الهدر يهدد استدامة مواردنا الطبيعية
4 مليارات قارورة بلاستيكية يتم استهلاكها بالدولة سنوياً
4.3 مليار زجاجة إجمالي النفايات من الزجاجات البلاستيكية في الإمارات
450 زجاجة بلاستيكية يتخلص منها كل فرد سنوياً
1 طن نفايات بلاستيكية لكل إنسان على قيد الحياة
دبي تبادر للاستدامة توعي مختلف شرائح المجتمع
اتباع أساليب خاصة بترشيد الاستهلاك يحد من المشكلة
المستهلك يتبع سلوكيات وعادات اجتماعية خاطئة تبعده عن الترشيد
ابراهيم علي: ترشيد الاستهلاك سلوك حضاري ومسؤولية وطنية ووعي اجتماعي
ابراهيم البحر: الاتجاه نحو تصنيع عبوات من مواد صدديقة للبيئة
السلوك المستهتر يكلف الدولة مليارات الدراهم سنوياً
إنشاء نظام مراقبة أقوى لتحديد مصدر وحجم ومصير البلاستيك
سمية السويدي: دور تكاملي بين المؤسسات لتحقيق مبادرات الاستدامة والقضاء على البلاستيك
عذيبة القائدي: تطوير منظومة متكاملة لخفض النفايات بمختلف صورها
العالم يتجه نحو استعمال المواد المستدامة
إنشاء نظام مراقبة أقوى لتحديد مصدر وحجم ومصير البلاستيك
رغم تصدر دولة الإمارات المراكز الأولى في المؤشرات البيئية التنافسية العالمية، إلا أن تطلعاتها وطموحاتها لن تتوقف عند هذه المنجزات، فها هي اليوم تضع ملف استدامة البيئة الذي قطعت فيه شوطاً كبيراً من المنجزات طوال السنوات الماضية، ضمن مستهدفاتها الرئيسة ل 50 سنة مقبلة، من خلال الاستمرار في إطلاق المشاريع والمبادرات البيئية الموجهة للمجتمع الذي يُعد اللاعب الرئيس في استهلاك المواد الضارة للبيئة كقوارير شرب المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وهو تحدٍّ يواجه حكومة الإمارات في تركيزها على ملف استدامة البيئة، خصوصاً أن الأرقام تظهر استهلاك القوارير البلاستيكية يصل إلى نحو 4 مليارات قارورة على مستوى الدولة سنوياً، بينما تحتاج القارورة الواحدة إلى نحو 400 عام كي تتحلل، وهو يشكل أحد أكبر التحديات البيئية ليس فقط على مستوى الإمارات وإنما العالم أجمع، الأمر الذي يلزم جميع أفراد المجتمع بالمساهمة في تحقيق طموحات الدولة الخاصة بهذا الشأن وتحمل مسؤولياتهم المجتمعية في الابتعاد عن سلوكيات الإسراف في استهلاك قوارير المياه البلاستيكية، وذلك عبر اتباع أساليب خاصة بترشيد استهلاكها.
استهلاك الفرد سنوياً
ومع تميز برامج عمل حكومة الإمارات في ملف حماية البيئة وضمان استدامتها، بتمكين أبناء المجتمع ممارسة حياتهم الطبيعية براحة وهدوء وسط بيئة صحية ونظيفة، والحصول على ما يريدون من الخدمات أينما ذهبوا دون صعوبة أو عراقيل، إلا أنها تواجه حجر عثرة لا يرتبط بنقص المكبات وتوفيرها، وإنما يتمثل بهدر استهلاك قوارير مياه الشرب البلاستيك باعتباره مشكلة اجتماعية أكثر من كونها اقتصادية، وبطلها هو المستهلك الذي يتبع سلوكيات وعادات اجتماعية خاطئة تبعده عن الترشيد في الاستهلاك، غير مدرك أنّ هذا السلوك المستهتر يكلّف الدولة مليارات الدراهم سنوياً، نتيجة هذا الهدر غير المسؤول، حيث يتخلص كل فرد في دولة الإمارات من نحو 450 زجاجة بلاستيكية سنوياً، ويقدر إجمالي النفايات من الزجاجات البلاستيكية في الإمارات ب 4.3 مليار زجاجة، يُعاد تدوير جزء قليل للغاية منها، في حين تذهب بقية الزجاجات إلى مكبات النفايات، وفقاً لتقديرات صناعة إدارة النفايات في البلاد، مما جعل هذه المشكلة أولى القضايا التي يجب معالجتها، والحد منها كواجب لرد الجميل للدولة التي قدمت الكثير لمواطنيها والمقيمين على أرضها. «دبي تبادر للاستدامة»
