تجربة فريدة: أطفال علماء يغيرون العالم

مسابقة “الأطفال العلماء” مبادرة رائدة تسعى إلى تحفيز التفكير العلمي لدى الأطفال وتعزيز وعيهم بالقضايا البيئية الملحة

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 12 أكتوبر 2024

في إطار الاحتفال باليوبيل البرونزي للجمعية المصرية لأبحاث السرطان، شهدت مؤخرا حدثًا استثنائيًا وتجربة فريدة وملهمة بمشاركتي في تحكيم مسابقة “الأطفال العلماء” للعام التالي على التوالي، والذي لم أتوقع في بدايته أن أرى مثل هذا المستوى من الإبداع والتفكير النقدي لدى أطفال في هذا العمر.

انطلقت مبادرة “الأطفال العلماء” عام 2022 كجزء من مبادرة “العالم الصغير”، وحظيت بصدى واسع وتغطية إعلامية واسعة. وتضمنت التجربة تنظيم خمس جلسات علمية عبر الإنترنت، خصصت للأطفال من عمر 10 إلى 16 عامًا، حيث قدموا عروضًا تقديمية مبتكرة في مجالات متنوعة مثل البيئة، النانو تكنولوجيا، المناعة، الأورام، التلوث، والذكاء الاصطناعي. وقد شارك في هذه الجلسات أكثر من 120 طالبًا من مختلف محافظات مصر.

تميزت المسابقة بوجود لجنة تحكيم مرموقة ضمت نخبة من الأساتذة الجامعيين، قاموا بتقييم العروض المقدمة بدقة وحرفية. وقد أظهر الأطفال قدرات استثنائية في البحث العلمي والتقديم، مما يؤكد على أهمية الاستثمار في العقول الشابة.
العلاقة بين المسابقة وعلوم البيئة والتغيرات المناخية.

تعتبر مسابقة “الأطفال العلماء” مبادرة رائدة تسعى إلى تحفيز التفكير العلمي لدى الأطفال وتعزيز وعيهم بالقضايا البيئية الملحة، وعلى رأسها التغيرات المناخية. وتلعب هذه المسابقة دورًا حيويًا في صقل مهارات البحث العلمي لدى الأطفال وتشجيعهم على طرح الحلول المبتكرة للمشكلات البيئية التي تواجه العالم. وتتمثل أهمية هذه المسابقة في كونها تقدم للأطفال منصة لعرض أفكارهم ومشاريعهم البحثية المتعلقة بالبيئة والتغيرات المناخية. ومن خلال المشاركة في هذه المسابقة، يكتسب الأطفال فهمًا أعمق لأهمية الحفاظ على البيئة وكيفية تأثير الأنشطة البشرية على النظام البيئي. ويتعرفون على أسباب التغيرات المناخية وآثارها السلبية على كوكب الأرض، وكيف يمكنهم المساهمة في الحد من هذه الآثار. كما يتعلمون كيفية جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها بشكل علمي، ويستخدمون المعرفة العلمية والتكنولوجيا لتطوير حلول مبتكرة للمشكلات البيئية. وتشجعهم هذه الأنشطة على التفكير النقدي وابتكار حلول جديدة للمشكلات المعقدة.

تؤدي مسابقة “الأطفال العلماء” دورًا حاسمًا في زيادة وعي الأطفال بالقضايا البيئية وتشجع المسابقة الأطفال على طرح الأسئلة والاستكشاف، مما يزيد من فضولهم العلمي. وتقدم المسابقة للأطفال معلومات علمية دقيقة حول البيئة والتغيرات المناخية، مما يساعدهم على فهم هذه القضايا بشكل أفضل، وتلهم المسابقة الأطفال للمشاركة في حل المشكلات البيئية في مجتمعاتهم، لتساهم في النهاية في بناء جيل واعٍ بأهمية الحفاظ على البيئة، وقادر على اتخاذ قرارات مستنيرة لحماية كوكب الأرض.

توصيات
من المتوقع أن تؤدي هذه المسابقة إلى تحقيق العديد من النتائج الإيجابية على المدى الطويل، مثل زيادة الوعي البيئي على مستوى المجتمع، حيث يساهم الأطفال المشاركون في نشر الوعي البيئي بين أسرهم ومجتمعاتهم. وقد يؤدي هذا الجيل من العلماء الصغار إلى تطوير حلول مبتكرة للمشكلات البيئية التي تواجه العالم. كما قد يساهم هذا الجيل في بناء اقتصاد أخضر مستدام، يعتمد على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.

تتوافق أهداف هذه المبادرة السامية مع رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى بناء مجتمع المعرفة والابتكار. ونحن على ثقة بأن هؤلاء الأطفال سيساهمون في حل التحديات التي تواجه مجتمعنا والعالم أجمع. ونتطلع إلى المستقبل بآمال كبيرة، ونؤمن بأن هؤلاء الأطفال هم مستقبل مصر، ومستقبل العالم.

