السيول في تهامة اليمنية وقابلية التعرض لها مخاطر

شبكة بيئة ابوظبي، إعداد صالح بن أحمد مجوحان، ماجستير مخاطر بيئية، 11 أغسطس 2024
تعاني اليمن بشكل عام من التغيرات المناخية العالمية الحاصلة، وتوالت الاحداث لهذه التغيرات بشكل مستمر خلال هذا العام، وتعددت مصادرها واسبابها، وشملت معظم الاقاليم الطبيعية في اليمن، تختلف هذه الاقاليم في القدرة على مواجهة هذه التغيرات وكيفية التأقلم معها، ويأتي اقليم تهامة في المستوى الاكثر ضعفاً وذلك لأسباب طبيعية واخرى مجتمعية، من ذلك طبيعة سهل تهامة المنخفض الموازي للبحر الاحمر ويحيطه من الشرق سلسلة المرتفعات الغربية من اليمن التي تشتهر بارتفاع كبير لمعدلات السقوط المطري اذ يزيد عن (800) ملم / السنة في بعض المناطق، اضافة الى ان سهل تهامة يتكون سطحه من الرواسب والرمال ويتخلله اودية رئيسة، وهناك عوامل مجتمعية منها طبيعة الانسان التهامي البسيط سواء في نشاطه الزراعي، او نوعية المباني التي يسكن فيها، وتدني الوضع المعيشي والحالة الاقتصادية كل ذلك انعكس على هشاشة المجتمع بجميع مكوناته مما جعل من قابلية التعرض لمخاطر السيول تقع في المستوى الخامس من قيمة الضرر (RISK) وخير مثال على ذلك ما حدث أخيراً.

يهدف هذا التقرير العلمي الى تحقيق الاتي:
1- التعرف على اسباب ارتفاع مستوى الخطر الحاصل في تهامة الى الخامس بسبب السيول.
2- تقييم المكونات المادية والبشرية التي لها علاقة بارتفاع قيمة الاضرار الناتجة عن المخاطر.

العوامل الرئيسية في حدوث السيول الجارفة:
حدثت سيول جارفة في سهل تهامة وخاصة في الجزء الاوسط والشمالي من السهل، وهناك اسباب طبيعية ساهمت في جعل هذه الامطار والسيول الجارفة تقع في المستوى الخامس من المخاطر يمكن عرضها في الاتي:
1- الشدة المطرية: من المعروف ان شهر اغسطس من الاشهر التي تتكاثر فيها معدلات السقوط المطري وهذه الامطار موسمية ترجع الى عدة اسباب منها حركة الشمس وارتفاع درجة الحرارة، لكن المعتاد بان اقليم تهامة من الاقاليم الاقل سقوط للأمطار ولكن بسبب التغاير المناخي ساهم في تشكل عاصفة مطرية واسعة شملت معظم اجزاء تهامة، هطلت الامطار فيها لأكثر من (6) ساعات، وقدرت كمية الامطار في هذه العاصفة بحوالي (95) ملم، وهي قيمة كبيرة جدا ولم تحدث خلال الفترات السابقة مثيلها.

2- الطبوغرافيا: منطقة تهامة تعد سهل ساحلي موازي للبحر الاحمر وتباين الارتفاعات فيها بين (0ـ200) متر عن سطح البحر ويحيطها من الجهات الشرقية مرتفعات يزيد ارتفاع البعض منها عن 2000 متر عن سطح البحر، يتخلل المرتفعات اودية رئيسية وبما ان هذه المرتفعات ذات معدلات مطرية عالية تتدفق كميات هائلة من السيول الى هذا السهل، وبالتالي ساهمت بقدر اضافي الى الشدة المطرية للسهل نفسه وبالتالي يمكن القول بان مصدر السيول كان الاول بفعل السقوط المباشر للأمطار على سهل تهامة والمصدر الثاني وصول السيول المتدفقة من المرتفعات مما زاد من فترة التركيز المائي.

3- التصحر: وحركة الرمال تلعب هذه الظاهرة في اختلال مجاري الاودية الفرعية في سهل تهامة حيث من المعروف بان سهل تهامة تتحرك فيه الرمال بشكل مستمر مما تعمل على طمر بعض المجاري وتعديل اتجاهاتها ومن ثم اعاقة التدفق الطبيعي للمجاري.

4- ايضا هناك عوامل بشرية ساهمت في زيادة حركة السيول منها القضاء على الغطاء النباتي والتغير في استخدام الارض وكذلك عدم تنظيف العبارات والجسور.

