التغيرات المناخية وتداعياتها على التجمعات السكانية فئة النازحين في اليمن

شبكة بيئة ابوظبي، اعداد / صالح بن احمد مجوحان، ماجستير مخاطر بيئية، اليمن، 17 أغسطس 2024

المقدمة:
تسارعت الاحداث المناخية خلال الاشهر الاخيرة في اليمن بشكل عام نتج عنها حدوث العديد من الظواهر المناخية الخطيرة منها السيول الجارفة والصواعق الرعدية، على سبيل المثال نتج عن الاخيرة وفاة اكثر من خمسين نسمة وسوف نكتب عنها لاحقا بعد ان تتم عملية جمع البيانات الكافية حولها، ان هذه الاحداث لم تكن فجائية بقدر كبير حيث وان مشكلة التغيرات المناخية حديث الكثير من الناس وبالذات الذي لهم علاقة بوسائل التواصل الاجتماعي، ولكن الغائب تقريبا عدم وجود برامج تكيف وتأقلم كافية تستهدف المجتمعات الاكثر تضررا بهذه التغيرات وايجاد حلول عاجلة لتجنب ما يمكن من الاضرار المباشرة عن هذه التغيرات المناخية.

اليمن من المعروف وقد سبق ذكر ذلك في التقارير الفنية السابقة من الدول التي يجعلها موقعها الفلكي وطبيعتها التضاريسية وغيرها من اكبر المناطق تعرضا لمخاطر التغيرات المناخية كونها متعدد الاقاليم الطبيعية فهي على سبيل المثال يمكنها ان تتعرض لارتفاع منسوب مياه البحر وتضرر المكونات البيئية على السواحل، اضافة انها يمكن ان تتعرض لكوارث السيول وهناك احواض واودية رئيسة وقد حدثت فيها احداث كبيرة كفيضان عام 2008م في محافظة حضرموت والكثير من الاحداث، من ذكر ما سبق نوضح للقارئ بان اليمن بسبب وضعه الطبيعي جعل معظمه في نطاق التأثر بهذه التغيرات لكن تختلف الشدة ونوع الخطر المحتمل.

لم يقتصر الوضع الطبيعي فقط على ذلك، وانما هناك عوامل اجتماعية واخرى سياسية، افرزت مجتمعات أكثر ضعفا وهشاشة ولا يمكنها ان تواجه التغيرات المناخية بل سوف تكون نتائج الاخطار المترتبة عن التغيرات كبيرة وجسيمة، في هذا التقرير الفني نسلط بشكل مختصر عن الاحداث الاخيرة الناتجة عن الاعاصير المحلية والسيول الجارفة التي تعرضت لها بعض مناطق النازحين في اليمن..

الهدف:
يهدف التقرير العلمي الى تحقيق الاتي:
1- التعرف على هذه المجتمعات وكيفية اختيار مواقع سكنهم وخصائص هذه المواقع الحالية.
2- التعرف على اهم المخاطر الذي يتعرضون لها وما يمكن ان تقوم به الجهات الدولية والمحلية.
3- اقتراح مواقع بديلة ونوعية بناء بديل إذا أمكن.

مجتمعات النازحين:
هناك تعاريف علمية لهذه المجتمعات البعض منها تعاريف دولية، لكن يمكن ان نعرف النازحين من منضور الواقع الحالي لهم وكالتالي:
النازحين: يقصد بهم الجماعات والافراد التي تهاجر عن موطنها الاصلي والانتقال الى مكان اخر للعيش فيه لكن في اطار حدود الدولة، واليمن تكاثرت فيه هذه الجماعات والافراد بسبب الاوضاع السياسية الحالية، ويسكنون في مخيمات او مجمعات سكانية لم يتسنى لنا المعرفة الكاملة حول ادارة هذه المجمعات السكانية وكيفية ادارتها، تضم اعداد كبيرة تصل الى الالف من السكان وهم مجتمعات فقيرة، تعتمد على المنظمات في كل متطلبات الحياه، وقد يكون سبب نزوحهم سياسي او اقتصادي او من مناطق الاشتباكات، وبحسب المؤشرات نجد بان محافظة مارب تضم اكبر تجمع سكاني في اليمن من حيث النازحين، تأتي محافظة الحديدة وتعز في المرتبة الثانية، هذه المخيمات كما يسمونها تتكاثر فيها الاشكالات البيئة والاجتماعية والصحية، لعدم كفاءة المواقع احيانا او قلة الامكانات التي تدار بها هذه المخيمات وفي نفس الوقت الفترة الزمنية التي قطعها سكان هذه المخيمات الذي يصل عمر البعض منها الى حوالي 9 سنوات.

مواقع المخيمات (مجمعات النازحين):
من المفروض عندما تتلقى اي بلدية او محافظة جماعات او افراد تم تهجيرهم قسرا، فان على هذه السلطات اتخاذ كل ما يمكن من قدرات حتى يتم استيعابهم بشكل صحيح وامن، لكن في اعتقادي انه رافق هذه العملية اشكالات كبيرة ساهمت في عدم مراعات بعض جوانب التغيرات المناخية منها ما يلي:

1. غلاء الاراضي واستخدامها الزراعي او السكني، جعل من المعنيين باستقبال هذه الجماعات غير قادرين على توفير مساحات للأراضي المناسبة للهذه الفئة، كما لا يوجد قدرة كافية لاستئجار اراضي مناسبة، وبالتالي يضطر المسؤول عن ذلك على التنازل في المعايير الطبيعية والبيئية واختيار المواقع اما قريب من مجاري الاودية او على كثبان رملي او جوار المخلفات الصلبة وغيره اي انها مناطق غير استثمارية وغير ملائمة للاستصلاح الزراعي.

