شبكة بيئة ابوظبي، الامارات العربية المتحدة، 15 أغسطس 2023
نظمت أناسي للإعلام سلسلة من حلقات موعد نقاش بعنوان “في قصصهم عبرة”، وذلك في إطار أنشطة وفعاليات السفارة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) التابعة لجامعة الدول العربية ، تضمنت ست حلقات نقاشية أسبوعية عن حكايات مختارة من سيرة بني هلال، قدمتها الكاتبة سناء أبو هلال، عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردني والإماراتي.
وتعد هذه السلسلة واحدة من فعاليات موعد نقاش الذي أسس في عام 2017 ، والذي تديره الإعلامية فاطمة النزوري ليواصل أهداف أناسي للإعلام ومسيرتها ، ويحقق نوعا غير تقليدي من التواصل الفكري يعتمد على التفاعل بين عضوات الموعد عبر مشاركتهن في البحث والنقاش لخلق أجواء معرفية ممتعة تثري العقل والروح معا ، وذلك بمشاركة نخبة من الدكاترة والخبراء المختصين من كافة أرجاء الوطن العربي.
اشتملت جلسات موعد نقاش على ست حلقات بعناوين مختلفة وكانت الحلقة الأولى بعنوان بانوراما على جزيرة العرب وسيرة الهلاليين، والحلقة الثانية بعنوان قصة أبو زيد الهلالي في التسامح والبطولة، والحلقة الثالثة بعنوان قيمة الحب عند الأصايل، والحلقة الرابعة بعنوان عندما يكون خصمك بطلا وتتحدث عن هجرة العرب الى الشمال الإفريقي وقصة تغريبة بني هلال، والحلقة الخامسة تتحدث عن بني هلال في مصر، والحلقة السادسة بعنوان بطلة من الزمن الماضي وتتحدث عن الجازية الهلالية.
وقد استهلت الكاتبة سناء أبو هلال حديثها في بداية السلسلة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ “، قائلة : شاء الله أن تكون رسالة نبيه في أرض جزيرة العرب والتي كان سكانها من العرب الذين كان لديهم شيم نبيلة لذلك أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم ليكمل الأساس المتين من الخلق العظيم ويضيف إليها جمالاً ويزيل السيئ منها و يدعوهم لعبادة الله وحده.
وقد وجهت الكاتبة في افتتاحيتها للقصص الشكر للغالية الإمارات على الاستضافة وعلى تبنيها هذه الجماليات لوضع الموروثات النبيلة على طاولة النقاش ليستمد منها الأجيال العبر الجميلة ويأخذون الخلق الطيب النافع ويبتعدون عن الخلق الذميم.
وبدأت بعرض بانوراما على ما كانت عليه جزيرة العرب قديما قبل الإسلام وبعده (حدودها قديمًا، وطبيعة الأرض، وأهلها ومساكنهم ومهنهم وحياتهم الاجتماعية وأخلاقهم الأصيلة) مدعمة العرض بأبيات من الشعر حول أخلاقيات وشهامة البدوي في كل الأزمان رغم قسوة العيش.
ثم سردت تاريخ بني هلال في سيرتهم الأولى وقصة الجد الأول للهلاليين هلال بن عامر وابنه المنذر وأولاده ، وروت قصص لأبي زيد الهلالي، وذكرت أن رواة السير الشعبية بالغوا في قدرات أبي زيد الهلالي حتى صار من الأبطال الخارقين واختارت أجمل قصصه في التسامح والكرم والوفاء بالعهد والدفاع عن المظلوم وحكايات أخرى تثبت حنكته وفروسيته ، وذكرت سبب إطلاق الأمثال الشعبية حوله مثل: (كأنك يا أبو زيد ما غزيت)، والمثل الشعبي: (سكة أبو زيد كلها مسالك).
كما روت الكاتبة أبو هلال قصة حب جميلة من الموروث الشعبي بعنوان “قيمة الحب في زمن الأصايل” وتحمل قصة الأمير مغامس وشاة الريم وكيف أن أبا زيد الهلالي أعاد الحق لمغامس وقالت: إن أجيالنا اليوم بحاجة ماسة لمعرفة قيمة الحب سواء بين زوجين أو أخوين فالحب مطلوب للعيش بأمان ولا يقتصر الحب فقط على فئات محددة بل يشمل حب الوطن والعباد وحب العمل حتى يشمل عمال الوطن من شتى فئاتهم وحب الوالدين وحب الجد والجدة بركة البيت وأكثر الناس موروثا للقصص والحكايا .
وعرجت أبو هلال على معاني بعض الأسماء القديمة كمغامس وشاة الريم وغيرها من المعاني المستخدمة قديما، وختمت القصة بضرورة إدخال مثل هذه القصص المختارة للمناهج في الجامعات والمدارس بشكل مدروس يستبعد فيها ما لا يطابق العقل والواقع ويثبت فيها ما ينفع الطالب لينفع نفسه وبلده .
