الوجه التكنولوجي الحديث للدجل العلمي والخداع العلمي والعلوم الزائفة
شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 20 ديسمبر 2024
في عصرنا الحالي، حيث تسود وسائل التواصل الاجتماعي وتغزو حياتنا بكم هائل من المعلومات، أصبح من الشائع جدًا أن نرى أشخاصًا يشاركون معلومات في كل مجال، من الصحة إلى الفلك، من خلال فيديوهات براقة ومنشورات جذابة تنتشر كالنار في الهشيم، هؤلاء الأشخاص يقدمون أنفسهم كخبراء في مجالاتهم، ولكن يا للأسف، الكثير من هذه المعلومات قد تكون مضللة أو غير دقيقة. فهل كل ما نراه ونسمعه هو حقائق علمية مثبتة؟ أم أننا أمام ظاهرة خطيرة تهدد تفكيرنا؟
هذا النوع من العلم المزيف أصبح يعرف باسم “الهبد العلمي”، وهو الوصف الأكثر انتشارا بين رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وهو عبارة عن خدعة تتنكر في شكل حقائق لتضليل الناس، وتستمر على نفس المنهج السابق المعروف للدجل العلمي والخداع العلمي والعلوم الزائفة.
وعلى الرغم من أن التمييز بين العلم الحقيقي والعلم المزيف يمكن أن يكون صعبًا للقارئ والمستمع والمشاهد العادي، ولكنه ضروري للغاية، ويجب أن يتحلى المثقف العربي بقدر كافي من الثقافة العلمية والمعرفة بقواعد التفكير العلمي الأساسية. أما العلم الحقيقي فيعتمد على البحث العلمي الموثق، والتجارب المتكررة، والمراجعات من قبل علماء آخرين في نفس المجال. بالمقابل، العلم المزيف يعتمد على تقديم معلومات خاطئة بشكل يبدو كأنه موثق، بهدف إقناع الناس بصدقها. إنه ليس مجرد معلومات خاطئة، بل منظومة متكاملة من التضليل تسعى إلى سرقة العقول بدلًا من الممتلكات.
ويمثل” الهبد العلمي “، وهو نوع من العلم المزيف خطرًا كبيرًا لأنه قادر على التلاعب بعقول الناس ودفعهم لاتخاذ قرارات غير مدروسة. على سبيل المثال، الادعاءات الطبية المزيفة يمكن أن تؤدي إلى استبدال العلاج الحقيقي بوصفات وهمية تضر بالصحة. الكارثة هنا هي أن العلم المزيف لا يستغل فقط جهل الناس، بل يلعب أيضًا على مخاوفهم وطموحاتهم، مما يزيد من تأثيره.
ما هو “الهبد العلمي”؟
الهبد العلمي هو مصطلح يصف ظاهرة انتشار المعلومات الخاطئة أو المضللة في مجالات العلم والمعرفة، وغالبًا ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهو عبارة عن مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي يتم تقديمها على أنها حقائق علمية، ولكنها تفتقر إلى الدليل العلمي الصحيح. ويشير الهبد إلى التحدث أو الكتابة عن مواضيع علمية بطريقة غير دقيقة أو مبنية على معلومات غير موثوقة، مما يؤدي إلى تشويه الحقائق العلمية.
إنه خدعة ذكية تتنكر في ثوب العلم، تستغل جهلنا وتتلاعب بعواطفنا، بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو نشر أفكار معينة. وبالطبع، فالفروق ليست كبيرة بين سبل الخداع العلمي والعلوم الزائفة، وهما مصطلحان يشيران إلى ممارسات أو معتقدات تدعي أنها علمية، ولكنها تفتقر إلى الأساس العلمي الصحيح. ولكن مصطلح “الهبد العلمي” البازغ والمتصدر للترند حاليا، هو مصطلح يربط بين هذه الأساليب ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وهو نفس نوع الدجل العلمي (Scientific Quackery) المستخدم قديماً، ولكن بصورة حديثة تتناسب مع وسائل التواصل التكنولوجية الحديثة. وغالبًا ما تستخدم هذه الممارسات لخداع الناس وتسويق منتجات أو خدمات غير فعالة. في هذا التقرير، سنقوم بتوضيح هذين المفهومين وتفنيد ادعاءاتهما بشكل علمي.
