شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبيرالخبراء، برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 10 يونيو 2024
التحدي الرئيسي الذي يواجه جهود التنمية الدولية تحديد الأدوات المالية التي تخدم زبائن التمويل الأصغر مع توفير فرصا تمويلية مستدامة في آن واحد. وفي حين أن مواجهة هذا التحدي يشكل أولوية لصناع السياسات والمؤسسات المالية المانحة، فإنها تشكل أيضاً فرص ربحية كبرى للاعبين التجاريين القادرين على ايجاد الحلول لإخفاقات السوق لدي صغار المنتجين وخلق قيمة حقيقه. لكنها تتطلب فهماً دقيقاً لأنواع المنتجات وتصميمها وظروف السوق المحلية لكي تكون فعّالة.
لعل أعظم مساهمة للتمويل الأصغر هي أنه يعمل على تمكين الناس، وتزويدهم بالثقة، واحترام الذات، وخلق الوسائل المالية اللازمة للعب دور أكبر في تنميتهم. و حتي تاريخ اليوم وفي كثير من المؤسسات المالية الداعمة لصغار المنتجين لم ترق المنتجات والأدوات المالية إلى مستوى التوقعات، ولكن القنوات التمويلية في المؤسسات والبنوك لا زالت تتعلم كيف تحسنها.
هنالك نماذج ناجحة أيضا، حيث اكتسب نموذج بنك (جرامين) للتمويل الاصغر قدراً كبيراً من الاهتمام في مجال التنمية الدولية بارتباطه بنسبة سداد مرتفعه وانتشار كبير لا مثيل له. كما قدم نموذج برنامج الخليج العربي للتنمية (اجفند) المرتبط بأهداف التنمية المستدامة والمشارك فيه القطاع الخاص دروسا في اعادة صياغة المنتجات وطريقة تقديمها للزبائن والوصول للمستهدفين وتخفيض التعثر. هذه الدروس يمكن التعلم منها. في هذا النموذج زادت القروض الصغيرة من تمكين المرأة ومن قوة اتخاذ القرار لديها. كما أن ربطت المشروعات بأهداف التنمية المستدامة – التي تعتبر اطار متكامل لمعالجة كثير من القضايا الحياتيه – و استخدمت التكنولوجيا وأدوات التوفير للعملاء وربطت مع سلاسل القيمة لذلك عملت على تغير تأثيربرامجها على الفقر وعلى النتائج المالية النهائية للمؤسسات المالية.
حسب تجربتنا أن هناك على الأقل أربعة منتجات وخدمات رئيسية في التمويل القاعدي أثبتت نجاحها وضرورتها لتحقيق الشمول المالي، كما يلي:
أولا: حسابات التوفير: تشكل حسابات التوفير للعملاء أول فرصة للدخول في الشمول المالي وربط العملاء بالمؤسسات لتحقيق أهداف كثر من أهمها توفير شبكات أمان فعّالة للمستهدفين وربطهم بالمؤسسات وتخفيض التعثر في تمويل المنتجات المرتبطة بهذا الادخار واستغلال جزء من محافظ التوفير كمحافظ تمويلية للمؤسسات. الناس لا يحتاجون إلى اقتراض المال أثناء الأزمات الشخصية إذا كان لديهم مدخراتهم الخاصة اذا فتح المجال للادخارات الطوعية والالزامية (المترتبطة بالقرض) لكل عميل و القضاء على التكاليف المرتبطة بفتح حساب. هذه الاجراءات تؤدي لزيادة كبيرة في الإقبال، والادخار الإجمالي، ومستويات الاستثمار بين اللاعبين في السوق. كما أن إزالة تكاليف فتح الحساب تؤدي إلى زيادة المدخرات.
ثانيا: تقديم الخدمات المالية ضمن علاقات سلسلة القيمة: سلسلة القيمة هي العمليات التي تعمل على اضافة قيمة للمنتج أو الخدمة، وتشمل عناصرها المدخلات والإنتاج والتوزيع والتسويق وخدمات ما بعد البيع. وتعتبر هذه السلسلة شبكات مترابطة للإنتاج والتوزيع. كما تتألف سلسلة القيمة للتمويل الأصغر عادة من المستثمرون، ومؤسسات التمويل الأصغر، وأصحاب المشاريع الصغيرة العلاقات الموردين والمنتجين والموزعين وتجار التجزئة. من خلال دمج التمويل الأصغر في سلاسل القيمة يتم تعزيز الفرص الاقتصادية والإنتاجية. مما يعود بالنفع على المشاركين ويساهم في التنمية الاقتصادية.
ثالثا: دخول التكنولوجيا في التمويل الأصغر: تسمح الابتكارات التكنولوجية بتوسيع نطاق العمليات دون المساس بالجودة. تعمل المؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية على تسهيل هذا التوسع. شهد قطاع التمويل الأصغر نموًا وتحولًا كبيرًا في جانب التكنولوجيا على مدى العقد الماضي. وأصبح من الممكن لمؤسسات التمويل الأصغر تلبية احتياجات عملائها من خلال تقديم حلول مخصصة باستخدام تقنيات مثل الخدمات المحمولة والانترنت خدمة لعملائها بشكل أفضل من خلال الاستفادة من الأدوات والتقنيات الرقمية. وتتيح التكنولوجيات الرقمية إمكانية حصول ملايين الأشخاص، بمن فيهم النساء، على التمويل والخدمات المالية الأخرى. لقد أصبح من الأسهل كثيرا اليوم الحصول على خدمات التوفير، وإجراء المدفوعات، والحصول على الائتمان، والحصول على التأمين، وكلها أمور تساعد الناس على إدارة المصروفات اليومية، وعمل خطط طويلة الأجل، والتغلب على حالات الطوارئ غير المتوقعة. ويراهن العالم على هذه التكنولوجيات الرقمية كوسيلة رئيسية لضم مليارين من البالغين غير المتعاملين مع البنوك إلى النظام المالي الرسمي المنظم.
رابعا: التأمين كمنتج رئيسي في عمليات التمويل الأصغر: هنالك أسباب الأكثر شيوعًا تتعرض لها الأسر الفقيرة أو اصغار المنتجين مثل الوفاة أو الإصابة أو المرض أو والكوارث الطبيعية مثل الخسائر التي يتعرضون لها من جراء التغيرات المناخية السالبة أو السرقة، مما يكبد الأسر المتضررة خسارة مالية كبيرة . كما تعاني الأسر المعرضة للخطر من عدم اليقين المستمر بشأن ما إذا كانت الخسارة قد تحدث ومتى تحدث وماهو حجم الخسارة التي قد يسببها الحدث المحفوف بالمخاطر. وبالتالي يوجد منطق تنموي لتوفير التأمين كمنتج للأسر ذات الدخل المنخفض التي تتعرض بشكل متزايد للمخاطر خاصة مخاطر الطقس.