لتعزيز دور هذه المسابقة في زيادة وعي الأطفال بالقضايا البيئية، يمكنني أن أتقدم ببعض التوصيات للجنة المنظمة وللهيئات والكيانات العلمية والمبادرات المجتمعية المهتمة بتقديم جرعات من الثقافة العلمية للأطفال والشباب، وفي البداية من الممكن توسيع نطاق المسابقة لتشمل المزيد من المجالات العلمية ذات الصلة بالبيئة، مثل الطاقة المتجددة وإدارة النفايات. ويكون هناك تعاون مع المدارس لتشجيع الطلاب على المشاركة في المسابقة، وتوفير الدعم اللوجستي اللازم. كما يمكن تنظيم برامج تدريبية للمعلمين والأولياء لمساعدتهم على دعم مشاركة الأطفال في المسابقة. ويمكن إنشاء شبكة من العلماء الشباب المشاركين في المسابقة، لتبادل الخبرات والمعرفة، والترويج للإنجازات التي يحققها الأطفال المشاركون في المسابقة، لتشجيع الآخرين على الانضمام إليهم.

خاتمة
إن هذه المبادرة هي استثمار في مستقبل مصر، حيث ستساهم في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. وتعد مسابقة “الأطفال العلماء” خطوة مهمة في طريق بناء جيل واعٍ بأهمية الحفاظ على البيئة. من خلال الاستثمار في هؤلاء الأطفال، نستثمر في مستقبل أفضل لكوكبنا.

ولقد لعبت مسابقة “الأطفال العلماء” دورًا محورياً في تشجيع الأطفال على استكشاف عالم العلوم. ولقد شاهدت بنفسي كيف أن هذه المسابقة قد ألهمت جيلًا جديدًا من الباحثين المستقبليين، وحفزتهم على طرح الأسئلة والبحث عن الإجابات، وجعلت أهاليهم فرحين بإنجازات أبنائهم مما ينعكس مستقبلا على تشجيعهم لخوض غمار البحث العلمي.

وطوال حياتي المهنية كنت ملتزما بدعم الموهوبين وتوفير بيئة محفزة للإبداع والابتكار في جميع المناصب التي شرفت بالتواجد فيها، وأخرها المشاركة بصفتي الباحث الرئيسي لخريطة طريق التواصل العلمي بمجلس الثقافة والمعرفة التابع لأكاديمية البحث العلمي. وأود أن أتقدم بخالص الشكر للجمعية المصرية لأبحاث السرطان على هذه المبادرة الرائعة التي تساهم في تشجيع الأجيال الصاعدة على الاهتمام بالعلوم. ونسعى من خلال هذه المبادرة وغيرها من المبادرات قريبة الصلة إلى غرس بذور العلم والمعرفة في نفوس الأطفال، وتشجيعهم على الابتكار والإبداع، وتأهيلهم ليكونوا قادة المستقبل في مجال العلوم.

وبالفعل كانت تجربتي كمحكم في مسابقة “الأطفال العلماء” مؤثرة للغاية، وكانت المسابقة بمثابة نافذة أطل منها على مستقبل واعد لمصر. لقد شاهدت كيف أن الأطفال قادرون على تحقيق إنجازات عظيمة عندما يتم منحهم الفرصة المناسبة. وأدعو من خلال هذا المنبر البيئي المهم جميع المؤسسات المعنية إلى دعم مثل هذه المبادرات، وتوفير بيئة محفزة للإبداع والابتكار لدى الأطفال. إن المستقبل بين أيديهم، وعليهم أن يكونوا مستعدين لتشكيله. حماس الأطفال وشغفهم بالعلم كانا مصدر إلهام حقيقي. لقد شاهدت أجيالًا جديدة من العلماء تتشكل أمام عيني، وهم يقدمون أفكارًا مبتكرة وحلولًا إبداعية للمشكلات المعاصرة.

أتوجه بالشكر الجزيل للجمعية على هذه المبادرة التي تساهم في بناء جيل واعٍ ومبدع، واشكر كل من ساهم في إنجاح هذه التجربة الفريدة، بدءًا من المنظمين، وصولًا إلى جميع أعضاء هيئة التدريس والمحكمين الذين بذلوا جهودًا كبيرة. كما نتوجه بالشكر الجزيل للأطفال المشاركين وأسرهم على دعمهم وتشجيعهم. لقد كانت تجربة تحكيم مسابقة “الأطفال العلماء” بمثابة رحلة استكشافية في عالم الإبداع والابتكار. أذهلتني أفكار الأطفال المبتكرة وطرق عرضهم المميزة. إنهم يمثلون جيلًا واعدًا من العلماء الذين سيقودون مستقبل مصر. أتمنى أن يتمكنوا من الحصول على الدعم اللازم لتحقيق أحلامهم. وأعتقد أنه يمكن تطوير هذه المبادرة الرائعة من خلال زيادة التنوع في مجالات المسابقة وتوفير المزيد من الموارد للمشاركين.

لقد كانت مفاجأة سارة أن أرى هذا المستوى العالي من الوعي العلمي لدى الأطفال في مثل هذا العمر الصغير. وإن هذه المسابقة هي مثال حي على أهمية الاستثمار في التعليم والبحث العلمي. وأتطلع إلى رؤية المزيد من المبادرات المشابهة التي تشجع الأطفال على الابتكار والإبداع في مصر والعالم العربي.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

التواصل العلمي الفعّال لقضايا تغيّر المناخ

أبعد من مجرد مصطلح: فهم لغة التكيف مع تغير المناخ للتواصل العلمي الفعال شبكة بيئة …