الخداع العلمي والعلوم الزائفة
• الخداع العلمي: هو أي ادعاء أو ممارسة تدعي أنها مبنية على العلم، ولكنها في الواقع تستخدم لخداع الناس أو تحقيق مكاسب مالية. غالبًا ما يتم الترويج لهذه الادعاءات من خلال التسويق المكثف والاعتماد على الشهادات الشخصية بدلاً من الأدلة العلمية القوية.
• العلوم الزائفة: هي مجموعة من المعتقدات والنظريات التي تدعي أنها علمية، ولكنها تفتقر إلى المنهج العلمي الصحيح. غالبًا ما تستخدم هذه المعتقدات مصطلحات علمية معقدة لإضفاء المصداقية على ادعاءاتها، ولكنها في الواقع لا تستند إلى أي دليل تجريبي قابل للتكرار.
السمات المشتركة للخداع العلمي والعلوم الزائفة والهبد العلمي:
• الادعاءات المبالغ فيها: غالبًا ما تدعي هذه الممارسات نتائج خارقة أو حلول سحرية لمشاكل معقدة.
• الاعتماد على الشهادات الشخصية: بدلاً من الاعتماد على الدراسات العلمية، يتم استخدام قصص نجاح فردية كدليل على فعالية العلاج أو المنتج.
• الافتقار إلى الأدلة العلمية القوية: لا توجد دراسات علمية مستقلة وموثوقة تدعم هذه الادعاءات.
• استخدام المصطلحات العلمية المعقدة: يتم استخدام مصطلحات علمية بطريقة مبسطة أو خاطئة لإضفاء المصداقية على الادعاءات.
• التسويق المكثف: يتم الترويج لهذه الممارسات من خلال التسويق المكثف والإعلانات المضللة.
• التركيز على الربح المادي: غالبًا ما يكون الدافع الرئيسي وراء هذه الممارسات هو تحقيق الربح المادي وليس الاهتمام بصحّة الناس.
أمثلة على الخداع العلمي والعلوم الزائفة
1. العلاجات البديلة غير المثبتة: مثل العلاج بالطاقة الحيوية، والعلاج بالروائح، والعلاج بالمجال المغناطيسي.
2. المنتجات الغذائية التي تدعي أنها تعالج الأمراض: مثل المكملات الغذائية التي تدعي أنها تمنع السرطان أو تعالج الزهايمر.
3. الأبراج والتنجيم: التي تدعي القدرة على التنبؤ بالمستقبل بناءً على حركة النجوم والكواكب.
4. نظرية المؤامرة: التي تدعي وجود مؤامرات سرية تحكم العالم.
لماذا ينجح الخداع العلمي؟
1. الرغبة في حلول سريعة: كثير من الناس يبحثون عن حلول سريعة وسهلة لمشاكلهم الصحية، وهذا يجعلهم عرضة للخداع.
2. الخوف والقلق: يستغل ممارسو الخداع العلمي مخاوف الناس وقلقهم بشأن صحتهم.
3. التسويق الفعال: يتم استخدام أساليب تسويقية متطورة لإقناع الناس بفعالية هذه المنتجات أو العلاجات.
4. الجهل العلمي: يفتقر الكثير من الناس إلى المعرفة العلمية الكافية لتقييم هذه الادعاءات.
خصائص “الهبد العلمي”:
• نقص الدقة: يعتمد الهبد العلمي على معلومات غير دقيقة أو مشوهة، مما يتسبب في نشر مفاهيم خاطئة بين الجمهور.
• التأثير على الجمهور: يُستخدم الهبد لجذب الانتباه أو التأثير على آراء الناس، حيث يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات مبنية على معلومات مضللة.
• انتشار سريع: مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للهبد العلمي أن ينتشر بسرعة كبيرة، مما يزيد من صعوبة تصحيح المعلومات الخاطئة.
