يشكل الخامس من يونيو في كل عام موعدا مميزا يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للبيئة منذ سنة 1972، التي شكلت نقطة تحول في تطوير السياسات البيئية الدولية، إذ عُقد خلالها مؤتمر الأمم المتحدة الأول المعني بالبيئة بستوكهولم، لتتوالى بعدها المؤتمرات بمختلف أنحاء العالم، مستقرة هذه السنة بدولة كوت ديفوار.
وفي هذا الإطار أشار تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة إلى مجموعة من العناصر التي تضر بالبيئة، مؤكدا أن ”اللدائن البلاستيكية هي الملوث الأكبر للبيئة البحرية والأشد ضررا عليها، إذ تصل نسبتها بين النفايات البحرية إلى 85 في المائة”.
وأفاد المصدر ذاته بأن ”كل سنة يتم إنتاج أزيد من 400 مليون طن من اللدائن البلاستيكية في جميع أنحاء العالم، نصفها مصمم للاستخدام مرة واحدة فقط، ولا يعاد تدوير سوى 1 في المائة منها، فيما ينتهي المطاف بما بين 19 و23 مليون طن سنويا منها في البحيرات والأنهار والبحار”.
وأورد التقرير الذي اطلعت عليه هسبريس أنه ”غالبا ما تنتهي اللدائن البلاستيكية الدقيقة، التي لا يتجاوز قطر الواحدة منها 5 ملم، في الطعام والشراب والهواء الذي نتنفسه”، مشيرا إلى أن “التقديرات الحالية تقول إن كل شخص على هذا الكوكب يستهلك أكثر من 500 ألف جزيء بلاستيكي سنويا، وربما أكثر من ذلك بكثير في حالة ما تم احتساب الجزيئات البلاستيكية المتواجدة في الهواء”.
وتابعت الوثيقة نفسها بأن ”اللدائن البلاستيكية التي يتم التخلص منها أو يتم حرقها تضر بصحة الإنسان وبالتنوع البيولوجي معا، إذ تلوث كل نظام بيئي من قمم الجبال إلى قاع البحار، مع ما يتاح من الحلول والوسائل العلمية لمعالجة هذه المشكلة”، مؤكدة على “ضرورة تدخل الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة وتوسيع نطاق الإجراءات وتسريعها لحل هذه الأزمة”.
وأضاف المصدر ذاته أن ”الوقت ينفد والطبيعة في حالة طوارئ”، مشيرا إلى أنه “للإبقاء على الاحتباس الحراري دون 1.5 درجة مئوية في هذا القرن يجب أن نخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية إلى النصف بحلول سنة 2030″، ومؤكدا أنه “في حالة لم يتحقق هذا الأخير سيزداد التعرض لتلوث الهواء بما يتجاوز المستويات المأمونة بنسبة 50 في المائة خلال هذا العقد، كما ستتضاعف النفايات البلاستيكية التي تتدفق إلى النظم البيئية المائية ثلاث مرات تقريبًا بحلول عام 2040”.
وفي هذا الإطار قال محمد بنعبو، خبير مناخي ومتخصص في الهندسة البيئية، إن ”المواد البلاستيكية اليوم غزت العالم، بحيث حلت محل مجموعة من المواد الأولية في مجالات عديدة، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا محققا على حياة الإنسان، لما تسببه هذه المواد من أضرار وخيمة وأمراض فتاكة”.
وتابع الخبير المناخي حديثه لهسبريس مشيرا إلى أن ”أخطار هذه المواد البلاستيكية لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تتجاوزه مخلفة وراءها أضرارا بيئية خطيرة تصل إلى درجة انقراض وفقدان التنوع البيولوجي”.
من جانبه أشاد الخبير في المناخ والتنمية المستدامة ورئيس جمعية ”أوكسيجين للبيئة والصحة”، أيوب كرير، بالدور الكبير والمجهودات الجبارة التي تقوم بها هيئة الأمم المتحدة لمواجهة معضلة التلوث البلاستيكي، مؤكدا أن “العالم اليوم يعيش خطرا حقيقيا بسبب هذه الآفة”.
وشدد كرير، في تصريحه لـ هسبريس، على ضرورة ”تجنب استعمال العلب البلاستيكية غير القابلة للتدوير لما تسببه من أمراض خطيرة قد تؤدي إلى الموت، بالإضافة إلى الأضرار التي تلحقها بالبيئة عندما يتم حرقها أو طمرها، متسببة بذلك في تلويث الهواء والتربة والمياه الجوفية”.
أكد المتحدث نفسه أنه ”يتعين على المستهلك أخذ الحيطة والحذر والانتباه إلى الرقم الموجود أسفل العلبة أو القنينة البلاستيكية لكي يتأكد من نوع البلاستيك المستعمل فيها، وبالتالي تجنب الإضرار بصحته وبيئته أيضا”.
وتابع الخبير في المناخ والتنمية المستدامة بأنه ”للحد من هذه الآفة أو على الأقل التقليل من خطورة التلوث البلاستيكي على الإنسان والبيئة معا لا بد من تكثيف الجهود، وانخراط مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص، من شركات ومعامل وغيرها؛ بالإضافة إلى انخراط المواطن المغربي كذلك، واتباع منهج موحد”.
كما ذكر كرير بـ”مجموعة من الحملات التحسيسية التي قام بها المغرب في هذا الإطار، كحملة ‘زيرو ميكا’ التي حاول من خلالها الاستغناء عن الأكياس البلاستيكية وإيجاد بديل لها صديق للبيئة”، مضيفا أن “نتائج هذه الحملة ظهرت في السنوات الثلاث الأولى فقط لتعود الأكياس البلاستيكية إلى الأسواق والمحلات مرة أخرى”.
ونبه المتحدث أيضا إلى ”ضرورة توعية الفلاحين بخطورة المواد البلاستيكية التي غزت المجال الفلاحي برمته، والقيام بحملات تحسيسية بين الفينة والأخرى لفئة الفلاحين الصغار لتحسيسهم بخطورة هذه المواد على البيئة، وحثهم على تجنب حرقها أو طمرها في المكبات الأرضية، لما تشكله هذه العملية من تهديد حقيقي على البيئة”، مؤكدا على “ضرورة تدخل الدولة للحد من طمر المواد البلاستيكية”.
وختم كرير تصريحه لـ هسبريس قائلا إن ”المغرب منخرط بقوة في مجال حماية بيئته المحلية من خلال اهتمامه بالجانب التشريعي عبر سنه مجموعة من القوانين التي شكلت إطارا مرجعيا في التعامل مع المجال البيئي بكل تجلياته، وبالتالي تدل هذه الجهود على أن موضوع البيئة لم يعد ثانويا أو هامشيا، بل أصبح موضوعا رئيسيا فرض نفسه بقوة على المشرعين وصناع القرار، إلا أن هذه القوانين مازالت حبيسة الرفوف، كما أن نتائجها مازالت جد محدودة”.
المصدر، موقع هسبريس، أميمة الغالي الثلاثاء 6 يونيو 2023