بقلم الدكتور أحمد الطلحي
تنفرد شبكة بيئة أبوظبي بنشر محتوى كتاب “السلوقية أولاً” لخبير البيئة والتنمية والعمارة الدكتور أحمد الطلحي، بشكل أسبوعي 25 مايو 2024
المبحث السابع: حرائق غابة السلوقية
تعرضت محمية رأس سبارطيل عموما وغابة السلوقية خصوصا، مثل باقي الغابات الحضرية لطنجة، لعدة حرائق، بل إن غابات منطقة الجبل الكبير تتعرض لحرائق صغيرة بشكل يومي تقريبا، وبفضل الوجود الدائم لوحدات الوقاية المدنية ويقظتها يتم التدخل بسرعة وإخمادها.
إلا أنه وفي السنوات الأخيرة، كانت حدة الحرائق أكبر، سواء من حيث مساحتها أو من حيث سرعة انتشارها، خصوصا بعد المعركة النضالية التي خاضتها النخب المحلية بقيادة “تنسيقية حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، السلوقية أولا”، والتي تكللت بنجاحها في إنقاذ غابة السلوقية من مخطط فتحها للتعمير.
ومن سنة 2012 إلى سنة 2023، تعرضت هذه الغابة الطبيعية في معظمها، لستة حرائق تسببت في أضرار متفاوتة، لكن حريق 2017 كان أكبرها وكانت خسائره كبيرة.
1- حريق ماي 2012:
شب هذا الحريق في يوم 27 ماي 2012، ويظهر أنه انتشر في مساحة محدودة من غابة السلوقية، ولكنه خلف استياء كبيرا، خصوصا وأنه وقع بعد أسابيع من معركة السلوقية، مما جعل كل المراقبين والمتتبعين للشأن المحلي يربطون حادث الحريق بهذه المعركة النضالية. ولقد صدر للتنسيقية بيان في الموضوع يوم 30 ماي 2012(1).
2- حريق يونيو- يوليوز 2017:
قد يكون هذا الحريق هو أكبر حريق عرفته المنطقة في تاريخها، وانتشر في غابات رأس سبارطيل ومديونة والسلوقية، فهو اندلع يوم 30 يونيو وتمت السيطرة عليه وإخماد نيرانه تماما يوم 4 يوليوز 2017، أي لمدة خمسة أيام، وذلك بسبب رياح الشرقي القوية. وأعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بأن عمليات إعادة التشجير ستنطلق في يوليوز 2018(2).
وطالبت القوى المدنية الحية بمناسبة هذا الحادث الأليم السلطات العمومية المعنية بالإسراع في عملية تشجير المناطق المحروقة، وبضرورة جعل هذه المنطقة محمية طبيعية وأن ينص تصميم التهيئة على ذلك، وبالعمل الجدي على تفويت ملكية أراضي هذه الغابات وغيرها من غابات المدينة للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر(3). وبالفعل تمت تهيئة المناطق التي تعرضت للحريق وتشجير حوالي 220 هكتارا بأصناف متنوعة من الأشجار خصوصا الأشجار التي تقاوم سرعة التهامها من النيران.
3- حريق شتنبر 2018:
اندلع الحريق مساء يوم 27 شتنبر 2018 والتهمت النيران 17 هكتارا من غابة السلوقية، وكانت هناك صعوبة لإخماد الحريق بسبب أيضا رياح الشرقي القوية. وفي نفس اليوم اندلعت حرائق في غابات أخرى وأتت على حوالي 25 هكتار من الغطاء الغابوي.
4- حريق مارس 2019:
هذا الحريق شب في غابة السلوقية يوم 27 مارس 2019، ولكن تمت السيطرة عليه وخلف خسائر بسيطة.
وتم التغلب بسرعة على الحريق بسبب أولا الوجود الدائم لوحدات الوقاية المدنية في المنطقة، وثانيا بسبب المسالك التي تمت تهيئتها ونقط الإطفاء المنتشرة على جنبات الطرق.
5- حريق غشت 2023:
عرفت غابة السلوقية حريقا مهولا يوم 10 غشت 2023 واستمرت ألسنة اللهيب في التهام مساحات مهمة من الغطاء الغابوي الكثيف إلى غاية اليوم الموالي، حيث تم إخماد الحريق.
6- حريق أكتوبر 2023:
بعد شهرين فقط من حريق يوم 10غشت 2023، اندلع حريق آخر مساء يوم 10 أكتوبر 2023 بغابة السلوقية. ولم تتم السيطرة على هذا الحريق وإخماد نيرانه إلا في اليوم الموالي، بسبب هبوب الرياح القوية التي تعرفها المنطقة.
الخلاصة:
الخلاصة هي أن غابة السلوقية ستظل تتعرض لخطر الحرائق، لأسباب ترجع للجهات التي تتسبب في هذه الحرائق بدافع التخلص من الغطاء الغابوي من أجل بناء مشاريع عقارية أو سياحية مكانها، ولأسباب طبيعية تتمثل أساسا في هبوب رياح قوية في أغلب فترات السنة.
لذلك ينبغي مراجعة طرق حماية هذه الغابة وباقي غابات المدينة، وتطوير وسائل مواجهة الحرائق بالرغم من أن الدولة قامت بتوفير عدد من طائرات كنادير، وتقوم بإسناد رجال الإطفاء في أغلب الحرائق بعدد كبير من عناصر القوات المساعدة وعناصر إدارة المياه والغابات وغيرها من القوات العمومية.
هوامش:
(1) انظر الملحق 16 في الكتاب
(2) وكالة المغرب العربي للأنباء 8 يوليوز 2017
(3) تحول اسم والإطار القانوني للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر وأصبحت منذ فاتح يناير 2022 الوكالة الوطنية للمياه والغابات