وتطرقت لعرض محطات رحلة انتقال الهلاليين إلى المغرب العربي، والتي سماها ابن خلدون هجرة العرب إلى شمال إفريقيا، وحروبهم مع الزناتى خليفة والذي يذكره التاريخ بأنه هو المعز بن باديس حاكم قرطاجة ، وذكر في كتاب الذهبي بأنه رجل دافع عن أهل السنة وعن المذهب المالكي، والرواية الشعبية لا تذكر هذا الكلام بل تكتفي بذكر ما دار بينهم من حروب والتي تؤدي في النهاية إلى مقتل الزناتي خليفة على يد ذياب بن غانم مشيرة إلى أن الرواية التاريخية تقول أن المعز بن باديس مات بمرض وأنه رحل إلى المهدية وأقام فيها حتى وفاته. وذكرت الآثار الايجابية لهجرة العرب أو تغريبة بني هلال، وهو تعريب الشمال الأفريقي من الأمازيغي إلى العربية ، ودعمت الحديث بآيات قرآنية عن وجوب الرحمة بين الناس والابتعاد عن عادة الثأر التي حرمها الإسلام .
هذا وقد ذكرت النتائج الايجابية والسلبية لوجود بني هلال في مصر، وسردت كيف استقبلهم الصعيد المصري الذي عاشوا فيه هناك فترة من الزمن، كما تحدثت عن أسباب انتشار السيرة الهلالية في مصر وكثرة المنشدين، وعرضت نموذجين الأول للشاعر جابر ابو حسين وسيد الضوي، الذي كان يحفظها كلها واستخدامه للموال المربع في سرد السيرة رحمه الله، وقد شارك عبد الرحمن الابنودى فى برنامج إذاعي يحكي السيرة الهلالية، وقد كتب الأبنودي ما جمعه من أفواه الرواة في كتابة السيرة الهلالية ولقد استغرق ذلك عشرين عامًا رحمه الله.
كما ذكرت أبوهلال وجود الكثيرين من الشعراء الجدد مثالا لناجح عمارة وقد رواها بالموال السبعاوي وعرضت مثالا من شعر رواة السيرة المصريين أمام الحضور.
وأوضحت أن من أهم المعالم التي تثبت الوجود الهلالي في مصر جامع السلطان حسن الهلالي وثمنت دور مصر في معظم العصور باعتبارها أرض الأمان منذ العهود القديمة وذكرت أن مصر ذكرت في القرآن الكريم خمس مرات.
واختتمت جلسات موعد نقاش بقصة بطلة من أبطال السيرة الهلالية وهي الجازية الهلالية والتي كانت تدعى نور باق وهي ابنة السلطان سرحان الهلالي واخت حسن الهلالي وزوجها شكر الهاشمي ولديها ابن اسمه محمد، وقالت الكاتبة عنها: السيرة ذكرت أنها كانت امرأة قوية وحكيمة واعطاها أبوها ثلث المشورة لحكمتها في أمور كثيرة وقد كانت عاشقة لقومها لدرجة أنها تركت زوجها وابنها وغادرت مع قومها وصاحبتهم إلى أن توفيت وقبرها موجود في الجزائر في أم البواقي، والجدير بالذكر أن المرأة في بني هلال كان لها دور أساسي في مختلف مراحل الحياة .
حثت الكاتبة على الاهتمام بالمرأة لأنها تصنع أجيالا فاعلة في مجتمعها وهي الركيزة الأساسية في المجتمع سواء كانت أما، أم جدة ، بنتا، أو أختا، عمة، أو خالة، وأننا بحاجة اليوم للتعلم مما مضى نأخذ النافع ونترك الضار نطبق الموروث الجيد وننبذ الموروث السيء، نجلس على سجادة الحكايا لنعيد للأسرة لمتها وشملها الذي فرقته الأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية وأزمات العصر..
قرأت أبو هلال في معظم حلقات موعد نقاش شعرا من السيرة الهلالية ، وألقت قصائد نثرية جميلة من شعرها يلخص فيها الأحداث ويبث فيها العبر المستفادة والقيم الأصيلة الموروثة .
وقد طالب الحضور بعرض المزيد من القصص التاريخية العربية والاسلامية لشغف الحضور بالمحتوى الذي يتحدث عن القيم النبيلة .
وذكرت الكاتبة وسائل المحافظة على أخلاق العرب الأصيلة في ظل التطور والحداثة موجهة كلمة شكر لكل عربي حافظ على أخلاق البدوي الأصيل إلى يومنا هذا، مؤكدة على أنه مهما تعددت وسائل التكنولوجيا الحديثة وميل الأجيال لها إلا أن العربي الأصيل يعشق القصة ذات العبرة من تراثه العربي والإسلامي يسمعها في جلسة يسودها الحب ليصفو فكره ويلين قلبه ويتجدد فكره بموروثات الماضي التليد فيقوم من فوره بعد شحن همته للعطاء والعمل وبناء البلاد والأوطان وفعل الخيرات والتوكل على الله وحب الحياة مهما كانت الأزمات.
كما دعت الأجبال العربية للاستماع إلى هذه القصص واختيار النافع لهم وتعلم الموروث الطيب منه مثال التسامح والكرم والمحبة وترك كل ما هو دون ذلك.
وذكرَّت الحضور أنه مهما تعددت السير والحكايا لن نجد أجمل من سرد قصص القرآن الكريم ومهما تعدد العظماء في السير والحكايا لن نجد شخصًا أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونوهت أنه يوجد كذلك قصص رائعة من عصرنا الحالي لأناس يملكون همما عالية كالجبال وصفات طيبة وموروثات نبيلة من الجميل أن تكتب حكاياتهم قبل موتهم ونعيهم ليستلهم منها الجميع العبر وما أكثرهم في مجتمعنا وأنهم موجودن، ولكن الإعلام لا يعرفهم ويكفيهم فخرا أن الله يعلمهم.