دينامو الجهود المحلية، جزء لا يتجزأ من حزمة المشاريع التنموية، التي لم تدخر الإمارات جهداً في وضع أسس قوية لها، حيث أطلقت العديد من المبادرات الخاصة بحماية البيئة من مضار النفايات البلاستيكية بمختلف أنواعها وأشكالها، والمبنية على أسس «ترشيد الاستهلاك»، وأطلعت «الاتحاد» على العديد من تلك المبادرات واستوقفتها مبادرة حديثة، أطلقتها إمارة دبي خلال الشهر الجاري «فبراير»، وتحمل عنوان «دبي تبادر للاستدامة»، وتسعى إلى توعية مختلف شرائح المجتمع بأهمية الحفاظ على مواردنا الطبيعية وتحديداً النفط الذي يدخل في عدة صناعات منها البلاستيك، كذلك إلهامهم بشكل فعال وإيجابي للحد من استخدام العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
تقرير أممي
أكد تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة خلال أكتوبر من العام الماضي 2021، أهمية التخفيض الكبير في المواد البلاستيكية غير الضرورية والتي تسبب مشاكل بالغة الأهمية لحل أزمة التلوث العالمية، موضحاً أنه في السنوات الأخيرة، زاد تغلغل التلوث البلاستيكي في النظم الإيكولوجية المائية بشكل كبير، ومن المتوقع أن يتضاعف التلوث المرتبط به بحلول عام 2030، مما سيؤدي بلا شك إلى عواقب وخيمة على صحة الإنسان والاقتصاد العالمي والتنوع البيولوجي والمناخ، كما أكد أن البلاستيك مرتبط أيضاً بقضايا المناخ، حيث توقع إطلاق المواد البلاستيكية في عام 2050، 6.5 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل 15% من ميزانية الكربون العالمية.
وأشار التقرير إلى حاجة دول العالم لإنشاء نظام مراقبة أقوى لتحديد مصدر وحجم ومصير البلاستيك، ووضع إطار عالمي للمخاطر الذي تفتقر إليه حالياً على المستوى العالمي، والتحول إلى اتباع نهج دائري، بما في ذلك ممارسات الاستهلاك والإنتاج المستدامين، وتسريع وتيرة تطوير واعتماد البدائل من قِبل الشركات التجارية، وزيادة وعي المستهلكين لدفعهم إلى اتخاذ خيارات أكثر مسؤولية.
مشاكل وحلول
«الاتحاد» ناقشت أفضل الحلول لمستهدف ترشيد استهلاك قوارير المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على مستوى الدولة، وخفضه من 4 مليارات قارورة إلى مليارين على سبيل المثال سنوياً، على طاولة خبراء البيئة والتنمية والاقتصاد والاستدامة، ووضعت أمامهم مبادرة «دبي تبادر للاستدامة» كنموذج متميز في دعم توجهات الدولة بملف استدامة البيئة، وأكدوا بدورهم، أن هدر استهلاك قوارير مياه الشرب البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، يُعد حجر عثرة أمام استدامة مواردنا البيئية الطبيعية، والتي تدخل في صناعة البلاستيك، و10 حلول داعمة لمستهدف الدولة في ال 50 سنة مقبلة، وتسهم في الوقت ذاته في ترشيد الاستهلاك لتلك القوارير.
نجاح سياسات الإمارات
قالت عذيبة القائدي، الخبير المساعد في إدارة الشؤون البلدية في وزارة التغير المناخي والبيئة، إن المؤشرات التنافسية التي أهلت دولة الإمارات إلى تصدرها في المراكز الأولى على المستوى العالمي، مثل مؤشري «الرضا عن جهود المحافظة البيئية» و«القوانين البيئية»، والمؤشرات التنافسية على الصعيد الإقليمي، مثل «قلة تلوث المحيطات» و«الرضا عن جهود المحافظة البيئية» و«هدف صحة المحيط – المياه النظيفة (0-100)»، «مشاكل التلوث» و«القوانين البيئية» و«التنمية المستدامة»، تعد مؤشراً على نجاح السياسات والاستراتيجيات والمشاريع والمبادرات التي أطلقتها الدولة طوال السنوات الماضية بشأن استدامة البيئة وحمايتها من الملوثات كالنفايات البلاستيكية، وها هي اليوم عاقدة العزم على الاستمرار في إطلاق المبادرات الخاصة بتوعية المجتمع بأهمية ترشيد استهلاك البلاستيك، ومن أحدثها مبادرة «دبي تبادر للاستدامة».
