العلاقة بين التغير المناخي والتنوع البيولوجي

شبكة بيئة أبوظبي، م. هبة محمد إمام، استشاري وخبير بيئي، 28 مايو 2023

تغير المناخ هو واحد من أكبر التحديات التي تواجهها البشرية في الوقت الحالي، ويعتبر التأثير الذي يتركه على التنوع البيولوجي واحداً من أكثر التأثيرات السلبية. يؤثر التغير المناخي تأثيرًا شديدًا على النباتات والحيوانات والنظام البيئي، وهذا يؤثر على صحة الإنسان واقتصاديات الدول، سوف نتحدث عن تأثيرات التغير المناخي على التنوع البيولوجي.

ومن أكثر الآثار البيئية لتغير المناخ الزيادة في درجة الحرارة. فعلى مدار العقود القليلة الماضية، شهدت درجات الحرارة تغيرًا ملحوظًا مع ارتفاع الحرارة العالمية وتسارع ذلك في السنوات الأخيرة، ويؤثر ذلك على النباتات والحيوانات على حد سواء. وعلى سبيل المثال، تؤدي الزيادة في درجة الحرارة إلى زيادة تطلُّب النباتات للماء، مما يؤدي إلى جفاف التربة، وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وزيادة حدوث الجفاف للمسطحات المائية.

وهناك آثار أخرى لتغير المناخ، مثل الزيادة في كثافة الأمطار وتغير نمط توزيعها في الفصول المختلفة، مما يؤثر على النباتات والحيوانات ويغير التوازنات البيئية. فمع تزايد أعداد المناطق التي تتعرض للمياه الزائدة والفيضانات، تتضرر النباتات والحيوانات في تلك المناطق، وقد يؤدي ذلك إلى خسائر في المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار الغذاء.

ويتأثر التنوع الحيوي بشكل كبير بالتغير المناخي، وتؤثر على بشكل مباشر على الحيوانات والنباتات، حيث يجد جزء كبير منها صعوبة في التأقلم مع التغيرات السريعة في درجات الحرارة والتوزيع الجغرافي للموارد الطبيعية التي تتناسب مع قدرتها على النمو والازدهار.

يتأثر التنوع البيولوجي بالعديد من العوامل، بما في ذلك التغير المناخي والأنشطة الإنسانية. وتؤثر هذه العوامل على الكائنات الحية بشكل مختلف، وتؤثر بدورها على الإنسان والحيوانات والنباتات بصورة مباشرة وغير مباشرة.

يؤثر التنوع البيولوجي على الإنسان من خلال تأمين الغذاء والطاقة والمواد الخام والأدوية، بالإضافة إلى دوره في تنظيم التلوث. فعلى سبيل المثال، يساهم التنوع البيولوجي في تنظيم مجالات العمل الزراعي، ويساعد في الحفاظ على المحاصيل وتوفير الغذاء سواء للإنسان أو الحيوان.

ومن المعروف أن التغيرات في التنوع البيولوجي تؤثر على الأنظمة الإيكولوجية وتمكن أنواع جديدة من الكائنات الحية من النمو والاستيلاء على البيئة. يمكن أن يؤدي هذا إلى انعدام التوازن الإيكولوجي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة.

وتؤثر التغيرات في التنوع البيولوجي على الحيوانات بشكل مباشر، إذ تؤدي إلى موت بعض الأنواع إذا لم يكن هناك مجال كافٍ للعيش في بيئاتهم الطبيعية. وأثناء الموجات الحرارية القاسية، يموت الكثير من الأسماك والمرجان والحيوانات الأخرى في بيئاتهم الطبيعية. تأثيرات التغيرات على النباتات تؤثر أيضا على الحيوانات التي تتغذى عليها.

وفيما يتعلق بالبيئة الاجتماعية، فإن تأثير التغير المناخي على التنوع البيولوجي يؤثر على قدرة العديد من المجتمعات على العيش والنمو، خاصة في أماكن الفقر والطقس القاسي. ويمنع التغير المناخي المجتمعات المحلية من الاستفادة من الغابات والبيئات المحيطة بها من خلال تنظيم أنشطة الصيد والزراعة. كما أن التغيرات في التنوع البيولوجي قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وتعرض الشعوب للتهجير والنزوح إذا لم يعد بالإمكان العيش في بيئاتهم الطبيعية.

