متخصصون لـ«الاتحاد»: الهندسة الخضراء مفهوم حديث لعمارة مستدامة

عادل التميمي: قطاع البناء يستهلك 50 % من إجمالي الطاقة المستخدمة

سلوى بحيري: الاقتصاد الدائري مصمم لإعادة استخدام والمنتجات وتقليل النفايات

زاروك شريف الدين: إعداد أبحاث تخدم قطاع الاستدامة والهندسة الخضراء

أكد عدد من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في برامج الهندسة والاستدامة، أن التوجه إلى العمارة المستدامة أو الخضراء بات يشهد تنامياً ملحوظاً في العقد السابق، حيث كان لها أثر كبير في الحفاظ على الموارد الطبيعية والمناخ، ولا تدخر دولة الإمارات جهودها في اتباع النهج المستدام على مختلف المستويات، فكانت لها جهود واضحة وسباقة في مجال الاستدامة.

وأشاروا إلى قرار مجلس الوزراء في عام 2010 بشأن اعتماد معايير البناء الأخضر، ومعايير البناء المستدام، ليتم تطبيقها في جميع أنحاء الدولة، وقد بدأ تطبيق هذه المعايير في المباني الحكومية في مطلع عام 2011، إذ من المتوقع أن يوفر المشروع 10 مليارات درهم بحلول عام 2030، وأن يُخفض نحو 30 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولفتوا إلى أهمية مبادرة إمارة أبوظبي بشأن نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ ذي المستويات الخمسة من برنامج استدامة، فقد أصبح إلزامياً على جميع المباني الجديدة أن تحصل على تصنيف اللؤلؤة الواحدة، في حين يجب أن تحصل جميع المباني الحكومية والفيلات السكنية على اثنتين من اللآلئ، وقدمت إمارة دبي شروطاً ومواصفات للمباني الخضراء التي تحتوي على 79 من المواصفات القياسية التي هي الآن إلزامية لجميع التطويرات الإنشائية. وأكدوا أهمية التوجه إلى العمارة المستدامة؛ كونها الأسلوب الأحدث والأمثل في الحفاظ على استدامة البيئة والموارد الطبيعية فيها، مشيرين إلى أن البناء الأخضر يعتبر توجهاً لا بد منه، باعتباره من الاستراتيجيات العمرانية الإيجابية على البيئة والمجتمع.

البناء المستدام
وقال الدكتور عادل التميمي، أستاذ في قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية في الشارقة: «يعرف البناء المستدام بأنه منشأة يتم تصميمها وبناؤها وتشغيلها والتخلص منها دون الإخلال بالنظام البيئي الطبيعي. ومن المتعارف عليه، أن قطاع البناء يستهلك ما يقارب 30% إلى 50% من إجمالي الطاقة المستخدمة في المجتمع، ويرجع ذلك إلى المواد المنتجة صناعياً ووسائل النقل واستخدام المكيفات أثناء تشييد المباني وتشغيلها، ما يؤدي إلى توليد انبعاثات كبيرة من الغازات الدفيئة التي تؤثر سلباً على المناخ. لذلك اكتسبت مبادرة (الطاقة صفرية الانبعاثات الكربونية) مؤخراً اهتماماً دولياً بسبب زيادة الطلب على البناء والاستهلاك العالي للمواد والمياه الصالحة للشرب والطاقة». وأوضح: «تتمحور نظرية (الطاقة صفرية الانبعاثات الكربونية) حول ركائز الاستدامة الأربع، وهي الركائز البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتي وردت في أهداف برنامج استدامة أبوظبي. فمن أجل الحد من آثار تغير المناخ، يجب دراسة الأساليب المبتكرة في التصميم والبناء والتشغيل والتخلص من المباني، مثل تنفيذ نموذج الاقتصاد الدائري، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة، والإدارة الفعالة لمياه الصرف الصحي، والتصميم الحراري السلبي، من خلال تحسين غلاف المبنى والعزل الفعال والتهوية الطبيعية».

المباني الذكية
أكد التميمي: «ستلعب المبادرات الجديدة، مثل المباني الذكية والأتمتة، دوراً فعالاً في تطوير صناعة البناء، من خلال تقليل البصمة الكربونية، وتقليل آثار تغير المناخ في مختلف مناطق دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تمضي دولة الإمارات قدماً نحو تطبيقات الطباعة ثلاثية الأبعاد للخرسانة، ارتكازاً على نهج دولة الإمارات المستدام. ومن بين الأمثلة على المباني الخرسانية المطبوعة في دولة الإمارات: فيلا الشارقة التقليدية ومبنى دبي الورسان ومكتب المستقبل. ومن المقرر إنشاء مسجد يعتبر الأول من نوعه عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد للخرسانة في دبي قريباً».