وتابعت: إن الوزارة تشجع مسألة تقليل استخدام عبوات المياه البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، لما لها الدور الأبرز في المساهمة في خفض إنتاج النفايات، الأمر الذي يقلل من طمر النفايات، وتوفير مساحة الأراضي المهدرة في مكب النفايات، وحماية البيئة من غاز الميثان المنبعث من مكبات النفايات.
وأوضحت أن تطوير منظومة متكاملة لخفض النفايات بمختلف صورها، يعد أحد أهم أهداف الاستراتيجية الوطنية، مؤكدة العمل المستمر للجهات المعنية في الدولة على تحقيق رؤية القيادة الرشيدة، الرامية إلى رفع وعي المجتمع تجاه سلوكيات الترشيد، والتي تسهم بشدة في ضمان استدامة البيئة وحمايتها من مخاطر النفايات، حيث أطلقت الوزارة مبادرات بهذا الشأن، منها «التغلب على التلوث البلاستيكي»، و«معاً لحماية بيئتنا عبر استهلاك أمثل للبلاستيك»، كما عملت مع شركائها الاستراتيجيين على إجراء دراسات متخصصة لتحديد أنواع وكميات المنتجات البلاستيكية التي يتم استهلاكها بهدف معرفة حجم التحديات والفرص وإيجاد حلول فاعلة للتخلص من البلاستيك المستعمل من خلال تجميعه وإعادة تدويره في مصانع متخصصة تستخدمها كمواد ثانوية لإعادة إنتاج مواد أخرى منها.
مبادرات خاصة
بدوره، ذكر إبراهيم البحر، خبير في تجارة التجزئة وشؤون المستهلك، أنه ضمن الحلول الخاصة بتحقيق مستهدف ترشيد استهلاك قوارير المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على مستوى الدولة، إلزام جميع مؤسسات الدولة بمختلف اختصاصاتها، بمشاركة نظيرتها المختصة بالبيئة، في تقديم مبادرات خاصة بالتثقيف المجتمعي بما يخدم في نهاية المطاف تنفيذ مستهدف الدولة الاستراتيجي المتمثل في استدامة البيئة المحلية للأجيال الحالية والمستقبلية، وحث الشركات المصنعة للعبوات على تعديل سياساتها والاتجاه إلى التركيز على تصنيع عبوات مصنعة من مواد صديقة للبيئة، حيث لا تقع مسؤولية هدر استهلاك العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على المستهلك فقط، وإنما تطال الشركات الخاصة أيضاً، حيث يفضل المستهلك شراء هذه العبوات، نظراً كون تكلفة تصنيعها منخفضة الثمن، كما تحاول المصانع والشركات الخاصة «التملص» من توفير سلع بديلة عن البلاستيك في الأسواق التي تتميز بارتفاع تكلفة تصنيعها، وغيرها الكثير من الحلول.
وأشار إلى أن مبادرة «دبي تبادر للاستدامة» بأهدافها النبيلة تضاف إلى المبادرات المستمرة في الملف البيئي الذي تضعه دولة الإمارات خاصة على رأس الأولويات، كونه من التحديات العالمية الملحة، وباتت بما أنجزته فيه وما تتخذه من خطوات واسعة في معالجته، نموذجاً رائداً وملهماً في التحول إلى تنمية صديقة للبيئة، وتحقيق الحياد المناخي، عبر جديتها وإصرارها على إحداث تغييرات واسعة في أسلوب الحياة اليومي للسكان، بما يصنع أثراً كبيراً في الارتقاء بجودة الحياة، وجعل الإمارات صحية ومستدامة والأفضل عالمياً للعيش.
إنتاج العالم من البلاستيك
من جانبه، أكد عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، أن العالم ينتج 7.8 مليار طن من البلاستيك في السنة، أي ما يعادل 1 طن نفايات بلاستيكية لكل إنسان على قيد الحياة، وأغلب البلاستيك المنتج يذهب إلى تغليف المواد والسلع الاستهلاكية ومنها: عبوات مياه الشرب بشكل رئيس، أي ما يعادل 42%، أما النفايات البلاستيكية فتتركز بالتغليف والتعبئة أي المواد والسلع الاستهلاكية بما يعادل 74.2%.
