المنتدى العربي للبيئة والتنمية 2023، الفصل الثالث بعنوان أثر الوباء والحرب على الأمن الغذائي
شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 30 مايو 2023
تناول الفصل الثالث من تقرير المنتدى العربي للبيئة بعض المؤشرات الهامة حول الأمن الغذائي في المنطقة العربية في العام 2020 (المؤشر العام للأمن الغذائي، مؤشر توافر الغذاء، مؤشر الحصول على الطعام ومؤشر سلامة الغذاء ومؤشر الموارد الطبيعية وتوافرها للاحتفاظ بها). وتفاوتت هذه المؤشرات في المنطقة العربية حيث أقل مؤشر من 100 هو 41.1 للموارد الطيعية وتوافرها للإحتفاظ و 55.8% مؤشر توافر الغذاء ، و 69.5 مؤشر سلامة الغذاء، و66.9 مؤشر الحصول على الغذاء . بينما بلغ المؤشر العام 60.4. وفي مؤشر كفاية الغذاء جاء في التقرير أن هنالك ثلاثة دول (مصر والسعودية وقطر) كان المؤشر في حدود 70-75%، بينما في الأمارات وعمان كان المؤشر 68.3% و 66.8% على التوالي. في البحرين وتونس الجزائر المغرب كان المؤشر في حدود 50%، وفي سوريا والسودان 41.3% و 30.8% على التوالي، بينما بلغ 27.5% في اليمن. و أشار التقرير أنه وعلى الرغم من أن جميع الدول العربية تقريبًا وضعت الزراعة والأمن الغذائي في مرتبة عالية على جدول أعمالها الوطني بعد أزمة الغذاء عام 2008 ، إلا أن الإستثمار في البحوث الزراعية ضعيف للغاية . ويرى التقرير أهمية أن تذهب البلدان العربية إلى أبعد من مجرد الاعتراف بوجود المشكلة بعد تجربة الأزمة ، والعمل معًا لضمان مرونة أكبر عند حدوث أزمات مستقبلية متوقعة.
القضية المحورية في الأمن الغذائي العربي هي قضية زيادة العرض المحلي على حساب الإعتماد على الواردات الغذائية لمقابلة الطلب على الأغذية، مما ساهم بشكل كبير في اتساع الفجوة الغذائية العربية. بالإضافة لتواتر الأزمات الغذائية العالمية، حيث تأثرت المنطقة العربية بشكل كبير من تبعات الحرب الأوكرانية. و تشير البيانات أن المنطقة العربية تستورد حوالي 42 في المئة من احتياجاتها من القمح و23 في المئة من احتياجاتها من الزيوت النباتية من كل من أوكرانيا وروسيا، بحسب برنامج الغذاء العالمي. وإرتفعت أسعار الدقيق بسبب هذه الأزمة بنسب مختلفة في البلدان العربية وصلت إلى 47 في المئة في لبنان، بينما كانت في حدود 10- 15 في المئة في ليبيا و فلسطين و اليمن وسوريا ومصر. وبذلك إرتفعت تكلفة سلة الغذاء بنسب فاقت 100% في لبنان وعلى نحو أقل بقليل من 100% في سوريا واليمن. صحيح أن الجائحة سببت مزيد من الإختلالات مثل عدم توفّر الغذاء، وعدم المساواة في الوصول إليه، وفي استخدامه بشكل غير كاف. وعلى الرغم من تاثير الجائحة والحروب إلا أن البيانات ماقبل ذلك اشارت ايضا إلى تفاقم المشكلة، حيث أن 27 في المائة تقريباً من سكّان المنطقة البالغ عددهم 116 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و 10% يعانون من نقص التغذية .
قضية الأمن الغذائي العربي لا تنفصل عن ارتفاع المخاطر من حيث ندرة الموارد الطبيعيّة، والاعتماد على استيراد الغذاء، والآثار المتزايدة للصراعات والحروب. وفي جانب المعالجات لا تنفصل فضية الامن الغذائي العربي عن الابتكارات التكنولوجية، وتطوير صناعة غذائية عربية مستدامة وشاملة، والتعاون وبناء الشراكات الفاعلة في المنطقة العربية، ودعم القطاع الخاص وأصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون جل الإنتاج الزراعي، و ما نسبته 70 في المائة من مجمل المزارع (7 في المائة فقط من مجمل الأراضي الزراعية)، وحوالي 80 في المائة من الفقراء الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي حول العالم يعيشون في المناطق الريفية، ومعظم فقراء الأرياف هم من صغار المنتجين للأغذية. هنالك فرصا واعدة لإقامة روابط مستدامة لصغار المزارعين بالأسواق والوصول للأراضي الزراعي والمساعدة على التكيف والصمود مع تغير المناخ وتوفير فرص التمويل والتأمين والخدمات الزراعية الأخرى.
أخيرا، هنالك موضوعان نراهما مهمان يتمثلان في رفع دعم الغذاء وإرتفاع تكاليف التمويل الزراعي لم يظهرا في تحليلات هذه الدراسة، ولكن ظهرا في تحليل دراسة لصندوق النقد العربي في نهاية العام 2022 بعنوان ” الأمن الغذائي في الدول العربية: التداعيات الاقتصادية ودور السياسات الكلية” حيث وجدت علاقةً عكسية بين دعم الغذاء ومؤشر الإنتاج الغذائي، حيث الزيادة في الدعم تعمل على تراجع الإنتاج. لذلك أشارت الدراسة إلى أهمية مراجعة سياسات الدعم باعتماد الأسعار السوقية مع وتوجيه الدعم (إن وجد) إلى مستحقيه، كما أظهرت الدراسة النتائج علاقة عكسية ذات معنوية إحصائية بين تكلفة التمويل والأمن الغذائي، كلما زادت تكلفة التمويل فإن ذلك سيؤدي إلى تراجع مؤشر الإنتاج الغذائي، ما يتطلب من الحكومات الاهتمام بالوصول للإستقرار في أسعار المواد الغذائية لتعزيز الأمن الغذائي.