شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 01 يونيو 2024
الربط بين خدمات التمويل الأصغر و الشمول المالي وصغار المزارعين أصبح أكثر وضوحا مما هو عليه قبل عدة سنوات، خاصة فيما يتعلق بصغار المزارعين والاسهام في الزراعة المستدامة وقضايا انعكاس تغيرات المناخ عليهم. ولكن يلاحظ أن هذا الموضوع أصبح شائكا حيث يضم الكثير من المنتجات وأساليب المساعدة والشراكات والمبادرات والاختراعات التكنولوجية من مختلف الشركاء في القطاع بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات التمويل المحلية والدولية وشركات التأمين والتأمين التكافلي الشركاء من القطاعين الخاص والعام والباحثين والمخترعين.
في يومنا هذا، هناك حاجة ماسة إلى الزراعة المستدامة لمعالجة التحديات الثلاث: إنتاج المزيد من الغذاء الكافي، خلق المزيد من فرص العمل خاصة للاجيال الشبابية، والحفاظ على قاعدة مواردنا الطبيعية والبيئية من الاهلاك في وجود التغير المناخي. كل هذا يأتي عبر صغار المزارعين حيث يقع صغار المزارعون في قلب هذا الحل لأن المزارع الصغيرة تشكل أغلب المزارع في العالم و محوراً مركزياً للتنمية الزراعية المستدامة، فضلا عن أن المزارع الأصغر حجماً، في المتوسط، تحقق غلات أعلى وتحتضن تنوعاً بيولوجياً أكبر مقارنة بالمزارع الأكبر حجماً.
إن انشاء نظام زراعي أكثر استدامة ومرونة وعدالة في ظل وقوع صغار المزارعين في الوقت الحاضر في فخ حلقة سلبية تلحق الضرر بهم وبتوفير الغذاء لسكان الكوكب أمر يحتاج لمراجعات في ظل المطالبات لهذا القطاع بتوفير الأمن الغذائي. حيث يتعين علي صغار المزارعين لزيادة إنتاج الغذاء بنسبة 50% لإطعام نحو 10 مليار شخص يمثلون سكان العالم المتوقع بحلول عام 2050 . وعلى الرغم من هذا الطلب علي صغار المزارعين ألا انهم لا يزالون يتعرضون للعديد من المشكلات التي تقع خارج اطار مقدراتهم على مواجهتها بمفردهم مثل حوادث الطقس السيئة وندرة المياه، وضعف القدارات على الوصول للتمويل والخدمات الزراعيه و محدودية الوصول وضعف فرص المساومة مع المشترين لمخرجاتهم، فضلا عن تكبد خسائر كبيرة في المحاصيل أثناء الحصاد اليدوي والتخزين بعد الحصاد ومشكلات الري وحماية المحاصيل وتخلف معدات الزراعة والأساليب التي تقلل من تآكل التربة، وصعوبة الحفاظ على المياه، وتعزيز التنوع البيولوجي، وضعف خدمات التدريب وتحسين الممارسات الزراعية وضعف زيادة الانتاجية والقطع الجائر للاشجار لزيادة الدخول الضئيلة عبر الوصول الى المزيد من الأراضي الزراعية. وفي المقابل هناك أيضا موضوعات متعددة للوصول اليهم من أجل تقديم المساعدات اللازمة. وهذه الموضوعات المتعلقة بهذا القطاع لا تشمل فقط أهمية هذا القطاع والاهتمال الذي تعرض له تاريخيا وغياب الاليات التي تضمن الحقوق خاصة في المعاملة بالمثل والاسعار المجزية والحصول على التمويل والخدمات الأخري الضرورية، بل شملت أيضا أهمية تعويضه بما يكفي لضمان استمرار عجلة توريد الغذاء لسكان العالم.
هناك أنواع من الموضوعات المتشعبة التي يمكن النظر اليها في تنمية صغار المزارعين والجهات والشركاء الذين يتعلقون بهذه التنميه خاصة استثمارات القطاع الخاص في المجال ودور المنظمات غير الحكومية والحكومات والمؤسسات المالية العالمية والاقليمة والقومية وغيرها. من أهم الموضوعات التي أصبحت محل اهتمام كبير في السموات الأخيرة الربط بين التغير المناخي وصغار المزارعين وضرورة وأليات تمكين المرأه والشباب والمجتمعات المحلية الريفية، وصغار المنتجين الزراعيين وقضايا الأرض، وقضايا الاستدامة الزراعية والمبادرات الخضراء وحماية خصوبة التربة وجودة المياه و التكيف مع المناخ مع تزايد تأثيرات تغير المناخ والتقنيات مثل الزراعة الحراجية، وتناوب المحاصيل، والوصول بصغار المزارعين للأسواق والمعلومات السوقية في مجالات الانتاج النهائي والبذور الجيدة والمحسنة وادخال الرقمنة الزراعية والتمويل الزراعي المختلط وقضايا التصحر المتعلقة بصغار الزراعيين والتكنولوجيا والاختراعات الزراعية المبتكرة والمساعدة في مجالات التأمين والتأمين التكافلي والحصاد وقياس مؤشرات الطقص والانتاج الزراعي التغذوي عبر صغار المزارعين ونقاط الكربون وكيفية الحصول عليها لتعويض صغار المزارعين عن دورهم في المحافظة على المناخ.
خلاصة القول أن الاهتمام بالربط بين صغار المزارعين والاسهام في الزراعة المستدامة وتوفير الأمن الغذائي وقضايا انعكاس تغيرات المناخ عليهم أصبح أمرا واضحا ومثيرا للاهتمام. مواجهة الانحباس الحراري العالمي وزيادة عدد السكان في العالم مع ايمان الخبراء بأن السبيل لإطعام الأفواه الاضافية المتوقعه لسكان العالم في ظل تغير المناخ الذي يجعل زراعة الطعام أكثر صعوبة لا زال هو التركيز على فئة صغار المزارعين. يأتي هذا التركيز في ظل عدم استطاعتهم في كثير من الأجايين حتي من إطعام أنفسهم بالكاد. مهما يكن من أمر، لا زال هناك حاجة لكثير من البحث والتقصي والتكنولوجيا والتطبيق والشراكات والمبادرات تنتظر العالم في كل المجالات المتعلقه بالانتاج الزراعي صغير الحجم حتي تحقيق التنمية الزراعية المستدامة والاسهام في التغذيه العالميه كما هو مطلوب منه.