خرائط الاخطار الطبيعية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة

شبكة بيئة ابوظبي، إعداد صالح بن أحمد مجوحان، ماجستير مخاطر بيئية، اليمن، 28 أغسطس 2024

المقدمة:
مما لا شك فيه بأن الدول الفقيرة تعاني من إشكالات تنموية عديدة، من أهمها شق ورصف الطرقات، وخدمات المياه والاعمار، والعشوائيات وغيرها، وأصبحت الحكومات في هذه الدول تعالج هذه القضايا دون خطط بعيدة الأمد ، لأسباب قد تكون مالية واقتصادية تعاني منها بعض الدول، وهذه المعالجات غالباً ما تكون في أخطاء متلاحقة وينتج عنها خسائر مالية كبيرة، على سبيل المثال نفترض مقارنة الخسائر الناتجة عن المعالجات الآنية والغير مدروسة لمشروع ما، مع ما كان ينبغي العمل به وفق مواصفات وقياسات ذات جودة طويلة الأمد، لوجدنا بأن الكلفة المالية للمعالجات الآنية قد تكون مضاعفة عن الأخرى.

إن تحقيق التنمية المستدامة للبلدان الفقيرة، يتطلب وضع خطط طويلة الأمد، تكون على أسس وقواعد علمية تبنى عليها مجموع توجهات الحكومة الخدمية والتنموية، وتعد خرائط الأخطار الطبيعية من أهم القواعد والأسس التي تبنى عليها هذه المشاريع، وتكون هذه الخرائط وفق مصادر الأخطار لكل إقليم على حده، ووفق أيضاً مقاييس مختلفة حسب طبيعة الاقليم وظروفه الطبيعية والبشرية.

إن التغيرات المناخية الحاصلة تفرض على الدول الفقيرة إعداد خرائط أخطار طبيعية من خلالها يتم توجيه التنمية الخدمية والاقتصادية نحو الاتجاه الصحيح ليضمن ديمومة وكفاءة المشاريع، إن وسائل إعداد هذه الخرائط أصبحت سهلة وممكن تغذية قواعد البيانات لها مستمرة، ومن خلالها يمكن رسم السيناريوهات المختلفة لمعظم القضايا المتعلقة بالتغيرات المناخية.

في هذه الورقة سوف نتطرق إلى أهمية هذه الخرائط وأنواعها، وكيفية دورها في تحقيق التنمية المستدامة مع الاستدلال ببعض الأمثلة من الواقع العملي لهذه الدول.

الهدف:
يهدف التقرير العلمي الى تحقيق الاتي:
1. التعرف على ماهي خرائط الأخطار الطبيعية وكيفية إعدادها.
2. التعرف على ما يمكن أن تساهم هذه الخرائط في تحقيق التنمية المستدامة للمشاريع الخدمية والاقتصادية.

خرائط الاخطار الطبيعية:
يقصد بخرائط الأخطار الطبيعة تمثيل جميع هذه الأخطار، في خرائط متعددة الأغراض والمقاييس من هذه الخرائط، خرائط التوزيع الزلزالي والبركاني، وخرائط السيول والفيضانات، وخرائط الانهيارات الأرضية والهبوط الأرضي، وخرائط انجراف التربة وغيرها. يمكن إعداد هذه الخرائط وفق الخطوات التالية:

1: خرائط الاخطار:
وفيها تحدد المستويات الخمسة من احتمالية الأخطار والمعروفة (منعدم ـ منخفضـ متوسطـ عالي ـ عالي جداً) وهنا يمكن تمثيل كل نقطة جغرافية بأحد هذه المستويات وفق المعايير المناسبة في وضع الخرائط وتعمل الخارطة على تمثيل سطح الأرض لمنطقة ما عليها.

2: خارطة التعرض:
يتم إعداد هذه الخارطة والتي يقصد بها قابلية التعرض لهذه الاخطار وهنا يتم وفق اجراءات متعددة منها ما يلي:
‌أ) جرد المكونات المادية والبشرية في منطقة ما، ويشمل الجرد تحديد مواقع التجمعات السكانية والطرقات الرئيسية والفرعية والجسور، والأراضي الزراعية والمواقع السيادية وغيرها.
‌ب) تصنيف المكونات حسب حساسية وأهمية وضعف المكون، وإعطاء كل مكون درجة من الحساسية.

3: خارطة المخاطر:
تم إعداد خارطة المخاطر (Risk Map) وفق المعادلة الآتية :((Hazard*Vulnerability=Risk، من خلال الجدول (1)، الذي يشير إلى أن العمود الأول لمستويات مخاطر معينة (Hazard level)، أما العمود الثاني يوضح مستويات حساسية تعرض المكونات المادية والبشرية (level Vulnerability)، بينما العمود الثالث مقدار الضرر.

الجدول (1): يبين طريقة حساب مستويات المخاطر من واقع مستويات الاخطار وقابلية التعرض.