أمثلة تاريخية
توجد العديد من الأمثلة على العلم المزيف في حياتنا اليومية، بدءًا من الوصفات الطبية غير المعتمدة، مرورًا بالمعلومات الغذائية الخاطئة، وحتى التنبؤات الفلكية التي لا تستند إلى أي أساس علمي. هذه المعلومات قد تبدو مقنعة، ولكنها تفتقر إلى الأدلة العلمية وتستهدف استغلال الثقة والجهل. وفي هذا السياق، فبالطبع هناك العديد من الأمثلة التاريخية التي تعكس ظاهرة الهبد العلمي، حيث تم تداول معلومات مضللة أو غير دقيقة في مجالات العلم والمعرفة. فيما يلي بعض هذه الأمثلة:
1. نظرية الأرض المسطحة: في العصور الوسطى، اعتقد العديد من الناس أن الأرض مسطحة، وهو اعتقاد كان سائداً رغم الأدلة العلمية المتزايدة على كرويتها. هذا الهبد أثر على الفهم العام للجغرافيا والفضاء، واستمر حتى تم إثبات كروية الأرض بشكل قاطع.
2. الأفكار الخاطئة حول الأمراض: خلال العصور الوسطى، كانت هناك معتقدات خاطئة حول أسباب الأمراض، مثل فكرة أن الأمراض كانت عقابًا إلهيًا. هذه الأفكار أدت إلى تفسيرات غير علمية للأوبئة، مثل الطاعون الأسود، مما أثر سلبًا على الاستجابة الصحية.
3. الطب التقليدي مقابل الطب الحديث: في العديد من الثقافات، استمرت الممارسات الطبية التقليدية التي لا تستند إلى أدلة علمية، مثل استخدام الأعشاب والعلاجات الشعبية، رغم تقدم الطب الحديث. هذا الهبد أدى إلى تفشي بعض الأمراض بسبب عدم الاعتماد على العلاجات الفعالة.
4. الأساطير حول الفضاء: في العصور القديمة، كانت هناك العديد من الأساطير والمعتقدات حول الكواكب والنجوم، مثل الاعتقاد بأن الكواكب تتحكم في مصائر البشر. هذه المعتقدات لم تكن مدعومة بأي دليل علمي لكنها أثرت على الثقافة والممارسات الاجتماعية.
5. المعلومات المضللة في العصر الرقمي: مع ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الهبد العلمي أكثر انتشارًا. على سبيل المثال، انتشرت معلومات مضللة حول اللقاحات وأثرها على الصحة العامة، مما أدى إلى تراجع الثقة في اللقاحات وزيادة انتشار الأمراض القابلة للتطعيم.
تظهر هذه الأمثلة كيف يمكن أن تؤثر المعلومات المضللة على الفهم العام للعلم وتشكيل الآراء حول قضايا معقدة.
أمثلة توضح مفهوم الهبد العلمي:
إليك بعض الأمثلة الإضافية التي توضح مفهوم الهبد العلمي وتساعد على فهمه بشكل أفضل:
أمثلة من الحياة اليومية:
• الادعاءات حول فوائد منتجات طبيعية: مثل الادعاء بأن شرب الماء المشبع بالهيدروجين يشفي جميع الأمراض، أو أن تناول نوع معين من العشب يزيد من الذكاء بشكل كبير.
• النظرية القائلة بأن الأرض مسطحة: على الرغم من الأدلة العلمية الكثيرة التي تثبت كروية الأرض، إلا أن هناك من يؤمنون بهذه النظرية ويقدمون “أدلة” مزيفة لدعمها.
• الاعتقاد بأن الأبراج الفلكية تحدد شخصيتنا ومستقبلنا: رغم أن علم الفلك يدرس الأجرام السماوية، إلا أن ربطها بشخصية الإنسان ومستقبله يعتبر من الخرافات.
• الادعاءات حول وجود كائنات فضائية اختطفت البشر: على الرغم من انتشار قصص كثيرة حول هذا الأمر، إلا أنه لا يوجد دليل علمي واحد يدعم هذه الادعاءات.
أمثلة من المجال الطبي:
• الادعاءات بأن تطعيم الأطفال يسبب التوحد: هذه الشائعة تم تفنيدها علمياً بشكل قاطع، إلا أنها لا تزال تنتشر وتؤثر على صحة الأطفال.
• الادعاءات بأن بعض الأطعمة تعالج السرطان: غالبًا ما تكون هذه الادعاءات مغلوطة وغير مدعومة بأدلة علمية كافية.
