خلال مؤتمر بون للتغير المناخي
دعت رزان المبارك، رائدة الأمم المتحدة للمناخ لدى مؤتمر الأطراف (COP28)، إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات المناخية التطوعية الفاعلة من قبل القطاع الخاص والحكومات المحلية والمجتمع المدني، جاء ذلك في إطار مشاركتها في مؤتمر التغير المناخي الذي تستضيفه مدينة بون الألمانية خلال الفترة من 5 إلى 15 يونيو الجاري. ينعقد هذا المؤتمر كجزء من مفاوضات الأمم المتحدة الرسمية بشأن المناخ، ويمثل محطة مهمة تمهيداً للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف لتغير المناخ COP28 والذي يعقد في دولة الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين. ومن المتوقع أن يحرز مؤتمر بون تقدمًا في العديد من القضايا بالغة الأهمية، بما في ذلك التفاصيل التشغيلية لصندوق الخسائر والأضرار الذي تم إنشاؤه العام الماضي لتعويض ضحايا الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها من الأحداث الشديدة الناجمة عن التغيرات المناخية.
ويضم جدول أعمال المؤتمر إجراء الحصيلة العالمية، وهي تقييم رسمي لمدى نجاح العالم في مواجهة تحديات المناخ، على أن يتم الإعلان عنها خلال الشهور المقبلة.
ويعكف الخبراء في بون على إعداد مسودات النصوص التي سترفع لاعتمادها في COP28 في ما يتعلق بهذه القضية وغيرها من القضايا الرئيسية. جدير بالذكر أن القرارات التي تتخذ في الاجتماعات السنوية لمؤتمر الأطراف ملزمة قانونًا ويتم تبنيها من قبل جميع الأطراف الموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ البالغ عددهم حاليا 199طرفاً، منهم 198 حكومة، ومنظمة إقليمية واحدة وهي الاتحاد الأوروبي.
وتعمل رزان المبارك بصفتها رائدة الأمم المتحدة للمناخ لدى مؤتمر الأطراف COP28 على إلهام وتوحيد جهود الجهات الفاعلة غير الحكومية للقيام بدورها في ظل الحاجة الملحة لهذه الإجراءات التطوعية.
وقالت رزان المبارك: «هذا العقد من الزمان عقد حاسم، بل إن هذا العام عام حاسم في جهود التصدي لتغير المناخ والإجابة عن سؤال مهم وهو: (إلى أي مدى نحن مستعدون للتحرك لتأمين مستقبل آمن وصحي ومزدهر لنا ولأبنائنا؟)»، مؤكدة أن خفض الانبعاثات العالمية إلى النصف بحلول عام 2030 أصبح ضرورة ملحة لتجنب الآثار المناخية الأشد إيلاما والأكثر تكلفة.
وأضافت: مع الاعتراف بأننا بعيدون عن المسار الصحيح، إلا أن الأوان لم يفت بعد لاتخاذ الإجراءات اللازمة.. وهذا هو ما يتوقع أن يظهره تقرير الحصيلة العالمية، والمرتقب صدوره قبل انعقاد الدورة 28 لمؤتمر الأطراف COP28، فالعالم متأخر بالفعل في تنفيذ اتفاق باريس وتحقيق هدفه المتمثل في الحد من الاحترار الناتج عن النشاط البشري إلى 1.5 درجة مئوية فقط فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. ورأت سعادة رزان المبارك أن «مثل هذه الحالة الطارئة تتطلب حلاً يشمل مواهب كافة عناصر المجتمع ويستغلها أفضل استغلال». وأضافت أنه إلى جانب الإجراءات الحكومية، نحتاج إلى تحرك مكثف من قبل الشركات والبلديات والمنظمات غير الحكومية والشعوب الأصلية والشباب والنساء.. إن أولويتي هي تعزيز العمل على تحقيق الركائز الثلاث لمؤتمر باريس: وهي التخفيف من آثار تغير المناخ، والتكيف، والتمويل.
