السعودية ومشروع تسريع مبادرة الشرق الأوسط الأخضر

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير، المملكة المغربية 12 سبتمبر 2023

المملكة العربية السعودية اليوم تعرف تحولا كبيرا في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها، كما أن دورها الإقليمي والدولي أصبح بارزا، خاصة بعد رؤيتها الطموحة رؤية 2030 التي تحاول السعودية من خلالها تبوأ مركز الصدارة في دول الخليج العربي والإسلامي.

فرؤية المملكة العربية السعودية 2030 هي رؤية تنموية طموحة تم إطلاقها في عام 2016 بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتنويع diversify الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط. فالرؤية تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

1. *الاقتصاد المتنوع:* تطوير اقتصاد غير نفطي يعتمد على مجموعة متنوعة من القطاعات مثل السياحة، والترفيه، والتصنيع، والتقنية، والزراعة. هذا يهدف إلى تقليل التبعية على النفط وزيادة الإيرادات من مصادر أخرى.
2. *المجتمع الحديث:* تحقيق تطور اجتماعي وثقافي وبنية تحتية متقدمة تجعل المملكة مكانًا أكثر جاذبية للمواطنين والمستثمرين الأجانب.
3. *إدارة فعالة:* تحسين الأداء الحكومي وزيادة الكفاءة والشفافية في العمليات الحكومية.
إن  رؤية 2030 تتضمن  العديد من المبادرات والمشروعات لتحقيق هذه الأهداف، مثل مشروع نيوم (NEOM)، ومشروع مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة (KA-CARE)، وبرنامج التحول الوطني 2020. وتهدف هذه المبادرات إلى جعل السعودية وجهة مفضلة للاستثمار وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
فالمملكة العربية السعودية اليوم تحاول سباق الزمن من أجل كسب رهان المستقبل الجديد، عصر الثورة الصناعية الرابعة، عصر إقتصاد المعرفة، عصر التحول الرقمي السريع والمتسارع، عصر حروب الماء والغذاء والطاقة والعديد من الحروب والازمات…

فالعصر المستقبلي هو عصر الأزمات بامتياز سواء كانوا أزمات طبيعية أم مصطنعة، المهم هو كسب الرهان وتجاوز الأزمة بأقل الخسائر والتكاليف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية… وغيرها، ولا ضير أن أكثر الحروب ضراوة هي الحروب على منبع الحياة الذي بدونه تتوقف عجلة الحياة في كل المجالات بدون استثناء. الماء اليوم عنصر مهم وحيوي ومصيري خاصة في ظل التغيرات المناخية، فإعلان ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان عن إنشاء منظمة دولية لمعالجة تحديات المياه لم يأتي محض الصدفة، بل كان مخطط لها ومدروس لخدمة المشروعات الاستراتيجية المهيكلة التي تعرفها السعودية على مختلف الأصعدة، كما أن إعلانها بعد إنضمامها للبريكس مع الدول الأسرع نموا، الصين وروسيا، و الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا مسألة إستراتيجية بامتياز خاصة أن هذه الدول تتوفر على تمويلات مهمة يمكن أن تساعد الرياض في تأسيس هذه المنظمة الدولية ومقرها الرياض، فالسعودية تحاول أن تستغل موقعها الجغرافي القريب من القارتين الإفريقية والآسيوية من أجل تعزيز مكانتها في الدول العربية والإسلامية باحتضانها الحرمين الشريفين وأيضا تعزيز مكانتها الدولية والعالمية باحتضانها المنظمة العالمية لمعالجة تحديات المياه باعتبار الحروب المستقبلية حروب مياه بالدرجة الأولى.

فالأهداف الأساسية والرئيسية التي جعلت  السعودية تفكر في إنشاء منظمة عالمية لمعالجة تحديات المياه، عديدة أهمها :
1. الحفاظ على الموارد المائية: تواجه العديد من الدول تحديات فيما يتعلق بندرة المياه وتلوثها، وإنشاء منظمة عالمية يمكنها المساهمة في الحفاظ على هذه الموارد.
2. التعاون الدولي: تعزيز التعاون بين الدول في مجال إدارة المياه يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على معالجة التحديات العالمية المتعلقة بالمياه، مثل نقص المياه وتلوثها.
3. تقديم الخبرة: السعودية لديها تجربة طويلة في إدارة الموارد المائية وتقنيات تحلية المياه، ويمكنها تقديم هذه الخبرة والتكنولوجيا للمنظمة العالمية.
4. تعزيز الأمن الغذائي: المياه أساسية للزراعة والإنتاج الغذائي، لذلك يمكن لمنظمة عالمية للمياه أن تسهم في تحقيق الأمن الغذائي العالمي.
5. الاهتمام بالبيئة: العمل على الحفاظ على البيئة المائية والأنهار والبحيرات يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي والاستدامة البيئية.
إنشاء منظمة عالمية لمعالجة تحديات المياه سيكون لها دور مهم في تعزيز التعاون الدولي ومساعدة الدول في مواجهة هذه التحديات الحيوية.

كما أن إنشاء منظمة عالمية لمعالجة تحديات المياه بالرياض الهدف منه وهو تسريع  “مشروع الشرق الأوسط الأخضر” الذي يعتبر  مشروع طموح يهدف إلى إعادة تشكيل وتطوير المنطقة بحيث تصبح أكثر استدامة بيئيًا واقتصاديًا. ويستهدف هذا المشروع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة تواجه تحديات كبيرة من ناحية الاستدامة البيئية وضغوط النمو السكاني وتأثيرات التغير المناخي.
يتضمن مشروع الشرق الأوسط الأخضر مجموعة من الأهداف والمبادرات التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، وتشمل بعض هذه المبادرات:
1. *الزراعة المستدامة:* تعزيز تقنيات الزراعة المستدامة وزيادة الإنتاج الزراعي بشكل فعال لضمان الأمان الغذائي في المنطقة.
2. *الطاقة المتجددة:* تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح للتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
3. *إدارة المياه:* تطوير استراتيجيات أفضل لإدارة المياه وتحسين كفاءة استخدامها في الزراعة والصناعة.
4. *الحفاظ على البيئة:* حماية وتعزيز التنوع البيئي والحفاظ على الموارد الطبيعية.
5. *التنمية الاقتصادية:* دعم النمو الاقتصادي وتعزيز فرص العمل من خلال الاستثمارات في مجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية.

وبالتالي يهدف هذا المشروع إلى تعزيز التنمية المستدامة في المنطقة وتقديم حلول للتحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها. تحقيق هذه الأهداف يتطلب التعاون بين الدول في المنطقة ومع المجتمع الدولي، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة وجهد مستدام.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الجزر الاصطناعية في الداخلة: محور التنمية المستدامة والنهضة الاقتصادية

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، أمين سامي خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير، المملكة المغربية، 07 اغسطس 2024 …