شبكة بيئة ابوظبي، اليمن، إعداد صالح بن احمد مجوحان، ماجستير مخاطر بيئية، 06 أغسطس 2024
المقدمة
إن التغيرات المناخية العالمية قد انعكست بشكل كبير على البيئة العالمية بشكل عام، لكن يبقى قيمة التأثير وفاعليته متفاوتة من دولة الى اخرى، يرجع ذلك الى عدة امور منها الوضع المعيشي للبلد وحالة الاستقرار السياسي، والامكانات الاقتصادية والخدمية المتوفرة، كل ذلك عوامل في حالة توفرها تكون مساعدة في التكيف والمواجهة لهذه التغيرات العالمية، والعكس من ذلك في المجتمعات والدول ذات البيئة الطبيعية الحساسة لهذه التغيرات المناخية، والتي يرافق وضعها الاقتصادي والمعيشي الضعف والهشاشة وبالتالي يكون تأثير هذه التغيرات المناخية كبيرة وتلحق اضرار مستمرة تساهم في تدمير البيئة الطبيعية التي هي مصدر العيش لهذه المجتمعات، يمكن وصف منطقة الدراسة والمتمثلة بأودية شمال محافظة تعز اليمنية والتي تشمل منطقة شرعب وشمير ومقبنة، بالبيئة الطبيعية ذات الحساسية العالية والمجتمعات الضعيفة والهشة وبالتالي ترتفع هنا كلفة تأثيرات التغيرات المناخية من ذلك ارتفاع مستويات السيول في هذه المناطق، سوف نوضح في هذا التقرير البيئات الحساسة والمتمثلة في الاودية وضفافها بهذه المنطقة والتي تعد من اعلا العناصر الحساسة في البيئة الطبيعية بالمنطقة كونها ذات تأثير مباشر بحياة السكان ومصدر عيشهم.
الهدف:
يهدف التقرير العلمي الى تحقيق الاتي:
التعرف على المستويات غير المعتادة الحاصلة في المنطقة خلال الايام السابقة من اعداد التقرير.
تقييم البيئة الطبيعية ذات الحساسية العالية والمتأثرة بهذه التغيرات وكميات الامطار غير المعتادة ومستويات السيول الجارفة.
تقييم الحالة المادية للمجتمعات التي تقطن هذه البيئة الحساسة وقدرة المجتمع للتكيف ومواجهة هذه التغيرات.
التعرف على بعض الاثار السلبية لهذه التغيرات غير المعتادة وتقدير حجم الاضرار.
البيئة الطبيعية:
هنا نتكلم على نوع من البيئات الطبيعية في اليمن التي يمكن ان تتضرر من تداعيات التغيرات المناخية من هذه البيئات الاودية المنتشرة في منطقة الدراسة ،والتي تجري فيها السيول المتدفقة من اعالي المرتفعات الغربية من اليمن هذه المرتفعات الغربية تمتاز بارتفاع معدلات السقوط المطري البعض منها يزيد عن (800) ملم/ السنة، تسبب هذه المعدلات المطرية في تدفق سيول كبيرة من خلال منحدرات عالية وشديدة الى متوسطة الانحدار تحمل خلالها حمولات صلبة واخرى عالقة تسبب في زيادة طاقتها وجرفها ، وما ان معدل الميول للمنحدرات في مناطق الدراسة التي تشمل شمال محافظة تعز حتى تفرغ هذه السيول جزء من طاقتها ويتغير شكل النحت الراسي الذي كان في اعالي المرتفعات الى نحت جانبي مما يؤدي الى توسع الاودية، ومن خلال العصور الجيولوجية السابقة ومع التذبذب في كميات الامطار تشكل على ضفاف هذه المجاري رواسب وديانية، غنية بالاطيان والطمي، جذبت السكان اليها للاستثمار الزراعي عليها نتيجة خصوبتها من جهة وتوفر المياه من جهة اخرى، تشكل على ضوء ذلك مجمعات سكنية كانت محدودة وتطورت في الكثافة مع الزمن وزيادة اعداد السكان، تنوعت الزراعات على هذه السهول وتوسعت مساحتها بالاستصلاح واصبحت مصدر مهم للعيش سواء من زراعات الحبوب او الاعلاف للثروة الحيوانية وبما ان هذه المجتمعات فقيرة اصبحت تسير امورها الحياتية على هذا النشاط.
هنا يمكن القول بان هذه الاودية يمكنها ان تتأثر بشكل مباشر باي من التغيرات المناخية حيث ان ارتفاع معدلات السقوط المطري وبشكل غير معتاد كما حصل في الايام الماضية سوف يجعل هذا النوع من البيئة ذات حساسية عالية كون ارتفاع هذه المعدلات سوف يسبب في ارتفاع مستويات السيول وبالتالي يمكن ان يحدث ما يلي:
ارتفاع مستويات السيول في الاودية سوف يعمل على نحت وجرف السهول الوديانية القريبة من المجرى وتتأكل مساحات واسعة من الارض الزراعية.
