حملة تستعرض جهود الدولة في حماية البيئة والطبيعة
مبادرة إماراتية رائدة تستشرف مستقبلاً مستداماً منخفض الكربون
22 % من مساحة شأشجار القرم فقدها العالم خلال الثلاثين سنة الماضية
التحالف يأتي بالتعاون مع اندونيسيا للترويج لأشجار القرم لمواجهة تغير المناخ
48 % من أشجار القرم في منطقة الخليج موجودة في الامارات
أشجار القرم تسهم في حماية الخطوط الساحلية وتعمل على تحسين جودة المياه
تؤدي الإمارات دوراً أساسياً في تعزيز التعاون الدولي في قضايا المناخ، وذلك تماشياً مع أولوياتها الاستراتيجية لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون، وانطلاقاً من مساعيها الدؤوبة لضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة. ويشكل إطلاق الإمارات لتحالف القرم من أجل المناخ في عام 2022 خلال «COP27» في مدينة شرم الشيخ المصرية، وبالشراكة مع جمهورية إندونيسيا، محطة مهمة ضمن مسيرة الدولة لتعزيز العمل المناخي العالمي، والحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث تشكل غابات القرم أو ما يسمى «المانجروف» نظماً بيئية مهمة للغاية، إذ تعتبر ضرورية لتحسين جودة الحياة والاقتصاد من خلال تعزيز جهود التصدي لتغيّر المناخ. كما توفر غابات القرم فرصاً للسياحة المستدامة والترفيه، كما تساعد على تحسين الثروة السمكية وحماية المدن والبنية التحتية من العواصف وارتفاع مستوى مياه البحر.
وتنسجم أهداف تحالف القرم من أجل المناخ مع محور «المحمية»، ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً، تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث تعمل دولة الإمارات على حماية منظومة البيئة والطبيعة التي تتميز بتنوع فريد، من خلال مجموعة من المبادرات المشتركة والحلول المبتكرة، فيما يستهدف التحالف ترسيخ جهود دولة الإمارات لتعزيز التعاون في مجال احترام الطبيعة واستخدام مواردها بطريقة مستدامة، والعمل من أجل بناء مستقبل عادل وخالٍ من الانبعاثات بالاعتماد على حلول الطبيعة.
تدابير جوهرية
يجسد تحالف القرم من أجل المناخ، حرص دولة الإمارات على تعزيز جهود العمل من أجل المناخ، عبر تبني حلول داعمة لجهود خفض الانبعاثات، تقوم على الطبيعة والتي بدورها تحقق فائدتين بالغتي الأهمية تتمثلان في المساهمة بفاعلية أعلى في الوصول إلى الحياد المناخي، وتعزيز جهود حماية النظم البيئية والتنوع البيولوجي.
ويشكل الاعتماد على الحلول المستندة إلى الطبيعة في مواجهة التحديات البيئية إحدى الركائز الرئيسة التي تعتمد عليها دولة الإمارات ضمن توجهاتها للعمل المناخي على المستويين المحلي والعالمي، حيث يعتبر التوسع في زراعة غابات القرم أحد أهم هذه الحلول، لذا تحرص الدولة بشكل دائم على رفع طموحها الخاص بزيادة أعداد أشجار القرم، لذلك لم يكن غريباً أن تعلن دولة الإمارات خلال فعاليات مؤتمر الأطراف COP26 في غلاسكو باسكتلندا عن هدفها الطموح المتمثل في زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030.
واتّخذت الإمارات تدابير جوهرية لحماية وتنمية الحياة الفطرية النباتية الخاصة بأشجار القرم، حيث كانت سبّاقة في إطلاق مبادرات لاستعادة وتشجير أشجار القرم على مستوى العالم، في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، أن العالم فقد نحو 22% من أشجار القرم خلال الثلاثين سنة الماضية، بينما تضاعف عدد أشجار القرم في الإمارات في الفترة ذاتها، حيث يوجد بها في الوقت الحالي نحو 48% من أشجار القرم في منطقة الخليج العربي.