4: خارطة التدخلات:
في هذه الخارطة يتم تحديد الإجراءات الهندسية والتنظيمية والرقابية للنطاقات الأكثر تضرراً من المخاطر وتعمل الخارطة على تخفيض مستويات الأخطار والمخاطر ورفع قيمة المواجهة والتكيف والتقليل من قابلية التعرض.
5: خارطة الانذار المبكر:
من خلال هذه الخارطة يتم اقتراح عمليات إنذار مبكر للمواقع التي يصعب التحكم فيها والحد من المخاطر المحتملة.

تحقيق التنمية المستدامة
عند إعداد الخرائط المذكورة سابقا لمدينة ما أو لمنطقة فإنه يمكن تحقيق الاتي:
1: في المناطق الحضرية والعمرانية المأهولة بالسكان يحتمل أن تساهم هذه الخرائط في توضيح النطاقات الجغرافية التي تقع في المستوى الرابع والخامس من المخاطر، أي أنها نطاقات قد تتعرض لأضرار مباشرة من الأخطار الطبيعية المختلفة، وبالتالي يجب هنا عمل خرائط التدخلات والانذار المبكر في هذه النطاقات العالية من الخطورة حيث يمكن أن يتم عمل اجراءات هندسية مثل عمل قنوات تصريف لمياه السيول أو بناء جدران ساندة لمنحدرات معينة، أو إزالة كتل صخرية معينة، وبالتالي تساهم بشكل مباشر في تخفيض مستوى الخطر المحتمل، كما يمكن عمل إضافات إنشائية لبعض المباني والطرقات وغيرها لغرض رفع مقاومتها للمتغيرات الطبيعية وتقليل قابلية التعرض لها، وبالتالي سوف نحقق تنمية مستدامة كوننا واجهنا الكارثة والخطر قبل وقوعه، ولو قارنا قيمة التدخلات وكلفها المالية مع قيمة المكونات المستهدفة لوجدنا فارقاً كبيراً لصالح الاجراءات والتدخلات المسبقة، مثال على ذلك ما حدث في مدينة درنه الليبية حيث كان بالإمكان عمل تدخلات وإجراءات مسبقة قبل حدوث الكارثة على سبيل المثال تفريغ مياه السد الواقع أعلا المدينة وتفعيل وسائل إنذار مبكر وغيره، وفي حالة ضعف القدرة على تنفيذ أي تدخلات بسبب عوامل أخرى فيمكن عمل وسائل انذار مبكر في هذه النطاقات الخطرة كي تقلل وتحد من إجمالي الخسائر المادية والبشرية.

2: أما أهمية هذه الخرائط في النطاقات المجاورة للمناطق الحضرية وعلى مواقع ومسارات المشاريع التنموية والخدمية، فتعد ذات قيمة عالية كونها تحدد المناطق التي يمكن أن تستخدم لأغراض تنموية مختلفة وأن تقام المشاريع عليها وبشكل آمن ومستقر ويعطي ديمومة عالية للمشروع وكذلك كفاءة عالية مثال على ذلك عندما تحدد الخارطة نطاقات عالية الخطورة فيمكن لمخططي التنمية المستدامة أن يبتعدوا عن هذه النطاقات الخطرة وفي حالة تطلب الأمر أن تقام عليها مشاريع كشق الطرقات فإنه يجب اتخاذ وسائل واحتياطات هندسية وانشائية مناسبة لرفع كفاءة المشروع وتقليل مجموع عناصر قابلية التعرض للمخاطر ومن هذا المنطقة نحقق تنمية مستدامة ولا يقتصر العمل على التدخلات الهندسية وإنما أيضاً التنظيمية منها إصدار قوانين ولوائح تنظم عملية التعامل مع النطاقات العالية الخطورة.

النتائج:
يمكن سرد اهم النتائج كم يلي:
1. اعداد خرائط الاخطار الطبيعية لدول الفقيرة ذات اهمية قصوى ومن خلالها تبنى على أساسها مسار تحقيق التنمية المستدامة.
2. توجه هذه الخرائط خطط التنمية الاستثمارية والتنموية للنطاقات الأقل خطورة وتحقق كفاءة المشاريع وديمومتها.
3. تقلل هذه الخرائط من الكلف المادية التي تعمل لأغراض التدخلات الطارئة ومعالجات آثار الكوارث والتعويضات وغيرها.
4. تقلل من الخسائر المادية والبشرية لهذه البلدان وترفع من حيث المستوى الاقتصادي والخدمي.

التوصيات:
1. الدعم المستمر من قبل صناديق تمويل الدول الفقيرة في مجال التغيرات المناخية لغرض إعداد هذه الخرائط.
2. دعم الأبحاث العلمية المتعلقة بهذه المواضيع.
3. عمل لقاءات ومؤتمرات دولية وإقليمية وتجميع المختصين والمهتمين بهذه المواضيع لغرض تبادل الخبرات.
4. سن لوائح وقوانين تساعد هذه الدول في عملية تنظيم وادارة المخاطر الطبيعة.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الهدف الجماعي الجديد (NCQG) في مفاوضات المناخ (COP29)

قمة المناخ وكيفية الاستفادة من التمويل الدولي لدعم استراتيجيات التكيف والتخفيف – ميسون الزعبي: تحفيز …