بقلم الدكتور أحمد الطلحي
تنفرد شبكة بيئة أبوظبي بنشر محتوى كتاب “السلوقية أولاً” لخبير البيئة والتنمية والعمارة الدكتور أحمد الطلحي، بشكل أسبوعي 01 يونيو 2024
غابة السلوقية في تصميم التهيئة
– السلوقية معرضة لتهديد مستمر:
في شهر مارس 2022 فوجئ سكان مدينة طنجة بقيام جرافات باقتلاع الأشجار في غابة السلوقية على مساحة تصل إلى 10 هكتارات، وحسب ما نشر في المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي فمالك هذه الأراضي هو منعش عقاري معروف. ولقد قامت السلطات بتوقيف عملية التجريف التي قالت بأنها غير مرخصة ووعدت بمحاسبة مالك العقار.
هذه الحادثة يمكن أن تتكرر في المستقبل، لأن المنطقة جد مغرية لبعض المنعشين العقاريين الجشعين وللشركات العقارية غير المواطنة، الذين سيتصيدون في كل مرة الفرصة لتنفيذ مشاريعهم المدمرة للتراثين الطبيعي والمعماري للمدينة. وساكنة المدينة ستبقى تعيش دائما في قلق مستمر خوفا على ضياع تراث المدينة وتشويه جمالية المدينة، ولذلك وجب على نخبة المدينة أن تبقى متيقظة وأن تقوم دائما بعملية رصد ما يحدث في المنطقة وألا تمل من تنظيم الأنشطة المعرفة بتراث المدينة ومؤهلاتها الطبيعية والثقافية، بما في ذلك النشر المستمر حولها في المنابر الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي.
مشروع تصميم التهيئة لجماعة طنجة:
بعد انقضاء مدة الصلاحية القانونية لتصاميم تهيئة جماعة طنجة سنة 2013، بدأت مراحل إعداد التصميم الجديد لكل المدينة أي تصميم واحد بدل تصاميم متعددة، حيث تم عقد اللجنة التقنية المحلية سنة 2014، وعرض مشروع التصميم الموحد على المجلس الجماعي وعلى العموم لإبداء الرأي سنة 2016. إلا أن نسخة 2016 لم تصل لمرحلة النشر في الجريدة الرسمية بعدما قطعت كل المراحل بسبب عدم توقيع الوالي آنذاك على محضر اللجنة التقنية المحلية. وفي السنة الموالية أي 2017 عرفت النسخة الجديدة نفس المصير. وفي سنة 2019 جاءت النسخة الثالثة وأيضا نفس المصير. بعد ذلك قرر الوالي الذي كان في هذه الفترة العودة إلى تخصيص المدينة بأكثر من تصميم بدل التصميم الموحد والبدء بعقد اجتماعات اللجان التقنية المحلية، وذاك ما كان.
وأخيرا صدر في الجريدة الرسمية المرسوم المتعلق بتصميم تهيئة مقاطعتي مغوغة والسواني في عددها الصادر بتاريخ 16 يناير 2023. كما نشر المرسوم المتعلق بتصميم تهيئة مقاطعة بني مكادة في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليوز 2023. بينما بالنسبة لمشروع تصميم تهيئة مقاطعة طنجة المدينة فهو لا يزال متأخرا ولم يصل بعد إلى مرحلة البحث العلني ومداولات المجلس، عند تاريخ صدور هذا الكتاب. ومن المعلوم أن غابة السلوقية ومحمية رأس سبارطيل وأغلب الغابات الحضرية لطنجة تقع في تراب مقاطعة طنجة المدينة.
المشاركة الفعالة للمجلس الجماعي السابق (2015-2021) في المحافظة على محمية السلوقية:
بعدما اطمأنت ساكنة المدينة في النسخ الثلاث لمشروع تصميم تهيئة المدينة الموحد على مصير غابة السلوقية ومحمية رأس سبارطيل عموما، وأنها أصبحت في مأمن من أطماع المتربصين بها، بعد تصنيفها كمحمية طبيعية، عاد تخوف الساكنة من جديد على مصير هذه الغابة، بسبب تأخر صدور تصميم تهيئة مقاطعة طنجة المدينة.
ويعتبر تصميم التهيئة أحد الوسائل المهمة للحماية القانونية للتراث عموما وللمجالات الغابوية خصوصا. ولم يكتف المجلس الجماعي للولاية الانتدابية 2015-2021 بوضع محمية رأس سبارطيل ومنها غابة السلوقية ضمن تنطيق “منطقة المحمية الطبيعية”، بل طالب بتوسيع مساحة المحمية لتضم أيضا منطقة يسميها الناشطون البيئيون ب”البنانة” أي الموز باللهجة المحلية، لكون هذه المنطقة تأخذ شكل الموز، وكان تنطيق هذه المنطقة هو “منطقة التنشيط السياحي”، وتمت الاستجابة لهذا المطلب في نسخة 2019، لكن هل سيحافظ على نفس التنطيق في النسخة القادمة؟.
والفرق كبير بين التنطيقين، ف”منطقة التنشيط السياحي” مخصصة لمؤسسات الإيواء السياحي ومرافق التنشيط السياحي وأنشطة أخرى كالمطاعم والأندية الرياضية…(1). بينما “منطقة المحمية الطبيعية”، وهي مناطق غابوية، المحافظة عليها إلزامية، ويمنع إنجاز التجزئات والإقامات السكنية بها وأي تدخل يمكن أن يغير من حالتها الطبيعية، لكن يسمح بتهيئة مسالك رياضية أو للترفيه وبإنجاز مشاريع مندمجة في البقع التي تصل مساحتها الدنيا 100 هكتار، كما يسمح لمالكي بقع تتجاوز خمسة هكتارات ببناء مسكن من طابقين وبأربع واجهات(2).
كما عمل هذا المجلس الجماعي أيضا على تقليص عرض الطريق التي تشق منطقة الجبل الكبير من 50 متر إلى 30 متر، وبذلك تمت المحافظة على مساحات مهمة من المحمية. وينبغي الان على المجتمع المدني، وإلى غاية صدور المرسوم الخاص بتصميم تهيئة مقاطعة المدينة، التتبع الدائم لمراحل هذا التصميم ومراقبة مقتضياته المتعلقة بالغابات الحضرية عموما ومحمية رأس سبارطيل خصوصا.
هوامش:
(1) انظر الملحق 27 في الكتاب
(2) انظر الملحق 28 في الكتاب