• الادعاءات بأن المكملات الغذائية أفضل من الغذاء الطبيعي: في حين أن المكملات الغذائية قد تكون مفيدة في بعض الحالات، إلا أنها لا تستطيع أن تحل محل الغذاء المتوازن.
أمثلة من المجال الاجتماعي:
• نظريات المؤامرة: مثل نظرية وجود حكومة عالمية سرية تتحكم في العالم، أو أن الهبوط على القمر كان مزيفًا.
• الادعاءات بأن بعض الأرقام أو التواريخ تحمل طاقة خاصة: مثل الاعتقاد بأن الرقم 7 يجلب الحظ، أو أن تاريخ 11 سبتمبر يحمل دلالات خفية.
ما يميز هذه الأمثلة:
• غياب الدليل العلمي القوي: تعتمد هذه الادعاءات على القصص والشهادات الشخصية، وليس على الأبحاث العلمية المنشورة في دوريات مرموقة.
• اللجوء إلى التعميم والتبسيط الزائد: يتم تقديم هذه الادعاءات بشكل مبسط وجذاب، مما يجعلها سهلة الانتشار والتذكر.
• استغلال العواطف والمخاوف: غالبًا ما تستهدف هذه الادعاءات مخاوف الناس ورغبتهم في المعرفة، مما يجعلهم أكثر عرضة للتصديق.
كيف نميز بين العلم الحقيقي والعلم المزيف “الهبد العلمي”؟
يمكنك اتباع بعض الخطوات البسيطة:
1. التحقق من المصادر: يجب التأكد دائمًا من أن المعلومات التي نحصل عليها تأتي من مصادر موثوقة، ومعترف بها مثل الدراسات العلمية المنشورة في دوريات علمية مرموقة.
2. التفكير النقدي: يجب علينا أن نكون حذرين وأن نطرح الأسئلة، وألا نصدق كل ما نقرأه أو نسمعه، واستخدم عقلك كأداة للشك والتفكير النقدي. لا تقبل المعلومات على علاتها، بل ابحث عن الحقيقة وراءها.
3. البحث عن الأدلة: العلم الحقيقي يعتمد على أدلة وبراهين علمية. إذا كانت المعلومات تفتقر إلى الأدلة، فهي غالبًا مزيفة. ويجب أن نعتمد على الأدلة العلمية القوية، وليس على الشهادات الشخصية أو القصص الانطباعية.
4. الاستعانة بالخبراء: يمكننا الاستعانة بخبراء في المجال المعني للحصول على رأي ثانٍ. واستشر دائمًا خبيرًا في المجال إذا كنت غير متأكد من صحة المعلومات.
أسباب انتشار “الهبد العلمي”
1. الرغبة في الشهرة: يسعى بعض الأفراد إلى تحقيق شهرة سريعة من خلال نشر محتوى مثير للجدل أو غير دقيق.
2. تأثير وسائل الإعلام: تساهم بعض وسائل الإعلام في نشر الهبد من خلال التركيز على العناوين المثيرة بدلاً من تقديم معلومات دقيقة.
3. غياب النقد العلمي: يفتقر الكثيرون إلى القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة، مما يسهل انتشار الهبد.
آليات نشر الهبد العلمي عبر الإعلام:
1. العناوين المثيرة: تستخدم عناوين مثيرة وجذابة لجذب الانتباه، حتى لو كانت مضللة.
2. استخدام لغة مبسطة: يتم تبسيط المعلومات العلمية بشكل مبالغ فيه، مما يجعلها سهلة الهضم ولكنها تفقد دقتها.
3. تقديم المعلومات بشكل قطعي: يتم تقديم المعلومات على أنها حقائق ثابتة، دون ذكر أي شكوك أو احتمالات أخرى.
4. الاعتماد على الشهادات الشخصية: يتم الاعتماد على شهادات أشخاص ليسوا خبراء في المجال، مما يعطي مصداقية زائفة للمعلومات.
5. تجنب ذكر المصادر العلمية: يتم تجنب ذكر المصادر العلمية التي تدعم أو تتعارض مع المعلومات المقدمة.
