بيئة أبوظبي وسيلة إعلامية غير ربحية مسؤولية مجتمعية تملكها مجموعة نايا للتميز
مصر تخطو خطوة جريئة نحو مستقبل أخضر
شبكة بيئة أبوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 23 أغسطس 2024
في عالم يتسارع نحو المستقبل المستدام، برز مصطلحا “تعويضات الكربون” و”أرصدة الكربون” بشكل متزايد في حوارات
المناخ كأداتين رئيسيتين في ترسانة مكافحة تغير المناخ. وعلى الرغم من تشابههما الظاهري، إلا أن هذين المفهومين يلعبان أدوارًا متميزة في جهودنا للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة. ولكن ما الفرق بينهما؟ وكيف يمكننا استخدام هذه الأدوات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن كيفية تخفيف تأثيرنا البيئي؟
تعويضات الكربون: استثمارات في المستقبل الأخضر
تعويضات الكربون هي مبادرات استباقية تهدف إلى تقليل أو إزالة انبعاثات غازات الدفيئة من الغلاف الجوي. يتم تحقيق ذلك من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات، مثل إعادة الغابات، ومشاريع الطاقة المتجددة، والممارسات الزراعية المستدامة. من خلال الاستثمار في مشاريع تعويضات الكربون، يمكن للأفراد والمنظمات تعويض بصمتهم الكربونية بشكل فعال، آخذين على عاتقهم مسؤولية تأثيرهم البيئي.
وتعويضات الكربون هي في الأساس استثمارات في مشاريع تهدف إلى تقليل أو إزالة انبعاثات غازات الدفيئة من الغلاف الجوي. هذه المشاريع يمكن أن تتراوح بين زراعة الأشجار، واستثمار في الطاقة المتجددة، إلى تحسين كفاءة الطاقة في الصناعات.
• كيف تعمل؟
o عندما تقوم بشراء تعويضات كربون، فإنك تدعم مشروعًا يقلل من انبعاثات الكربون بمقدار مساوٍ للانبعاثات التي تنتجها أنشطتك.
o على سبيل المثال، إذا كنت تسافر بالطائرة، يمكنك شراء تعويضات كربون لدعم مشروع لزراعة الأشجار، حيث تمتص الأشجار ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
• لماذا هي مهمة؟
o تعويضات الكربون توفر وسيلة عملية للأفراد والشركات لتعويض انبعاثاتهم الكربونية.
o تدعم هذه الاستثمارات الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وخلق فرص عمل جديدة.
o تساهم في حماية البيئة والتنوع البيولوجي.
أرصدة الكربون (تصاريح الانبعاثات)
أرصدة الكربون هي في الأساس “تصاريح” تسمح لحاملها بإطلاق كمية محددة من غازات الدفيئة. يمكن تداول هذه الأرصدة في الأسواق، وغالبًا ما تستخدمها الشركات لتلبية متطلبات التنظيم أو أهداف خفض الانبعاثات الطوعية. من خلال شراء أرصدة الكربون، يمكن للمنظمات تعويض الانبعاثات التي لا يمكنها القضاء عليها داخليًا.
أرصدة الكربون: تداول الانبعاثات
أرصدة الكربون هي عبارة عن تصاريح تسمح لحاملها بإطلاق كمية محددة من غازات الدفيئة. هذه الأرصدة يتم تداولها في أسواق خاصة، ويمكن للشركات شراؤها لتعويض الانبعاثات التي لا تستطيع تقليلها بشكل مباشر.
• كيف تعمل؟
o تحدد الحكومات أو المنظمات الدولية سقفًا لانبعاثات غازات الدفيئة لكل شركة أو قطاع.
o إذا تجاوزت شركة ما هذا السقف، فيجب عليها شراء أرصدة كربون من شركة أخرى تمكنت من تقليل انبعاثاتها.
• لماذا هي مهمة؟
o أرصدة الكربون تحفز الشركات على الاستثمار في تقنيات نظيفة وخفض انبعاثاتها.
o توفر آلية مرنة لتنظيم الانبعاثات على مستوى الاقتصاد بأكمله.
• الاختلاف بين تعويضات الكربون وأرصدة الكربون
التأثير المشترك
كل من تعويضات الكربون وأرصدة الكربون أدوات قيمة في مكافحة تغير المناخ. فهي تشجع الاستثمار في الممارسات والتكنولوجيات المستدامة، مما يساهم في خلق كوكب أكثر نظافة وصحة. ومع ذلك، من الضروري التعامل مع هذه الآليات بعقلية استراتيجية تعطي الأولوية لتقليل الانبعاثات الفعلية بدلاً من مجرد التعويض عنها.
تعويضات الكربون وأرصدة الكربون: دليل لاتخاذ قرارات مستنيرة
اتخاذ قرارات مستنيرة
عند اتخاذ قرار بشأن شراء تعويضات كربون أو أرصدة كربون، يجب مراعاة العوامل التالية:
• جودة المشروع: تأكد من أن المشروع الذي تدعمه فعال حقًا في تقليل الانبعاثات.
• الشفافية: ابحث عن مشاريع تقدم تقارير تفصيلية عن تأثيرها.
• الاعتمادية: اختر مشاريع معتمدة من منظمات دولية موثوقة.
• التكلفة: قارن بين تكاليف المشاريع المختلفة وفوائدها.
الهدف النهائي
تعويضات الكربون وأرصدة الكربون أدوات قيمة في مكافحة تغير المناخ. من خلال فهم الفرق بينهما واتخاذ قرارات مستنيرة، يمكننا المساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن هذه الأدوات هي مكملة لجهودنا لتقليل انبعاثاتنا بشكل مباشر، وليس بديلاً عنها.
بينما ننتقل عبر تعقيدات المحاسبة الكربونية، من المهم أن نتذكر أن الهدف النهائي هو تقليل بصمتنا الكربونية، وليس مجرد حسابها. من خلال فهم الاختلافات بين تعويضات الكربون وأرصدة الكربون، يمكننا اتخاذ قرارات مستنيرة وخطوات فعالة لمكافحة تغير المناخ.
تعويضات الكربون وأرصدة الكربون هي أدوات حيوية في معركتنا ضد تغير المناخ. على الرغم من تشابههما الظاهري، إلا أن فهم أدوارهما المتباينة يساعدنا على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن كيفية تخفيف تأثيرنا البيئي. من خلال الاستثمار في مشاريع تعويضات الكربون واستخدام أرصدة الكربون بشكل استراتيجي، يمكننا المساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة.
* د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي
– عضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg
