المنتزهات الطبيعية بالمغرب، أهداف التنمية وحماية الحقوق وأهمية الحوار البناء والعقلاني حول الفرص والمخاطر

لقد عرفت مقاربات إحداث وتوسيع وتدبير المناطق المحمية والمنتزهات على الصعيد العالمي، تطورا كبيرا وتغييرا في آليات المشاركة والوصول إلى العدالة، من خلال القطع مع آليات المحافظة التي كانت تنطلق من تجريم أسلوب حياة السكان المحليين او طردهم من أراضيهم، , لتعمل حاليا على ربط أهداف وبرامج التنمية والمحافظة على المنظومات البيئية والموارد الطبيعية والمائية والتنوع البيولوجي للمناطق المحمية بأهداف وبرامج تنمية المجتمعات المحلية في كل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ومما جعل لفكرة “الحماية” دلالة إيجابية، هو إدماجها للإنسان كمكون أساسي من مكونات المنظومات الطبيعية. وقد أكدت الدراسات أن الطبيعة تكون أفضل عندما يتمتع سكان المجتمعات المحلية بحقوق الاستغلال المستدام لموارد الأرض ويتحملون المسؤوليات في التخطيط والتدبير، مما يزيد من قدرة المناطق المحمية وساكنتها على الصمود أمام التغيرات المناخية، في الوقت الذي تتفاقم نسبة تصحر وهشاشة الساكنة وهجرتها وتراجع الإمكانات الإنتاجية للأراضي الغير المحمية، التي تمثل اكثر من 96% من الأراضي المغربية.

وأدى الوعي بأهمية المحميات الطبيعية وادوارها ومساهماتها في تحقيق الأمن المائي والغذائي، وتطور نمادج أنظمة الحكامة الفعالة والمدارة بشكل عادل التي ضمنت تلبية احتياجات الساكنة المحلية بالاستخدام المستدام وتقاسم المنافع، إلى جعل إحداث المنتزهات يحظى باستقبال جيد بشكل عام من قبل كل الخبراء وعدد متزايد من أصحاب القرار الدولي والمحلي وكل المواطنين الذين تمت مواكبتهم لمعرفة وحسن استغلال الإمكانات التنموية الكبيرة والمستدامة التي تسمح بها الحماية.
وقد أدى الوعي العالمي بضرورة توسيع حماية موارد الماء والتربة الحية والفلاحة المستدامة والتنوع البيولوجي لكل مجال ومنظومة..، على اعتماد ممثلي دول العالم خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتنوع البيولوجي (COP 15) الذي عقد في مونتريال في ديسمبر 2022، هدف “30×30″، الذي يتمثل في تصنيف 30٪ من اليابسة والبحر على كوكب الأرض في المناطق الطبيعية المحمية بحلول عام 2030.
المغرب الذي يوجد في منطقة ساخنة يعاني من أزمة مائية حادة وتسارع إيقاع التصحر، لا يتوفر إلا على 3.25% من المناطق المحمية، تم الإعلان في إطار. “تنزيل المحور الرئيسي الثاني لاستراتيجية غابات المغرب 2020-2030 المتمثل في تدبير وتطوير الفضاءات الغابوية حسب مؤهلاتها، وخاصة الشق المتعلق بتنمية المنتزهات الوطنية والمناطق المحمية، الذي يروم تصنيف حوالي عشرين منطقة ذات أهمية بيولوجية وإيكولوجية بالرجوع إلى القانون رقم 22.07 المتعلق بالمناطق المحمية على الصعيد الوطني، حيث أعلن عن إحداث وتصنيف 10 مناطق محمية كمرحلة الأولى، مع فتح البحث العلني (من 20 ماي الى 19 غشت 2024) من خلال ضع سجل لتلقي ملاحظات ومقترحات عموم ساكنة الجماعات المعنية في مقرات الجماعات الترابية المعنية.
لكن بعد الإعلان عن فتح البحث العمومي، ولأسباب موضوعية وأخرى غير ذلك، وبدل أن يتم فتح حوار مدني بناء من مختلف الفاعلين بإدراة المياه والغابات و السياسيين والمدنيين والخبراء والإعلاميين، لتمكين الساكنة من فهم ماهيات الموضوع وأهدافه ومكاسبة ومخاطره، أثار الموضوع الإستراتيجي للساكنة والمناطق الهشة والبلاد جدلا واسعا، به بعض من مبررات المخاوف والشكوك المعقولة بالكشف عن الضمانات القانونية المقدمة لسكان مجال مشروع المنتزه الوطني الطبيعي بشأن حقوقهم في ملكية الأرض و استغلالها، وعدد من المغالطات حول التهجير وفتح باب الرعي الجائر ونزع الملكية الفردية للأرض…
في إطار مجهودات المجتمع المدني البيئي التي تسعى إلى تخفيف التوترات وإعادة تنشيط الحوار المدني الهادئء العقلاني والبناء، مع وبين الفاعلين الحوميين والغير حكوميين والترابيين، من أجل تعرف حول الفرص والمخاطرلإحداث المنتزهات الطبيعية بالمغرب ، وكيفية معالجة بقايا بعض آثار قرارات أو أحداث أو مواقف تاريخية التي لا تزال تؤثر على الوضع الحالي وإيجاد وبناء التعاقدات والضمانات اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المحلية للساكنة وحماية حقوقهم، في بيئة سليمة بموارد مستدامة، بعيدا عن كل تصعيد ومزايدات وتبادل اتهامات، للمساهمة في إنجاح هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة.

وفي هذا الإطار سيتم تنظيم لقاء وطني مفتوح عن بعد، يوم الأربعاء 24 يوليوز ابتداء من الساعة الثالثة إلى الساعة السادسة زوالا، بمشاركة المعنيين قصد التشاور وتعميق النقاش في الموضوع، والإجابة على عدد من التساؤلات المشروعة المتعلقة بالمقاربات التي تتم حاليا قبل الإحداث وبعده، وتخوفات الساكنة من إجراءات تؤثر على معيشهم ومستقبلهم.

وستعطى أهمية للمناقشة والإجابة على تساؤلات المشاركين والبحث عن الحلول الأكثر اعتدالا وعدلا وبناء توصيات ومقترحات عملية، كما سيستمر التواصل بلقاءات جهوية، من أجل تفادي بعض أخطاء الماضي افقدت الساكنة مكتسبات المنتزهات، وعمقت الاختلالات ، دون أن يكون هناك بديل لما يمكنها أن تحققه من أهداف بيئية وتنموية واجتماعية لا نشك في أهميتها، إن عملنا جميعا كل من موقعه على وضع الضمانات الديمقراطية والمدنية لتحقيقها والدفاع عنها.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الكويت.. مؤسسة عبدالعزيز البابطين الثقافية تعقد دورتها الـ 19 الأحد المقبل

شبكة بيئة ابوظبي، الكويت، 09 ديسمبر 2024 تعقد مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية وبرعاية كريمة …