وقالت رزان المبارك: نعلم يقيناً صعوبة تحقيق مستقبل مرن وخال من الكربون دون إيقاف الخسارة المطردة للطبيعة واستعادة ما فقدناه منها، وذلك من خلال اتخاذ خطوات حاسمة تتمثل أولاها في القضاء على عملية إزالة الغابات التي تحركها السلع في سلاسل توريد الشركات ومحافظ المؤسسات المالية، والثانية توسيع نطاق التمويل للحلول المقبولة مصرفياً والقائمة على الطبيعة مثل تعزيز غابات القرم التي تمتص الكربون، وتحمي المجتمعات الساحلية من العواصف والمد والجزر وتعد سبيلاً لاستدامة سبل المعيشة المحلية، وذلك بالتزامن مع زيادة شمولية الجهود المبذولة لحماية الطبيعة والتنوع البيولوجي وتعزيز المرونة المناخية. وأضافت: نحن بحاجة لأن تكون حلولنا قائمة على أولئك الذين يقفون على خط المواجهة مع التغير المناخي، فوجهات نظر النساء ومجتمعات السكان الأصليين ودول الجزر الصغيرة بالغة الأهمية ليس فقط بسبب الحاجة إلى شمولية التحرك بل لأنه بدونها ستكون أي حلول أخرى مجرد حلول جزئية.
إجراءات تحجيم الآثار
ستقوم رزان المبارك بالاشتراك مع الدكتور محمود محيي الدين، رائد الأمم المتحدة للمناخ في مؤتمر الأطراف COP27، بالربط فيما بين الإجراءات الحكومية والعديد من الإجراءات المناخية التطوعية والتعاونية التي تتخذها البلديات والمناطق والشركات والمستثمرون، بجانب مناقشة كيفية زيادة المساءلة في ما يتعلق بهذه الإجراءات. كما ستقوم المبارك بالتعاون مع الدكتور محمود محيي الدين، وبالتوازي مع المناقشات الفنية حول طريقة عمل صندوق الخسائر والأضرار، بإقامة فعالية اليوم في بون تحت عنوان (إجراءات تحجيم الآثار) يسلطان الضوء خلالها على أمثلة للجهود الجارية بالفعل من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية لمساعدة المجتمعات الضعيفة المتضررة من الأحداث المناخية المتطرفة.
شرم الشيخ
تُركز جلسة تالية تعقد يوم 12 يونيو الجاري على مخرجات أجندة شرم الشيخ للتكيف المناخي حيث تم الاتفاق العام الماضي في مصر على أول خطة عالمية لتوحيد الإجراءات من قبل الدول والجهات غير الحكومية، مع التركيز على الأهمية البالغة لقضية التكيف لأنه حتى لو تمكن العالم من الحد من الاحترار إلى ما لا يزيد على درجتين مئويتين أو 1.5 درجة مئوية وتجنب الآثار الأسوأ لتغير المناخ، فهناك بعض الآثار الضارة التي لا مفر منها. كذلك، فإن العديد من البلدان الأكثر عرضة للمخاطر المناخية مثل درجات الحرارة القصوى والأعاصير والجفاف والفيضانات هي بلاد محدودة الموارد بالفعل.
وقد حدد جدول أعمال شرم الشيخ للتكيف 30 هدفًا تعزز التخطيط والتمويل لتحسين جهود التكيف في خمسة مجالات: هي الغذاء والمياه والمحيطات والمستوطنات البشرية والبنية التحتية، وفي هذه الفعالية التي ستنطلق بإشراف رزان المبارك والدكتور محيي الدين، وسيتم تنظيم وتقديم فرق عمل مع تحديد أولوياتها والبدء في حشد الجهود والتمويل لإنجاحها. وعلى صعيد الحد من آثار التغير المناخي، أكد رواد المناخ ضرورة جذب المزيد من القطاعات العامة والخاصة للانضمام إلى حملة السباق نحو الصفر Race to Zero للمساعدة في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.
وسيتعهد المشاركون بالوصول إلى المستوى الصفري من الكربون بحلول عام 2050 على أبعد تقدير، ومن المتوقع أن تقوم تلك الكيانات بإصدار تقارير مرحلية بصفة سنوية.
المصدرن جريدة الاتحاد، بون (وام) 9 يونيو 2023 02:05