شبكة بيئة ابوظبي، بقلم د. حسام حاضري مستشار التطوير الاستراتيجي، 02 يناير 2024
يترقبُ المرءُ الحصادَ بقلقٍ وفضولٍ ليجنيَ ثمارَ جهدهِ المبذول خلال فترةٍ زمنيةٍ محددةٍ، ويشعرُ بالغِبطةِ والسرور والإحساس بالرضا إذا ظهرت النتيجةُ إيجابيةً، بينما يشعرُ بالامتعاض والحزن والحسرة على الجهد الضائع إذا خالفت الحصيلةُ مستوى التوقعات. فالطالبُ ينتظرُ بفارغ الصبر نتائجَ الامتحانات لقياس الكفاية العلمية التي تحصّلَ عليها، والمزارعُ يترقبُ بلهفةٍ نهاية الموسم ليجنيَ ثمارَ عرقهِ، والتاجرُ يتطلعُ بعنايةٍ إلى الميزانية الختامية التي تتوجُ نشاطاتهِ بالأرباح والفوائد، وحتى المنظماتُ تُقيّمُ بدقةِ التقارير السنوية لقياس نسبةِ تحقيق الهدف. وهذا ما يفرضُ علينا كأفرادٍ ومنظماتٍ ونحن نطوي صفحة العام 2023 مجموعةً من التساؤلات: هل تمَّ إصابة الهدف المرسوم؟ وما مدى النجاح؟ وما نسبة الإنجاز الذي تحقق؟ وأين تكمنُ مناطقُ الضعف؟ وما أبرز فرص التحسين؟
ولعلّ الحجرَ الأساسَ في الإجابة على جميع ما ذُكر يكمنُ في التحليل الذي يُعتبرُ العنصر الحيوي لحصاد النتائج بفاعلية. ويمكنُ اعتباره المفتاح الذي يفتحُ جميع أقفال الفهم العميق لأداءِ الخططِ والاستراتيجيات، والكشف التفصيلي لتحقيق الأهداف؛ حيثُ يعملُ كأداةٍ مخبريةٍ دقيقةٍ تكشفُ نقاطَ القوة والضعف في الأداء، وتوفّرُ رؤيةً حولَ الفرصِ المتاحةِ لتحسينهِ، إضافةً لدورهِ الداعم في عمليات التعلم والتطوير المستدام، مما يُسهمُ بشكلٍ كبيرٍ في النهوض بجودة النتائج وتحقيق الأهداف المستهدفة بكفاءةٍ، وتعزيز القدرة على التكيف مع التحديات وتحقيق التفوق.
وفي أعقاب استنتاج معطيات تحليل الأداء، تبرزُ الصورةُ بوضوحٍ. وحتى مع تلمسِ النجاحات، لابدّ من التركيز على التعلم المستمر الذي يُشكلُ نواةَ الابتكار والتقدم وتعزيز الرؤية المستقبلية من خلال خطةٍ تحسينيةٍ قائمةٍ على الدروس المستفادة من تجارب الماضي، مما يُعززُ الجاهزيةَ لمواجهة التحديات المستقبلية للارتقاء إلى مستوياتٍ جديدةٍ من التفوق في المرحلة المقبلة.
فالتعلمُ المستمرُ يمثلُ أساسًا حيويًا في تطوير وتحسين الأداء ومعالجة نقاط الخلل والانحراف المعياري في جميع مناحي الحياة، ويفتحُ أفاقاً جديدةً للفهم وتبني المهاراتِ المستحدثة في سوق المعرفة، مما يُعززُ فرصَ التميز في عصر التغييراتِ السريعة، والتكيف مع التطورات في المجالات المختلفة ليُنتجَ فهمًا أعمق للعالم من حولنا.
ومفادُ القول: إنّ الحياةَ مغامرةٌ مستمرةٌ، والتحليلُ هو البوصلةُ التي تُحددُ اتجاهنا فيها، وتفحصُ الطريقَ الذي سلكناهُ، والآن حانَ الوقتُ لتحديد الاتجاهات المستقبلية. هل نحتفظُ بالنجاحات ونبني عليها؟ أم نستفيدُ من الفشل لننطلقَ بقوةٍ أكبر؟