المكونات المادية والبشرية القابلة للتعرض
يمكن في الفقرة السابقة ان نعتبر حجم وشدة هذه السيول تقع في المستوى الخامس من الخطورة، ولغرض معرفة السبب في ارتفاع قيمة الضرر لابد من التعرف على قدرة المجتمع وهشاشته لهذه المخاطر ومستوياتها من ذلك ما يلي:
1- الكثافة السكانية: يقع في سهل تهامة مدن رئيسة كا الحديدة واخرى ثانوية ترتبط بخطوط نقل منتشرة على السهل، وهناك كثافة سكانية عالية في هذه المجمعات السكانية، وما يجعل لهذا المعيار قيمة كبيرة في الهشاشة والضعف في ان معظم هذه المدن تقع قريبة او على مجاري الاودية، كما ان معظم سكان تهامة يمارسون نشاط الزراعة وتربية الحيوانات وقدراتهم الاقتصادية محدودة بسبب عدم توفر فرص العمل المناسبة والطبيعة المناخية لسهل تهامة الذي يمتاز بالشدة الحرارية خاصة خلال فصل الصيف وبالتالي لا يوجد مع هذا المجتمعات اي قدرات ذاتية على مواجهة والتكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية.

2- البنية التحتية: والمكونات المادية الاخرى تحتاج مواجهة السيول الجارفة وجود وتوفر “كرفانات” ومصايد سطحية تعمل على امتصاص اكبر قدر من الجريان السطحي اضافة الى وجود خرائط واضحة تبين المجاري المائية واستخدام انظمة انذار مبكر، كل ذلك ينعدم في سهل تهامة ، ومما ساهم في هشاشة المجتمع والمكونات في ان الطرق والجسور المعمولة سابقا لم تراعي التغيرات المناخية، وكذلك نوع المباني البسيطة التي غالبا ما تكون من الطين والاخشاب لا تراعي التغيرات الحاصلة، وبالتالي لا يوجد اي مكونات مادية او بشرية تساهم في مواجهة هذه التغيرات المناخية، ماعدا بعض التدخلات الطارئة التي تعملها السلطة المحلية ولكن بحسب قدرتها المحدودة.

الضرر الحاصل:
بما ان تقييم الشدة المطرية وحركة السيول الجارفة تأتي في المستوى (الخامس) وكذلك تقييم الحالة المادية والبشرية للمجتمع المتعرض للمخاطر تقع في المستوى الخامس من الضعف والهشاشة وبالتالي يقدر حجم الضرر بانه يقع في المستوى الخامس اي ان المنطقة منكوبة وتعرضت للقيمة القصوى من الضرر وقد لحق بالسكان والمساكن والثروة الحيوانية ووسائل النقل والزراعة وغيرها ولا توجد الا حد الان احصائيات رسمية حتى الان.

النتائج:
تبين لنا بان قيمة الضرر عالي في سهل تهامة وبالتالي تظهر النتائج التالية
1- ان تهامة منطقة قد تتعرض لمخاطر السيول بشكل متكرر وقد تحدث هذه السيول اضرار كبيرة.
2- ان طبيعة المجتمع في مواجهة التغيرات المناخية وخطة التكيف والتأقلم معه محدودة او منعدمة وبالتالي سوف يستمر قيمة الهشاشة لدى المجتمع مما ينعكس ذلك على قيمة الضرر.
3- تبين بان قيمة الضرر كبيرة وشملت مشاهد مريبة خاصة للثروة الحيوانية والطرقات وغيرها.

التوصيات:
بما ان المجتمع ضعيف نوصي بالتي:
1- عمل خرائط فيضانات للمنطقة وتحديد المناطق الاكثر امنا لغرض التوسع العمراني عليه، واستخدام وسائل انذار مبكر.
2- سرعة التدخل من قبل المنظمات العالمية وصناديق دعم المتضررين من التغيرات المناخية الى دعم هذه المجتمعات وعونها.
3- اجراء تدخلات هندسية وانشائية تحد من مخاطر السيول في المستقبل.
4- تكثيف برامج التكيف ووعي المجتمع بهذه التغيرات وانعكاساتها ليشمل التغير في نوع المباني وغيرها.
5- دعم واسناد الخدمات المتعلقة بحياة السكان كالمستوصفات وغيره.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الهدف الجماعي الجديد (NCQG) في مفاوضات المناخ (COP29)

قمة المناخ وكيفية الاستفادة من التمويل الدولي لدعم استراتيجيات التكيف والتخفيف – ميسون الزعبي: تحفيز …