وتكمن أهمية أشجار القرم في أنها تساهم في حماية الخطوط الساحلية وتعمل على تحسين جودة المياه، حيث توفر هذه الأشجار أراضي حاضنة للأنواع البرية والمائية، كما تعمل على عزل وتخزين الكربون الجوّي، حيث يؤدي تدمير غابات القرم نتيجة الأنشطة الاقتصادية إلى زيادة حدّة أثر الفيضانات الساحلية الناجمة عن تغير المناخ.
نظام متكامل
وتسعى الإمارات من وراء تحالف القرم من أجل المناخ إلى دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالمياً باعتبارها أحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً. ويأتي هذا التحالف كخطوة جديدة ضمن استراتيجية الدولة الساعية إلى زيادة المساحات المزروعة بهذا النوع من الأشجار ذات الفوائد العالية، حيث تعمل وزارة التغير المناخي والبيئة بالشراكة مع الجهات الحكومية على استزراع شتلات القرم في جميع المناطق الساحلية في الدولة.
وتسعى الإمارات عبر هذا التحالف إلى نشر ثقافة الاعتماد على حلول الطبيعة لمواجهة التحديات المناخية التي تواجه كوكب الأرض، لا سيما وأن لأشجار القرم أهميـة كبيرة كونها تخلق نظاماً إيكولوجياً متكاملاً للمنطقة المستهدفة من خلال توفير حاضنة وموئل طبيعي للعديد من الأنواع البحرية، الأمر الذي يساهم في حفظ التوازن البيئي وحماية الكائنات من خطر الانقراض.
ويعود اهتمام الإمارات بالتوسع في زراعة غابات القرم إلى أنها تلعب دوراً فعالاً في خفض مسببات وتداعيات التغير المناخي، مثل الأعاصير، والعواصف، والفيضانات، كما تعد مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة، كما أنها توفر مناطق خصبة وموائل طبيعية آمنة للتنوع البيولوجي البحري، حيث يعتمد ما يقارب 80% من مجموعات الأسماك على النظم الإيكولوجية الصحية لأشجار القرم.
التزامات طوعية
تعمل الإمارات بالشراكة مع إندونيسيا والدول أعضاء التحالف على الترويج لأشجار القرم باعتبارها حلاً قائماً على الطبيعة لمواجهة تغير المناخ، والعمل على تسريع وتيرة جهود حفظ، واستعادة وتنمية نظم أشجار القرم البيئية. وتتبنى المبادرة نهج الالتزامات الطوعية والمحددة من قبل الدول الأعضاء، بحيث يلتزم الأعضاء بزراعة وإعادة تأهيل واستعادة غابات القرم، وتعزيز التعاون بين الدول لدعم هذا الحل القائم على الطبيعة وتبادل المعرفة بشأن أهمية إعادة تأهيل أشجار القرم.
كما يدعم التحالف جهود الدول الأعضاء في البحث العلمي، وإدارة المناطق الساحلية والحفاظ عليها، وتعزيز جهود التوعية بأساليب التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها والسياسات ذات الصلة.
ويعمل أعضاء تحالف القرم من أجل المناخ بشكل جماعي على تحقيق مجموعة من الأهداف تشمل إظهار الالتزام الجماعي بالحلول المناخية القائمة على الطبيعة، من خلال حماية أشجار القرم وزراعتها، وتوسيع خدمات النظام البيئي لأشجار القرم في التخفيف من تغير المناخ ومكافحته من خلال الابتكار والبحث العلمي، وتعزيز حماية النظم البيئية لأشجار القرم على المستوى العالمي من خلال الدراسات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وتشجيع نهج العمل الخيري في المجتمع والقطاع الخاص لدعم جهود حلول الكربون الأزرق وجهود زراعة أشجار القرم، وتكثيف الجهود العالمية لتحقيق الأجندة الدولية للعمل المناخي.
المصدر، جريدة الاتحاد، أبوظبي (الاتحاد) 15 يونيو 2023 01:04