بيتنا الأرض

شبكة بيئة أبوظبي، بقلم زكية العاقل، كاتبة من دمشق، سورية، 09 يناير (كانون الثاني) 2025

قلة من الصناعيين والمحتكرين والقادة يسوقون كوكب الأرض إلى الهلاك، ولم يعد متسع من الوقت، فالأرض تلفظ أنفاسها والكل يتفرج على المشهد المأساوي الذي هو جزء منه.

لقد تفاقمت مشكلة التلوث وتعقدت وأنتجت تلوثات جديدة، إذ لاحظ الباحثون أن تلوث الطبيعة ببعض المعادن والعناصر الضارة كالرصاص والكادميوم والمنغنيز يؤدي إلى تغيير في كيمياء المخ بطريقة تسبب عجزاً عن التعلم والادراك. وعجزاً في ضبط النفس وزيادة في الميول العدوانية.

فالتلوث بالرصاص المضاف لبنزين السيارات الذي يملأ الجو، أو الناتج عن مواسير المياه القديمة، وتلويث المصانع والمناجم ومعامل تكرير القمامة، تؤدي لعجز الإنسان ويكون الضحية الأولى لآثار التلوث.

ما الذي يمنع الحكومات من تبني استراتيجيات تمكن الأرض من استعادة صحتها، كخطط إعادة استخدام الفوارغ وفرز النفايات من منشئها، وحماية الموارد الطبيعية كالمياه النقية والغابات، وتشجير الغابات في وجه التصحر وانجراف التربة.

أما عن دور الجمعيات الأهلية ودعم مبادراتها، فهي بمثابة تربية بيئية للمجتمعات وتنمية مستدامة وصناعة لإنسان متحضر.

إن عصر الصناعة كان أشد العصور تخريباً في تاريخ البشرية؛ إذ تم تلويث البحار والأنهار والتربة والهواء وتحطيم مقدرات الكوكب الطبيعية وموارده الثرية.

لذا شكلت الصناعات تدهوراً واضحاً في صحة الكوكب، فضلاً عما حصل في الغلاف الجوي من تخلخل وثقوب في طبقة الأوزون التي تحمي الأرض والكائنات من الاشعاعات الكونية الضارة.

إن زيادة الغطاء النباتي للأرض قد يرمم ما طرأ عليها من تدمير وقطع للأشجار، وما نتج عنه من ظواهر النانو وحرائق الغابات، ولم نتناول بعد تلويث البحار بالنفايات الحربية، والنووية، والكيميائية، وغيرها.

لقد فاجأت حالات انتحار الحيتان لسنوات عديدة، العلماء من مختلف البلدان وظلت ظاهرة غامضة، تنذر بجرائم الحروب على أجمل كوكب في المجرة.

إن زيادة الغطاء النباتي كفيل بتخفيف التلوث من الهواء ومنع انجراف التربة، وصد الغبار عن الطرقات.

كما أن مشاريع حماية المياه النقية للشرب، مهمة للغاية خاصة وأن النقص الحاد للمياه في بلدان عدة من افريقيا ومن كافة القارات، تنذر بمأساة إنسانية

إحدى مؤسسات المياه في العقد الماضي وزعت فلاتر لصنابير المياه، وكانت خطوة مؤثرة في حماية هذه النعمة النادرة فيما لو استمرت وتطورت.

تتجه الآمال لتفعيل قوانين حماية البيئة وتوعية المجتمعات، وضبط الاستهلاك المريض للصناعات في المجتمعات، فالربح ليس دائماً في زيادة الصناعات؛ إنما في بقاء الكوكب حياً.

ومن ضمن شروط السلامة منع حرق النفايات لأنها تنتج سموماً تمطرنا بالأمراض والتلوث، كما أن إعادة المغلفات والفوارغ لمعاملها نظيفة لتكون بتصرف الجهات والخبرات العلمية المعنية، هي الخطوة الأهم للحد من تفاقم النفايات، قبل أن تطمر الكوكب وتزيد أعباءه.
درس العلماء وزن النفايات الصناعية وكانت أرقاماً قياسية خطيرة على كوكب الأرض.

أما إعادة التدوير فهي أوسع أبواب لهدر المياه فالمنتج المعاد تدويره يكلف من مياه ومن طاقة واحترار الجو أضعاف ما تنتجه المصانع العادية. كما من المهم تقييد وضبط تربية الثروة الحيوانية بما يحفظ توازن البيئة لنفس أسباب الهدر في المياه، إذ يكلف كل كائن الكثير من المياه النظيفة ويطلق انبعاثات غازية تساهم في ظاهرة الاحترار العالمي. هذا بدون تبعات الطاقة ونقل الحيوانات من مزارعها وغيره.

إذا كانت الحكومات جادة في مسؤولياتها، فعليها أن تضبط ايقاع الصناعات، وتفسح المجال لعصر الزراعة النقي والمثمر بالغذاء وبتنوع الفصول، وبتهدئة اللهاث المسعور للصناعات وللعنف وبعودة عصر الإنسان المتحضر، الذي حفظ الماء في الصخور، وزرع الأرض، وتأمل النجوم.

المبادرة البيئية التي تكلف صفر نفقات وبلا تكاليف هي قانون بسيط يوجب باسترجاع المعامل لفوارغها نظيفة ومن المستهلك مباشرة، عبر أماكن البيع نفسها وبحافز للمواطن ممكن هدية من المنتجات مقابل التزامه بالسلوك البيئي وإعادة العلب نظيفة لمصدرها.

فالسيارة التي تحضر المنتجات للبيع، يتوجب عليها استرجاع ما جمعه المواطن من علب وبطاريات وموبايلات وأجهزة ونفايات مختلفة، كل لمصدره.

وتبقى في حوزة المختصين والخبراء التقنيين. وبضبط ايقاع الصناعات ستخف تدريجياً التلوثات والنفايات لتعود البشرية للسلوك الطبيعي الأمثل للأرض.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

ارتفاع درجة حرارة الأرض وتداعياتها على زيادة استهلاك المياه

(الصومال، السودان، اليمن) نموذجاً شبكة بيئة ابوظبي، إعداد صالح بن أحمد مجوحان، ماجستير مخاطر بيئية، …