بقلم الدكتور أحمد الطلحي
تنفرد شبكة بيئة أبوظبي بنشر محتوى كتاب “السلوقية أولاً” لخبير البيئة والتنمية والعمارة الدكتور أحمد الطلحي، بشكل أسبوعي 30 مارس 2024
مراجعة تصميم التهيئة القطاعي للجبل الكبير وفتح السلوقية للتعمير
في شهر فبراير 2012 تسرب إلى الرأي العام المحلي بطنجة خبر مفاده نية المصالح الولائية لمراجعة التنطيق العمراني لمنطقة السلوقية حسب تصميم التهيئة الجاري به العمل آنذاك وقبل انتهاء مدة العمل به والترخيص للبناء على أساسه (سنة انتهاء العمل بتصميم التهيئة كانت هي 2013)، وذلك من خلال إعداد والمصادقة على تصميم تهيئة قطاعي لمنطقة الجبل الكبير وطريق أشقار والزياتن يغير تنطيق المنطقة من محمية طبيعية إلى منطقة مفتوحة للتعمير. وحسب ما كان يروج فإن هذه المبادرة كانت استجابة لضغوطات عدد من المستثمرين العقاريين “من مدن الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة”(1)، كما انتشرت إشاعة بشكل واسع في منصات التواصل الاجتماعي -لا أدري مدى صحتها- تقول بأنه تم فعلا بيع حوالي 30 هكتارا من غابة السلوقية لشركة عقارية وأن العقد وثق في مراكش.
وللعلم فإنه يجوز قانونيا للسلطات الحكومية المكلفة بالتعمير بمبادرة منها أو بطلب من السلطات الإقليمية أو الجماعات المحلية، مراجعة جزئية لتصميم التهيئة قبل انتهاء مدة صلاحيته من خلال التصاميم القطاعية. كما أن القانون يسمح بإعطاء تراخيص للبناء أو التجزئة في تنطيق مغاير لما هو منصوص عليه في تصميم التهيئة المصادق عليه، وذلك من خلال لجنة الاستثناءات.
ومدينة طنجة عانت كثيرا من الرخص الاستثنائية التي شوهت النسق العمراني للمدينة، كما أن بعض المشاريع التي حصلت على رخص استثنائية بنيت على حساب المجالات الطبيعية. وهذا ما جعل سكان المدينة يتوجسون من خطر الاجتثاث لغابة السلوقية، جزئيا أو كليا، وهم ينظرون لما وقع من تدمير لمجال غابوي غير بعيد عن السلوقية نتيجة مسطرة الاستثناءات، فما بالك إذا ما تمت مراجعة تصميم التهيئة وفتح المجال للتعمير.
والخبر المسرب تبين بأنه لم يكن إشاعة بل حقيقة، إذ تم الإعلان عن عقد اجتماع للجنة التقنية المحلية بمقر الولاية يوم الأربعاء 29 فبراير 2012 لدراسة مشروع تصميم التهيئة القطاعي للمنطقة التي توجد بها غابة السلوقية.
وتعميما للفائدة فإن مشروع تصميم التهيئة حسب قانون التعمير 12.90 يمر بعدة مراحل، أهمها مرحلة الدراسة من قبل اللجنة التقنية المحلية التي يترأسها العامل وتضم في عضويتها المصالح الخارجية للحكومة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية المعنية بالتصميم، إذ تدرس اللجنة توجهات مشروع تصميم التهيئة. والمرحلة الثانية من حيث الأهمية هي مرحلة البحث العلني إذ يعرض مشروع تصميم التهيئة لمدة شهر على عموم المواطنين لإبداء ملاحظاتهم. بعد ذلك، يقوم المجلس الجماعي بإبداء رأيه في ملاحظات العموم كما يسجل ملاحظاته أيضا على مشروع التصميم. وقبل تحويله للمصادقة تجتمع لجنة مركزية برئاسة السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وعضوية كلا من الوكالة الحضرية وقسم التعمير بالعمالة ورئيس الجماعة المعنية بالتصميم، للبث في جميع ملاحظات العموم وملاحظات المجلس الجماعي. ولا يدخل تصميم التهيئة حيز التنفيذ إلا بعد نشر مرسوم خاص به في الجريدة الرسمية. وما يجري على تصميم التهيئة يسري أيضا على تصاميم التهيئة القطاعية.
وبالإضافة إلى توجس المجتمع المدني وساكنة المدينة من مراجعة تصميم التهيئة، أعلن التحالف المسير للجماعة الحضرية لمدينة طنجة والمكتب المسير للجماعة في بيان له بتاريخ 21 فبراير 2012، معارضته لهذه المراجعة وقال بأنه “لن يسمح لنفسه بالتورط في كل ما من شأنه المساس بالغطاء الغابوي الذي تتوفر عليه المدينة، ولن يكون طرفا في أي مؤامرة أو تطاول على الممتلكات الغابوية والبيئية بمنطقة السلوقية أو بغيرها.. –و- تشبثه المبدئي والقانوني بالحفاظ على الثروة الغابوية وعلى العناصر البيئية، وعمله من أجل صيانتها وتطويرها حفاظا على السلامة البيئية للمدينة ولمحيطها وعلى صحة ساكنتها”(2).
بل إن هذه القضية كانت موضوع إجماع بين الأغلبية والمعارضة داخل مجلس المدينة، “إذ حذر حزب العدالة والتنمية المعارض (آنذاك) من المساس بغابة السلوقية أو تغيير معالمها من خلال الشروع في تغيير تصميم تهيئة منطقة الجبل الكبير”(3).
هوامش:
(1) جريدة المساء عدد 24 فبراير 2012
(2) بيان اليوم عدد 6 مارس 2012
(3) المرجع السابق