بشكل عام، يمكن القول إن التغير المناخي وتأثيراته على التنوع البيولوجي يؤثر على جميع الكائنات الحية، بدءًا من البشر إلى الحيوانات والنباتات، ويهدد بوجود نظام بيئي غير مستقر وتوليده مخاطر على الإنسانية والكائنات الحية. ولذا، فإن الحفاظ على التنوع البيولوجي يعد أمراً حيوياً لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

يتطلب الحفاظ على التوازن البيولوجي جهودًا مشتركة من الأفراد والمجتمعات المحلية والحكومات والمؤسسات الدولية. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق:
– 1المحافظة على الغابات والمناطق البرية: تعتبر المناطق البرية أماكن حيوية للعديد من الكائنات الحية. ويمكن للإنسان المساهمة في الحفاظ على هذه المناطق من خلال عدة طرق، مثل دعم برامج الحماية والاستدامة التي تقوم بها المنظمات المحلية والدولية، ومنع التجارب الغير شرعية للأنشطة الزراعية والصناعية والتعدين في تلك المناطق.
– 2التحول إلى أنظمة غذائية صحية ومستدامة: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال تحوله إلى نظام غذائي صحي يعتمد على الفواكه والخضروات ومواد البروتين المستدامة، والتخفيف عن الاعتماد على اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة التي تحتوي على مواد كيميائية ومواد حافظة.
– 3الحد من استخدام المواد الضارة الكيميائية: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي عن طريق الحد من استخدامه للمواد الكيميائية، واستبدالها بأخرى طبيعية.
– 4دعم الزراعة المستدامة: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال الدعم والترويج للزراعة المستدامة والحد من استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية، والانتقال إلى استخدام الموارد المتجددة والنظم الزراعية التي تحمي التنوع البيولوجي وتحافظ على النظم الإيكولوجية.
– 5نشر الوعي والتثقيف: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال نشر الوعي والتثقيف البيئي في المجتمع وتعليم المجتمعات عن أهمية حفظ الأنظمة الإيكولوجية والتنوع البيولوجي وكيفية الحفاظ عليها.

من بين الخطوات أيضاً التي يمكن اتخاذها لحماية النظم الإيكولوجية وتقليل تأثير التغير المناخي عليها التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على النظم الإيكولوجية، والتشجيع على استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز استخدام وسائل النقل العام والدراجات الهوائية، وتشجيع زراعة الأشجار والنباتات لتحسين جودة الهواء وتقليل الانبعاثات الضارة، وتفعيل القوانين واللوائح التي تحمي البيئة وتحمي النظم الإيكولوجية.

يعتبر الحفاظ على النظم الإيكولوجية من أهم الأساليب التي يمكن استخدامها لتقليل تأثير التغير المناخي على البيئة. ويعد المجتمع العالمي هو الذي يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الصدد، فعليه أن يتخذ خطوات عملية لحماية النظم الإيكولوجية وتحسين جودة البيئة.

بالعمل المشترك والجهود المستمرة، يمكن للمجتمع الحفاظ على النظم الإيكولوجية وتقليل تأثير التغير المناخي على البيئة، وتوفير بيئة صحية ومستدامة للأجيال القادمة.
بصفة عامة، يمكن للأفراد المساهمة بشكل كبير في الحفاظ على التوازن البيولوجي والحفاظ على كوكب الأرض للأجيال القادمة من خلال اتباع نظام حياة صحي ومستدام ودعم المبادرات الداعمة إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الأول من نوعه في العالم لصون أشجار القرم وتنميتها في أبوظبي

بتنظيم هيئة البيئة – أبوظبي وفي إطار مبادرة القرم – أبوظبي شبكة بيئة أبوظبي، الإمارات …