عملياتها وتجعل الخدمات المالية أسرع وأرخص وأسهل وتحسن أداء المؤسسات المالية وربحيتها.
5.مخاطر المناخ على أداء النظام المصرفي كان إيجابيا حيث ولد مشتقات مالية جديدة خاصة بالتمويل لمجابهة التغيّرات المناخية، كما وفّرت فرص جديدة لم تكن في السابق لإدارة المخاطر المالية للقطاع المالي المصرفي و غير المصرفي الذي يتعرض لمخاطر التغيرات المناخية الناتج عن الإستثمار في عوامل الطقص التي لا يمكن التنبأ بها بدقة وإرتفاع درجات الحرارة مما يؤدي لزيادة تكاليف التأمين على المخاطر المناخية. كل هذه المشتقات وإدارة المخاطر سعت نحو توجيه التمويل نحو الأنشطة ذات الأثر الإيجابي على المناخ مع وتقليل التعرض للمخاطر المالية المرتبطة بالتغيرات المناخية.
الخلاصة
يعتبر تغير المناخ أحد أهم القضايا على المستوي العالمي. كما أن هنالك إهتمام كبير ومتعاظم لدي صانعي السياسات والممارسين والأكاديميين والخبراء وبقية المهتمين بقضايا المناخ وتاثيراته في موضوع إستخدام القطاع المالي في توفير الدعم المالي المتعلق بالإستجابة لتغير المناخ. الخدمات المالية المتعلقة بالشمول المالي هدفت لإيجاد الحلول للتغيرات المناخية عبر آليات التكيف وبناء المرونة والتخفيف والإنتقال لسبل عيش جديدة متوافقة مع التغيرات المناخية. دخول الشمول المالي في العمل المناخي إرتبط بإدخال مشتقات مالية جديدة وفرصا جديدة لإدارة المخاطر لمجابهة التغيرات المناخية وبدور التكنولوجيا المتعلقة بالمناخ في زيادة فعالية التمويل المناخي.