وأوضح المقصود من مصطلح «العبوات البلاستيكية أحادية الاستخدام»، بالقول: هي عبوات بلاستيكية غير قابلة للتحلل وإعادة التدوير، وخصوصاً عبوات المياه، لافتاً إلى أن المشكلة لا تكمن في البلاستيك وحظره، وإنما تتمثل في تغيير سلوك الأفراد والمؤسسات والشركات في التعامل مع العبوات البلاستيكية، لأن تغيير سلوك الأفراد والمؤسسات في موضوع البيئة هو من أصعب التحديات التي تواجه الدول.
وأشار إلى أن تغيير السلوك يحتاج إلى توافر ثلاثة عناصر أساسية هي «القانون، التوعية، والتحفيز»، وهذه العناصر لا تعطي نتيجة إلا مجتمعة مع بعضها بعضاً، وما قامت به دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي بإطلاق مبادرة «دبي تبادر»، عبر توفير أجهزة توفير مياه شرب نقية مجاناً لعموم الناس منتشرة في الشوارع والأماكن العامة، يمكن تصنيفها ب «تحفيز» الفئات المستهدفة للمشاركة في تغيير السلوك، ويمكن ربطها بالقانون الذي صدر مؤخراً عن المجلس التنفيذي بدبي، بتطبيق تعرفة 25 فلساً على كل كيس بلاستيكي أحادي الاستخدام يعتبر أيضاً خطوة في الاتجاه الصحيح وترجمة لهذه المعادلة من باب (القانون)، إلى جانب برامج التوعية المنتشرة من خلال وسائل الإعلام أو الجمعيات البيئية ومنصات التواصل الاجتماعي، وغيرها سوف تساهم جميعاً بتغيير السلوك ولو بعد حين.
وبيّن أن البلاستيك أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وزاد استعماله لسهولة التصنيع وقلة التكلفة، كما له إيجابيات وسلبيات كثيرة يجب الحذر منها، فالنفايات البلاستيكية لها آثار سلبية على الصحة العامة والبيئة بشكل عام، فهي أحد معوقات تحقيق التنمية المستدامة؛ لأنه غير قابل لإعادة التدوير والتحلل، فالنظرة الحديثة لإدارة النفايات ترتكز على اعتبارها موارد، والعمل على استرداد قیمتها بما لا يؤدي إلى تلويث البيئة وتهديد للصحة العامة، فاليوم بات العالم يتجه نحو استعمال المواد المستدامة، والاستغناء عن كل ما لا يمكن إعادة تدويره، وعلى رأسها الأكياس البلاستيكية صعبة التحلل.
مسؤولية وطنية
بدوره، أكد الدكتور إبراهيم علي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة، أن ترشيد الاستهلاك يعتبر سلوكاً حضارياً ومسؤوليةً وطنيةً ووعياً اجتماعياً، من شأنه المحافظة أيضاً على المكتسبات والنجاحات الاقتصادية للبلاد، منوهاً في هذا المجال بالحياة الكريمة التي توفرها الدولة لأبنائها والجاليات المقيمة على أرضها، الأمر الذي تتطلب من الجميع الوعي الوطني والمساهمة في بذل كل المستطاع للحفاظ على بيئتنا سليمة معافاة من النفايات البلاستيكية.
وأشار إلى خطورة الإسراف من دون أي معنى، وخاصة أن الإمارات نجحت في توفير وحشد كل الموارد والإمكانات من أجل إيجاد معادلة اكتفاء ذاتي، مما أهلها لكي تتبوأ المراكز الأولى العالمية في المؤشرات التنافسية الخاصة بالبيئة، والتي تعد أحد العوامل المهمة لسعادة المجتمع واستمراراً لعملية التنمية المستدامة، لافتاً إلى أن الوعي الفردي من شأنه أن يصب في الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في هذا المجال، ويسهم في حماية بيئة دولة الإمارات من التهديدات كالنفايات البلاستيكية وتغير المناخ وغيرهما، كما تعد التوعية الأساس في شأن ترشيد استهلاك قوارير المياه البلاستيكية في الدولة، حيث تحتاج حملات التوعية إلى تكثيف دور الجهات القائمة بتوعية أفراد المجتمع بمختلف مراحلهم العمرية، وتقديم معلومات مدعمة بنتائج دراسات وبحوث علمية ورسوم في الوقت نفسه، لما لها الدور الأبرز في جذب أبناء المجتمع إلى هذه الحملات.
