شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، مدرب محترف، خبير الجودة والتميز من الاكاديمية البريطانية، خبير استشراف المستقبل، 15 ديسمبر 2024
الإبداع ليس مجرد مهارة تُولد مع البعض وتُحرم عن الآخرين، بل هو قدرة كامنة داخل كل إنسان، تحتاج فقط إلى مناخ مناسب وبيئة مشجعة لتنمو وتزدهر، وقد أصبح الإبداع في العصر الحالي هو العمود الفقري للتميز في كل مجالات الحياة، سواء في العمل، التعليم، أو حتى في أبسط تفاصيل الحياة اليومية، من خلال سلسلة المقالات هذه، أشارككم رحلتي في استكشاف عالم الإبداع، ليس فقط كفكرة نظرية، ولكن كأداة عملية يمكن للجميع استخدامها لتغيير حياتهم ومواجهة تحدياتهم بأساليب مبتكرة، وتعتبر بمثالة دعوة للتأمل والتجربة، وللخروج من دائرة التفكير التقليدي نحو عوالم مليئة بالإلهام والأفكار الجديدة، لننطلق معاً في هذه الرحلة نحو الإبداع، ونكتشف كيف يمكن لشرارة فكرة واحدة أن تصنع فارقاً كبيراً في تنفيذ التغيير.
الإبداع: بوابة المستقبل
الإبداع هو القدرة على النظر إلى الأمور من زاوية جديدة، تجاوز الحدود التقليدية، والوصول إلى حلول فريدة للمشكلات، إنه البوابة الحقيقية نحو التغيير والتأثير، ففي عالم يمتلئ بالتحديات والفرص، يتصدر التفكير الإبداعي قائمة المهارات التي يحتاجها الإنسان للتعامل مع تعقيدات الحياة، فالابداع حجر الزاوية لأي تطور شخصي أو مؤسسي أو مجتمعي، ومن خلال تجربتي الشخصية، أرى التفكير الإبداعي على أنه القدرة على تخطي حدود المألوف ورؤية الأمور من زاوية مختلفة تماماً، إنه تلك اللحظة التي تجد فيها حلاً لمشكلة عجز الآخرون عن حلها، هو أشبه بفنان ينظر إلى لوحة فارغة ويرى فيها عملًا فنياً قبل أن يرسم أول خط فيها.
فالتفكير الإبداعي هو عملية ذهنية تقوم على المزج بين الخيال والواقع للوصول إلى حلول مبتكرة تتجاوز الأنماط التقليدية، إنه ما يجعل الإنسان قادراً على تحويل الأفكار إلى إنجازات ملموسة في جميع المجالات وتتجلى أهميته في:
1.تغيير الواقع للأفضل: في أحد مشاريع العمل، واجه فريقنا عقبة كادت أن تعيق تنفيذ المشروع، وكان عامل الوقت له أثر كبير على انجاز المشروع، فكان التفكير خارج الصندوق هو ما قادنا لإعادة هيكلة الخطة بشكل مبتكر حقق النجاح والمضي قدماً في التطوير.
2.بناء علاقات أقوى: على مستوى الحياة اليومية، التفكير الإبداعي يمنحك القدرة على التعامل مع الناس بطرق غير تقليدية، مما يسهم في بناء علاقات مليئة بالاحترام والفهم.
3.تعزيز التميز المهني: الشركات الكبرى اليوم لا تبحث عن المنفذين فقط، بل تسعى إلى المبدعين القادرين على تقديم أفكار جديدة تعزز التنافسية، فالأفكار الإبداعية هي حجر الزاوية في وجود الشركات من عدمها.
4.الصمود في وجه التحديات: التفكير الإبداعي هو السلاح الذي يمكّنك من تحويل التحديات إلى فرص، وهو ما أثبته الكثير من المبدعين الذين انطلقوا من الصفر وحققوا إنجازات ملهمة.
تجربتي مع التفكير الإبداعي
أتذكر موقفًا بسيطًا أخر لكنه ترك أثراً عميقاً في نفسي عندما كنت أعمل مع فريق لتطوير منتج جديد، فوصلنا إلى نقطة بدا فيها أن جميع الأفكار الممكنة قد استُنفذت، فحينها قررنا استخدام استراتيجية العصف الذهني بطريقة مختلفة، كل عضو بالفريق كان عليه أن يقدم فكرة “مجنونة” وغير تقليدية، وفي نهاية الجلسة تم حصد أفكار خيالية ضمن نطاق العمل، والمفاجأة أن إحدى هذه الأفكار “المستحيلة” كانت الأساس لحل المشكلة، وبفضلها حققنا نتائج فاقت التوقعات، لذلك نرى ضرورة تنمية التفكير الإبداعي من خلال عدة خطوات:
جرب كل جديد: لا تخشَ تجربة أمور جديدة حتى لو بدت غريبة، فالتجربة توسّع أفقك وتفتح لك آفاقاً جديدة من التفكير.
تحدى القوالب التقليدية: اسأل نفسك دائماً: ماذا لو؟ وكيف يمكنني النظر إلى هذا الأمر بطريقة مختلفة لم يسبق تم التفكير فيها؟
استلهم من الآخرين: اقرأ قصص النجاح واستلهم من مسارات المبدعين، على سبيل المثال قصة ستيف جوبز، الذي أعاد تعريف التكنولوجيا بفضل إبداعه في الربط بين التصميم والتكنولوجيا.
التفكير الإبداعي ليس مجرد مهارة، بل هو أسلوب حياة، عندما تتبناه، تكتشف أنك تمتلك قوة قادرة على إحداث تغيير حقيقي، ومفتاحاً سحرياً لكل ما تسعى لتحقيقه.