احداث تغير في تضاريس قاع الوادي نتيجة تباين الحمولات الصلبة مما قد يشكل جزر وسطية وتغير في اتجاهات حركة السيول الطبيعية.
اقتلاع وجرف النباتات الطبيعية والحراجية الواقعة على ضفاف الوادي، واحداث خلل بيئي فيها.
قد تسبب هذه السيول اضرار على المياه السطحية من خلال الرواسب الطمية والخفيفة المنقولة.
لذا ومن خلال العرض السابق يمكن القول بان هناك عدد من المتغيرات جعلت هذا المكون الطبيعي ذات حساسية عالية، من ذلك وقوعه أسفل المرتفعات الغربية من اليمن ودرجة الانحدار وكميات الامطار، وكذلك الخصائص الهيدرولوجية والجيومورفولوجية لها وبالتالي اي تغيرات مناخية سوف تؤدي الى احداث تغيرات جوهرية في النظم المعتادة لهذه الاودية التي بدورها سوف تنعكس على حياة السكان.
النظم المادية:
كما سبق ذكره ارتباط وتوزيع السكان في منطقة الدراسة بضفاف مجاري الاودية نظرا لكون الزراعة النشاط الرئيس لمصدر الحياة، لذا في هذه الفقرة يجب التركيز على اهم النظم المادية وعلى النحو الاتي:
السكان يتوزع على هذه المجاري والاودية عدد من القرى والمحلات السكانية والتي تمتاز بكثافة سكانية عالية كون النشاط الزراعي يحتاج الى ايادي عاملة كثيرة وغالبية هذه المجتمعات السكانية من كبار السن او الاطفال وكذلك النساء وقلة الشباب بسبب هجرتهم لطلب الرزق للمدن وبالتالي فان هذه الكثافة والنوع والاعمار من السكان ذات حساسية عالية باي تغيرات مناخية تحدث.
النشاط الزراعي غالبا ما يكون النشاط الزراعي في هذه المنطقة على حيازات محدودة بسبب الكثافة السكانية، ويمارس النشاط بوسائل تقليدية وتحدد انواع معينة من المحاصيل تتلاءم واحتياجات المجتمع للبقاء على الحياة، اضافة الى تربية الثروة الحيوانية التي تعد المكمل الغذائي لهم، ووجود هذا النشاط يستمر حسب الظروف الهيدرولوجية المعتادة لهذه الاودية واي تغير سوف يحدث اضرارا مباشرة بهذا النشاط.
التكيف والتأقلم:
يعتقد بانه لا يوجد اي تكيف او تأقلم مع هذه التغيرات المناخية الحاصلة والدليل الاضرار التي لحقت بالمنطقة في الامطار الحاصلة خلال الايام الماضية، حيث لا يوجد اي تدخلات انشائية او هندسية تتمثل في حواجز وجدران لبعض الاودية للحد من انجراف جوانب الاودية، كما لا يوجد وسائل انذار مبكر تساعد في التقليل من الخسائر المادية والبشرية، اضافة الى نوع المباني السكنية الضعيفة والتي تسمى مباني شعبية قابلة للتهدم والخراب اضافة الى افقر والكثافة السكانية وغير ذلك جعل من هذه المجتمعات ضعيفة وهشة لمواجهة اي تغير مناخي محتمل، وبالتالي فان ما حدث يعد مؤشر لما يمكن ان يحدث في المستقبل.
النتائج:
خلال العرض السابق والموجز تم توضيح حساسية البيئة الطبيعية في المنطقة وكذلك الضعف والهشاشة للمكونات المادية وبالتالي فان ما حدث من مؤشر محدود لهذه التغيرات قد سبب في الاتي:
وفاة عدد من سكان هذه المناطق وفقدان البعض منهم، وفقدان عدد من الثروة الحيوانية.
فقدان العديد من وسائل النقل وبعض المحركات الكهربائية ومحركات سحب المياه السطحية، وانابيب الربط المائي، وبعض انظمة الطاقة الشمسية.
جرف مساحات واسعة من الاراضي الزراعية وكذلك بعض المحاصيل الزراعية والاشجار المثمرة.
طمر عدد من الابار السطحية.
احداث تلوث بيئي محتمل.
التوصيات:
بما ان المجتمع ضعيف نوصي بالتي:
سرعة التدخل من قبل المنظمات العالمية وصناديق دعم المتضررين من التغيرات المناخية الى دعم هذه المجتمعات وعونها.
اجراء تدخلات هندسية وانشائية تحد من مخاطر السيول في المستقبل.
تكثيف برامج التكيف ووعي المجتمع بهذه التغيرات وانعكاساتها ليشمل التغير في نوع المباني وغيرها.
دعم واسناد الخدمات المتعلقة بحياة السكان كالمستوصفات وغيره.
استخدام وسائل الانذار المبكر لتقليل الاضرار المحتملة.