تكاملية الأدوار
بدورها، قالت سمية السويدي، مقرر لجنة الصحة والبيئة في المجلس الوطني الاتحادي، إن استشراف المستقبل تتبناه القيادة الرشيدة ضمن عدة محاور، أهمها المحافظة على البيئة كما أن حكومتنا تتبنى المبادرات التي تحسن من تطوير الحياة الطبيعية لما لها مردود إيجابي وصحي وتحافظ على مكتسبات الوطن.
وأضافت: «إن عملية الاستدامة هي النهج الأصيل في كل المبادرات التي تؤكد أهمية الاستدامة للأجيال الحالية والمقبلة مع ضرورة تقييمها بين فترة وأخرى، حيث إن بناء الأجيال هو الركيزة الأساسية لدولة الإمارات»، مؤكدة «وجوب الدور التكاملي بين المؤسسات في تحقيق المبادرات التي تتعلق بالاستدامة والقضاء على البلاستيك».
استدامة بيئية
من جانبه، قال محمد كرم، مدير تطوير الأعمال الإقليمي لشركة إنسينكراتور ومتخصص بالاستدامة: «إن حماية البيئة هي الدعامة الأساسية للاستدامة وللعديد من الشواغل الرئيسة لمستقبل البشرية، حيث تحدد كيفية حماية النظم البيئية ونوعية الهواء وسلامة واستدامة مواردنا والتركيز على العناصر التي تضع ضغوطاً على البيئة، في حين تعرف الاستدامة البيئية بمعدلات حصاد الموارد المتجددة وخلق التلوث واستنفاد الموارد غير المتجددة التي يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى». وأشار إلى أن الإمارات تعد من الدول الأولى التي اهتمت بالاقتصاد الأخضر والاستدامة، حيث اعتمدت مفهوم الاقتصاد الأخضر ليشكل أداة مهمة لضبط النمو الاقتصادي وتوجيهه نحو الاستدامة، وذلك من خلال إيلاء البعد البيئي قدراً أكبر من الاهتمام في سياسات التنمية الاقتصادية، وقد تبنت الدولة هذا النهج في عام 2012 من خلال استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، التي تستهدف تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أخضر منخفض الكربون يعتمد بصورة أساسية على التقنيات الحديثة والمعرفة والابتكار.
وأضاف: إن تركيز الدولة على حملات التوعية البيئية ينطلق من مواكبتها ومساهمتها في تحقيق مستهدفات رؤيتها، والتي تضع متطلب رفع الوعي البيئي، وبالأخص في مجال التعامل مع النفايات كأحد الحلول المهمة لضمان تحقيق الاستدامة والاقتصاد الأخضر، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، كما يعزز من وفاء الدولة بالتزاماتها الدولية، والمتمثلة في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.
وأوضح أن حملات توعية ترشيد استهلاك قوارير المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد حتى تحقق مستهدفاتها 100% يتوجب عليها التركيز في بث رسائل واضحة للمجتمع بهدف التغير من سلوكياتهم، عبر التركيز على 3 محاور رئيسة، متمثلة في التقليل من استخدام القوارير، من خلال التركيز على العبوات الصديقة للبيئة، وإعادة الاستخدام، والتدوير، مشيراً إلى وجوب تربية النشء على ثقافة الترشيد، حتى نصنع جيلاً أكثر وعياً ومحافظاً على البيئة التي يعيش فيها. وأشار إلى أن 90% من مسببات ظاهرة تغير المناخ متمثلة في قلة وعي أبناء المجتمعات بطرق حماية البيئة من مخاطر المخلفات، وهدر الموارد الطبيعية وغيرهما، لافتاً إلى أن أفضل الحلول المساهمة في تعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك تتمثل في خلق الوعي وتغيير الثقافات والعادات، وتعزيز وتحسين السلوكيات الإيجابية. وبيّن أن أهداف حملات التوعية البيئية ترتكز على البعد الاقتصادي في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة التعامل معها، وتصب معظم استراتيجيات دولة الإمارات، مثل استراتيجية الدولة لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والاستراتيجية الوطنية للطاقة 2050 والتي تسعى من خلالها إلى ترشيد السلوك الاستهلاكي الفردي والمؤسسي بنسبة 40 في المائة بحلول عام 2050، في اتجاه واحد وهو حماية البيئة من أجل توفير مكان أفضل للعيش ومواجهة تحدي تغير المناخ.
المصدر، جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 7 مارس 2022 01:06