الآثار السلبية “للهبد العلمي”
• تشويه الحقائق: يؤدي الهبد إلى تشويه الحقائق العلمية، مما يؤثر سلبًا على الفهم العام للعلوم.
• فقدان الثقة: يمكن أن يؤدي انتشار المعلومات الخاطئة إلى فقدان الثقة في العلماء والباحثين.
• تأثيرات اجتماعية وصحية: قد تكون هناك آثار خطيرة على الصحة العامة أو السياسات العامة نتيجة لمعلومات مضللة.
الهبد العلمي يمثل تحديًا كبيرًا في عصر المعلومات، ويتطلب وعيًا أكبر من قبل الأفراد والمجتمعات لتجنب الوقوع ضحية للمعلومات الخاطئة.
أخطار “الهبد العلمي”:
• تضليل الرأي العام: يؤدي الهبد العلمي إلى تشويه صورة العلم الحقيقي، ويجعل من الصعب على الناس التفريق بين الحقيقة والزيف.
• اتخاذ قرارات خاطئة: قد يدفع الناس لاتخاذ قرارات مهمة في حياتهم بناءً على معلومات خاطئة، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
• انتشار الخرافات والأوهام: يساهم الهبد العلمي في انتشار الخرافات والأوهام، مما يعيق التقدم العلمي ويؤثر على ثقافة المجتمع.
• تآكل الثقة في المؤسسات العلمية: قد يؤدي انتشار الهبد العلمي إلى تآكل الثقة في المؤسسات العلمية والخبراء، مما يجعل من الصعب مكافحة الأمراض والأوبئة.
كيف نحمي أنفسنا من الهبد العلمي المنتشر عبر الإعلام؟
لحماية أنفسنا من العلم المزيف، يجب أن نكون أكثر وعيًا ونقديًا تجاه المعلومات التي نستهلكها. التعليم والتوعية يلعبان دورًا كبيرًا في تمكين الناس من تمييز العلم الحقيقي من المزيف. ويجب علينا أيضًا دعم وتشجيع المبادرات التي تسعى إلى نشر العلم الحقيقي وتقديم مصادر موثوقة للمعلومات.
1. التحقق من المصادر: يجب التأكد من أن المعلومات تأتي من مصادر موثوقة، مثل الدراسات العلمية المنشورة في دوريات علمية مرموقة.
2. التفكير النقدي: يجب طرح الأسئلة والشك في المعلومات التي تبدو غير منطقية أو مبالغ فيها.
3. الاستعانة بالخبراء: يمكن الاستعانة بخبراء في المجال المعني للحصول على رأي ثانٍ.
4. مقارنة المعلومات من مصادر مختلفة: يجب مقارنة المعلومات من مصادر مختلفة للتأكد من صحتها.
عدم الاعتماد على عنوان الخبر فقط: يجب قراءة الخبر بالكامل لفهم المعنى الحقيقي للمعلومات.
اقتراحات لمكافحة الهبد العلمي على مستوى الفرد والمجتمع
مشكلة الهبد العلمي باتت تشكل تحديًا كبيرًا في عصرنا الحالي، حيث تنتشر المعلومات المضللة بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات. وللمساهمة في الحد من انتشار هذا النوع من المعلومات، يمكن اتباع مجموعة من الحلول على مستوى الفرد والمجتمع:
على مستوى الفرد:
• تنمية مهارات التفكير النقدي: تشجيع الفرد على طرح الأسئلة، وتقييم المصادر، والتحقق من المعلومات قبل تصديقها ونشرها.
• تعزيز ثقافة القراءة والبحث العلمي: تشجيع الفرد على قراءة الكتب والمقالات العلمية، والاطلاع على الأبحاث والدراسات ذات الصلة.
• التحقق من المصادر: التأكد من أن المعلومات التي يتم الحصول عليها من مصادر موثوقة وموثقة علميًا.
• الحذر من المعلومات المثيرة: تجنب الانجرار وراء المعلومات المثيرة والمثيرة للجدل، والتركيز على المعلومات المدعمة بالأدلة.
• تجنب نشر المعلومات غير المؤكدة: تجنب مشاركة المعلومات غير المؤكدة أو المشكوك في صحتها على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات.
على مستوى المجتمع:
• تعزيز التعليم العلمي: التركيز على تعليم العلوم والمنهج العلمي في المدارس والجامعات، وتشجيع الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات.
