القوانين واللوائح والسلطة الإشرافية لمؤسسات التمويل الأصغر في غرب أفريقيا.

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم ابراهيم، كبير خبراء برنامج الخليج العربي للتنمية، آجفند 09 اكتوبر 2024

ان التنظيم والإشراف المناسبين للتمويل الأصغر يشكلان أهمية بالغة في توفير الخدمات المالية للمجتمعات الفقيرة والضعيفة. الهدف الرئيسي من تنظيم المؤسسات عبر القوانين واللوائح ( التي تتضمن الحد الأدنى لرأس المال ) هو إدارة المخاطر و ضمان عمل المؤسسات بطريقة آمنة وتوفير الحماية لصغار المستثمرين والتعامل مع مخاطر تأمين الودائع وضمان استمرارية عمل أسواق الاقراض الأصغر. ولتحقيق إمكاناتها الكاملة ومواصلة النمو والاستدامة كأداة تنموية موثوق بها، يجب أن تتمكن صناعة التمويل الأصغر في نهاية المطاف من دخول مجال الوساطة المالية المرخصة لها والخاضعة للإشراف الحصيف. ومع ذلك، يظل السؤال الحاسم هو كيفية تنظيم هذه الصناعة والإشراف عليها على أفضل وجه بالنظر إلى خصوصياتها المختلفة ورسالتها الاجتماعية الأوسع. وينبغي للمبادئ التنظيمية والاشرافية للتمويل الأصغر أن توازن بين الحاجة إلى الاستقرار المالي والمرونة والنزاهة وحماية المستهلك من ناحية، ومن ناحية أخرى، الحفاظ على توسيع الشمول المالي والابتكار والمنافسة . ان تنظيم وإشراف التمويل الأصغر مسألة معقدة ومليئة بالتحديات. و هناك حاجة إلى تعديلات محددة لتتماشي وخصوصيات أنشطة التمويل الأصغر، سواء في مجال التنظيم الاحترازي أو غير الاحترازي. ويتعين على الجهات التنظيمية أيضاً أن توازن بين التكاليف المحتملة للتنظيم والإشراف، بما في ذلك العواقب غير المقصودة المحتملة للتنظيم، وخاصة في مجالات الابتكار والمنافسة. وفيما يتصل بالإشراف، فإن آليات الرقابة الكافية تشكل أهمية بالغة لوضع الإطار المناسب لنشاط التمويل الأصغر، ولكن مثل التنظيم، فإن هذه التدابير لها تكاليفها، سواء بالنسبة للسلطات الرقابية أو مؤسسات التمويل الأصغر. لذا ينبغي تقدير هذه التكاليف بشكل واقعي بحيث تكون الآلية الاشرافية مستدامة، بأقل تكلفة وأكثر فعالية.

قبل التسعينات كان من الممكن لمؤسسات التمويل الأصغر أن تعمل بدون تنظيم أو، في بعض البلدان، يمكنها الاختيار بين أن تكون خاضعة للتنظيم أو غير خاضعة له. كان هذا هو الحال أيضا في منطقة اتحاد غرب أفريقيا. وفي وجود حوادث متزايدة من سوء الإدارة واختلاس الأموال على مستوى البنوك القروية بدول غرب أفريقيا والتي تعزى بشكل أساسي إلى عدم قدرة أجهزة التنظيم والإشراف الداخلية على تنفيذ ولاياتها بشكل فعال. كما أن ضعف التنظيم والإشراف يرجع إلى تقديم بيانات غير موثوقة ومعلومات مالية مضللة إلى الأجهزة التنظيمية. وتقوض هذه القضايا الأداء العام وتثير تساؤلات حول استدامة بعض المؤسسات في منطقة غرب أفريقيا في غياب التنظيم. و بسبب توقف أنشطة العديد من التمويل الأصغر في غياب التنظيم وبعد تطور قطاع التمويل الأصغر تم ادخال قوانين جديدة. بينما يري البعض أن نظام حوكمة المنظمات أو المؤسسات غير الربحية التي تعمل بالقطاع أقل كفاءة من نظام مؤسسات التمويل الأصغر المنظمة، الا أن اغلب القوانين الجديده تخص جميع المؤسسات التي تعمل في قطاع التمويل الأصغر. هناك على الأقل أربعة أنواع من هذه المؤسسات منها تعاونيات الادخار والائتمان، والجمعيات والشركات المساهمة العامة العامة والشركات المساهمة الخاصةوالتي تهدف إلى تحقيق أرباح لإرضاء مساهميها. بينا تهدف الجمعيات إلى تقديم الخدمات لأعضائها المؤسسين أما تعاونيات الادخار والتسليف فإنها تجمع المدخرات وتمنح القروض.