2. كثافة النزوح في اليمن وخاصة في محافظة مارب وضعف اداء المنظمات واغفال عامل التغيرات المناخية واقتصار موظفي المنظمات على ذوي الاختصاصات النفسية وغيرها جعل من عامل اختيار المواقع وفق ما يتناسب مع الخصائص الطبيعية العامة للمنطقة ومراعيا ايضا لموضوع التغيرات المناخية.

3. الفترة الزمنية للنزوح كان من المعتقد بان عملية النزوح في اليمن سوف تنتهي بسرعه ولم تتطلب اختيار مواقع مثلى وان مهما كانت الاشكالات التي يترتب على هذه المواقع سوف تكون مؤقته، لكن ما حصل كان العكس استمرت الاحداث والنزوح بل تضاعف أكثر وأكثر وامتدت المساحات التي تقع عليها مخيمات النزوح.

4. نوعية السكن المقترح من منظمات الامم المتحدة، وفي هذه الفقرة يأسف اي ملاحظ لهذه العملية عن كيفية المساكن المحدد من الجهات الدولية، والتي لا تراعي اي من الخصائص المناخية في اليمن وخاصة خصائص محافظة مارب والحديدة، حيث يعد زحف الرمال والاعاصير المحلية والسيول من اهم الصفات المناخية لهذه المناطق، وتم اهمال اي برامج للتكيف او التأقلم مع ذلك حيث ان هذه المساكن عبارة عن غطاء بلاستيكي ضعيف ومجموعة من الاخشاب، وفي نفس الوقت تجد كثافة سكانية عالية على مستوى كل مسكن بلاستيكي.

التغيرات المناخية:
سبق وان كلمنا بان مواقع النازحين السكنية قد تم اختيارها حيثما الاراضي البور الرخيصة والتي عادتا ما تكون قريبة من مجاري الاودية او على الكثبان الرملية، وبالتالي هنا يمكن ايجاز بعض العناصر المناخية التي يمكن ان تسبب اضرار بهذه المجتمعات السكانية المؤقتة.

1- الاعاصير: تمتاز محافظة مارب عن غيرها من المحافظات اليمنية بالأعاصير المحلية والسبب يعود الى حركة الشمس الظاهرية حيث عند حركتها من الشمال الى الجنوب وعند تعامدها مع اليمن في شهر مارس وابريل تقريبا، وكذلك عند عودتها الى الشمال ويصادف يوليو واغسطس تحدث دوامات غبارية واعاصير محلية تتحرك من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي وبما انها تمر من صحراء تحمل في طياتها حمولة صلبة وعالقة تزيد من فاعليتها وما ان تصل الى المناطق الحضرية حتى تحدث اضرار بالغة يشوبها احيانا امطار والتي تسمى في اليمن بالأمطار الإعصارية والتي ينتج عنها اضرار بالغة اخرها ما حدث في اول شهر اغسطس الجاري بمحافظة مارب ولو قارنا الاعصار وحجمه والذي يعد في المستوى الثالث او الرابع من الخطورة (والتي فيه سقطت اعمدة انارة الشوارع) مع بيوت النازحين لوجدنا في تقييم علم المخاطر بان هذه المباني لا يمكن الاعتماد عليها نهائيا خاصة والمساكن تضم نساء حوامل واطفال رضع وكذلك كبار مسنين، هنا يمكن القول بان نوعية المباني لم تراعي القواعد الاساسية من الاستجابة الدولية للتغيرات المناخية.

2- ادت كميات الامطار الساقطة على مخيمات النزوح دون عمل مصارف حقيقية داخل المخيمات الى تجمع هائل لمياه السيول وهذه المياه اختلطت مع الصرف الصحي فشكلت اوبئة نتج عنها امراض متعددة كالملاريا والكوليرا وغيره.

3- في بعض مناطق تهامة وتعز تعرضت مخيمات النزوح الى جرف السيول والبعض الاخر يمثل مواقعها خطورة عالية في المستقبل القريب.:

النتائج:
يمكن سرد اهم النتائج كم يلي:
 اختيار مواقع تجمعات النازحين رافقها عوامل اعاقة من اختيار الموقع الافضل من ذلك غلاء سعر الاراضي، وطول فترة النزوح وكثافة النازحين، وعدم قدرة السلطات المحلية وغياب المختصين في التغيرات المناخية مع برامج الامم المتحدة للاستجابة الطارئة.
 ان الطبيعية المناخية لمحافظة مارب والحديدة قد افرزت عدد من المخاطر التي الحقت بالمجمعات النازحين منها الاعاصير والامطار الغزيرة والسيول حيث عملت الاولى على اقتلاع المباني الخشبية والثانية على توفر امراض بيئية متعددة والثالثة تمثل خطر مستقبلي لجرف جميع مكونات المجمعات.

التوصيات:
نوصي بالتي:
1- تفعيل المختصين في برامج الامم المتحدة لغرض اختيار مواقع مثلى تجنب سكان النزوح من هذه الاخطار.
2- اعادة تقييم مستمر لهذه التجمعات واتخاذ تدابير مسبقة.
3- تفعيل جميع وسائل الامان للبيوت التي يسنونها وفق متغيرات البيئة وعناصر المناخ.
4- دعم هذه الفئات بشكل متكرر.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

أفريقيا حان الوقت لكي يدفع الملوثون الأثرياء ثمن أزمة المناخ التي تسببوا فيها

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم هيلدا فلافيا ناكابوي 30 سبتمبر 2024 نيويورك ــ يقف العالم عند …