الاقتصاد الدائري
بدورها، قالت الدكتورة سلوى بحيري، أستاذة في الهندسة المدنية بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية في الشارقة: «يُعد مفهوم الاقتصاد الدائري، والذي يُعرّف غالباً بأنه نظام اقتصادي مصمم لإعادة استخدام وتجديد المواد والمنتجات وتقليل النفايات، مكوناً رئيسياً في التوجه المستقبلي نحو تقليل الآثار البيئية والاقتصادية لصناعة البناء. فبالرغم من أن صناعة البناء تعتبر السبب الرئيسي في استنفاد الموارد والتدهور البيئي وتغير المناخ، فهي تظل من أكثر الصناعات تأثيراً على العالم من حيث توفير فرص العمل والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي والوطني».

وأضافت: «سيبقى نشاط البناء الخاضع للرقابة ضرورياً لبقاء الدول والمجتمعات واستقرارها. وتتمثل مسؤوليتنا، كأساتذة في مجال البناء ومطوري سياسات ومعنيين في قطاعات الصناعة، في تسليط الضوء على الآثار السلبية لقطاع البناء، والتأكد من معالجتها والتعامل معها بشكل صحيح، والتخطيط لها والتخفيف من حدتها. وتتماشى برامج البناء في كلية الهندسة في الجامعة الأميركية في الشارقة مع جهود حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لخلق اقتصاد دائري عبر معالجة فجوة المعرفة في الدولة فيما يتعلق بالإنتاج الدائري والنشاط الاقتصادي».

وأشارت إلى ضرورة اجتماع كليات الهندسة في مختلف الجامعات في تصميم برامج تعرف الطلبة بالمفاهيم المختلفة، مثل التطبيقات الرقمية، والتحكم في البيئة، وإدارة الموارد، والمجالات والجوانب القانونية المتعلقة بها، إذ إن اكتساب المعرفة في المراحل الأولى من خلال برامج التعليمية في الجامعات كمرحلة البكالوريوس، انتقالاً إلى برنامج الماجستير في إدارة البناء وبرنامج الدكتوراه في إدارة مشاريع البناء المستدامة، أمر ذو أهمية قصوى لتعديل المفاهيم والحصول على جيل واعٍ بأهمية التوجه إلى أساليب بناء مستدامة تحافظ على موارد البيئة».

إدارة النفايات
أوضح الدكتور زاروك شريف الدين، أستاذ في قسم الهندسة الكيميائية والبيولوجية بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية في الشارقة: «تزايدت خلال العقد الماضي كمية النفايات المتولدة في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل ملحوظ بسبب النمو السكاني وزيادة الأنشطة الاقتصادية المختلفة. وفي هذا الإطار، تطبق دولة الإمارات ممارسات إدارة النفايات المستدامة في مختلف القطاعات منها التصنيع، وصناعات معالجة النفايات، وإطلاق رامج جامعية، واعتماد آلية معالجة النفايات والاستدامة في مرافق الرعاية الصحية وغيرها الكثير، إذ يوجب نظام إدارة النفايات المستدامة اتباع تسلسل هرمي لتجنب النفايات، وهو الأمر الأكثر تفضيلاً، والحد من النفايات، وإعادة الاستخدام والتدوير واستعادة الطاقة والمعالجة والتخلص منها نهائياً».

وأضاف: «لا بد من المؤسسات الأكاديمية في الدولة إعداد برامج وأبحاث تخدم قطاع الاستدامة والهندسة الخضراء، ففي الجامعة الأميركية بالشارقة، على سبيل المثال، نتناول موضوعات متنوعة حول الممارسات المستدامة في التدريس، وفي أعمالنا البحثية، كالتحكم في تلوث الهواء وإدارة النفايات في برامج البكالوريوس، وتدريس الهندسة البيئية في برامج الدراسات العليا، ونتناول في الأعمال البحثية مشاريع متعلقة بالصناعة في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم».

وأشار الدكتور زاروك: «من الأعمال البحثية التي عملنا عليها مؤخراً، بحث تحويل نفايات مواد البناء خفيفة الوزن إلى جزيئات وسائط تعبئة مفاعل حيوي يمكنها إزالة ملوثات الهواء السامة والرائحة المنبعثة من مكبات النفايات. بالإضافة إلى الأعمال البحثية المتعلقة بالاستدامة وتطوير المفاعلات الحيوية المبتكرة لالتقاط الكربون وإنتاج الديزل الحيوي، والإدارة المستدامة للنفايات الوسيطة، وتقنيات الحد من المركبات العضوية المتطايرة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتوظيف (إنترنت الأشياء) في ممارسات إدارة النفايات، وعمليات تحويل النفايات إلى طاقة تقلل من حجم النفايات وكتلتها من خلال الحرق والتغويز والتحلل الحراري. إن كل هذه البحوث تصب مباشرة في التحول إلى البناء المستدام، وتقليل الانبعاثات الضارة قدر الإمكان للحفاظ على البيئة، وخلق جيل جديد بفكر واعٍ حول أهمية هذا الجانب وأثره على مستقبل الأجيال الأخرى».

المصدر، جريدة الاتحاد، لمياء الهرمودي (الشارقة) 23 يوليو 2023 01:04

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

مورو تمنح مجموعة “الوطنية القابضة” الشهادة الخضراء للالتزام البيئي

تم تكريم جهود وحدات الأعمال التابعة لمجموعة “الوطنية القابضة” التي اختارت مراكز البيانات الخضراء من …