تختلف القوانين واللوائح والسلطة الإشرافية لمؤسسات التمويل الأصغر على نطاق واسع في أفريقيا. ففي بعض البلدان تكون البنوك المركزية و/أو وزارة المالية مسؤولة وحدها عن التنظيم والاشراف، بينما في بلدان أخرى، تشارك الوزارات المسؤولة عن التعاونيات وغيرها مهام التنظيم . ففي بلدان، كما هو الحال في مصر والسودان وتونس، يوجد قانون أو اطار تنظيمي واشرافي مخصص للتمويل الأصغر يصدرة البنك المركزي ، بينما يخضع قطاع التمويل الأصغر الرسمي في بلدان أخرى لأحكام قانون البنوك التجارية وقانون التعاونيات و/أو قانون المؤسسات غير المصرفية. ويتم تنفيذ التنظيم على المستوى الأدنى من قبل البنك المركزي و/أو وزارة المالية. وتختلف السلطة الإشرافية أيضًا. وفي بلدان الاتحاد النقدي لغرب أفريقيا WAEMU يوجد قانون مخصص للتمويل الأصغر يغطي تعاونيات الادخار والقروض. وتتولى وزارة المالية سلطة منح التراخيص للشركات الصغيرة الجديدة، وتحدد اللوائح إجراءات ومتطلبات محددة لتقديم الطلبات لإنشاء شركات صغيرة جديدة. وتخضع لوائح أنشطة التمويل الأصغر للجمعيات (وكل مؤسسات التمويل الأصغر بخلاف الشركات الصغيرة) وقواعدها الاحترازية للاتفاقيات الإطارية الموقعة مع وزارة المالية في وقت بدء أنشطتها. وتتولى وحدة التمويل الأصغر التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية الإشراف على مؤسسات التمويل الأصغر ومراقبتها بالتعاون مع البنك المركزي الإقليمي لدول الاتحاد BCEAO ولكن هذه الوحدات مقيدة بالموارد المحدودة. ومن النعروف كثرة مؤسسات التمويل الأصغر في كل دول غرب أفريقيا. واذا أخذنا مثلا لبعض دول الاتحاد النقدي لغرب أفريقيا كغانا مثلا ولأغراض الإشراف هناك تكاليف مرتفعة للإشراف على عدد كبير من مؤسسات التمويل الأصغر مع قدرة إشرافية محدودة لبنك غانا. في غينيا، يتم تنظيم أنشطة التمويل الأصغر ترخيصا واشرافا بموجب تعليمات البنك المركزي. ويتكيف التنظيم مع ثلاثة أنواع رئيسية من المؤسسات: مؤسسات التمويل الأصغر الائتمانية فقط، ومؤسسات التمويل الأصغر التي تجمع الودائع وتقرض الأعضاء فقط، ومؤسسات التمويل الأصغر التي تجمع الودائع وتقرض دون قيود على العضوية. ولضمان الامتثال للوائح الحصيفة، يعتمد البنك المركزي على عمليات التدقيق خارج الموقع وفي الموقع لمؤسسات التمويل الأصغر. ولكن جهود الإشراف هذه تعوقها قيود تتعلق بالقدرة المؤسسية والتكاليف. على العموم واجهت مؤسسات التمويل الأصغر في غرب أفريقيا صعوبات في تجميع المعلومات والبيانات اللازمة، كما افتقرت البنوك المركزية إلى عدد كاف من الموظفين المدربين للقيام بالإشراف.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

مزايا التمويل الجماعي في التمويل الأصغر

شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير الخبراء، برنامج الخليج العربي للتنمية، …