• دعم المؤسسات العلمية: دعم المؤسسات العلمية والباحثين، وتوفير الموارد اللازمة لإجراء الأبحاث ونشر نتائجها.
• توعية الجمهور: تنظيم حملات توعية حول أهمية العلم والتفكير النقدي، وكيفية تمييز المعلومات الصحيحة من الخاطئة.
• تشجيع الإعلام المسؤول: تشجيع وسائل الإعلام على تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، والتحقق من صحة المعلومات قبل نشرها.
• سن قوانين لحماية من نشر الشائعات: سن قوانين تجرم نشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي من شأنها الإضرار بالصحة العامة أو الأمن القومي.
• تعزيز دور منصات التواصل الاجتماعي: تشجيع منصات التواصل الاجتماعي على مكافحة انتشار المعلومات المضللة، وتطوير أدوات للكشف عنها وحذفها.
دور المؤسسات والمنظمات:
• تدريب المعلمين: تدريب المعلمين على أساليب التدريس التي تشجع على التفكير النقدي وحل المشكلات.
• التعاون بين المؤسسات التعليمية والبحثية: تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والبحثية لنشر المعرفة العلمية.
• تأسيس منصات للتواصل العلمي: تأسيس منصات إلكترونية للتواصل بين العلماء والباحثين والجمهور، وتبادل المعرفة والمعلومات.
• دعم المبادرات التطوعية: دعم المبادرات التطوعية التي تهدف إلى نشر الثقافة العلمية.
بالتعاون بين الأفراد والمجتمع والمؤسسات، يمكننا الحد من انتشار الهبد العلمي وبناء مجتمع أكثر وعياً وتثقيفاً.
وفي الختام، في عالم مليء بالمعلومات المتضاربة، أصبح من الضروري أن نكون مجهزين بالمهارات اللازمة للتمييز بين الحقيقة والزيف. ويمثل الخداع العلمي والعلوم الزائفة تهديدًا كبيرًا لصحتنا ورفاهيتنا، ومن الضروري أن نكون حذرين عند تقييم المعلومات الصحية وأن نعتمد على المصادر الموثوقة. ومن خلال فهم خصائص الخداع العلمي وكيفية التعرف عليه، يمكننا حماية أنفسنا وعائلاتنا من الوقوع ضحية لهذه الممارسات الضارة.
والهبد العلمي هو تحدي كبير في عصر السوشيال ميديا، ولكنه ليس تحديًا لا يمكن التغلب عليه. فمن خلال استخدام التفكير النقدي والتحقق من المصادر، يمكننا حماية أنفسنا من الخداع العلمي والتضليل. فالعلم الحقيقي مبني على الحقائق والأدلة، ويجب علينا السعي المستمر لتحقيق الحقيقة. وبالفعل، يشكل الهبد العلمي تهديدًا كبيرًا لعقولنا ومجتمعاتنا، ولكن يمكننا حماية أنفسنا من خلال التسلح بالمعرفة والتفكير النقدي. فالعلم الحقيقي هو نور يضيء طريقنا نحو المستقبل، ولا يجب أن نسمح لأي شخص بتشويه صورته. إن مكافحة الهبد العلمي تتطلب تضافر جهود الجميع، من الإعلاميين إلى الجمهور. ويجب على الجميع أن يكونوا واعين بأهمية التفكير النقدي والتحقق من المعلومات قبل تصديقها ونشرها. فلا تكونوا فريسة سهلة للعلم المزيف، واستخدموا عقولكم كأداة للبحث والتفكير النقدي.
المصادر:
1. إنسان الهبد!
2. بودكاست #315 : الهبد العلمي.
3. علم «الهبد.. والشيل والحط».
4. الهبادون فى مصر.
5. الهبد العلمي | الحقائق العلمية المزيفة | تصحيح المفاهيم.
6. الهبد في سلسلة لانهائية.
7. Quackery and Junk Science: What it is, Why it Matters, and How to Spot It
8. Quackery: How Should It Be Defined? | Quackwatch
د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي
– عضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة
– الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق “مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي”، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.
https://orcid.org/0000-0002-2213-8911
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg