شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 18 يناير 2024
التغيير هو واقع دائم في عالم الأعمال الحديث، وحتى يتم تطبيق التغيير بالشكل الصحيح وانجاحه يجب على المنظمات أن يكون لديها استراتيجيات فعالة لإدارته، كونها مكوناً رئيسياً للنجاح التنظيمي، وأن يكون لديها رؤية واضحة للحالة المستقبلية المنشودة، ودليلًا حول كيفية الانتقال من المرحلة الحالية إلى المرحلة المطلوبة، وما هي الاستراتيجية المراد تطبيقها والأهداف والغايات التي ستساعدهم في الوصول إلى تلك الحالة، وخطة لتنفيذ التغييرات تتضمن خطوات تحديد مجالات التغيير، وتقييم آثار التغيير، ومراقبة التقدم، كما ويجب أن تتمتع المنظمات بالاستجابة السريعة والفعالية للتغيرات وتطوير استراتيجيات فعالة لإدارة التغيير مصممة خصيصاً لاحتياجات المؤسسة.
يجب أن تأخذ استراتيجية إدارة التغيير الفعالة بالاعتبار تأثير التغييرات على المنظمة والموظفين والعملاء، وأن تحدد أهداف التغيير، مثل توفير التكاليف أو تحسين الكفاءة أو زيادة رضا العملاء، ونقل التغييرات إلى أصحاب المصلحة، والتأكد من توفير الموارد اللازمة لتنفيذ التغييرات المطلوبة، والأهم تضمين الموظفين في العملية وأن تؤخذ ملاحظاتهم في الاعتبار، مما يتطلب حواراً مفتوحاً بين الإدارة والموظفين لضمان فهم الجميع لهدف التغيير والخطوات اللازمة لتحقيقه، وأن تقر القيادة التدريب والتطوير طوال الفترة الانتقالية لمساعدة الموظفين على التكيف مع التغييرات، وهذا يتم تطبيقه ضمن استراتيجية خاصة بذلك.
استراتيجيات ادارة التغيير:
على الرغم من تعدد وتنوع الاستراتيجيات لاحداث التغيير، إلا أنه لا يوجد استراتيجية محددة وواضحة للعمل على تطبيقها، فطبيعة الموقف يفرض نفسه، والظروف التي تحكمه، وقد تتناول الاستراتيجية اكثر من عنصر من عناصر المنظمة وقد تنصب على عنصر واحد مثل التكنولوجيا أو القوى البشرية أو الهياكل التنظيمية، وأحياناً الوضع يستدعي تطبيق أكثر من استراتيجية في وقت واحد، مثل تطبيق استراتيجية اثارة عدم الرضا عن الوضع، واستراتيجية تفعيل ودعم الادارة، واستراتيجية ربط المكافآت بالتغيير، وغيرها مع الاستراتيجية الاساسية التي تم اختيارها بناء على تحليل البيئية الداخلية والخارجية للمنظمة، لذا سنورد استراتيجيات احداث التغيير بشكل عام والهدف منها على عدة مراحل وبشكل مختصر، (حريم، 2020)، كمايلي:
• استراتيجية التثقيف والتوعية:
تستند هذه النظرية على أن “الانسان عقلاني وراشد وأنه سيطبق التغيير المقترح إذا اقتنع بأنه سيستفيد من التغيير” فهي تعتمد على الوعي لدى الأفراد واستخدام عقلانيتهم في الاختيار في التطبيق ومدى الفائدة المرجوة منه، باستخدام المنطق والحجج والادلة والبراهين، خاصة عندما يعتقد الأفراد ان ذلك التغيير يهدد مصالحهم او يتضارب مع قيمهم ومعتقداتهم وبالتالي يقاومونه ولا يقبلون به.
• الاستراتيجيات العقلانية:
تفترض هذه الاستراتيجية أن الجهل وعدم المعرفة والوعي أعداء التغيير، فتركز المنظمة على التعليم والتأهيل كتصميم برامج تدريبية متخصصة والتشجيع على البحوث والدراسات العلمية كأداة رئيسية لقيام التغيير.
• استراتيجية القيم -إعادة التعلم:
وتعتمد هذه النظرية على كون المنظمة من المنظمات المتعلمة وتفترض هذه الاستراتيجية أن “تغيير القيم والسلوك يأتي من عملية اعادة التعلم حيث يتضح عدم فاعلية القيم القديمة وضرورة احلال قيم جديدة بدلاً عنها”
• استراتيجية النفوذ أو القوة (القوة القسرية):
وهي احدى الطرق التي يتم استخدامها في احداث التعيير وتتضمن هذه الاستراتيجية استخدام النفوذ والقوة لتغيير السلوكيات والممارسات القائمة في المنظمة، إما بالاستعمال المباشر للقوة من قبل القيادة العليا باستعمال السلطة الرسمية تتضمن المحفزات التهديدات، أو بالمناورات السياسية المصحوبة بالتفاوض والسيطرة على الموارد وحجبها عند الضرورة، وتتضمن الخطوات التالية:
تحديد الاهداف: تحديد الأهداف من التغيير بشكل واضح وتحديد الأشخاص الذين يتحتم عليهم تغيير سلوكياتهم وممارساتهم لتحقيق هذه الأهداف.
استخدام الحوافز والعقوبات: استخدام الحوافز والعقوبات لتشجيع الموظفين والمديرين على التغيير لتشجيعهم على تبني السلوكيات والممارسات الجديدة، وتجنب السلوكيات والممارسات القديمة.
التواصل المستمر: تقوم الادارة العليا بالتواصل بشكل مستمر مع الموظفين والمديرين حول أهمية التغيير وكيفية تنفيذه، وإبلاغهم بأي تطورات جديدة.
استخدام الصلاحيات: تستخدم الادارة العليا الصلاحيات والسلطات المتاحة لها لإجبار الموظفين والمديرين على التغيير، على سبيل المثال تقييد الصلاحيات القديمة وإعطاء سلطات جديدة لمن يتبنون السلوكيات والممارسات الجديدة.
التدريب والتطوير: تقوم الادارة العليات بتدريب وتطوير الموظفين والمديرين لتحسين مهاراتهم وقدراتهم بما يتناسب مع مراحل التغير.
• استراتيجية اثارة عدم الرضا حول الوضع الحالي:
تستند هذه الاستراتيجية على كشف السلبيات في بيئة العمل وعدم صلاحيتها لتحقيق أهداف المؤسسة وذلك لخلق عدم الرضا من قبل الموظفين عن الوضع الحالي في المنظمة، ولا يحقق أهدافهم، وذلك بسبب تحفيزهم لتبني التغيير وتصويب الوضع القائم، (نصيرات، 2008).
• استراتيجية تفعيل وتقوية دعم الإدارة العليا للتغيير:
تعتبر هذه الاستراتيجية من الاستراتيجيات الحيوية التي تضمن نجاح التغيير في المنظمة، (الصيرفي، 2006)، وتتضمن:
التواصل الفعال: التواصل مع الموظفين والمديرين حول أهمية التغيير وكيفية تنفيذه وفهمهم للرؤية والاهداف المراد تحقيقها من التغيير.
الاعداد المسبق: تأكد الادارة العليا من الاعداد المسبق لادوات التغيير مثل وضع خطة تنفيذية وجدول زمني وتحديد الموارد المطلوبة للتنفيذ.
الشراكة مع العاملين : بأن يتم تنظيم ورش عمل وجلسات استماع الموظفين وتشجيعهم على المشاركة في عمليات التغيير والابلاغ عن المخاوف أو المشكلات التي يواجهونها والعمل على ازالاتها بالتنسيق معهم.
توفير الدعم اللازم: تلتزم الادارة العليات بتوفير الدعم المناسب واللازم للموظفين والمديرين بتوفير التدريب والتأهيل والمواد اللازمة لتحقيق تنفيذ التغيير.
تقيبم النتائج: تقوم الادارة العليا بتقيم النتائج المتحققة من تنفيذ التغيير والاستماع لاراء وملاحظات الموظفين والمديرين وفرص التحسين والعمل على تطبيقها بما يخدم عمليات التغيير.
إن اختيار استراتيجية التغيير في المنظمة يعود لعدة اعتبارات مثل أهداف التغيير والجهة المستهدفة والموارد المتاحة والفرص المواتية والقيود ووسيط التغيير.
المراجع:
1. حسين حريم، ادارة المنظمات، منظور كلي، دار حامد للنشر والتوزيع، الاردن، 2020، ص290
2. الصيرفي محمد، ادارة التغيير، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2006.
3. فريد تصيرات، ادارة منظمات الرعاية الصحية، دار المسسيرة للطباعة والنشر، الاردن، 2008.